ايصال الطالب الي المكاسب المجلد 11

هویة الکتاب

بطاقة تعريف: الحسيني الشيرازي، محمد، 1380 - 1305، شارح

عنوان واسم المؤلف: ايصال الطالب الي المكاسب: شرح واف بغرض الكتاب، تيعرض لحل مشكلاته و ابداآ مقاصد في ايجاز و توضيح/ محمد الحسيني الشيرازي

تفاصيل المنشور: تهران : موسسة كتابسراي اعلمي ، 1385.

خصائص المظهر: ج 16

شابك : 964-94017-6-8(دوره): ؛ 964-7860-59-5(ج. 1): ؛ 964-7860-58-7(ج. 2): ؛ 964-7860-57-9(ج. 3): ؛ 964-7860-56-0(ج. 4): ؛ 964-7860-54-4(ج. 6): ؛ 964-7860-53-6(ج. 7): ؛ 964-7860-55-2(ج. 8): ؛ 964-7860-52-8(ج. 9): ؛ 964-7860-51-X(ج. 10): ؛ 964-7860-50-1(ج. 11): ؛ 964-7860-49-8(ج. 12): ؛ 964-7860-45-X(ج. 13): ؛ 964-7860-47-1(ج. 15):

لسان : العربية

ملحوظة : الفهرسة على أساس المعلومات فيپا

ملحوظة : هذا الكتاب هو وصف"المكاسب مرتضي بن محمد امين انصاري" يكون

عنوان آخر: المكاسب. شرح

موضوع : انصاري، مرتضي بن محمدامين، 1281 - 1214ق. المكاسب -- نقد و تفسير

موضوع : معاملات (فقه)

موضوع : فقه جعفري -- قرن ق 13

المعرف المضاف: انصاري، مرتضي بن محمدامين ، 1281 - 1214ق. المكاسب. شرح

ترتيب الكونجرس: BP190/1/الف8م702133 1385

تصنيف ديوي: 297/372

رقم الببليوغرافيا الوطنية: م 85-16816

ص: 1

اشارة

[مقدمة المؤلف]

بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ الحمد لله رب العالمين و صلى اللّه على محمد و آله الطاهرين و لعنة اللّه على اعدائهم اجمعين من الآن الى يوم الدين.

و بعد: فهذا هو القسم الاول من كتاب الخيارات و الجزء الحادى عشر من اجزاء كتابنا (ايصال الطالب الى المكاسب) للشيخ الفذّ آية اللّه الانصارى قدس سره.

و يشرع فى المعنى اللغوى للخيار.

كتبته تسهيلا للطالب الكريم عسى ان انتفع به فى يوم لا ينفع فيه مٰالٌ وَ لٰا بَنُونَ إِلّٰا مَنْ أَتَى اللّٰهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ.

كربلاء المقدسة محمد بن المهدى الحسينى الشيرازى

ص: 2

بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ

الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على محمد و آله الطاهرين و لعنة الله على اعدائهم اجمعين.

القول فى الخيار، و اقسامه، و احكامه،

مقدمتان.

الأولى: الخيار لغة: اسم مصدر من الاختيار

غلب فى كلمات جماعة من المتأخرين فى ملك فسخ العقد.

______________________________

(الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على محمد و آله الطاهرين و لعنة الله على اعدائهم اجمعين).

(القول فى الخيار، و اقسامه، و احكامه، مقدمتان).

المقدمة (الاولى: الخيار لغة) اى فى معناه اللغوى مقابل الاصطلاح الفقهى الدارج فى باب المعاملات، فانه اخص من المعنى اللغوى (اسم مصدر من الاختيار) فالاختيار مصدر، معناه الفعل المنسوب الى الفاعل و اسم المصدر هو الهيئة الحاصلة من المصدر، فليس فيه الانتساب الى الفاعل، مثل الاغتسال و الغسل، و التوضى و الوضوء (غلب) استعمال الخيار (فى كلمات جماعة من المتأخرين فى ملك فسخ العقد).

فاذا قيل: فلان له الخيار- مثلا- يراد به انه يملك ملكا شرعيا فسخ ما عقد.

و قوله «غلب» اشارة الى ان معنى الخيار اصطلاحا ليس نقلا من معناه اللغوى الى المباين بل نقل الى بعض افراده.

ص: 3

على ما فسره به فى موضع من الايضاح فيدخل ملك الفسخ فى العقود الجائزة و فى عقد الفضولى، و ملك الوارث ردّ العقد على ما زاد على الثلث، و ملك العمة و الخالة لفسخ العقد على بنت الأخ و الاخت و ملك الامة المزوجة من عبد فسخ العقد اذا اعتقت و ملك كل من الزوجين للفسخ بالعيوب.

______________________________

و انما قلنا «غلب» (على ما فسره) اى الخيار (به) اى بملك فسخ العقد (فى موضع من) كتاب (الايضاح) الّذي هو لولد العلامة فخر المحققين.

و جماعة من المتأخرين أخذوا هذا التفسير منه و اذا كان معنى الخيار اصطلاحا «ملك فسخ العقد» الّذي هو اخص من «ملك الاختيار فى العقد، و فى غير العقد» فان هذا هو معناه لغة (فيدخل) فيه (ملك) الانسان (الفسخ فى العقود الجائزة) كالهبة غير اللازمة (و فى عقد الفضولى) حيث ان المالك له الفسخ (و ملك الوارث ردّ العقد) الّذي عقده مورثه (على ما زاد على الثلث) فى عقد الوصية فان الوصية عقد يعقده المورث، فاذا زاد على الثلث كان للوارث ان يرده فى الزائد على الثلث اذ ليس للميت ان يوصى باكثر من الثلث، الا مع اجازة الوارث (و ملك العمة و الخالة لفسخ العقد على بنت الأخ و الاخت).

فاذا كانت العمة مثلا زوجة لزيد، فتزوج زيد بنت اختها او بنت اخيها كان للزوجة ان تفسخ هذا العقد (و ملك الامة المزوجة من عبد فسخ العقد) اى عقد النكاح (اذا اعتقت) و ملك الزوج فى المتعة فسخ النكاح (و ملك كل من الزوجين للفسخ) اى فسخ عقد النكاح (بالعيوب).

ص: 4

و لعل التعبير بالملك للتنبيه على ان الخيار من الحقوق، لا من الاحكام فيخرج ما كان من قبيل الاجازة و الرد لعقد الفضولى، و التسلط على فسخ العقود الجائزة،

______________________________

فاذا كان الرجل معيوبا بعيوب مذكورة فى كتاب النكاح، كان للزوجة الفسخ.

و اذ كانت المرأة معيوبة بعيوب كذلك كالرتق، كان للرجل الفسخ.

و قوله (فيدخل) اشكال على من فسر الخيار فى باب المعاملات «بملك فسخ العقد» لانه يدخل فى هذا التعريف الامور المذكورة، مع انها ليست مرتبطة بباب المعاملات، فيكون تعريف الخيار بذلك من التعريف بالاعم، و ذلك لا يجوز لانه يلزم ان يكون التعريف جامعا مانعا

و قوله: (و لعل التعبير بالملك) جواب عن الاشكال المذكور، فان لفظ «الملك» فى تفسير الخيار (للتنبيه على ان الخيار من الحقوق) الّذي يملكه الانسان بجعل الله له ذلك (لا من الاحكام) الّذي ليس للانسان.

مثلا: إباحة شرب الماء للانسان حكم من الله، فليس للانسان ان يقول: انى اسقطت هذا الحكم، لانه لا يملكه.

اما حق القسم للزوجة فانه ملك لها، و لذا كان لها ان تسقطها.

و قد ذكرنا تفصيل الفرق بين الحق و الحكم فى موضع آخر من هذا الكتاب (فيخرج ما كان من قبيل الاجازة و الرد لعقد الفضولى، و) كذا (التسلط على فسخ العقود الجائزة) فلا تدخل هذه الامور فى التعريف

ص: 5

فان ذلك من الاحكام الشرعية، لا من الحقوق.

و لذا لا تورث و لا تسقط بالاسقاط.

و

______________________________

السابق للخيار (فان ذلك) اى «ما كان من قبيل الاجازة و الرد» و «التسلط» (من الاحكام الشرعية، لا من الحقوق) و كلما لم يكن من الحقوق لم يكن «ملكا».

(و لذا لا تورث و لا تسقط بالاسقاط) مع ان الحق يورث، لانه مشمول لقوله «ما تركه الميت فلو فلوارثه».

و كذلك الحق يسقط بالاسقاط، فللمرأة ان تسقط حقها فى القسم.

و ليس كذلك الاحكام الشرعية، مثلا: لكل انسان ان يسلم على اخيه المسلم، و هذا ليس بشي ء يرثه الانسان عن مورثه، كما انه ليس قابلا للاسقاط بان يقول المسلّم او المسلّم عليه اسقط هذا الحق.

و كذلك «الاجازة و الرد فى العقد الفضولى» ليس للمالك ان يقول اسقطت هذا الحق حتى يصبح و لا حقّ له فى الاجازة و الرد، كما انه اذا مات لا يرثه وارثه و انما وارثه له الاجازة و الرد، لانه صار مالكا، و قد وقع العقد الفضولى على ماله، فله- استقلالا لا إرثا- ان يجيز او يرد.

و كذا بالنسبة الى «التسلط على فسخ العقود الجائزة» فانه ليس للواهب ان يقول: اسقطت حقى فى الفسخ، فانه لا يسقط حقه بذلك، كما انه اذا مات كان لوارثه هذا الحق استقلالا لا لانه كان لمورثه فورثه.

(و) حيث قد عرفت ورود الاشكال على تعريف الخيار «بانه ملك فسخ

ص: 6

قد يعرف بانه ملك اقرار العقد و ازالته.

و يمكن الخدشة فيه، بانه ان اريد من «اقرار العقد» ابقائه على حاله بترك الفسخ فذكره مستدرك لان القدرة على الفسخ عين القدرة على تركه، اذ القدرة لا تتعلق باحد الطرفين.

و ان اريد منه الزام العقد، و جعله غير قابل لان يفسخ.

______________________________

العقد» فاعلم انه (قد يعرف) الخيار (بانه ملك اقرار العقد و ازالته).

و هذا التعريف ادخل فيه لفظة «اقرار العقد» حيث لم يكن فى التعريف السابق.

(و يمكن الخدشة فيه، ب) ان هذه الزيادة غير تامة، ف (انه ان اريد من «اقرار العقد» ابقائه على حاله) و الابقاء هو (بترك الفسخ) مع ان له الفسخ (فذكره مستدرك) اى غير محتاج إليه (لان القدرة على الفسخ عين القدرة على تركه).

فاذا قال «يملك الفسخ» كان معناه، و «يملك الابقاء».

فالتعريف السابق كان شاملا لذلك (اذا القدرة لا تتعلق باحد الطرفين) و الا كان جبرا.

الا ترى ان «الانسان لا بد و ان يكون فى الحيّز».

و لا يصح ان يقال: انه «يقدر ان يكون فيه».

اما اذا كان «يمكنه البقاء و الذهاب» قيل انه يقدر على البقاء.

(و ان اريد منه) اى من «اقرار العقد» (الزام العقد و جعله غير قابل لان يفسخ) اى «الخيار ملك الزام العقد و ازالته».

ص: 7

ففيه ان مرجعه الى اسقاط حق الخيار فلا يؤخذ فى تعريف نفس الخيار

مع ان ظاهر الالزام فى مقابل الفسخ جعله لازما مطلقا فينتقض بالخيار المشترك فان لكل منهما الزامه من طرفه لا مطلقا.

______________________________

(ففيه ان مرجعه) اى مرجع «الزام العقد» (الى اسقاط حق الخيار).

اذ الالزام معناه ذلك (فلا يؤخذ) اى (اسقاط حق الخيار) (فى تعريف نفس الخيار) لانه تعريف الشي ء بالنفس، و ذلك يستلزم الدور الباطل.

و لا فرق فى ذلك بين ان يؤخذ نفس الشي ء فى تعريف نفسه، كان تقول: الانسان شي ء له الانسانية، او ان يؤخذ ما لا يفهم الا بنفس الشي ء اى ما يكون مرجعه ذلك الشي ء المعرّف- كما فى محل الكلام، فالزام العقد عبارة اخرى عن «اسقاط حق الخيار».

(مع) انه يلزم اشكال ثان على تعريف الخيار بانه «ملك اقرار العقد و ازالته» و هو (ان ظاهر الالزام) الواقع فى تعريف الخيار (فى مقابل الفسخ) لانه قال «الزام العقد و ازالته» حسب ما قلنا من ان الاقرار، مرجعه الالزام (جعله لازما مطلقا).

و على هذا المعنى «للالزام» (فينتقض) تعريف الخيار «بإلزام العقد و ازالته» (بالخيار المشترك) بين البائع و المشترى (فان لكل منهما الزامه من طرفه) فقط (لا مطلقا) حيث يصبح العقد لازما، فهذا الفرد من الخيار خارج عن التعريف المذكور، مع انه داخل فى اقسام الخيار.

و الحاصل: ان هذا التعريف معناه «ان البائع- مثلا- له ان يلزم

ص: 8

ثم ان ما ذكرناه من معنى الخيار هو المتبادر منه عرفا عند الاطلاق فى كلمات المتأخرين، و الا فاطلاقه فى الاخبار، و كلمات الاصحاب على سلطنة الاجازة و الرد لعقد الفضولى، و سلطنة الرجوع فى الهبة و غيرهما من افراد السلطنة شايع.

______________________________

و ان يفسخ» مع ان فى الخيار المشترك ليس للبائع ان يلزم العقد الزاما مطلقا بل له ان يلزمه الزاما من جانبه فقط.

(ثم ان ما ذكرناه من معنى الخيار) بالتعريفين المذكورين (هو المتبادر منه عرفا عند الاطلاق) اى عند اطلاق لفظ الخيار (فى كلمات المتأخرين).

و من هذا التبادر تولد التعريفان المذكوران (و الا) فليس لفظ الخيار خاصا بهذين المعنيين (فاطلاقه فى الاخبار، و كلمات الاصحاب) غير المتأخرين (على سلطنة الاجازة و الرد لعقد الفضولى، و سلطنة الرجوع فى الهبة) الجائزة (و غيرهما من افراد السلطنة) مثل سلطنة العمة و الخالة فى فسخ نكاح بنت الاخ، و بنت الاخت و سائر انواع السلطنة (شايع).

و هذا الشائع هو المعنى اللغوى للخيار و المتبادر منه عند العرف العام.

و قد تحقق بهذه المقدمة الاولى تعريف الخيار الاصطلاحى فى باب المعاملات.

ص: 9

الثانية: ذكر غير واحد- تبعا للعلامة فى كتبه- ان الاصل فى البيع اللزوم.

اشارة

قال فى التذكرة: الاصل فى البيع اللزوم لان الشارع وضعه مفيدا لنقل الملك، و الاصل الاستصحاب.

و الغرض تمكن كل من المتعاقدين من التصرف فيما صار إليه، و انما يتم باللزوم ليأمن من نقض صاحبه عليه

______________________________

المقدمة (الثانية) فى بيان ان الاصل فى البيع: هل اللزوم، او الجواز؟

فقد (ذكر غير واحد) من الفقهاء (- تبعا للعلامة فى كتبه- ان الاصل فى البيع اللزوم).

(قال فى التذكرة: الاصل فى البيع اللزوم).

و ذلك (لان الشارع وضعه) اى البيع (مفيد النقل الملك) من البائع الى المشترى فى المثمن، و بالعكس فى الثمن (و الاصل الاستصحاب) اى بقاء النقل المذكور اذا شك فى انه هل رجع الملكين الى البائعين بالفسخ، أم لا.

(و) هناك وجه آخر لاصالة اللزوم، و هو ان (الغرض) من البيع (تمكن كل من المتعاقدين من التصرف فيما صار إليه، و انما يتم) هذا الغرض (باللزوم) اى بان يكون البيع لازما.

و انما يتم الغرض باللزوم (ليأمن من نقض صاحبه عليه).

اذ ادلة اللزوم تمكن لكل طرف نقض البيع.

ص: 10

انتهى.

[معاني الأصل]
اشارة

اقول: المستفاد من كلمات جماعة: ان الاصل هنا قابل لارادة معان

الأول: الراجح،

احتمله فى جامع المقاصد مستندا فى تصحيحه الى الغلبة.

و فيه انه ان اراد غلبة الافراد، فغالبها ينعقد جائزا، لاجل خيار المجلس، او الحيوان، او الشرط.

______________________________

و الغرض دليل لمّى على كون البيع وضع لازما (انتهى) كلام العلامة

(اقول: المستفاد من كلمات جماعة: ان الاصل هنا قابل لارادة معان) بعضها صحيح و بعضها غير صحيح.

المعنى (الاول: الراجح) فقولهم الاصل: اللزوم، اى الراجح اللزوم (احتمله) اى هذا المعنى للاصل (فى جامع المقاصد) و هو تأليف المحقق الثانى فى حال كون المحقق (مستندا فى تصحيحه الى الغلبة) اى استدل لكون الراجح اللزوم بان الغالب فى البيع اللزوم.

(و فيه) ان لا نسلّم صحة الاصل بهذا المعنى، ل (انه ان اراد غلبة الافراد) اى غالب افراد البيع لازم (ف) فيه ان (غالبها ينعقد جائزا) لا لازما (لاجل خيار المجلس، او الحيوان، او الشرط).

فان خيار المجلس فى كل بيع الا نادرا.

و خيار الحيوان فى كل بيع حيوان الا نادرا.

و خيار الشرط فى كل بيع شرط فيه، و هو كثير جدا.

فكيف يدعى ان غالب افراد البيع لازم.

ص: 11

و ان اراد غلبة الازمان.

فهى لا تنفع فى الافراد المشكوكة.

مع انه لا يناسب ما فى القواعد من قوله: و انما يخرج من الاصل لامرين ثبوت خيار، او ظهور عيب.

______________________________

(و ان اراد) بالغلبة (غلبة الازمان) فانه بعد انقضاء المجلس، و ثلاثة ايام فى الحيوان، و مدة الشرط فى خيار الشرط، يكون البيع لازما فزمان اللزوم اكثر من زمان الخيار.

(فهى) اى اصالة اللزوم (لا تنفع فى الافراد المشكوكة) من البيع، فى انها هل هى لازمة، او ليست بلازمة فعليه فلا فائدة للاصل المذكور.

فانهم انما ذكروه للاستناد إليه فى الافراد المشكوكة.

نعم ينفع الاصل بهذا المعنى «غلبة الازمان» فى الزمان المشكوك فيه، هل انه لازم فيه البيع، أم لا.

(مع انه) اى ما ذكره جامع المقاصد من كون المراد بالاصل الراجح (لا يناسب ما فى القواعد من قوله: و انما يخرج من الاصل لامرين ثبوت خيار، او ظهور عيب).

و انما لا يناسب، لان ظاهر كلامه استثناء فردين من افراد البيع، و هما البيع الخيارى و البيع اذا كان فيه عيب فيعرف من المستثنى ان المستثنى منه الافراد لا الا زمان، لانه اذا اراد استثناء الزمان لقال: انما يخرج من الاصل زمانان، زمان الخيار و زمان العيب، و لم يقل «لامرين».

ص: 12

الثانى: القاعدة المستفادة من العمومات التى يجب الرجوع إليها عند الشك فى بعض الافراد، او بعض الاحوال.

و هذا حسن، لكن لا يناسب ما ذكره فى التذكرة فى توجيه الاصل.

الثالث: الاستصحاب،

و مرجعه الى اصالة عدم ارتفاع اثر العقد بمجرد فسخ

______________________________

المعنى (الثانى) من المعانى المحتملة للاصل ان يراد بقولهم «الاصل اللزوم» (القاعدة المستفادة من العمومات) مثل: احل الله البيع، و: الا ان تكون تجارة عن تراض (التى يجب الرجوع إليها عند الشك فى بعض الافراد، او بعض الاحوال).

فاذا شككنا هل ان هذا البيع لازم او جائز، رجعنا الى تلك العمومات لنستفيد منها ان هذا لازم.

و كذا اذا شككنا فى ان هذا البيع اللازم فى الجملة هل هو فى هذا الحال أيضا لازم او جائز، رجعنا الى العمومات لنستفيد منها ان البيع فى هذا الحال أيضا لازم، حيث ان مقتضى تلك العمومات اللزوم.

(و هذا) المعنى للاصل (حسن) لانه تام (لكن لا يناسب ما ذكره فى التذكرة فى توجيه الاصل).

و ذلك لان صاحب التذكرة فسر الاصل «بالاستصحاب» و «بالغرض» و هما غير ما فسره هذا «بالقاعدة». و لا يخفى: ان عدم تفسير التذكرة للاصل «بالقاعدة» لا يضر، اذ القاعدة فى نفسها صحيحة.

المعنى (الثالث) من معانى الاصل (الاستصحاب، و مرجعه الى اصالة عدم ارتفاع اثر العقد بمجرد فسخ

ص: 13

احدهما، و هذا حسن.

الرابع: المعنى اللغوى

بمعنى ان وضع البيع و بنائه عرفا و شرعا على اللزوم، و صيرورة المالك الاول كالاجنبى.

و انما جعل الخيار فيه حقا خارجيا لاحدهما، او لهما يسقط بالاسقاط و بغيره و ليس البيع كالهبة التى حكم الشارع فيها بجواز رجوع الواهب بمعنى كونه حكما شرعيا له اصلا و بالذات، بحيث لا يقبل الاسقاط.

______________________________

احدهما).

لكن هذا لا يثبت اصل اللزوم، و انما يثبت بقاء اللزوم، اذا شك فيه بعد ان علم لزوم العقد سابقا (و هذا حسن) أيضا، و ان كان هذا اصلا عمليا بينما كان المعنى الثانى اصلا اجتهاديا.

المعنى (الرابع المعنى اللغوى) فان اللغوى اذا قال: الاصل فى الشي ء كذا، اراد ان وضعه على كذا (بمعنى ان وضع البيع و بنائه عرفا و شرعا على اللزوم، و صيرورة المالك الاول) للمثمن و للثمن (كالاجنبى).

و انما جاء بالكاف لافادة انه ليس اجنبيا بحتا بل صار اجنبيا.

(و انما جعل الخيار فيه) اى فى البيع (حقا خارجيا) خارج عن حقيقة البيع (لاحدهما، او لهما، يسقط) حق الخيار (بالاسقاط) اذا اسقطاه (و بغيره) كانقضاء المجلس فى خيار المجلس، و انقضاء الثلاثة فى خيار الحيوان (و ليس البيع كالهبة التى حكم الشارع فيها بجواز رجوع الواهب بمعنى كونه حكما شرعيا له اصلا و بالذات، بحيث لا يقبل الاسقاط).

ص: 14

و من هنا ظهران ثبوت خيار المجلس فى اوّل ازمنة انعقاد البيع لا ينافى كونه فى حدّ ذاته مبنيا على اللزوم، لان الخيار حق خارجى قابل للانفكاك.

نعم لو كان فى اوّل انعقاده محكوما شرعا بجواز الرجوع، بحيث يكون حكما فيه لاحقا مجعولا قابلا للسقوط، كان منافيا لبنائه على اللزوم.

______________________________

و من هذا عرف كيف الخيار فى البيع حق، و فى الهبة حكم.

و انه كيف فى الهبة داخل فى حقيقتها، و فى البيع خارج عن حقيقته.

(و من هنا) حيث تبين ان الخيار ليس داخلا فى حقيقة البيع (ظهر ان ثبوت خيار المجلس فى اوّل ازمنة انعقاد البيع لا ينافى كونه) اى البيع (فى حدّ ذاته مبنيا على اللزوم).

و انما ظهر (لان الخيار) فى البيع (حق خارجى قابل للانفكاك) فهو عرضى لا ذاتى، بخلاف الهبة فان خيارها داخل فى ذاتها، و لذا لا يكون قابلا للانفكاك.

(نعم لو كان) البيع (فى اوّل انعقاده محكوما شرعا بجواز الرجوع، بحيث يكون) جواز الرجوع (حكما فيه) اى فى البيع (لاحقا) بذاته (مجعولا) شرعا (قابلا للسقوط) بانقضاء المجلس (كان) جواز الرجوع (منافيا لبنائه على اللزوم).

لان البناء على اللزوم لا يجتمع مع حكم الشارع بجواز الرجوع.

و الحاصل: ان جواز الرجوع خارج عن حقيقة البيع، لاحق له بقاسر

ص: 15

فالاصل هنا كما قيل نظير قولهم: ان الاصل فى الجسم الاستدارة فانه لا ينافى كون اكثر الاجسام على غير الاستدارة لاجل القاسر الخارجى

و مما ذكرنا ظهر وجه النظر فى كلام صاحب الوافية حيث انكر هذا الاصل لاجل خيار المجلس الا ان يريد ان الاصل بعد ثبوت خيار المجلس

______________________________

بخلاف الهبة فان جواز الرجوع فيها داخل فى حقيقة الهبة، و لذا كان الاصل فى البيع اللزوم و الاصل فى الهبة الجواز.

(فالاصل) اى اصل اللزوم (هنا) فى البيع (كما قيل) فى تنظيره (نظير قولهم: ان الاصل فى الجسم الاستدارة).

و وجه هذا الاصل لان احد الاطراف المحيطة بالجسم ليس اولى بامتداد الجسم فيه من الاطراف الاخر، فاذا تساوت الجوانب كان امتداد الجسم فى كل الجوانب على حد سواء، و مثل هذا الجسم لا يكون الا مستديرا (فانه) اى هذا الاصل (لا ينافى كون اكثر الاجسام على غير الاستدارة لاجل القاسر الخارجى) مثل ضغط الهواء، او جاذبية الارض او تمديد اشعة الشمس لما يقبل الصعود، او غير ذلك.

(و مما ذكرنا) من ان المراد بالاصل البيع بنفسه لا بملاحظة القاسر الخارجى (ظهر وجه النظر في كلام صاحب الوافية) للسيد الصدر (حيث انكر هذا الاصل) اصالة لزوم البيع (لاجل خيار المجلس) فانه ظهران خيار المجلس من باب القاسر الخارجى، لا انه داخل فى حقيقة البيع (الا ان يريد) الوافية (ان الاصل) اى الاستصحاب (بعد ثبوت خيار المجلس

ص: 16

بقاء عدم اللزوم، و سيأتى ما فيه.

بقى الكلام فى معنى قول العلامة فى القواعد و التذكرة انه لا يخرج من هذا الاصل الا بامرين ثبوت خيار، او ظهور عيب، فان ظاهره ان ظهور العيب سبب لتزلزل البيع فى مقابل الخيار، مع انه من اسباب الخيار، و توجيهه بعطف الخاص على العام- كما فى جامع المقاصد- غير ظاهر

______________________________

بقاء عدم اللزوم) فكلامه يكون خارجا عن مبحثنا (و سيأتى ما فيه) اى فى الاستصحاب الّذي ادعاه.

(بقى الكلام فى معنى قول العلامة فى القواعد و التذكرة انه لا يخرج من هذا الاصل) اى اصالة اللزوم (الا بامرين ثبوت خيار، او ظهور عيب) فان لفظة «خيار» و ان كانت نكرة مفردة، الا ان اطلاقه يشمل اىّ خيار كان، فلا يقال انه ليس عموم حتى يشمل كل الخيارات (فان ظاهره) بمقتضى العطف (ان ظهور العيب سبب لتزلزل البيع فى مقابل الخيار مع انه) اى ظهور العيب- لا العيب نفسه- كما يأتى تحقيقه فى خيار العيب (من اسباب الخيار).

(و) ان قلت: لا بأس بذلك لانه من عطف الخاص على العام و هو كثير فى كلماتهم.

قلت: (توجيهه بعطف الخاص على العام- كما فى جامع المقاصد- غير ظاهر) لانه لو، قال «اسباب الخيار و ظهور العيب» لكان من عطف الخاص على العام، فان ظهور العيب سبب من اسباب الخيار.

ص: 17

اذ لم يعطف العيب على اسباب الخيار، بل عطف على نفسه، و هو مباين له، لا اعم.

نعم قد يساعد عليه ما فى التذكرة.

______________________________

(اذ لم يعطف العيب على اسباب الخيار، بل عطف على نفسه) اى نفس الخيار (و هو) اى ظهور العيب (مباين له) اى للخيار (لا اعم) منه فلم يكن من عطف الخاص على العام.

فان الخيار اسم مصدر من الاختيار، كما تقدم و ظهور العيب سبب هذا الخيار، لا انه من اقسامه.

فالعطف من قبيل ان يقول «الاحتراق و النار» حيث ان النار سبب الاحتراق، لا انه من افراده.

(نعم قد يساعد عليه) اى على ما ذكره جامع المقاصد «من انه عطف الخاص على العام».

و لا يخفى: ان فى عبارة المصنف احتمالات اظهرها ما نذكره (ما فى التذكرة) فان التذكرة حيث لم يرد عطف الخاص على العام، اضاف قيد «من غير نقص الخ» فصار هكذا «المخرج عن اصل اللزوم خيار من غير نقص و خيار من نقص».

و لكن لا بد من تقدير شي ء اذا اردنا ان يكون عطف الخاص على العام مثل لفظ «السبب» فى المعطوف عليه، فتكون عبارة القواعد هكذا «لا يخرج من هذا الاصل الا بامرين، ثبوت سبب خيار، او ظهور عيب».

و الحاصل: ان المصنف لم يجب عن الاشكال الّذي اورده على جامع

ص: 18

من قوله: و انما يخرج عن الاصل بامرين.

احدهما ثبوت الخيار لهما، او لاحدهما من غير نقص فى احد العوضين بل للتروى خاصة.

و الثانى ظهور عيب فى احد العوضين، انتهى.

و حاصل التوجيه على هذا

______________________________

المقاصد، و انما ايّد صحة نظر جامع المقاصد بكلام التذكرة، حيث ان فى كلام التذكرة لا عطف للخاص على العام قطعا، و لمكان زيادة قيد «من غير نقص» فبهذه القرينة يمكن تصحيح كلام المحقق الثانى ان عبارة القواعد من عطف الخاص على العام، و لو كان ذلك العطف بمعونة تقدير شي ء «السبب» كما عرفت.

و كيف كان فيوجه كلام المحقق بما فى التذكرة (من قوله: و انما يخرج عن الاصل) اصالة اللزوم (بامرين).

(احدهما ثبوت الخيار لهما، او لاحدهما من غير نقص فى احد العوضين) يكون جعل الخيار شرعا كخيار المجلس، او بجعلهما كخيار الشرط (بل للتروى) فى المعاملة (خاصة) حتى اذا بدا له رأى فى ابطال المعاملة تمكن من ابطالها.

(و الثانى ظهور عيب فى احد العوضين) فالخيار لاجل النقص (انتهى) كلام التذكرة.

(و حاصل التوجيه) لكلام جامع المقاصد فى قوله انه من عطف الخاص على العام (على هذا) الّذي ذكرناه من ان قول التذكرة يساعد توجيه

ص: 19

ان الخروج عن اللزوم لا يكون الا بتزلزل العقد لاجل الخيار.

و المراد بالخيار فى المعطوف عليه ما كان ثابتا باصل الشرع، او بجعل المتعاقدين، لا لاقتضاء نقص فى احد العوضين.

و بظهور العيب ما كان الخيار لنقص احد العوضين.

______________________________

جامع المقاصد لكلام القواعد (ان الخروج عن) اصالة (اللزوم) فى العقد (لا يكون الا بتزلزل العقد) تزلزلا (لاجل الخيار).

(و المراد) اى مراد القواعد (بالخيار فى المعطوف عليه) و هو قوله:

ثبوت خيار، او ظهور عيب (ما كان ثابتا باصل الشرع) كخيار المجلس و الحيوان (او بجعل المتعاقدين) كخيار الشرط (لا) ان الخيار (لاقتضاء نقص فى احد العوضين).

و قد عرفت انه لا بد من تقدير محذوف أيضا حتى يستقيم عطف «ظهور» على «خيار».

(و) المراد (بظهور العيب) فى المعطوف (ما كان الخيار لنقص احد العوضين).

فحيث جاء فى التذكرة بعبارة توجب تقابل الخيار للعيب، كان و لا بدّ و ان تكون عبارة القواعد بحيث يكون «العيب» من افراد «الخيار» لانه لم يأت فى عبارة القواعد تقيد «من غير نقص» فى المعطوف عليه، هذا حاصل ما يقال فى توجيه كلام جامع المقاصد.

ص: 20

لكنه مع عدم تمامه تكلف فى عبارة القواعد مع انه فى التذكرة ذكر فى الامر الاول الّذي هو الخيار فصولا سبعة، بعدد اسباب الخيار و جعل السابع منها خيار العيب، و تكلم فيه كثيرا.

و مقتضى التوجيه ان يتكلم فى الامر الاول فيما عدا خيار العيب.

______________________________

(لكنه مع عدم تمامه) لانك عرفت لزوم تقدير شي ء فى المعطوف عليه و الا لم يستقم عطف الخاص على العام (تكلف فى عبارة القواعد).

اذ توجيه كلام القواعد بما ذكرناه يوجب تقدير بعض الاشياء فيها مثل «ثبوت خيار من غير نقص».

و هنا اشكال ثالث فى التوجيه المذكور، و هو انه اذا اراد التذكرة جعل العيب مقابلا للخيار كما ذكر فى التوجيه فلما ذا جمع كل الخيارات التى منها العيب فى الامر الاول؟

و الى هذا الاشكال اشار بقوله: (مع انه فى التذكرة ذكر فى الامر الاول الّذي هو الخيار فصولا سبعة، بعدد اسباب الخيار) كالمجلس و الحيوان و الشرط و غيرها (و جعل السابع منها خيار العيب، و تكلم فيه كثيرا).

(و) الحال ان (مقتضى التوجيه) الّذي ذكر بان العيب فى قبال الخيار (ان يتكلم فى الامر الاول فيما عدا خيار العيب).

فتحصل ان فى التوجيه ثلاث اشكالات.

الاول: ان كلتا عبارة التذكرة و القواعد بحاجة الى تقدير لفظ «السبب».

ص: 21

و يمكن توجيه ذلك بان العيب، سبب مستقل لتزلزل العقد فى مقابل الخيار فان نفس ثبوت الارش بمقتضى العيب- و ان لم يثبت خيار الفسخ-

______________________________

الثانى: ان عبارة القواعد بحاجة الى تقدير «من غير نقص فى احد العوضين».

الثالث: ان مقتضى التوجيه عدم ذكر «العيب» فى عبارة التذكرة فى الامر الاول، مع ان العلامة ذكر «العيب» فى عبارة التذكرة فى الامر الاول، هذا تمام الكلام فى توجيه كلام جامع المقاصد لكلام القواعد مع رد التوجيه المذكور.

(و يمكن توجيه ذلك) اى توجيه ظاهر العطف فى كلام القواعد.

و حاصل التوجيه (بان) القواعد انما عطف «العيب» على «الخيار» للفرق بينهما، فان الخيار يزلزل كل العقد؛ فان شاء اخذ كله، و ان شاء ترك كله و العيب يزلزل كل العقد و يزلزل جزئه فان شاء اخذ بكل المعيب فى قبال كل الثمن، و ان شاء ترك كل المعيب اى فسخ، و ان شاء اخذ بجزء الثمن اى الارش.

و هذا الاختيار الثلاثى انما هو فيما اذا لم يسقط حق فسخه، و اما اذا سقط حق فسخه بقى له خيار ثان و هو ان يأخذ جزء الثمن اى الارش او يترك كله.

ف (العيب، سبب مستقل لتزلزل العقد فى مقابل الخيار) اذ يتزلزل العقد و ان لم يكن خيار، كما بيناه فى قولنا: و اما اذا سقط حق فسخه الخ (فان نفس ثبوت الارش بمقتضى العيب- و ان لم يثبت خيار الفسخ-

ص: 22

موجب لاسترداد جزء من الثمن.

فالعقد بالنسبة الى جزء من الثمن متزلزل قابل لا بقائه فى ملك البائع، و اخراجه عنه، و يكفى فى تزلزل العقد ملك اخراج جزء مما ملكه البائع بالعقد عن ملكه.

و ان شئت قلت: ان مرجع ذلك الى ملك فسخ العقد الواقع على مجموع العوضين من حيث المجموع.

و نقض مقتضاه

______________________________

موجب لاسترداد جزء من الثمن) اى الارش:

(فالعقد بالنسبة الى جزء من الثمن متزلزل قابل لابقائه فى ملك البائع) بان يعرض عنه المشترى (و) قابل ل (اخراجه عنه) بان يأخذ المشترى الارش (و يكفى فى تزلزل العقد ملك) المشترى- اى قدرته- ل (اخراج جزء مما ملكه البائع بالعقد عن ملكه) «عن» متعلق ب «اخراج».

و انما قال «فالعقد» لبيان ان كلا «الخيار» «و العيب» داخلان فى عنوان قول القواعد «لا يخرج من هذا الاصل». اى اصل اللزوم.

و الحاصل ان تزلزل كل العقد فى «الخيار» و تزلزل جزئه فى «العيب» كليهما خارج عن اصل اللزوم.

(و ان شئت قلت: ان مرجع ذلك) اى خيار العيب فى صورة لم يملك المشترى الفسخ (الى ملك فسخ العقد الواقع على مجموع العوضين من حيث المجموع) لا ملك فسخ كل العقد.

(و) ذلك لان للمشترى (نقض مقتضاه) اى مقتضى المجموع من حيث

ص: 23

من تملك كل من مجموع العوضين فى مقابل الآخر، لكنه مبنى على كون الارش جزءا حقيقيا من الثمن، كما عن بعض العامة، ليتحقق انفساخ العقد بالنسبة إليه عند استرداده.

و قد صرح العلامة فى كتبه بانه لا يعتبر فى الارش كونه جزءا من الثمن بل له ابداله لان الارش غرامة

______________________________

المجموع.

و فسّر المقتضى بقوله: (من تملك كل من مجموع العوضين فى مقابل الآخر) فالعقد اقتضى ان كل الثمن صار مقابل كل المثمن، و خيار العيب فيما لم يكن خيار الفسخ- يعطى المشترى الحق فى ان يرفع المجموع من حيث المجموع باسترداد بعض الثمن ليكون كل المثمن فى قبال بعض الثمن (لكنه) اى هذا التوجيه (مبنى على كون الارش جزءا حقيقيا من الثمن) حتى يكون خيار العيب اختيار الفسخ فى بعض المعاملة و ان لم يكن له خيار فسخ الكل (كما عن بعض العامة) حيث قالوا ان الارش جزء من الثمن (ليتحقق انفساخ العقد بالنسبة إليه) اى بالنسبة الى هذا الجزء المردود- المسمى بالارش- (عند استرداده) اى استرداد هذا الجزء عند اخذ المشترى بخيار العيب.

(و) لكن هذا المبنى «كون الارش جزءا» غير تام.

و ذلك لانه (قد صرح العلامة فى كتبه بانه لا يعتبر فى الارش) الّذي يأخذه المشترى (كونه جزءا من الثمن) بعينه (بل له) اى للبائع (ابداله) فيعطى البائع مقدار النقص من غير الثمن (لان الارش غرامة) لا انه

ص: 24

و حينئذ فثبوت الارش لا يوجب تزلزلا فى العقد.

ثم ان الاصل بالمعنى الرابع انما ينفع مع الشك فى ثبوت خيار فى خصوص البيع، لان الخيار حق خارجى يحتاج ثبوته الى الدليل.

______________________________

بعض الثمن.

(و حينئذ) اى حين كان الارش غرامة (فثبوت الارش لا يوجب تزلزلا فى العقد).

اقول: لكن الظاهر عرفا المنزل عليه اطلاقات الشارع ان الارش جزء فان الصحيح كان يسوى مائة و المعيب تسعين، و حيث ان المشترى اعطى مائة كان له ان يسترد عشرة، اما ان للبائع ابداله فلانه لا يهم العرف المقرر للعقود عين المال، و لذا لا يعدون من الخيانة تبديل الامانة النقدية الى غيرها، كما هو الشائع عند الصرافين و نحوهم، و انما الخيانة ان لا يرد كل الامانة او بعضها، و كذا فى سائر موارد تبديل النقد كما اذا اعطاه مائة ليوصلها خمسا فانه ان اعطى مائة فقد عمل بما امر، و ان لم تكن ما اعطاها عين المائة التى اخذها، و الشارع انما امضى ما هو المتعارف عند العرف.

(ثم ان الاصل بالمعنى الرابع) المتقدم (انما ينفع) فى خصوص البيع لا فى سائر العقود.

ف (مع الشك فى ثبوت خيار فى خصوص البيع) يرجع الى اصالة اللزوم (لان الخيار) المجعول فى البيع (حق خارجى) ليس داخلا فى ماهية البيع (يحتاج ثبوته الى الدليل).

ص: 25

اما لو شك فى عقد آخر من حيث اللزوم و الجواز، فلا يقتضي ذلك الاصل لزومه، لان مرجع الشك حينئذ الى الشك فى الحكم الشرعى.

و اما الاصل بالمعنى الاول، فقد عرفت عدم تماميته.

و اما بمعنى الاستصحاب، فيجرى فى البيع و غيره اذا شك فى لزومه و جوازه

[أدلة أصالة اللزوم]

و اما بمعنى القاعدة فيجرى فى البيع و غيره.

______________________________

فاذا شك فى وجود الخيار تمسك بالاصل لاثبات عدمه.

(اما لو شك فى عقد آخر) كالاجارة مثلا شكا (من حيث اللزوم و الجواز فلا يقتضي ذلك الاصل) بالمعنى الرابع (لزومه).

و انما لا يقتضي الاصل لزومه (لان مرجع الشك حينئذ) اى حين لا اصل لزوم فى تلك المعاملة (الى الشك فى الحكم الشرعى) و انه هل جعل الشارع هذه المعاملة لازمة، أم لا؟

نعم يمكن ان يقال: ان كل معاملة كان بناء العرف على لزومها، يمكن اجراء اصل اللزوم فيها بضميمة ان الشارع أمضاه حيث سكت عنها و لم يردعها كما هو مقتضى قوله تعالى «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ» و غيره.

(و اما الاصل بالمعنى الاول) اى الراجح (فقد عرفت عدم تماميته) فلا كلام فى انه يشمل كل العقود او خصوص عقد البيع.

(و اما) الاصل (بمعنى الاستصحاب، فيجرى فى البيع و غيره اذا شك فى لزومه و جوازه) فاذا كانت المعاملة لازمة، ثم شك فى انقلابها جائزة، كان مقتضى الاستصحاب بقائها على اللزوم.

(و اما بمعنى القاعدة فيجرى فى البيع و غيره).

ص: 26

لان اكثر العمومات الدالة على هذا المطلب يعم غير البيع.

و قد اشرنا فى مسألة المعاطات إليها و نذكرها هنا تسهيلا على الطالب.

فمنها: قوله تعالى: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ، دل على وجوب الوفاء بكل عقد و المراد بالعقد مطلق العهد، كما فسر به فى صحيحة ابن سنان المروية فى تفسير على بن ابراهيم.

______________________________

و ذلك (لان اكثر العمومات الدالة على هذا المطلب) اى اللزوم (يعم غير البيع) كما يعم نفس البيع أيضا.

(و قد اشرنا فى مسألة المعاطات إليها) اى الى تلك العمومات (و نذكرها) اى تلك العمومات (هنا تسهيلا على الطالب) مع اضافة فوائد.

(فمنها) اى من تلك العمومات الدالة على اللزوم الشاملة لكل المعاملات (قوله تعالى: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) فانه (دل على وجوب الوفاء بكل عقد) لان «العقود» جمع محلى باللام، و قد ثبت انه يفيد العموم

(و المراد بالعقد مطلق العهد) سواء كان بين الخالق و المخلوق و لذا قال سبحانه: فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بٰايَعْتُمْ، و قال: مِنَ النّٰاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغٰاءَ مَرْضٰاتِ اللّٰهِ، او كان بين المخلوق و المخلوق مثل المعاملات، و هذا العموم يقتضي لزوم كل عهد الا ما خرج، مثل العقود الجائزة و الاحكام المستحبة (كما فسر) العقد (به) اى بالعهد (فى صحيحة ابن سنان المروية فى تفسير على بن ابراهيم).

لكن لا يخفى ان العهد فى معناه العرفى اعم من وجه من العقد، فاذا عاهد الله ان يفعل كذا لا يسمى عقدا، و اذا عقد قلبه على محبة فلان

ص: 27

او ما يسمى عقدا لغة و عرفا.

و المراد بوجوب الوفاء العمل بما اقتضاه العقد فى نفسه بحسب الدلالة اللفظية نظير الوفاء بالنذر.

فاذا دل العقد مثلا على تمليك العاقد ماله من غيره وجب العمل بما

______________________________

لا يسمى عهدا، و اذا تعاقدا على عدم اعتداء احدهما على الآخر سمى عقدا و عهدا.

و لعل المصنف انما فسره بالعهد لاخراج مثل عقد القلب (او ما يسمى عقدا لغة و عرفا) و هذا اصح من الاول.

و لا يستشكل بانه يستلزم الدور لانه اخذ نفس الشي ء فى تعريف نفسه لانه يرد بان العقد لغة و عرفا معناه واضح، فتفسر الآية الكريمة حيث لا يعلم ان المراد بالعقد فى الآية معنى شرعى غير معناه لغة و عرفا، او المراد به معناه لغة و عرفا هذا كله بالنسبة الى الموضوع اى «العقود».

(و) اما بالنسبة الى الحكم، اى «اوفوا» ف (المراد بوجوب الوفاء العمل بما اقتضاه العقد فى نفسه) من دون نظر الى قرائن خارجية تصرف اللفظ عن ظاهره (بحسب الدلالة اللفظية) «الجار» متعلق ب «اقتضاه» «فاوفوا بالعقد» (نظير الوفاء بالنذر).

فكما ان معنى «الوفاء» بالنذر العمل بمقتضى النذر كذلك فى المقام.

(فاذا دل العقد مثلا) فى عقد البيع (على تمليك العاقد ماله من غيره) «من» للبيان، فلا يقال: ان «التمليك الى الغير» لا «من الغير» (وجب العمل بما

ص: 28

يقتضيه التمليك من ترتيب آثار ملكية ذلك الغير له.

فاخذه من يده بغير رضاه و التصرف فيه كذلك نقض لمقتضى ذلك العقد فهو حرام.

فاذا حرم بإطلاق الآية جميع ما يكون نقضا لمضمون العقد و منها التصرفات الواقعة بعد فسخ المتصرف من دون رضاء صاحبه كان هذا لازما مساويا للزوم العقد، و عدم انفساخه

______________________________

يقتضيه التمليك من ترتيب آثار ملكية ذلك الغير له) اى مالكية الغير للمال.

(ف) مثلا: ان (اخذه) اى المال (من يده بغير رضاه و التصرف فيه كذلك) بغير رضاه (نقض لمقتضى ذلك العقد).

نعم اذا كان برضاه و لم يكن مما حرمه الشارع لم يكن نقضا.

و قيد «و لم يكن مما حرمه الشارع» لاجل انه اذا كان برضاه، لكن كان مما حرمه الشارع لم يجز، فانه و ان لم يكن خلاف مقتضى العقد الا انه حرام خارجا، كما اذا رضى بوطي امته و الحال ان المولى المشترى وطئها، و لم تنقض عدتها، الى غير ذلك من الامثلة.

و كيف كان (ف) الاخذ و التصرف بغير رضاه (هو حرام، فاذا حرم ب) سبب (اطلاق الآية) حيث اطلقت التحريم ل (جميع ما يكون نقضا لمضمون العقد و منها) اى من تلك الافراد المندرجة تحت «الجميع» (التصرفات الواقعة بعد فسخ المتصرف من دون رضاء صاحبه) اى الطرف الثانى للعقد (كان هذا) التحريم (لازما مساويا للزوم العقد، و) ل (عدم انفساخه

ص: 29

بمجرد فسخ احدهما فيستدل بالحكم التكليفى على الحكم الوضعى اعنى فساد الفسخ من احدهما بغير رضا الآخر.

و هو معنى اللزوم، بل قد حقق فى الاصول ان لا معنى للحكم الوضعى الا ما انتزع من الحكم التكليفى.

و مما ذكرنا

______________________________

بمجرد فسخ احدهما) «فاوفوا» و هو حكم تكليفى مساو «لفساد الفسخ» و هو حكم وضعى (فيستدل بالحكم التكليفى) اوفوا (على الحكم الوضعى اعنى فساد الفسخ من احدهما) البائع او المشترى (بغير رضا الآخر).

(و) هذا اى فساد الفسخ (هو معنى اللزوم) اذ لا نقصد باللزوم الا ان العقد لا يفسخ (بل قد حقق فى الاصول) كما ذكره المصنف فى الرسائل (ان لا معنى للحكم الوضعى الا ما انتزع من الحكم التكليفى).

فاذا جاز الوطي و وجبت النفقة مثلا كان نكاحا دائما.

و اذا جاز بدون وجوب النفقة كان متعة.

و اذا جاز التصرف فى انسان بمختلف انواع التصرف كان رقا.

و اذا حرمت الصلاة فيه و حرم استعماله فى الاكل و الشرب كان نجاسة الى غير ذلك.

و هذا المعنى- و هو ان لا يكون حكمان وضعى و تكليفى، بل الاول منتزع من الثانى- هو الّذي يقتضيه الاعتبار، و ان كان المصنف ره بنفسه لم يلتزم بذلك، كما يظهر من بعض ما ذكره فى الفقه.

(و مما ذكرنا) من معنى: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ، و انه مستلزم للحكم الوضعى

ص: 30

ظهر ضعف ما قيل من ان معنى وجوب الوفاء بالعقد: العمل بما يقتضيه من لزوم و جواز فلا يتم الاستدلال به على اللزوم.

توضيح الضعف ان اللزوم و الجواز من الاحكام الشرعية للعقد، و ليسا من مقتضيات العقد فى نفسه مع قطع النظر عن حكم الشارع.

______________________________

بلزوم العقد (ظهر ضعف ما قيل) و القائل المختلف، و الميرزا القمى فى اجوبة مسائله (من) انه لا دلالة فى الآية على اللزوم، ل (ان معنى وجوب الوفاء بالعقد: العمل بما يقتضيه) العقد (من لزوم و جواز) لان العقد لازم كالبيع و جائز كالهبة.

فاذا قال «اوف به» كان معناه التزم بما اقتضاه العقد، فلا دلالة ل «اوفوا» على ان العقد لازم (فلا يتم الاستدلال به) اى بأوفوا (على اللزوم) بل اللازم معرفة ان العقد لازم او جائز من الخارج.

(توضيح الضعف ان) العقد معناه التبادل و ان المثمن دخل فى حوزة المشترى، و ان الثمن دخل فى حوزة البائع- فى البيع مثلا- و الآية تقول: اوف بهذا المعنى.

و (اللزوم و الجواز من الاحكام الشرعية للعقد، و ليسا من مقتضيات العقد فى نفسه مع قطع النظر عن حكم الشارع).

اذ بعد انتقال كل طرف من المثمن و الثمن قد يكون جائز الفسخ، و قد لا يكون جائز الفسخ.

و اذا كان معنى العقد «التبادل» فقط و قال «اوفوا» التزم به كان ذلك مساويا للزوم العقد.

ص: 31

نعم هذا المعنى اعنى وجوب الوفاء بما يقتضيه العقد فى نفسه يصير بدلالة الآية حكما شرعيا للعقد مساويا للزوم.

و اضعف من ذلك ما نشأ من عدم التفطن لوجه دلالة الآية على اللزوم مع الاعتراف باصل الدلالة

______________________________

(نعم هذا المعنى اعنى وجوب الوفاء بما يقتضيه العقد فى نفسه) «فى نفسه» فى مقابل «ما يلحقه» من جواز و لزوم بحكم الشارع (يصير بدلالة الآية)- اوفوا- (حكما شرعيا للعقد مساويا للزوم) كما تقدم بيانه.

فالعلامة يقول ان معنى الآية «العقد كيف كان- من جواز و لزوم- اوف به» فلا دلالة فى الآية على اللزوم.

و المصنف يرده بان معنى الآية «العقد اوف به» و ليس فى الآية «كيف كان».

اذ «الجواز و اللزوم» لاحقان بالعقد لا انهما داخلان فى حقيقته.

و حيث انهما لاحقان «فاوف» يدل على ان «اللزوم» لاحق بالعقد

(و اضعف من ذلك) ما قد يقال: من ان المستفاد من الآية «اللزوم» لكن بتقريب ان «اوفوا» معناه حكم وضعى و حكم تكليفى، و حكمه الوضعى هو اللزوم.

فان (ما) ذكر (نشأ من عدم التفطن لوجه دلالة الآية على اللزوم).

وجه الدلالة ما ذكرناه من دلالة الآية على الحكم التكليفى، و يتبعه الحكم الوضعى (مع الاعتراف) اى مع اعتراف هذا القائل غير المتفطن (باصل الدلالة) للآية على اللزوم.

ص: 32

لمتابعة المشهور.

و هو ان المفهوم من الآية عرفا حكمان، تكليفى و وضعى.

و قد عرفت ان ليس المستفاد منها الا حكم واحد تكليفى يستلزم حكما وضعيا.

و من ذلك يظهر لك الوجه فى دلالة قوله تعالى «أَحَلَّ اللّٰهُ الْبَيْعَ» على اللزوم فان حلية البيع التى لا يراد منها إلا حلية جميع التصرفات المترتب عليه

______________________________

و انما اعترف (لمتابعة المشهور) القائلين بدلالة الآية على اللزوم.

(و هو) اى ما ذكره اشتباها (ان المفهوم من الآية عرفا حكمان، تكليفى و وضعى).

(و) وجه ضعف هذا الكلام ما (قد عرفت) من (ان ليس المستفاد منها) اى من الآية (الا حكم واحد تكليفى يستلزم حكما وضعيا).

اللهم الا ان يكون القائل اراد بدلالة الآية نتيجة الدلالة لا دلالتها على الحكمين فى عرض واحد.

(و من ذلك) اى من وجه الاستدلال بآية «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ» على لزوم العقد مطلقا (يظهر لك الوجه فى دلالة قوله تعالى «أَحَلَّ اللّٰهُ الْبَيْعَ» على اللزوم).

فان حلية البيع معناها حلية جميع التصرفات حتى بعد فسخ احدهما و ذلك مستلزم لكونه لازما (فان حلية البيع التى لا يراد منها الا حلية جميع التصرفات المترتب عليه) اى على البيع، كالتصرف فيه باللبس و السكنى و

ص: 33

- التى منها ما يقع بعد فسخ احد المتبايعين بغير رضاء الآخر- مستلزمه لعدم تأثير ذلك الفسخ، و كونه لغوا غير مؤثر.

و منه يظهر وجه الاستدلال على اللزوم بإطلاق حلية اكل المال بالتجارة عن تراض.

______________________________

الهبة و الاجارة و الاكل و غيرها فى طول الزمان (- التى منها ما يقع بعد فسخ احد المتبايعين بغير رضا الآخر-).

لان للحلية عمومين، عموم بالنسبة الى انحاء التصرف، و عموم بالنسبة الى الازمنة التالية لعقد البيع.

و قوله (مستلزمة) خبر ل «فان حلية البيع» (لعدم تأثير ذلك الفسخ) الواقع من احدهما (و كونه) اى الفسخ (لغوا غير مؤثر).

و قوله «التى لا يراد منها» هو فى قبال احتمال ان يراد ان «عقد البيع حلال» مقابل ان «عقد الربا حرام» فلا دلالة فيه على حلية التصرف بانحاء التصرف، و فى كل زمان بعد العقد لكن هذا الاحتمال خلاف الظاهر.

(و منه) اى من الاستدلال بآية حلية البيع (يظهر وجه الاستدلال على اللزوم بإطلاق حلية اكل المال بالتجارة عن تراض) قال: لٰا تَأْكُلُوا أَمْوٰالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبٰاطِلِ إِلّٰا أَنْ تَكُونَ تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ مِنْكُمْ.

اقول: بل يمكن الاستدلال بالمستثنى منه أيضا، فان اكل المال بعد الفسخ من احدهما بدون رضى الآخر، اكل للمال بالباطل.

و ذلك يستلزم لزوم العقد بالتقريب المتقدم و سيأتى بيانه.

ص: 34

فانه يدل على: ان التجارة سبب لحلية التصرف بقول مطلق، حتى بعد فسخ احدهما من دون رضاء الآخر.

فدلالة الآيات الثلاث على اصالة اللزوم على نهج واحد.

لكن يمكن ان يقال:

______________________________

(فانه يدل على: ان التجارة سبب لحلية التصرف بقول مطلق، حتى بعد فسخ احدهما من دون رضاء الآخر) فاذا حلّ التصرف بقول مطلق كان معناه عدم تأثير الفسخ و ذلك مستلزم للزوم التجارة- على التقريب المتقدم-.

(فدلالة الآيات الثلاث) أَوْفُوا بِالْعُقُودِ، و أَحَلَّ اللّٰهُ الْبَيْعَ، و تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ (على اصالة اللزوم على نهج واحد) كما عرفت.

(لكن يمكن ان يقال) باختلاف الدلالة بين الآية الاولى، و بين الآيتين الاخيرتين، فان «الوفاء» فى الآية الاولى معناه الابقاء و عدم النقض، فالآية بنفسها تدل على بقاء العقد فى كل الازمان المتأخرة عن العقد، و ذلك بخلاف الآيتين الاخيرتين.

فانه بعد الفسخ يشك فى حلية التصرف، و اذا شك فى حليته لم يمكن التمسك ب «احل الله» لفرض انه شك فى الحلية، فهو من قبيل الشك فى «ان زيدا عالم، أم لا» فانه مع هذا الشك لا يمكن التمسك ب «اكرم العلماء» فى وجوب اكرامه.

و عليه «فآية الحلّ» لا اطلاق فيها، بحيث يشمل ما بعد الفسخ- اذا شك فى ان الفسخ مؤثر أم لا- بل نحتاج لا تمام دلالة الآية الى الاستصحاب

ص: 35

انه اذا كان المفروض الشك فى تأثير الفسخ فى رفع الآثار الثابتة بإطلاق الآيتين الاخيرتين، لم يمكن التمسك فى رفعه الا بالاستصحاب و لا ينفع الاطلاق.

و منها قوله تعالى: وَ لٰا تَأْكُلُوا أَمْوٰالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبٰاطِلِ، دل على حرمة الاكل بكل وجه يسمى باطلا عرفا.

______________________________

فنقول ان الآية دالة على حلية التصرفات قبل الفسخ، و اذا وقع الفسخ نشك فى انه بقى الحل، أم لا، فنستصحب بقاء الحلّ.

ف (انه اذا كان المفروض الشك فى تأثير الفسخ فى رفع الآثار الثابتة) تلك الآثار (ب) سبب (اطلاق الآيتين الاخيرتين) أَحَلَّ اللّٰهُ الْبَيْعَ، و تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ (لم يمكن التمسك فى رفعه) اى فى رفع الشك (الا بالاستصحاب) لبقاء الآثار (و لا ينفع الاطلاق) لان الاطلاق مشكوك فيه، فتأمل.

(و منها: قوله تعالى: وَ لٰا تَأْكُلُوا أَمْوٰالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبٰاطِلِ) فانه (دل على حرمة الاكل بكل وجه يسمى باطلا عرفا).

فان الالفاظ العرفية تحمل كلام الشارع على معانيها العرفية، الا اذا كان للشارع زيادة او نقيصة، فاذا قال الشارع «البيع» كان لا بد و ان يريد به معناه العرفى، بمقتضى «مٰا أَرْسَلْنٰا مِنْ رَسُولٍ إِلّٰا بِلِسٰانِ قَوْمِهِ» و بمقتضى (نحن معاشر الأنبياء امرنا ان نكلم الناس على قدر عقولهم) و لاصالة عدم النقل.

نعم اذا رأينا ان الشارع قال: ان الربا ليس ببيع، او قال ان

ص: 36

و موارد ترخيص الشارع ليس من الباطل، فان اكل المارّة من ثمرة الاشجار التى تمرّ بها باطل، لو لا اذن الشارع الكاشف عن عدم بطلانه.

و كذلك الاخذ بالشفعة و الخيار، فان رخصة الشارع فى الاخذ بهما يكشف عن ثبوت حق لذوى الخيار و الشفعة

______________________________

«العقد الفلانى بيع» و الحال ان العرف يراه غير بيع، لا بد و ان نطيع ما اصلحه الشارع من زيادة او نقيصة.

(و) لذا كان (موارد ترخيص الشارع ليس من الباطل) و ان رآه العرف باطلا (فان اكل المارّة من ثمرة الاشجار التى تمرّ بها) مما يسمى بحق المارّة (باطل) عرفا (لو لا اذن الشارع الكاشف عن عدم بطلانه) فان مولى الموالى قد اذن فيه.

(و كذلك الاخذ بالشفعة و الخيار) الخيار الّذي لا يراه العرف مثل خيار المجلس و خيار الحيوان.

و اما الخيار الّذي يراه العرف كالشرط و العيب فقد تطابق العرف و الشرع على انه ليس بباطل (فان رخصة الشارع فى الاخذ بهما يكشف عن ثبوت حق لذوى الخيار و الشفعة) قرره الشارع فهو ليس بباطل و ان رآه العرف باطلا.

هذا كله فى ما هو باطل عرفا ليس بباطل شرعا، و عكسه كذلك اى ما ليس بباطل عرفا لكنه باطل شرعا مثل بيع الخمر و الخنزير و لعب القمار و الربا فان الشارع حكم ببطلان هذه العقود و بهذا الحكم الحق بالباطل ما لا يراه العرف باطلا.

ص: 37

و ما نحن فيه من هذا القبيل، فان اخذ مال الغير و تملكه من دون اذن صاحبه باطل عرفا.

نعم لو دل الشارع على جوازه كما فى العقود الجائزة بالذات او بالعارض، كشف ذلك عن حق للفاسخ متعلق بالعين.

______________________________

و فى كلا الموضعين «ما ابطله الشارع و ما حكم بانه ليس باطلا» يلزم اتباع الشارع و ترك المعنى العرفى.

اما فيما سواهما فالمتبع التحديد العرفى لانه المخاطب.

(و ما نحن فيه) و هو فسخ احد المتعاقدين من دون رضى الآخر (من هذا القبيل) اى مما يراه العرف باطلا و لم يحكم الشارع بصحته (فان اخذ مال الغير و تملكه من دون اذن صاحبه) و من دون رضاه (باطل عرفا) و لو كان ذلك المال قبل العقد للفاسخ، لان العقد قطع هذه العلقة قطعا غير قابل للفسخ من طرف واحد.

(نعم لو دل الشارع على جوازه) اى جواز اخذ مال الغير (كما فى العقود الجائزة بالذات) كالهبة و ان رآها العرف عقدا لازما (او بالعارض) كما فى البيع بالنسبة الى خيارى المجلس و الحيوان و ان رآها العرف عقدا لازما (كشف ذلك) اى كشف دلالة الشارع على جوازه (عن حق للفاسخ متعلق بالعين) يقتضي ذلك الحق امكان استرداده ضمن الشروط المقررة شرعا، مثل ما اذا لم يتصرف الموهوب له فى الهبة و مثل ما اذا كان التصرف فى الثلاثة فى خيار الحيوان.

ص: 38

و مما ذكرنا يظهر وجه الاستدلال بقوله صلى الله عليه و آله و سلم:

لا يحل مال امرئ مسلم الا عن طيب نفسه.

و منها قوله عليه السلام: الناس مسلطون على اموالهم

______________________________

(و مما ذكرنا) فى دلالة آية «لا تأكلوا» على اللزوم (يظهر وجه الاستدلال) للزوم العقد (بقوله صلى الله عليه و آله و سلم: لا يحل مال امرئ مسلم الا عن طيب نفسه) فانه بعد الفسخ من جانب واحد لا طيب لنفس الجانب الآخر- الّذي هو صاحب المال- فلا يحل ماله للفاسخ و الشارع لم يبين انه حلال فى المقام- باب العقود- فلا بد من اتباع العرف فى القول بعدم الحلية، فيدل هذا الحديث أيضا على اصالة اللزوم.

ثم ان لفظ «مسلم» فى الحديث من جهة ان المسلم هو الآخذ بكلام الرسول صلى الله عليه و آله و سلم المتبع لتعاليمه، و الا فلا يحل مال اى انسان- غير مهدور المال- الا بطيب نفسه، كما دلت عليه الادلة الثلاثة، فهو مثل اصل حمل فعل المسلم على الصحيح، مع ان الاصل حمل فعل كل احد على الصحيح الا ما خرج بالدليل.

(و منها قوله عليه السلام: الناس مسلطون على اموالهم) و كلمة «انفسهم» بعد «اموالهم» فى بعض الكتب الفقهية- فى بيان القاعدة- من باب الاصطياد، لا انه مذكور فى النص.

فقد استفيد من قوله تعالى «النَّبِيُّ أَوْلىٰ بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ» وجود الولاية للانسان على نفسه.

ص: 39

فان مقتضى السلطنة التى امضاها الشارع ان لا يجوز اخذه من يده و تملكه عليه من دون رضاه.

و لذا استدل المحقق فى الشرائع على عدم جواز رجوع المقرض فيما اقرضه بان فائدة الملك التسلط، و نحوه العلامة فى بعض كتبه.

و الحاصل ان جواز العقد الراجع الى تسلط الفاسخ على تملك ما انتقل عنه و صار مالا لغيره، و اخذه منه بغير رضاه

______________________________

و كذلك من ادلة اخر، مثل قوله صلى الله عليه و آله و سلم «الست اولى بكم من انفسكم» و مثل: اصالة حلّ كل تصرف الا ما خرج بالدليل، الى غير ذلك.

و كيف كان (فان مقتضى السلطنة التى امضاها الشارع ان لا يجوز اخذه) اى اخذ ماله (من يده، و تملكه) رغما (عليه من دون رضاه) و ان كان المال قبل جريان العقد للفاسخ.

(و لذا) الّذي ذكرنا من دلالة هذا الحديث على اصالة اللزوم (استدل المحقق فى الشرائع على عدم جواز رجوع المقرض فيما اقرضه بان) المال بعد ان اقرض صار ملكا للمقترض، و (فائدة الملك التسلط) المانع عن استرجاعه (و نحوه) استدل (العلامة فى بعض كتبه) و كان اخذه من المحقق.

(و الحاصل ان جواز العقد) و عدم لزومه (الراجع) صفة «جواز» فان مرجع جواز العقد (الى تسلط الفاسخ على تملك ما انتقل عنه و صار مالا لغيره) لسبب العقد السابق على الفسخ (و اخذه منه بغير رضاه) عطف

ص: 40

مناف لهذا العموم.

و منها قوله صلى الله عليه و آله و سلم: المؤمنون عند شروطهم.

و قد استدل به على اللزوم غير واحد، منهم المحقق الاردبيلى قدّس سرّه بناء اعلى ان الشرط مطلق الالزام و الالتزام و لو ابتداءً من غير ربط بعقد آخر، فان العقد على هذا شرط فيجب الوقوف عنده، و يحرم

______________________________

على «تملك» (مناف لهذا العموم) اى عموم الناس مسلطون على اموالهم فان المال بعد الانتقال صار ملكا للمنتقل إليه، فلا حق للمنتقل عليه فى ارجاع المال الى نفسه، و هذا هو معنى اللزوم.

(و منها قوله صلى الله عليه و آله و سلم: المؤمنون عند شروطهم) كأنّ الشرط مكان، و المؤمن ساكن هناك.

و حيث ان الشرط امر معنوى، فاللازم ان يراد ب «عند» الوفاء بالشرط، و انه امر ايجابى تكليفا و وضعا.

(و قد استدل به على اللزوم) اى لزوم العقد (غير واحد، منهم المحقق الاردبيلى قدّس سرّه).

لكن للاستدلال بهذا الحديث للزوم العقد (بناء على ان الشرط مطلق الالزام) من جانب المشترط (و الالتزام) من جانب المشروط عليه (و لو ابتداءً).

فكل عقد شرط (من غير ربط) فى تحقق مسمّى «الشرط» (بعقد آخر) بان يكون الشرط عبارة عن الالزام، و الالتزام فى ضمن عقد و نحوه (فان العقد على هذا) البناء (شرط فيجب الوقوف عنده، و يحرم

ص: 41

التعدى عنه.

فيدل على اللزوم بالتقريب المتقدم فى: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ لكن لا يبعد منع صدق الشرط فى الالتزامات الابتدائية، بل المتبادر عرفا هو الالزام التابع كما يشهد به موارد استعمال هذا اللفظ، حتى فى مثل قوله عليه السلام فى دعاء التوبة: و لك يا ربّ شرطى ان لا اعود فى مكروهك و عهدى ان اهجر جميع معاصيك.

______________________________

التعدى عنه) حسب قوله صلى الله عليه و آله و سلم «عند شروطهم».

(فيدل) هذا الحديث (على اللزوم) لكل عقد (بالتقريب المتقدم فى أَوْفُوا بِالْعُقُودِ).

فان العاقد اذا فسخ بدون رضى الطرف الآخر، فقد تخلف عن كونه «عند شرطه» هذا.

و (لكن لا يبعد منع صدق الشرط فى الالتزامات الابتدائية) التى لا تكون ضمن عقد و نحوه (بل المتبادر عرفا هو الالزام التابع).

فاذا قال: بينى و بين زيد شرط، فهم منه وجود شرط فى ضمن عقد حتى اذا فسره بانه «عقد» قال له العرف انه ليس بشرط (كما يشهد به) اى بالتبادر (موارد استعمال هذا اللفظ) اى لفظ الشرط (حتى فى مثل قوله) اى السجاد (عليه السلام فى دعاء التوبة: و لك يا ربّ شرطى ان لا اعود فى مكروهك، و عهدى ان اهجر جميع معاصيك) فانه لا يراد به الشرط الابتدائى- كما ربما يزعم- بل معناه ان الله يغفر له بهذا الشرط، و الغفران معاملة بين طرفين تطهير من الله يعقبه تطهّر من

ص: 42

و قوله عليه السلام فى اوّل دعاء الندبة: بعد ان شرطت عليهم الزهد فى درجات هذه الدنيا كما لا يخفى على من تأمّلها.

مع ان كلام بعض اهل اللغة على ما ادعيناه من الاختصاص.

ففى القاموس، الشرط: الزام الشي ء و التزامه فى البيع و نحوه.

العبد.

(و قوله عليه السلام فى اوّل دعاء الندبة: بعد ان شرطت عليهم الزهد فى درجات هذه الدنيا) فانه شرط فى ضمن قبولهم و تقريبهم، فهم عليهم السلام طلبوا قبول الله لهم، و الله قبل بهذا الشرط (كما لا يخفى على من تأمّلها) اى تأمّل موارد استعمال هذا اللفظ.

لكن ربما يقال: ان كون الشرط فى ضمن عقد و نحوه لازم الوفاء يدل بالفحوى على ان العقد بنفسه لازم الوفاء، هذا.

مع ان بعض المحشّين اشكل على الشيخ بانه قبل فى مبحثى المعاطات و الشروط ان الشرط مطلق الالتزام، فبين كلاميه ره تدافع.

و كيف كان فما ذكره هنا اظهر.

و ما ابعد ما بينه و ما بين كلام المحقق اليزدى فى حاشيته، حيث قال ان هذه الرواية من اقوى الادلة على اللزوم.

(مع ان كلام بعض اهل اللغة) موافق (على ما ادعيناه من الاختصاص) اى اختصاص لفظ الشرط بما اذا كان فى ضمن عقد و نحوه فلا يشمل الالتزام بالبدوى.

(ففى القاموس الشرط) هو (الزام الشي ء و التزامه فى البيع و نحوه).

ص: 43

و منها: الاخبار المستفيضة فى ان البيعين بالخيار ما لم يفترقا، و انه اذا افترقا وجب البيع، و انه لا خيار لهما بعد الرضا.

فهذه جملة من العمومات الدالة على لزوم البيع عموما، او خصوصا.

______________________________

و على هذا فلا دلالة لقوله صلى الله عليه و آله و سلم: المؤمنون عند شروطهم، على اصالة اللزوم و ان استند إليه بعض.

(و منها) اى من الادلة على اصالة اللزوم فى البيع (الاخبار المستفيضة) الواردة (فى ان البيعين بالخيار ما لم يفترقا، و انه اذا افترقا وجب البيع) وجب اى لزم، و منه الوجوب التكليفى، بل و عنه «فاذا وجبت جنوبها» اى لزمت بالسقوط على الارض قبال حال الحياة، فان الحيوان ما دام حيا يتحرك و يمشى، فاذا مات سقط.

و ذلك فان الاستقراء و المناط دلا على ان اللفظ المشترك بين معان لا يكون الا اذا كانت بين تلك المعانى جهة مشتركة، او كانت كلها داخلة تحت كلّى واحد (و انه لا خيار لهما بعد الرضا).

فان صريح هذه الروايات انه بعد الافتراق لا خيار.

و المراد بالرضا هو الافتراق بقرينة الفقرة السابقة، لا الرضا بالمعاملة حتى يقال: انه يتنافى مع خيار المجلس.

(فهذه) الادلة التى ذكرناها من الآيات و الروايات (جملة من العمومات الدالة على لزوم البيع عموما) بحيث يشمل غير البيع، مثل:

أَوْفُوا بِالْعُقُودِ (او خصوصا) فلا يشمل الا البيع، مثل احل الله البيع.

ص: 44

و قد عرفت ان ذلك مقتضى الاستصحاب أيضا.

و ربما يقال: ان مقتضى الاستصحاب عدم انقطاع علاقة المالك عن العين.

فان الظاهر من كلماتهم عدم انقطاع علاقة المالك عن العين التى له فيها الرجوع.

و هذا الاستصحاب حاكم على

______________________________

(و قد عرفت ان ذلك) اللزوم (مقتضى الاستصحاب أيضا).

فانه اذا شككنا هل ان بالفسخ رجع كل مال الى صاحبه، كان اصل بقاء الملك فى حوزة مالكه محكما و هذا هو اصل بقاء الاثر.

(و ربما يقال: ان مقتضى الاستصحاب عدم انقطاع علاقة المالك) الاول قبل البيع (عن العين) و عدم انقطاع العلاقة لا ينافى الملك مثل ما اذا وهب، فان الموهوب صار ملكا للموهوب له و مع ذلك لم تنقطع علاقة الملك عن الواهب و لذا يتمكن من استرجاعه.

(فان الظاهر من كلماتهم عدم انقطاع علاقة المالك عن العين التى له فيها) اى فى تلك العين (الرجوع).

و انما قيد بقوله «التى» لانه اذا لم يكن له فيها الرجوع فالعلاقة منقطعة بلا اشكال.

و عليه فاحتمال عدم الانقطاع كاف فى جريان الاستصحاب.

(و هذا الاستصحاب) اى استصحاب عدم انقطاع العلاقة (حاكم على

ص: 45

الاستصحاب المتقدم المقتضى للزوم.

و ردّ بانه ان اريد بقاء علاقة الملك، او علاقة يتفرع على الملك،

______________________________

الاستصحاب المتقدم المقتضى للزوم).

فان الشك فى زوال الاثر بالفسخ- الّذي هو مجرى استصحاب عدم الزوال- متفرع عن الشك فى بقاء العلاقة، فاذا استصحب بقاء العلاقة لم يكن مجال للشك فى عدم زوال الاثر كما هو الشأن فى كل استصحابين احدهما سببى و الآخر مسبّبى.

(و ردّ ب) ان استصحاب العلاقة غير تام اطلاقا لعدم تمامية اركان الاستصحاب فيه.

فان الاستصحاب يحتاج الى يقين سابق، و شك لاحق، فاذا اريد جريان استصحاب العلاقة، كان لا بد «من يقين سابق بوجود العلاقة» و «شك لاحق فى بقاء العلاقة».

فنقول ان اريد من العلاقة السابقة «علاقة الملك» فقد زالت قطعا، فلا شك لاحق.

و ان اريد من العلاقة السابقة «علاقة اعادة العين» «فلا يقين سابق» للقطع بعدم وجودها قبل البيع، لان اعادة العين الى الملك لا تجتمع مع الملك الموجود قبل البيع، و ذلك لتوقف «الاعادة» على «الخروج عن الملك» و قبل البيع لا خروج، فلا علقة للاعادة.

و الحاصل (انه ان اريد بقاء علاقة الملك، او علاقة يتفرع على الملك) اذا ملك الانسان شيئا تفرعت منه علاقات، مثل علاقة المعار له حيث يحق

ص: 46

فلا ريب فى زوالها بزوال الملك.

و ان اريد بها سلطنة اعادة العين فى ملكه، فهذه علاقة يستحيل اجتماعها مع الملك و انما تحدث بعد زوال الملك لدلالة دليل.

فاذا فقد الدليل، فالاصل عدمها.

و ان اريد بها العلاقة التى كانت فى مجلس البيع، فانها تستصحب

______________________________

له التصرف فى العارية، فان علاقة التصرف فى العارية ليست علاقة ملك و انما هى علاقة متفرعة عن الملك (فلا ريب فى زوالها بزوال الملك) لانه لا ملك فلا علاقة ملك، و لا علاقة متفرعة على الملك.

(و ان اريد بها) اى بالعلاقة المستصحبة (سلطنة) المالك السابق (اعادة العين فى ملكه، فهذه) لا حالة سابقة لها لان هذه (علاقة يستحيل اجتماعها مع الملك).

اذ المملوك ليس خارجا عن الملك، حتى يعاد الى الملك (و انما تحدث) هذه العلاقة على فرض حصولها (بعد زوال الملك).

و انما تحدث هذه العلاقة (لدلالة دليل) اى اذا كان هناك دليل مثل ما دلّ على الخيار فانه يزول ملك ذى الخيار، لكن تحدث علاقة امكان اعادته الى الملك.

(فاذا فقد الدليل) على حدوث هذه العلاقة (فالاصل عدمها).

(و) ان قلت: الدليل موجود و هو ما دل على خيار المجلس.

قلت: (ان اريد بها العلاقة التى كانت فى مجلس البيع فانها تستصحب

ص: 47

عند الشك، فيصير الاصل فى البيع بقاء الخيار كما يقال: الاصل فى الهبة بقاء جوازها بعد التصرف فى مقابل من جعلها لازمة بالتصرف.

ففيه مع عدم جريانه فيما لا خيار فيه فى المجلس، بل مطلقا بناء اعلى ان الواجب هنا الرجوع فى زمان الشك الى عموم: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ، لا الاستصحاب

______________________________

عند الشك، فيصير الاصل فى البيع بقاء الخيار).

و هذا الاصل مقدم على اصالة اللزوم- اى استصحابه- لما عرفت من ان بين الاصلين السببية و المسببية، فيكون اصل بقاء الخيار فى البيع (كما يقال: الاصل فى الهبة بقاء جوازها بعد التصرف) فللواهب استرجاعها و ان تصرف الموهوب له فيها (فى مقابل من جعلها) اى الهبة (لازمة بالتصرف).

لكن لا يخفى ان التمسك بالاصل فى الهبة اذا لم يكن دليل اجتهادى يدل على اللزوم بالتصرف- كما هو المشهور-.

(ففيه) جواب «و ان اريد بها».

أولا (مع عدم جريانه) اى عدم جريان استصحاب الخيار (فيما لا خيار فيه فى المجلس) كما اذا اوقعا البيع بشرط عدم خيار المجلس فانه لا خيار حينئذ حتى يستصحب.

و ثانيا: (بل) عدم جريان استصحاب الخيار (مطلقا) و ان كان خيار المجلس موجودا (بناء على) ان خيار المجلس لا يستصحب، ل (ان الواجب هنا الرجوع فى زمان الشك الى عموم: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ، لا الاستصحاب)

ص: 48

انه لا يجدى بعد تواتر الاخبار بانقطاع الخيار مع الافتراق.

فيبقى ذلك الاستصحاب سليما عن الحاكم، فتأمل.

[ظاهر المختلف أن الأصل عدم اللزوم و المناقشة فيه]

ثم انه يظهر من المختلف فى مسألة: ان المسابقة لازمة

______________________________

فانه لا مجال للاصل العملى مع وجود الدليل الاجتهادى مثل عموم «اوفوا» فى المقام.

و ثالثا: (انه) لا مجال للاستصحاب مع قطع النظر عن الاشكالين السابقين.

اذ (لا يجدى) تمامية اركان الاستصحاب (بعد تواتر الاخبار بانقطاع الخيار مع الافتراق) حيث قال عليه السلام: فاذا افترقا وجب البيع.

(ف) ان سقط استصحاب الخيار (يبقى ذلك الاستصحاب) اى استصحاب بقاء الأثر- بعد الفسخ- (سليما عن الحاكم) عليه (فتأمل).

اذ لو فرض وجود الدليل الاجتهادى من عموم او نصّ كما ذكر فى الجوابين الثانى و الثالث لم يبق مجال لاستصحاب اللزوم او استصحاب الخيار.

و عليه فالجوابان الثانى و الثالث لا موقع لهما، كما ان الجواب الاول أيضا لا موقع له.

اذ مورد الكلام تعيين الاصل العملى المقتضى للجواز فى البيع لو خلى و نفسه، مع قطع النظر عن الطوارئ التى منها ايقاع البيع بشرط عدم الخيار.

(ثم انه يظهر من) العلامة فى (المختلف فى مسألة: ان المسابقة لازمة

ص: 49

او جائزة، ان الاصل عدم اللزوم، و لم يرده من تأخر عنه، الا بعموم قوله تعالى: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ.

و لم يكن وجه صحيح لتقرير هذا الاصل.

نعم هو حسن فى خصوص المسابقة و شبهه مما لا يتضمن تمليكا او تسليطا ليكون الاصل بقاء ذلك الأثر و

______________________________

او جائزة، ان الاصل عدم اللزوم).

و هذا مناف لما ذكرناه من اصالة لزوم العقود، و الحال ان المسابقة عقد (و لم يرده من تأخر عنه، الا بعموم قوله تعالى: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ).

مع انك عرفت ان سائر الاطلاقات بل الاستصحاب أيضا تدل على اللزوم، فاللازم رده بها أيضا، لا بخصوص «اوفوا».

(و) لذا ف (لم يكن وجه صحيح لتقرير هذا الاصل) الّذي ذكره و ان كان له وجه غير تام هو اصالة الجواز فى كل العقود، بتقريب ان اللزوم صفة اضافية، فاذا لم نعلم بها كان الاصل عدمها، كما اذا علمنا اصل جواز شي ء و لم نعلم وجوبه، فان الاصل يقتضي عدم الوجوب.

لكن هذا الاصل غير صحيح فى العقود، لما عرفت من اصالة اللزوم فى كل عقد.

(نعم هو) اى اصل الجواز (حسن فى خصوص المسابقة و شبهه) كالمزارعة، و الجعالة على زرع ارض مباحة، او تحصيل ضالة و ما اشبه (مما لا يتضمن تمليكا او تسليطا) فانه اذا لم يكن تمليك كما فى البيع و لا تسليط كما فى الاجارة فلا أثر فى الخارج (ليكون الاصل بقاء ذلك الأثر و

ص: 50

عدم زواله بدون رضاء الطرفين.

[إذا شك في عقد أنه من مصاديق العقد اللازم أو الجائز]

ثم ان ما ذكرنا من العمومات المثبتة لاصالة اللزوم، انما هو فى الشك فى حكم الشارع باللزوم.

و يجرى أيضا فى ما اذا شك فى عقد خارجى انه من مصاديق العقد اللازم او الجائز

______________________________

عدم زواله بدون رضاء الطرفين).

و حيث لا أثر، فالاصل عدم اللزوم.

نعم بعد مجي ء: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ و شبهه يرتفع الاصل، فلا يريد المصنف ان يقول: انه الآن لا لزوم للعقود، لكن يريد بيان الاصل مع قطع النظر عن الدليل.

و مع ذلك يرد عليه ان كل عقد لا بدّ و ان يؤثر اثرا و ان لم يكن تسليطا و لا تمليكا، و اذا كان هناك اثر، فالاصل بقاء الاثر، و عدم ارتفاعه بفسخ احدهما بدون رضاء الآخر.

و عليه فلا فرق فى جميع العقود بان الاصل فيها اللزوم.

(ثم ان ما ذكرنا من العمومات المثبتة لاصالة اللزوم، انما هو فى الشك فى حكم الشارع باللزوم).

كما اذا لم نعلم هل ان البيع لازم أم لا- مثلا-.

(و يجرى) اصل اللزوم (أيضا فى ما اذا شك فى عقد خارجى انه من مصاديق العقد اللازم او الجائز).

كما اذا شك فى انه هل وهب المال لزيد حتى يكون له ارجاعه او انه

ص: 51

بناء على ان المرجع فى الفرد المردّد بين عنوانى العام و المخصص الى العموم.

و اما بناء على خلاف ذلك، فالواجب الرجوع عند الشك فى اللزوم الى الاصل، بمعنى استصحاب الأثر، و عدم زواله بمجرد فسخ احد المتعاقدين

______________________________

باعه منه، اوشك فى انه هل زيد الموهوب له رحمه حتى لا يكون له ارجاع المال، او انه ليس برحمه حتى يكون له ارجاعه منه، فان الاصل فى كل هذه المقامات اللزوم (بناء على ان المرجع فى المردّد بين عنوانى العام و المخصص الى العموم) اى بناء على جواز التمسك بالعام فى الشبهة المصداقية.

فان: «كل عقد الاصل فيه اللزوم» عام، و «الهبة الى غير ذى الرحم الاصل فيه الجواز» مخصص لذلك العام، فاذا كانت شبهة فى فرد هل انه من العام او من المخصص يتمسك فيه بالعام، لانه علم دخوله فى العام و شك فى خروجه- بالتخصيص- من العام.

(و اما بناء على خلاف ذلك) كما هو المحقق، و انه لا يتمسك بالعام فى الشبهة المصداقية (فالواجب الرجوع عند الشك فى اللزوم الى الاصل بمعنى استصحاب الأثر، و عدم زواله بمجرد فسخ احد المتعاقدين).

لان الاثر ثبت و لا نعلم زواله، فالاصل بقائه.

و هذا غير اصالة اللزوم المستفادة من الكتاب و السنة- كما تقدم-.

نعم هو الاستصحاب الّذي ذكرناه سابقا بقولنا فى المتن «و قد عرفت ان ذلك مقتضى الاستصحاب أيضا»

ص: 52

الا ان يكون هنا اصل موضوعى يثبت العقد الجائز.

كما اذا شك فى ان الواقع هبة او صدقة، فان الاصل عدم قصد القربة، فيحكم بالهبة الجائزة.

______________________________

(الا ان يكون هنا اصل موضوعى يثبت العقد الجائز) او اللازم.

فانه لا تصل النوبة حينئذ الى الاصل الحكمى الّذي هو استصحاب الأثر، و ان كان الاصل الحكمى مطابقا للاصل الموضوعى فى افادة اللزوم

(كما اذا شك فى ان الواقع هبة او صدقة، فان الاصل عدم قصد القربة، فيحكم بالهبة الجائزة).

فان الهبة له رجوع فيها- اذا لم تكن من اقسام الهبة اللازمة، كالهبة بذى الرحم- و الصدقة لا رجوع فيها فانه ما كان لله لا رجعة فيه.

لكن كون الفارق بين الامرين قصد القربة، مشكل، بل الظاهر ان الفارق، العنوان المقصود عند العطاء.

فاذا قصد الهبة كانت هبة، و ان قصد القربة.

و لذا قالوا ان الهبة اذا كانت بقصد القربة لم يكن له رجوع فيها.

و كيف كان فمثال آخر لوجود الاصل الموضوعى انه لو شك فى ان من اعطاه الهبة هل هو رحمه أم لا.

فان اصالة عدم كونه رحما- كما قرّر فى مسألة اصالة عدم القرشية فى المرأة المشكوك حيضها- حاكم على استصحاب الاثر.

ص: 53

لكن الاستصحاب المذكور انما ينفع فى اثبات صفة اللزوم.

و اما تعيين العقد اللازم حتى يترتب عليه سائر آثار العقد اللازم كما اذا اريد تعيين البيع عند الشك فيه، و فى الهبة فلا.

بل يرجع فى اثر كل عقد الى ما يقتضيه الاصل بالنسبة إليه.

فاذا شك فى اشتغال الذمة بالعوض، حكم بالبراءة التى هى من آثار

______________________________

(لكن) لا يخفى ان (الاستصحاب المذكور) اى استصحاب الأثر (انما ينفع فى اثبات صفة اللزوم) فيجعل العقد لازما.

(و اما تعيين العقد اللازم) بان يقول: الاستصحاب انه صدقة لا هبة فى المثال المتقدم- (حتى يترتب عليه سائر آثار العقد اللازم كما اذا اريد) التخلص من نذر كان نذره «بان يتصدق» فيعين بالاستصحاب ان ما اعطاه صدقة فبرئت ذمته مثلا.

و كما اذا شك فى ان المعاملة التى حدثت بينه و بين زيد، هل انها كانت بيعا او هبة فاستصحب الاثر، و اريد بهذا الاستصحاب (تعيين البيع عند الشك فيه، و فى الهبة فلا) يمكن ذلك لان الاصل لا يثبت كما قرر فى الاصول (بل يرجع فى اثر كل عقد) من العقود المشكوكة شكافى ان ما عقده هل هو هذا او ذاك (الى ما يقتضيه الاصل بالنسبة إليه) اى بالنسبة الى ذلك العقد.

(ف) مثال الشك بين البيع و الهبة اذا شك فى اللزوم اجرى اصالة اللزوم الّذي هو من آثار البيع، و (اذا شك فى اشتغال الذمة بالعوض) من جهة احتمال كونه بيعا (حكم بالبراءة التى هى من آثار

ص: 54

الهبة.

و اذا شك فى الضمان مع فساد العقد حكم بالضمان لعموم: على اليد ان كان هو المستند فى الضمان بالعقود الفاسدة.

______________________________

الهبة).

و لا منافات اذ قد حقق فى الاصول انه يمكن التفكيك فى آثار الاصول فاذا شك فى ان الماء الّذي توضأ به، هل كان طاهرا او نجسا- و لم يكن اصل موضوعى يعين احدهما- فيده طاهرة، لاصالة الطهارة، و هو محدث لاصالة الحدث، فانه لا تنافى فى مقام الظاهر بين الاصلين، و ان كانت منافات بينهما فى الواقع، و انه ان كان الماء نجسا فيده نجسة و هو محدث، و ان كان الماء طاهرا فيده طاهرة، و هو متوضئا.

(و اذا شك فى الضمان) فى ما اذا دار العقد بين الهبة و بين البيع (مع فساد العقد) حيث تجرى قاعدة «ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده» (حكم بالضمان لعموم: على اليد) ما اخذت، فان عمومه شامل للمقام.

لانه اذا كانت المعاملة صحيحة كانت تقتضى الضمان، لعموم على اليد، فكذلك اذا كانت المعاملة فاسدة (ان كان هو) اى عموم: على اليد (المستند فى الضمان بالعقود الفاسدة).

لان مع هذا العموم لا يبقى مجال لاصل البراءة، اذ لا مجال للاصل العملى مع وجود الدليل الاجتهادى.

ص: 55

و ان كان المستند دخوله فى ضمان العين او قلنا بان خروج الهبة من ذلك العموم مانع عن الرجوع إليه فيما احتمل كونه مصداقا لها، كان الاصل البراءة أيضا.

______________________________

(و ان كان المستند) فى الضمان بالعقود الفاسدة (دخوله) اى الانسان الّذي عامل دخل (فى ضمان العين).

و قد تقدم فى باب «ما يضمن بصحيحه» ان الانسان لو دخل فى الضمان كان ضامنا، فالاصل البراءة «جواب و ان كان المستند».

و انما كان مجرى البراءة على هذا التقدير لانه لا يعلم انه دخل فى المعاملة بالضمان اذا المعاملة لو كانت هبة فاخذها لم يدخل فيها بالضمان (او) كان المستند هو «ما ذكرناه أولا: اى عموم على اليد» لكن (قلنا بان خروج الهبة من ذلك العموم) اى عموم: على اليد (مانع عن الرجوع إليه) اى الى عموم: على اليد (فيما احتمل كونه مصداقا لها) اى للهبة.

اذ بعد خروج الهبة عن عموم: على اليد، اذا شك فى فرد انه هبة خارجة عن العموم او معاملة داخلة فى العموم لا يمكن التمسك بالعموم لاجل اثبات الضمان لانه من التمسك بالعام فى الشبهة المصداقية (كان الاصل البراءة أيضا).

كما كان الاصل البراءة فى الصورة السابقة، حيث قلنا «حكم بالبراءة»

و الحاصل: انه اذا كان العقد فاسدا، و تردد فى انه هل كان بيعا او هبة.

ص: 56

..........

______________________________

فان كان مستند الضمان فى العقود الفاسدة على اليد، ففيه احتمالان.

الاول: الضمان لعموم: على اليد.

الثانى: البراءة، لانه لا يمكن التمسك بالعموم حيث ان الهبة خارجة عن عموم: على اليد.

فاذا تمسكنا بالعموم مع احتمال ان العقد هبة، كان من التمسك بالعام فى الشبهة المصداقية.

و ذلك لا يجوز فليس المرجع حينئذ العموم، بل البراءة اذ لما فقد الدليل الاجتهادى كان المرجع: الاصل العملى.

و ان كان مستند الضمان فى العقود الفاسدة ان الشخص دخل فى العقد بانيا على ضمان العين، فالمرجع البراءة، للاصل بعد ان لم يكن دليل على انه ضامن بهذا البناء، اذ البناء لا يجعل الانسان ضامنا، اذا لم يكن دليل شرعى على الضمان.

ص: 57

القول فى اقسام الخيار

اشارة

و هى كثيرة، الا ان اكثرها متفرقة و المجتمع فيها فى كل كتاب سبعة، و قد انهاها بعضهم الى ازيد من ذلك حتى ان المذكور فى اللمعة مجتمعا أربعة عشر، مع عدم ذكره لبعضها.

و نحن نقتفى اثر المقتصر على السبعة كالمحقق و العلامة قدس سرهما، لان ما عداها لا يستحق عنوانا مستقلا، اذ ليس له احكام مغاير لسائر انواع الخيار فنقول و بالله التوفيق

______________________________

(القول فى اقسام الخيار، و هى كثيرة الا ان اكثرها متفرقة) فى كتب الفقهاء حيث ذكرت بمناسبة المسائل المتفرقة فى مختلف ابواب المعاملات (و المجتمع فيها) اى فى باب الخيارات (فى كل كتاب) فقهى (سبعة و قد انهاها بعضهم الى ازيد من ذلك حتى ان المذكور فى اللمعة) و شرحه (مجتمعا) فى باب الخيارات (أربعة عشر، مع عدم ذكره لبعضها) أيضا فهى فى نفس الامر اكثر من أربعة عشر.

(و نحن نقتفى اثر المقتصر على السبعة، كالمحقق) فى غير الشرائع اذ فيه اقتصر على خمسة (و العلامة قدس سرهما).

و انما نتبع هؤلاء (لان ما عداها) اى ما عدا السبعة (لا يستحق عنوانا مستقلا) فنذكرها فى ضمن هذه السبعة (اذ ليس له احكام مغاير لسائر انواع الخيار) فهى تبع للمذكور منها فى الاحكام، و ان كان لها اسامى اخر (فنقول و بالله التوفيق) و هو المستعان.

ص: 58

الأول: فى خيار المجلس

اشارة

فالمراد بالمجلس، مطلق مكان المتبايعين حين البيع.

و انما عبّر بفرده الغالب.

و اضافة الخيار إليه لاختصاصه، و ارتفاعه بانقضائه الّذي هو الافتراق

______________________________

(الاول: فى خيار المجلس، فالمراد بالمجلس، مطلق مكان المتبايعين حين البيع) و ان لم يكن مجلس اصطلاحا، كما اذا عاملا و هما يمشيان.

و الظاهر انه يشمل و لو كان احدهما بعيدا عن الآخر، كما اذا عاملا بواسطة التلفون او اللاسلكى.

________________________________________

شيرازى، سيد محمد حسينى، إيصال الطالب إلى المكاسب، 16 جلد، منشورات اعلمى، تهران - ايران، اول، ه ق

إيصال الطالب إلى المكاسب؛ ج 11، ص: 59

و ذلك لاطلاق الادلة، و الانصراف الى المتعارف فى زمن الروايات غير مهم بعد ان كان انصرافا بدويا، و مثله لا يمنع الاطلاق، و لو فرض منع الاطلاق، فلا اشكال فى وجود المناط.

(و) كيف كان ف (انما عبّر) بالمجلس، مع انه يشمل كل مكان و ان لم يكن مجلسا من باب التعبير (بفرده الغالب).

(و) لا يخفى ان (اضافة الخيار إليه) حيث قيل «خيار المجلس» من جهة انه يكفى فى الاضافة، او فى مناسبة كما قيل «كوكب الخرقاء» (لاختصاصه) اى الخيار بكون المتعاقدين فى المجلس (و ارتفاعه) اى الخيار (بانقضائه) اى ذهاب المجلس الّذي وقع فيه العقد.

فالانقضاء (الّذي هو) عبارة عن (الافتراق) هو ان يبتعد احدهما عن

ص: 59

و لا خلاف بين الامامية فى ثبوت هذا الخيار، و النصوص به مستفيضة.

و الموثق الحاكى لقول على عليه السلام: اذا صفق الرجل على البيع فقد وجب، مطروح، او مأوّل.

و لا فرق بين اقسام البيع و انواع المبيع.

نعم سيجي ء استثناء اشخاص المبيع كالمنعتق على المشترى.

______________________________

الآخر (و لا خلاف بين الامامية فى ثبوت هذا الخيار) فى الجملة (و النصوص به مستفيضة) فوق الآحاد، و دون التواتر.

(و) اما (الموثق الحاكى لقول على عليه السلام: اذا صفق الرجل على البيع فقد وجب) مما ظاهره انه لا خيار، فهو (مطروح) لانه لا يقاوم المستفيضة (او مأوّل) اى ثبت البيع، مقابل انه «بالقول و نحوه قبل الصفق» لا بيع، لا ان المراد به وجوب البيع و عدم الخيار.

(و لا فرق) فى ثبوت هذا الخيار (بين اقسام البيع) من النقد، و النسيئة، و السلف (و انواع المبيع) من بيع الحيوان و غيره الى غير ذلك من الاقسام.

(نعم سيجي ء استثناء بعض اشخاص المبيع) فانه لا خيار فيها (كالمنعتق على المشترى) فاذا اشترى الانسان اباه مثلا انعتق فورا فليس له خيار المجلس، و كذلك المنعتق على البائع اذا جعل الأب- مثلا- ثمنا.

و قد اشرنا فى اوّل المبحث الى هذا الاستثناء، بقولنا «فى الجملة».

ص: 60

و تنقيح مباحث هذا الخيار و مسقطاته يحصل برسم مسائل.
[مسائل في خيار المجلس]
مسألة: لا اشكال فى ثبوته للمتبايعين، اذا كانا اصيلين،

و لا فى ثبوته للوكيلين فى الجملة و هل يثبت لهما مطلقا خلاف.

قال فى التذكرة: لو اشترى الوكيل، او باع، او تعاقدا لوكيلان تعلق الخيار بهما و بالموكلين، مع حضورهما فى المجلس.

و الا فبالوكيلين، فلو مات الوكيل فى المجلس و الموكل غائب انتقل الخيار إليه.

______________________________

(و تنقيح مباحث هذا الخيار و مسقطاته يحصل برسم مسائل) و الله الموفق.

(مسألة: لا اشكال فى ثبوته) اى خيار المجلس (للمتبايعين، اذا كانا اصيلين) كما اذا كانا مالكين (و لا فى ثبوته للوكيلين) و الوليين (فى الجملة) كما سيأتى وجه كونه فى الجملة (و هل يثبت لهما مطلقا) فيه (خلاف).

(قال) العلامة (فى التذكرة: لو اشترى الوكيل، او باع، او تعاقد الوكيلان) بان كان كلا طرفى العقد وكيلا (تعلق الخيار بهما) لانهما «البيعان» فيشملهما قوله عليه السلام «البيعان بالخيار» (و بالموكلين مع حضورهما فى المجلس) لانهما المالكان، و قد جعل الخيار لمصلحتهما.

(و الا) يكون الموكلان حاضرين فى المجلس (ف) الخيار يتعلق (بالوكيلين) فقط (فلو) كان الموكل غائبا حال البيع، و (مات الوكيل فى المجلس و الموكل غائب) بعد (انتقل الخيار إليه) اى الى الموكل الغائب

ص: 61

لان ملكه اقوى من ملك الوارث.

و للشافعية قولان، احدهما انه يتعلق بالموكل و الآخر انه يتعلق بالوكيل، انتهى.

اقول: و الاولى ان يقال:

______________________________

اما اذا حضر الموكل بعد البيع و قبل موت الوكيل، فكون الخيار للموكل اظهر (لان ملكه) اى الموكل الغائب (اقوى من ملك الوارث).

و قد ثبت انه اذا مات البائع المورث انتقل الخيار الى وارثه- كما سيأتى الكلام فيه- و ذلك يدل بالفحوى الى انتقاله الى المالك اذا مات الوكيل.

(و للشافعية قولان) فى مسألة بيع الوكيل و الموكل غائب (احدهما انه) اى الخيار (يتعلق بالموكل) لانه المالك (و الآخر انه يتعلق بالوكيل) لانه البائع (انتهى) كلام التذكرة.

(اقول: و الاولى) و الاقرب الى الواقع.

و المراد القرب لا ان الطرف الآخر أيضا قريب من الواقع (ان يقال) بالتفصيل بين الوكيل فى مجرد اجراء العقد فلا خيار له و بين الوكيل المفوض فله الخيار.

اما خيار الوكيل المفوض، فلانه بيع، فيشمله الدليل.

و اما عدم خيار الوكيل فى اجزاء العقد فلامور أربعة.

الاول: ان ذيل الخيار منصرف عن مثل هذا الوكيل.

الثانى: ان ظاهر قوله «بالخيار» انه سلطنة ارجاع ما خرج عن

ص: 62

ان الوكيل ان كان وكيلا فى مجرد اجراء العقد، فالظاهر عدم ثبوت الخيار لهما وفاقا لجماعة منهم المحقق و الشهيد الثانيان لان المتبادر من النص غيرهما و ان عممناه لبعض افراد الوكيل و لم نقل بما قيل تبعا لجامع المقاصد بانصرافه بحكم الغلبة الى خصوص العاقد المالك

______________________________

ملكه الى ملكه، و الوكيل لم يخرج شي ء عن ملكه.

الثالث: ان سياق خيار الحيوان و خيار المجلس واحد فقد ذكرا معا فى بعض الروايات.

و حيث ان خيار الحيوان ليس للوكيل فيه اجراء الصيغة، كذلك ليس له خيار المجلس بدليل وحدة السياق.

الرابع: ما سيأتى من «الحكمة» ف (ان الوكيل ان كان وكيلا فى مجرد اجراء العقد، فالظاهر عدم ثبوت الخيار لهما) اى للوكيلين او للوكيل، لما ذكر و للاصيل، لانه ليس بحاضر فى مجلس العقد، فلا يشمله الدليل (وفاقا لجماعة منهم المحقق و الشهيد الثانيان).

و ذلك لوجوه ثلاثة.

الاول: (لان المتبادر من النص غيرهما) فالاصل عدم الخيار لهما (و ان عممناه) اى النص (لبعض افراد الوكيل) كالوكيل المستقل- كما سيأتى- «و ان» وصلية (و لم نقل بما قيل تبعا لجامع المقاصد بانصرافه) اى النص (بحكم الغلبة) حيث ان الغالب مباشرة المالكين للعقد فذلك سبب لانصراف النص (الى خصوص العاقد المالك) حتى ان النص لا يشمل الوكيل المستقل أيضا.

ص: 63

مضافا الى ان مفاد ادلة الخيار اثبات حق و سلطنة لكل من المتعاقدين على ما انتقل الى الآخر، بعد الفراغ عن تسلّطه على ما انتقل إليه.

فلا يثبت بها هذا التسلط لو لم يكن مفروغا عنه فى الخارج.

الا ترى انه لو شك المشترى فى كون المبيع ممن ينعتق عليه لقرابة او يجب صرفه لنفقة، او

______________________________

و قوله «و لم نقل» عطف على «و ان عممناه».

الثانى: (مضافا الى ان مفاد ادلة الخيار اثبات حق و سلطنة لكل من المتعاقدين) فله سلطة (على ما انتقل الى الآخر) بحيث يتمكن من استرداده (بعد الفراغ عن تسلّطه على ما انتقل إليه) فان البائع مسلط على ردّ العين الى ملكه بعد وضوح انه مسلّط على الثمن الّذي هو الآن فى ملكه.

(فلا يثبت بها) اى بادلة الخيار (هذا التسلط) على الاسترداد (لو لم يكن) التسلط على ما انتقل إليه (مفروغا عنه فى الخارج).

و الحاصل ان تسلط الشخص على الاسترداد فرع تسلطه على ردّ ما فى يده، او الوكيل فى مجرد اجراء العقد لا سلطة له على ردّ ما انتقل الى موكله، فلا سلطة له على استرداد ما خرج عن ملك موكله.

(الا ترى) مثال لبيان انه اذا لم يكن للوكيل البائع سلطة على ردّ ما فى يده لم يكن له استرداد ما خرج منه (انه لو شك المشترى فى كون المبيع ممن ينعتق عليه لقرابة) لتردد العبد بين كونه أبا للمشترى، و بين كونه اجنبيا عنه (او) شك فى انه هل (يجب صرفه) اى ما اشتراه (لنفقة او) هل

ص: 64

اعتاقه لنذر، فلا يمكن الحكم بعدم وجوبه لادلة الخيار بزعم اثباتها للخيار المستلزم لجواز ردّه على البائع و عدم وجوب عتقه.

هذا مضافا الى ملاحظة بعض اخبار هذا الخيار المقرون فيه بينه و بين خيار الحيوان الّذي لا يرضى الفقيه بالتزام ثبوته للوكيل فى اجراء الصيغة

______________________________

يجب (اعتاقه لنذر) و نحو النذر (فلا يمكن الحكم بعدم وجوبه) اى بعدم وجوب العتق و الصرف مستندا فى الحكم بعدم الوجوب (لادلة الخيار) فيقول انه ليس بواجب (بزعم اثباتها) اى الادلة (للخيار المستلزم لجواز ردّه على البائع، و عدم وجوب عتقه).

فكما ان الخيار فى المثال لا يكون دليلا على عدم وجوب العتق كذلك دليل الخيار لا يكون مستندا لجواز ردّ الوكيل.

و وجه الجامع بين ما نحن فيه و المثال ان فى كليهما يشك فى انه هل له رده أم ليس له رده.

و كما ان دليل الخيار لا يقول فى المثال ردّ العبد، كذلك دليل الخيار لا يقول فى ما نحن فيه ايها الوكيل ردّ ما انتقل الى موكلك، و اذا لم يقدرا على الردّ لم يقدرا على استرداد ما فى يد الطرف الآخر.

(هذا) تمام الكلام فى الوجه الثانى.

الثالث: (مضافا الى ملاحظة بعض اخبار هذا الخيار) اى خيار المجلس (المقرون فيه) اى فى ذلك الخبر (بينه) اى بين خيار المجلس (و بين خيار الحيوان الّذي لا يرضى الفقيه بالتزام ثبوته) اى ثبوت خيار الحيوان (للوكيل فى اجراء الصيغة) فان خيار الحيوان جعل لحكمة

ص: 65

فان المقام و ان لم يكن من تعارض المطلق و المقيد، الا ان سياق الجميع يشهد باتحاد المراد من لفظ المتبايعين مع ان ملاحظة حكمة الخيار تبعد ثبوته للوكيل المذكور

______________________________

انه اذا لم يرده المشترى تمكن من رده، و اى علاقة لهذا بالوكيل فى اجراء العقد.

(ف) ان قلت: جمع الخيارين فى صحيحة ابن مسلم حيث قال عليه السلام «المتبايعان بالخيار، ثلاثة ايام فى الحيوان، و فيما سوى ذلك من بيع حتى يفترقا» لا يدل على وحدة حكمهما، لانه لو سلم ان الصحيحة- بقرينة السياق- دلت على ان خيار المجلس للموكل فقط، لكن مطلقات خيار المجلس الشاملة للوكيل أيضا على حالها، و تلك المطلقات لا تقيد بهذه الصحيحة.

قلت: (ان المقام و ان لم يكن من تعارض المطلق و المقيد) الّذي يحمل فيه المطلق على المقيد (الا ان سياق الجميع) الصحيحة المقيدة- حسب التقارن بين الخيارين- و سائر اخبار خيار المجلس المطلقة الشاملة للوكيل أيضا (يشهد باتحاد المراد من لفظ المتبايعين) سواء كان هذا اللفظ فى الصحيحة او فى سائر الاخبار.

و حيث ان المراد بهذا اللفظ فى الصحيحة خصوص المالك، لا بد و ان يراد به فى سائر الروايات خصوص المالك أيضا.

الرابع: (مع ان ملاحظة حكمة الخيار) و هى تلافى ندم المالك (تبعد ثبوته) اى ثبوت الخيار (للوكيل المذكور) لانه لا علاقة له بالمعاملة

ص: 66

مضافا الى ادلة سائر الخيارات فان القول بثبوتها الموقع الصيغة لا ينبغى من الفقيه.

و الظاهر عدم دخوله فى اطلاق العبارة المتقدمة عن التذكرة، فان الظاهر من قوله: اشترى الوكيل، او باع، تصرف الوكيل بالبيع و الشراء لا مجرد ايقاع

______________________________

حتى يندم و هذه قرينة عقلية لعدم اطلاق ادلة الخيار للوكيل فى العقد (مضافا الى) امكان ان يقول: ان (ادلة سائر الخيارات) كالغبن و العيب و ما اشبه، لا تعم الوكيل فى اجراء العقد (فان القول بثبوتها) اى ثبوت تلك الخيارات (لموقع الصيغة) اى الوكيل فى الايقاع فقط (لا ينبغى من الفقيه).

اذ اى علاقة بين من جاء به المالك ليقول «بعت» او «اشتريت» و بين كون المبيع معيبا او مغبونا فيه، فكذلك دليل خيار المجلس لوحدة الملاك فى الجميع.

اقول: لا يخفى ان اكثر استدلالات المصنف قابلة للمناقشة، الا ان بناء الشرح على توضيح مقاصد الكتاب يمنع عن ذكرها، فعلى الطالب الرجوع الى الحواشى العلمية.

(و الظاهر عدم دخوله) اى دخول الوكيل فى مجرد الصيغة (فى اطلاق العبارة المتقدمة عن التذكرة) التى ذكر فيها ان الوكيل له حق الاخذ بالخيار (فان الظاهر من قوله: اشترى الوكيل، او باع) او ما اشبه هذه العبارة (تصرف الوكيل بالبيع و الشراء) تصرفا مستقلا (لا مجرد ايقاع

ص: 67

الصيغة.

و من جميع ذلك يظهر ضعف القول بثبوته للوكيلين المذكورين كما هو ظاهر الحدائق.

و اضعف منه تعميم الحكم لصورة منع الموكل من الفسخ بزعم ان الخيار حق ثبت للعاقد بمجرد اجرائه للعقد، فلا يبطل بمنع الموكل.

______________________________

الصيغة).

فالعلامة لا يقول بان وكيل اجراء الصيغة له خيار المجلس و ان عرف ذلك من اطلاق عبارته.

(و من جميع ذلك) الّذي ذكرناه من الوجوه الاربعة (يظهر ضعف القول بثبوته) اى ثبوت خيار المجلس (للوكيلين المذكورين) الذين هما وكيلان فى اجراء العقد فقط (كما هو) الثبوت (ظاهر الحدائق).

(و اضعف منه تعميم الحكم) و ان الخيار ثابت للوكيل (لصورة منع الموكل من الفسخ).

اما وجه التعميم فهو ما ذكره بقوله (بزعم ان الخيار حق ثابت للعاقد بمجرد اجرائه للعقد، فلا يبطل) ما جعله الشارع له (بمنع الموكل).

و اما وجه الضعف: فلانه وضع هذا الحق لمصلحة المالك، فكونه لغيره فى حال انه خلاف مصلحة المالك، خارجا عن حكمة جعل هذا الخيار.

و لا يخفى ما فى هذا الكلام من المناقشة، اذ على تقدير وجود الاطلاق لا يقاومه مثل هذا الوجه الاستحسانى.

ص: 68

و على المختار فهل يثبت للموكلين، فيه اشكال من ان الظاهر من:

البيّعين فى النصّ المتعاقد ان فلا يعم الموكلين.

و ذكروا انه لو حلف على عدم البيع، لم يحنث ببيع وكيله، و من ان الوكيلين فيما نحن فيه كالآلة للمالكين.

و نسبة الفعل إليهما شائعة.

______________________________

(و على المختار) من عدم خيار الوكيل فى مجرد العقد (فهل يثبت) الخيار (للموكلين) أم لا؟ (فيه اشكال) و احتمالان.

اما وجه العدم (من ان الظاهر من: البيعين فى النصّ) حيث قال عليه السلام: البيعان بالخيار (المتعاقدان، فلا يعم الموكلين) فلا خيار لهما.

(و) يؤيد ذلك ما (ذكروا انه لو حلف على عدم البيع، لم يحنث ببيع وكيله) فانه يدل على ان البيع حقيقة فى اجراء الصيغة، لكن فيه لزوم التفصيل، و ان الحلف قد يكون متعلقا باجراء الصيغة، و قد يكون متعلقا بالاخراج عن الملك، و قد يكون متعلقا بالاعم، و اذا كان المتعلق مهملا من القصد لا بد من ملاحظة انه الى اى شي ء ينصرف عزما كما حققناه فى بعض كتب الفقه.

(و) اما وجه ثبوت الخيار للموكلين (من ان الوكيلين فيما نحن فيه) فيما اذا كانا وكيلين فى مجرد اجراء الصيغة (كالآلة للمالكين) فالبيعان هما فى الحقيقة المالكان.

(و) لذا نرى ان (نسبة الفعل) اى البيع (إليهما شائعة) عرفا.

ص: 69

و لذا لا يتبادر من قوله: باع فلان ملكه الكذائى كونه مباشرا للصيغة.

و عدم الحنث بمجرد التوكيل فى اجراء الصيغة ممنوع، فالاقوى ثبوته لهما و لكن مع حضورهما فى مجلس العقد، و المراد به مجلسهما المضاف عرفا الى العقد فلو جلس هذا فى مكان و ذاك فى مكان آخر، فاطلعا على عقد الوكيلين، فمجرد ذلك

______________________________

(و لذا) من ان المراد بالبائع من اخرج ملكه عن سلطته، سواء بنفسه او بوكيله (لا يتبادر من قوله: باع فلان ملكه الكذائى) و لا يتبادر (كونه مباشرا للصيغة) و لو كان المفهوم من «باع» المباشرة لزم التبادر.

(و) اما قولهم بعدم الحنث- كما تقدم- ففيه ان (عدم الحنث بمجرد التوكيل فى اجراء الصيغة) اذا نفذ الوكيل البيع (ممنوع) الا اذا قصد فى حلفه انه لا يبيعه مباشرة.

و على هذا (فالاقوى ثبوته) اى خيار المجلس (لهما) اى للمالكين فى الجملة فى مقابل النفى الكلى (لكن مع حضورهما فى مجلس العقد) و ذلك لانهما اذا لم يحضرا فى مجلس العقد لم يتحقق موضوع خيار المجلس (و المراد به) اى بمجلس العقد (مجلسهما المضاف عرفا الى العقد).

فان العرف المخاطب بهذا الكلام هو الميزان فى تعيين المصداق (فلو جلس هذا) مالك المثمن (فى مكان و ذاك) اى مالك الثمن (فى مكان آخر) كما لو جلس كل فى داره (فاطلعا على عقد الوكيلين) الصادر منهما فى السوق مثلا (فمجرد ذلك) و كونهما فى مكان آخر فى حالة العقد

ص: 70

لا يوجب الخيار لهما، الا اذا صدق كون مكانيهما مجلسا لذلك العقد بحيث يكون الوكيلان كلسانى الموكلين و العبرة بافتراق الموكلين عن هذا المجلس لا بالوكيلين هذا كله ان كان وكيلا فى مجرد ايقاع العقد.

و ان كان وكيلا فى التصرف المالى كاكثر الوكلاء

______________________________

(لا يوجب الخيار لهما).

اذ لا يصدق عرفا خيار المجلس و لا «حتى يفترقا» لان الافتراق، لا يصدق الا بعد الاجتماع (الا اذا صدق كون مكانيهما مجلسا لذلك العقد، بحيث يكون الوكيلان كلسانى الموكلين).

ثم الظاهر انه لا يشترط ان يكون حضورهما هناك لاجل العقد، اذ الادلة مطلقة و الحكمة تؤيد الاطلاق، فالقول بلزوم ذلك لانه المتيقن من الادلة غير ظاهر الوجه (و العبرة) بعد اجتماع الاربعة فى مجلس العقد (بافتراق الموكلين عن هذا المجلس) لانهما البيعان حقيقة (لا بالوكيلين) لانهما آلة و لسان، و الادلة منصرفة عن مثلهما، كما عرفت وجهه سابقا و ان كان الاقرب- بناء على رأى الحدائق- كفاية بقاء الموكلين او الوكيلين او اصيل و وكيل (هذا كله ان كان) الوكيل (وكيلا فى مجرد ايقاع العقد) و اجراء الصيغة.

(و ان كان وكيلا فى التصرف المالى كاكثر الوكلاء) مثل الصناع فى محلات التجار و ممثليهم فى بلاد اخر و وكلاء الدولة المشروعة و المجتهدين و وكلائهم الذين هم وكلاء عن الفقراء و عن الامام الى غير ذلك

ص: 71

فان كان مستقلا فى التصرف فى مال الموكل بحيث يشمل فسخ المعاوضة بعد تحققها نظير العامل فى القراض و اولياء القاصرين.

فالظاهر ثبوت الخيار له لعموم النص.

و دعوى تبادر المالكين، ممنوعة، خصوصا اذا استندت الى الغلبة،

______________________________

(ف) هو على قسمين.

لانه اما مستقل فى التصرف كانه المالك.

و اما ليس بمستقل فهو اقوى من الوكيل فى اجراء العقد و اضعف من الوكيل المفوض فى اجراء المعاملة، ف (ان كان مستقلا فى التصرف فى مال الموكل) يشمل كل شئون المعاملة (بحيث يشمل فسخ المعاوضة بعد تحققها نظير العامل فى القراض) اى المضاربة و هى المعاملة التى يكون رأس المال فيها من احدهما، و العمل من الآخر، و الربح بينهما بالنسبة (و اولياء القاصرين) كالطفل و المجنون و المغمى عليه و من اشبههم، حيث ان عليهم ان يعملوا حسب المصلحة.

(فالظاهر ثبوت الخيار له لعموم النص) الشامل له، كما يؤيد ذلك ثبوت الخيار له قطعا اذا ظهر عيب او غبن.

فان القول بعدم الخيار له فيهما، كالقول بثبوته للحاكم، لا له مما لا يمكن القول به، و اذا ثبت خيار الغبن و العيب ثبت غيره لوحدة الملاك

(و دعوى تبادر المالكين) من «البيّعان» فى النص (ممنوعة) اذ لا تبادر قطعا (خصوصا اذا استندت) دعوى التبادر (الى الغلبة) بان يقال فى وجه التبادر حيث ان الغالب معاملة الملاك لا وكلائهم فالنص

ص: 72

فان معاملة الوكلاء و الأولياء لا تحصى.

و هل يثبت للموكلين أيضا مع حضورهما كما تقدم عن التذكرة اشكال من تبادر المتعاقدين من النص، و قد تقدم عدم حنث الحالف على ترك البيع ببيع وكيله.

و من ان المستفاد من ادلة سائر الخيارات و خيار الحيوان المقرون بهذا الخيار فى بعض النصوص كون

______________________________

منصرف الى الملاك.

و وجه المنع ما ذكره بقوله: (فان معاملة الوكلاء و الأولياء لا تحصى) فلا غلبة فى معاملات الملاك بحيث تكون سببا لانصراف (البيعان) الى الملاك.

(و هل يثبت) خيار المجلس (للموكلين أيضا) بالإضافة الى ثبوته للوكيلين المستقلين (مع حضورهما) فى مجلس العقد (كما تقدم عن التذكرة) ثبوت الخيار للموكلين (اشكال) و احتمالان.

وجه عدم الثبوت (من تبادر المتعاقدين من النص) و الموكلان ليسا بمتعاقدين (و قد تقدم عدم حنث الحالف على ترك البيع) فانه ان حلف المالك ان لا يبيع متاعه، لم يكن حنث لحلفه (ببيع وكيله).

و قد عرفت الاشكال منافى مسألة الحلف.

(و) وجه ثبوت الخيار للموكلين (من ان المستفاد من ادلة سائر الخيارات و) من دليل (خيار الحيوان المقرون بهذا الخيار) اى خيار المجلس (فى بعض النصوص) كصحيحة ابن مسلم التى تقدم نقلها (كون

ص: 73

الخيار حقا لصاحب المال شرعا ارفاقا له، و ان ثبوته للوكيل لكونه نائبا عنه يستلزم ثبوته للمنوب عنه، الا ان يدعى مدخلية المباشرة للعقد، فلا يثبت لغير المباشر.

و لكن الوجه الاخير لا يخلو عن قوة

______________________________

الخيار حقا لصاحب المال شرعا ارفاقا له) حتى اذا ندم من المعاملة كان له فسخها (و ان ثبوته للوكيل) ليس بذى حكمة ذاتية، بل (لكونه نائبا عنه) و قائما مقام المالك (يستلزم ثبوته للمنوب عنه) و عليه فالموكل له الخيار.

و كذا ان فرض ان المولى عليه كالمجنون و المغمى عليه و الطفل كانوا فى المجلس و بعد اجراء العقد بلغ الطفل و عقل المجنون و افاق المغمى عليه (الا ان يدعى مدخلية المباشرة للعقد) فى حق الخيار (فلا يثبت لغير المباشر) و ان كان مالكا هذا.

(و لكن الوجه الاخير) الّذي ذكرناه بقولنا «و من ان المستفاد الخ» (لا يخلو عن قوة).

اما اذا مات الوكيل المستقل، فهل ينتقل خياره الى وارثه، لقاعدة ما تركه الميت لوارثه، او الى الموكل- اذا قلنا انه لا خيار له فى عرض الوكيل- لان الموكل صاحب النفع الحقيقى من الخيار، او يسقط رأسا فلا خيار، لا يبعد الثانى لانصراف دليل «ما تركه الميت» عن وارث الوكيل و السقوط لا وجه له بعد وجود الحكمة، و كونه مثل خيار الغبن و العيب و يستبعد جدا الالتزام بسقوطهما بالموت.

ص: 74

و حينئذ فقد يتحقق فى عقد واحد الخيار لاشخاص كثيرة من طرف واحد، او من الطرفين فكل من سبق من اهل الطرف الواحد الى اعماله نفذ و سقط خيار الباقين بلزوم العقد او بانفساخه

______________________________

و لكن لا يخفى ان اللازم حضور وارث الوكيل و الموكل فى مجلس العقد، و الا فالقاعدة عدم الانتقال اطلاقا.

(و حينئذ) اى حين قلنا بان الموكل له الخيار أيضا بالإضافة الى الوكيل المستقل (فقد يتحقق فى عقد واحد الخيار لاشخاص كثيرة من طرف واحد) كما اذا وكل زيد عمروا وكالة مطلقة مستقلة، و عمرو وكل بكرا كذلك و هكذا الى عدة وكلاء (او من الطرفين) كما اذا كان كل من مالك المثمن و مالك الثمن له عدة وكلاء طوليين و كان كلهم حاضرين فى مجلس العقد (فكل من سبق من اهل الطرف الواحد الى اعماله) اى اعمال الخيار (نفذ) لانه له الاعمال (و سقط خيار الباقين) فى طرفه، لانه لم يكن الاخيار واحد نفّذه هذا (بلزوم العقد) من جانبه و يبقى للجانب الآخر حق الفسخ (او بانفساخه) فينفسخ العقد و لا يبقى خيار للجانب الآخر ثم انه قد تبين مما ذكرنا امور ثلاثة.

الاول: انه لو فسخ احد الطرفين، انفسخت المعاملة كلية.

الثانى: انه لو اجاز احد من طرف واحد لم يكن لرفقائه من ذلك الطرف لا الاجازة و لا الفسخ، اذ ليس لطرف واحد الا اجازة واحدة فاذا اجاز احدهم فقد نفذ حق هذا الطرف بكامله.

الثالث: انه لو اجاز احد فى طرف، كان للطرف الآخر ان يجيز،

ص: 75

و ليس المقام من تقدم الفاسخ على المجيز، فان تلك المسألة فيما اذا ثبت للجانبين.

و هذا فرض من جانب واحد.

______________________________

فيستقر العقد او يفسخ، فيبطل العقد.

و على ما ذكرناه فاذا كان شخصان فى طرف واحد اجاز احدهما أولا، ثم فسخ الآخر، لم يؤثر فسخ الثانى.

(و) ذلك لانه (ليس المقام من تقديم الفاسخ على المجيز، فان تلك المسألة) اى مسألة تقديم الفسخ على الاجازة (فيما اذا ثبت) اى كان الحق (للجانبين) اى احد الطرفين فسخ، و الطرف الآخر اجاز، فان الفسخ حينئذ مقدم على الاجازة.

(و هذا) الّذي نحن فيه اى شخصان من طرف واحد اجاز احدهما و فسخ الآخر (فرض من جانب واحد)

و من المعلوم: ان الجانب الواحد ليس له الا حق واحد- فسخا او اجازة- فاذا اخذ احدهم به لم يكن للآخر شي ء، اذ ينتهى الحق بأخذ احدهم له.

نعم اذا تقارن الاثنان «فسخا و اجازة» من جانب واحد، بان قالا معا (لكن قال احدهما فسخت و قال الآخر اجزت) قدم الفسخ، لانه اقوى فى الاقتضاء من الاجازة.

و يحتمل سقوطهما و بقاء العقد بحاله غير مستقر.

ص: 76

ثم على المختار من ثبوته للموكلين.

فهل العبرة فيه بتفرقهما عن مجلسهما حال العقد، او عن مجلس العقد او بتفرق المتعاقدين، او بتفرق الكل، فيكفى بقاء اصيل مع وكيل آخر فى مجلس العقد، وجوه.

______________________________

(ثم على المختار من ثبوته) اى الخيار (للموكلين) فى ما كان الوكيلان مستقلين.

(فهل العبرة فيه) اى فى انقضاء الخيار بالتفرق (بتفرقهما عن مجلسهما حال العقد) فيما اذا كان الاصيلان فى مجلس، و الوكيلان فى مجلس «و قلنا بكفاية كونهما معا فى مجلس و ان لم يكن مجلس العقد» (او عن مجلس العقد) اذا قلنا بان ثبوت الخيار للموكلين مشروط بكونهما فى مجلس العقد (او) ان العبرة (بتفرق المتعاقدين) اى الوكيلين.

فاذا كان الاربعة فى مجلس واحد فما دام الوكيلان فى المجلس يصح الاخذ بالخيار للاصيلين، فاذا تفرق الوكيلان سقط خيارهما كما سقط خيار الاصيلين (او) ان العبرة (بتفرق الكل، فيكفى) فى بقاء الخيار (بقاء اصيل مع وكيل آخر) اى وكيل الطرف الآخر.

فاذا كان الاصيلان محمدا و عليا، و الوكيلان حسنا و حسينا، كفى بقاء محمد و الحسين، او على و الحسن.

و من الواضح انه لا يكفى بقاء اصيل و وكيل نفسه (فى مجلس العقد وجوه) و احتمالات.

ص: 77

أقواها الاخير و ان لم يكن مستقلا فى التصرف فى مال الموكل قبل العقد و بعده بل كان وكيلا فى التصرف على وجه المعاوضة.

كما اذا قال له: اشتر لي عبدا و الظاهر حينئذ عدم الخيار للوكيل لا لانصراف الاطلاق- الى غير ذلك.

______________________________

(أقواها الاخير) لانه لا فرق بين الاصيل و الوكيل.

اذ الثانى كالاول فأيّهما كان حصل طرف العقد و لم يحصل التفرق الّذي هو ميزان سقوط الخيار (و ان) كان الوكيل المستقل فى الجملة (لم يكن مستقلا) تمام الاستقلال (فى التصرف فى مال الموكل) تصرفا (قبل العقد و بعده).

و قد تقدم تقسيم الاستقلال الى قسمين (بل كان وكيلا فى التصرف على وجه المعاوضة) فقط.

(كما اذا قال له: اشتر لي عبد او) نحو ذلك.

مثل ان قال: بع لى هذه الدار، فهل لمثل هذا الوكيل الخيار، أم لا (الظاهر حينئذ عدم الخيار، ل) مثل هذا (الوكيل) بل الخيار للمالك اذا كان حاضرا فى مجلس العقد، و الا لم يكن خيار اصلا، لفقد شرطه (- لا لانصراف الاطلاق) فى قوله عليه السلام: البيعان بالخيار (- الى غير ذلك) اى الى غير هذا القسم من الوكيل المستقل فى الجملة.

و انما قال «لا» ثم ذكر العلة فى خروج هذا الفرد عن الدليل، لانه اراد بيان ان الدليل لا يشمل هذا القسم اصلا، لا انه يشمله بدوا ثم يخرج منه بسبب الانصراف.

ص: 78

بل لما ذكرنا فى القسم الاول من ان اطلاق ادلة الخيار مسوق لافادة سلطنة كل من العاقدين على ما نقله عنه بعد الفراغ عن تمكنه من ردّ ما انتقل إليه.

فلا تنهض لاثبات هذا التمكن عند الشك فيه.

و لا لتخصيص ما دل على سلطنة الموكل على ما انتقل إليه المستلزمة لعدم

______________________________

مثلا اذا قلنا «عالم» شمل لغة «عالم الغناء» لكنه يخرج من اطلاق «العالم» بالانصراف، لكن «عالم» لا يشمل الحيوان اصلا (بل) عدم الخيار لهذا القسم من الوكيل المستقل (لما ذكرنا فى القسم الاول) و هو الوكيل فى اجراء لفظ العقد فقط (من ان اطلاق ادلة الخيار مسوق لافادة سلطنة كل من العاقدين على ما نقله عنه) اى عن نفسه بان له السلطنة على ردّه الى نفسه (بعد الفراغ عن تمكنه من ردّ ما انتقل إليه) الى صاحبه الاول.

(فلا تنهض) ادلة الخيار (لا ثبات هذا التمكن) اى تمكن الاسترداد «لما نقله عن نفسه» (عند الشك فيه) اى فى الردّ «لما نقل إليه».

و المقام من هذا القبيل، اذ الوكيل شاك فى انه هل يقدر على ردّ ما دخل فى ملك موكله؟ فاذا حصل له هذا الشك لم يقدر على استرداد ما خرج عن ملك موكله.

(و لا) تنهض ادلة الخيار أيضا (لتخصيص ما دلّ على سلطنة الموكل على ما انتقل إليه) اى الى الموكل (المستلزمة) سلطنة الموكل (لعدم

ص: 79

جواز تصرف الوكيل فيه بردّه الى مالكه الاصلى و فى ثبوته للموكلين ما تقدم، و الاقوى اعتبار الافتراق عن مجلس العقد كما عرفت فى سابقه.

ثم هل للموكل- بناء اعلى ثبوت الخيار له- تفويض الامر الى الوكيل بحيث

______________________________

جواز تصرف الوكيل فيه) اى فيما انتقل الى الموكل (بردّه الى مالكه الاصلى) «بردّه» متعلق ب «السلطنة».

و الحاصل انه لو كان دليل الخيار يذل على تمكن الوكيل من ردّ ما فى يد الموكل، او يدل على انه لا سلطة للموكل فى ما انتقل الى الموكل كان الدليل دالا على ان للوكيل الخيار.

اما و دليل الخيار لا يدل على احد الامرين، فلا يدل على اثبات الخيار للموكل.

ثم (و فى ثبوته) اى الخيار فى الوكيل المستقل فى الجملة (للموكلين) بعد ان عرفت عدم ثبوت الخيار للوكيل (ما تقدم) فى الوكيل التامّ الاستقلال.

ثم (و الاقوى) انه لو قلنا: بثبوت الخيار للوكيل المستقل فى الجملة او قلنا: بثبوته للموكل (اعتبار الافتراق عن مجلس العقد كما عرفت فى سابقه) اى فى الوكيل التام الاستقلال.

فجميع فروع تلك المسألة بادلتها جارية فى المقام، لوحدة الملاك فى المسألتين و الله العالم.

(ثم هل للموكل- بناء على ثبوت الخيار له-) كما فى الوكيل فى اجراء الصيغة (تفويض الامر الى الوكيل، بحيث

ص: 80

يصير ذا حق خيارى الاقوى العدم: لان المتيقن من الدليل

______________________________

يصير ذا حق خيارى) احتمالان.

من انه حق للموكل فينقل حقه الى انسان آخر.

و من ان هذا تشريع و ليس بيد الانسان التشريع، و ان كان بيده التصرف فى حقه مثلا، لا يحق لانسان له ولدان ان يقول ابن عمى يرث بقدر احد ابنى، لان الارث ليس بيد الانسان و ان كان له المال.

نعم يحق له ان يقول اعطوا لابن عمّى ثلث مالى كله مما نتيجته ان يأخذ ابن العم بمقدار احد الولدين، اذ المال يقسم حينئذ اثلاثا، ثلث لابن العم، و ثلث لكل ولد.

و هذا هو ما ذكروه فى الشرط المحلل للحرام، و المحرم للحلال.

فاذا شرط ان يجب الصوم على المشترى فى يوم الخميس مثلا، او ان يحرم عليه شرب الماء، بطل الشرط.

اما ان شرط ان يصوم و ان لا يشرب الماء صح الشرط، و هذه مسألة سيّالة تأتى فى كثير من الموارد كما لو نذر ان يجب عليه الاطعام فانه باطل.

اما ان نذر ان يطعم فهو صحيح.

و الحاصل ان للانسان ان يطبق المصداق على الكلى المقرر شرعا اما تشريع الحكم فليس بيد الانسان.

و لذا قال المصنف: (الاقوى العدم، لان المتيقن من الدليل)

ص: 81

ثبوت الخيار للعاقد فى صورة القول به عند العقد، لا لحوقه له بعده.

نعم يمكن توكيله فى الفسخ او فى مطلق التصرف فسخا او التزاما.

و مما ذكرنا اتضح عدم ثبوت الخيار للفضوليين و ان جعلنا

______________________________

المثبت للخيار (ثبوت الخيار للعاقد) الّذي هو الوكيل- فى مثالنا- (فى صورة القول به) اى بان للعاقد الخيار (عند العقد) متعلق ب «ثبوت» (لا لحوقه) اى الخيار (له) اى للعاقد (بعده) اى بعد العقد بحيث يكون ذا حق خيارى.

(نعم يكون توكيله) اى توكيل المالك الّذي له الخيار للوكيل فى مجرد اجراء الصيغة، و نحوه (فى الفسخ او فى مطلق التصرف فسخا او التزاما) بل له ذلك بالنسبة الى الاجنبى أيضا، و لا يشترط ان يكون الوكيل فى المجلس مثلا وكيلان بحضور الموكلين اجريا الصيغة، ثم ذهبا الوكيلان و كان الموكلان فى المجلس فوكله الموكل بان يفسخ، فانه يقع الفسخ و ان فسخه خارج المجلس، لان من له الخيار لم يفترق و الاعتبار به، بل لا يبعد صحة العكس أيضا، بان وكله ليفسخ عن قبله، و خرج الموكل لحاجة، فانه بتوكيله عن نفسه قام مجلس الوكيل مقام مجلس الموكل، فلم يحصل الافتراق بعد.

(و مما ذكرنا) فى وجه عدم الخيار للوكيل مجرى الصيغة، و للوكيل شبه المستقل (اتضح عدم ثبوت الخيار للفضوليين) ان جعلنا الاجازة ناقلة.

اذ لا نقل قبل الاجازة، فلا خيار فى الاسترداد، بل (و ان جعلنا

ص: 82

الاجازة كاشفة، لا لعدم صدق المتبايعين، لان البيع النقل و لا نقل هنا- كما قيل- لاندفاعه بان البيع النقل العرفى، و هو موجود هنا.

نعم ربما كان ظاهر الاخبار حصول الملك شرعا بالبيع.

و هذا المعنى منتف فى الفضولى قبل الاجازة.

______________________________

الاجازة كاشفة) عن النقل حال العقد، و عدم ثبوت الخيار (لا لعدم صدق المتبايعين) على الفضوليين.

وجه عدم الصدق (لان البيع النقل و لا نقل هنا- كما قيل-) فى وجه عدم ثبوت الخيار للفضوليين (لاندفاعه) اى عدم الصدق (بان البيع النقل العرفى، و هو موجود هنا) و الشارع ليس له اصطلاح خاص، بل اذا صدق البيع عرفا صدق شرعا فيشمله قوله عليه السلام: البيعان بالخيار

(نعم ربما كان ظاهر الاخبار) المثبتة للخيار (حصول الملك شرعا بالبيع) اذ لو لا الملك لم يكن نقل حتى يترتب عليه الخيار.

و انما قال «شرعا» لانه لو لا امضاء الشارع للامر العرفى، لم يترتب على البيع الاحكام الشرعية.

(و هذا المعنى) اى حصول الملك شرعا (منتف فى الفضولى قبل الاجازة) لان الشارع لا يقول بحصول الملك، فان مقتضى: تسلط الناس على اموالهم، و عدم حلية التجارة الا عن تراض- الى غيرهما- انه لا يملك مال المالك بدون رضاه و اجازته.

و حاصل قوله «نعم» ان الفضولى و ان كان بيعا، او ان «البيع» وحده لا ينفع فى ثبوت الخيار، بل البيّع الّذي اثّر بيعه الملك شرعا و هنا

ص: 83

و يندفع أيضا بان مقتضى ذلك عدم الخيار فى الصرف و السلم قبل القبض.

مع ان هذا المعنى لا يصح

______________________________

لم يؤثر بيعه الملك شرعا «فنعم» لا يصحح قول «كما قيل».

(و يندفع أيضا) هذا جواب آخر عن «كما قيل» فان «قيل» يرد عليه اشكالان.

الاول «انه بيع».

و الثانى انه لو توقف الخيار على «النقل» كما يقول «قيل» لزم ان لا يكون خيار فى الصرف و السلم قبل القبض لانه قبل القبض لا نقل على رأى الشيخ فان الشيخ يرى توقف الملك فى الصرف و السلم على القبض، مع انه لا شك فى وجود الخيار قبل القبض.

و منه يعلم انه لا يتوقف الخيار على حصول النقل بل يتوقف على حصول البيع و قد حصل البيع فى الفضولى.

و حاصل الدفع الثانى (ب) هذا البيان الّذي ذكرناه (ان مقتضى ذلك) الّذي قاله «قيل» من توقف الخيار على النقل (عدم الخيار فى الصرف و السلم قبل القبض).

و الصرف هو بيع النقود، و السلم هو اعطاء الثمن فعلا و تأخير قبض المثمن، ضد النسيئة.

(مع ان هذا المعنى) اى عدم الخيار فى الصرف و السلم (لا يصح) فان الخيار موجود قطعا، و ان لم يكن قبض بعد.

ص: 84

على مذهب الشيخ القائل بتوقف الملك على انقضاء الخيار فالوجه فى عدم ثبوته للفضوليين فحوى ما تقدم من عدم ثبوته للوكيلين الغير المستقلين

نعم فى ثبوته للمالكين بعد الاجازة مع حضورهما فى مجلس العقد وجه و

______________________________

و قوله (على مذهب الشيخ القائل بتوقف الملك على انقضاء الخيار) متعلق ب «عدم الخيار» و لو كانت العبارة بتقديم و تأخير كان اوضح بان يقول: مقتضى ذلك عدم الخيار فى الصرف و السلم على مذهب الشيخ مع ان هذا المعنى لا يصح.

ثم انه اذا بطل الوجهان فى عدم ثبوت الخيار للفضوليين (فالوجه فى عدم ثبوته للفضوليين فحوى ما تقدم من عدم ثبوته للوكيلين الغير المستقلين) من ان الاسترداد فرع الرد، و الفضولى لا سلطة له فى الرد فلا سلطة له فى الاسترداد- بالبيان المتقدم-.

(نعم فى ثبوته) اى الخيار (للمالكين بعد الاجازة) اى بعد ان اجازا عقد الفضوليين (مع حضورهما فى مجلس العقد) ليتحقق خيار المجلس (وجه) قوى لصدق ادلة خيار المجلس على البيع بعد الاجازة.

و وجه عدم الخيار «كما يفهم من قوله وجه» ان عند البيع لا خيار، كما عرفت، و بعد الاجازة لم يتحقق بيع و انما تحقق النقل فقط، و الخيار تابع للبيع لا للنقل.

(و) هل اللازم ان يكون المالكان فى محل بيع الفضولى حتى يكون لهما الخيار، اذا اجازا العقد، أم العبرة بمجلس الاجازة، احتمالان.

ص: 85

اعتبار مجلس الاجازة على القول بالنقل له وجه خصوصا على القول بان الاجازة عقد مستأنف على ما تقدم توضيحه فى مسألة عقد الفضولى.

و يكفى حينئذ الانشاء اصالة فى احدهما، و الاجازة من الآخر اذا جمعهما مجلس عرفا.

______________________________

لكن (اعتبار مجلس الاجازة على القول بالنقل) و ان الاجازة ناقلة لا كاشفة (له وجه) لان البيع وقع الآن حين الاجازة لا وقت عقد الفضوليين فاذا حصل البيع الآن كان اعتبار الخيار عند مجلس الاجازة الّذي هو مجلس البيع حقيقة (خصوصا على القول بان الاجازة عقد مستأنف) لا ان العقد ما تقدم من عمل الفضوليين (على ما تقدم توضيحه) اى توضيح ان الاجازة عقد مستأنف (فى مسألة عقد الفضولى) فراجع.

(و يكفى حينئذ) اى حين كانت الاجازة قائمة مقام البيع (الانشاء اصالة من احدهما، و الاجازة من الآخر اذا جمعهما مجلس عرفا).

مثلا زيد و عمرو المالكان و بكر فضولى، فباع زيد لبكر بثمن لعمرو، و كان عمرو حاضرا فى المجلس فاجاز عمرو، فانه اذا اجاز كان لكل من زيد و عمرو خيار المجلس.

و قوله «جمعهما» ضميره يرجع الى «الاصيل و المجيز».

و يحتمل ان يريد المصنف ب «جمعهما مجلس» كفاية ان يكون «الاصيل و المجيز فى مجلس حال الاجازة».

مثلا لو باع الاصيل و الفضولى البارحة، ثم اجتمع الاصيل و المجيز اليوم فى مجلس و قال المجيز للاصيل اجزت بيع البارحة، فان هذا

ص: 86

نعم يحتمل فى اصل المسألة ان تكون الاجازة فى المجيز التزاما بالعقد، فلا خيار بعدها خصوصا اذا كانت بلفظ: التزمت فتأمل.

و لا فرق فى الفضوليين بين الغاصب و غيره.

فلو تبايع غاصبان، ثم تفاسخا لم يزل العقد عن قابلية لحوق الاجازة

______________________________

المجلس يعتبر مجلس البيع، و يكون لهما الخيار فى هذا المجلس.

(نعم يحتمل فى اصل المسألة) اى مسألة بيع الفضولى ان لا يكون خيار اصلا، لاحتمال (ان تكون الاجازة من المجيز التزاما بالعقد، فلا خيار بعدها) اى بعد الاجازة، لا انه لا بيع الآن، و لا خيار قبل الاجازة لما سبق من عدم تسلط الفضولى على ما انتقل فلا تسلط له على الاسترداد (خصوصا اذا كانت) الاجازة (بلفظ: التزمت) حيث انها ليست بيعا، و انما هو التزام بيع سابق (فتأمل).

اذ لا وجه لعدم الخيار بعد الاجازة، فانها كالبيع، و لو كانت بلفظ: التزمت

(و لا فرق فى الفضوليين بين الغاصب و غيره) لوحدة ما تقدم من الادلة فى كلا قسمى الفضولى.

(فلو تبايع غاصبان، ثم تفاسخا لم يزل العقد عن قابلية لحوق الاجازة)

ص: 87

بخلاف ما لو ردّ الموجب منهما قبل قبول الآخر لاختلال صورة المعاقدة و الله العالم.

______________________________

اذ لا حق لهما فى التفاسخ فاذا اجاز المالكان انتقل الملك (بخلاف ما لو ردّ الموجب منهما قبل قبول) الفضولى (الآخر) فله حق الرد.

و لا يمكن ان يلحق بيعهما على تقدير قبول الفضول الثانى البيع بعد ردّ الفضول الاول لا يجاب نفسه الاجازة من الملك (لاختلال صورة المعاقدة) بالردّ قبل قبول الآخر (و الله) سبحانه (العالم) بحقائق الاحكام.

ص: 88

مسئلة [هل يثبت الخيار إذا كان العاقد واحدا؟]

لو كان العاقد واحدا لنفسه، او غيره عن نفسه، او غيره ولاية او وكالة على وجه يثبت له الخيار مع التعدد بان كان وليا او وكيلا مستقلا فى التصرف.

______________________________

(مسألة: لو كان العاقد واحدا) فله صور ثلاث.

لانه اما ان يكون احد من الثمن او المثمن له، أولا، بان كان كلاهما للغير فقد يبيع محمد داره لولده الصغير، و قد يشترى دار ولده لنفسه و قد يبيع دار ولده لولده الآخر مثلا.

فقوله (لنفسه، او غيره عن نفسه، او غيره) ليس اقساما أربعة.

اذ لا يعقل شرائه لنفسه عن نفسه.

فقوله «عن نفسه او غيره» متعلق بالقسمين الاولين فى الجملة.

و الحاصل انى شريت الدار «لنفسى» او «ولدى» كما قال لنفسه او غيره، و كان البائع للغير «نفسى او ولدى».

و ان شئت قلت: ان «عن نفسه او غيره» متعلق ب «غيره» فقط.

و قوله: (ولاية او وكالة) متعلق ب «غيره» فى المقامين، و كان العقد (على وجه يثبت له) اى للعاقد (الخيار مع التعدد) اى تعدد العاقد (بان كان) العاقد (وليا او وكيلا مستقلا فى التصرف).

اذ لو لم يثبت الخيار للعاقد كما لو كان وكيلا عن الجانبين فى مجرد اجراء اللفظ، لم يكن له خيار كما تقدم فى المسألة السابقة.

ص: 89

فالمحكى عن ظاهر الخلاف و القاضى و المحقق و العلامة و الشهيدين و المحقق الثانى و المحقق الميسى و الصيمرى و غيرهم ثبوت هذا الخيار له عن الاثنين لانه بائع و مشترى فله ما لكل منهما كسائر احكامها الثابتة لهما من حيث كونهما متبايعين.

و احتمال كون الخيار لكل منهما بشرط انفراده بانشائه فلا يثبت مع قيام العنوانين

______________________________

(فالمحكى عن ظاهر الخلاف و القاضى و المحقق و العلامة و الشهيدين و المحقق الثانى) صاحب جامع المقاصد (و المحقق الميسى و الصيمرى و غيرهم ثبوت هذا الخيار له) اى للعاقد (عن الاثنين) سواء كان احدهما نفسه، او كان كلاهما غيره.

و انما يكون له الخيار عن الاثنين (لانه بائع و مشترى فله ما لكل منهما) من الخيار (كسائر احكامها) اى احكام المعاملة (الثابتة لهما) اى للبائع و المشترى (من حيث كونهما متبايعين) مثل انه اذا كان صرفا او سلما، لزم القبض فى المجلس.

و قوله «من حيث» لاخراج ما هو واضح من ان احكام المتبايعين لا من هذا الحيث لا ترتبط بالمقام، فهو قيد توضيحى.

(و) ان قلت: ظاهر ادلة الخيار ان يكون حينما يكون البائع غير المشترى؛ لا فيما اذا اتحدا.

قلت: (احتمال كون الخيار لكل منهما بشرط انفراده بانشائه) اى اذا كان منفردا فى إنشاء البيع (فلا يثبت) الخيار (مع قيام العنوانين)

ص: 90

لشخص واحد، مندفع، باستقرار سائر احكام المتبايعين.

و جعل الغاية التفرق المستلزم للتعدد مبنى على الغالب خلافا للمحكى فى التحرير، من القول بالعدم، و استقر به فخر الدين و مال إليه المحقق الاردبيلى، و الفاضل الخراسانى و المحدث البحرانى و استظهره

______________________________

البائع و المشترى (لشخص واحد) كما فى ما نحن فيه (مندفع) هذا الاحتمال (باستقرار سائر احكام المتبايعين) فى المقام.

فكيف توجد سائر الاحكام و لا يوجد الخيار، و التفكيك و ان لم يكن مستحيلا، الا انه خلاف ظاهر الادلة، حيث انها مطلقة تشمل تعدد العاقد و وحدته.

(و) ان قلت: يمكن وجود سائر الاحكام، لكن وجود الخيار خلاف الظاهر، اذ قد جعل فى نص الخيار الغاية «بالتفرق» حيث قال عليه السلام «حتى يفترقا» و الانسان الواحد لا يمكن افتراقه، فحيث لا غاية، فلا مغىّ الّذي هو الخيار.

قلت: (جعل الغاية التفرق المستلزم للتعدد) لا يضرّ، لانه (مبنى على الغالب) من تعدد العاقد، و الغلبة لا توجب تقييد المطلق (خلافا للمحكى فى التحرير، من القول بالعدم) و انه لا خيار مجلس للعاقد الواحد (و استقر به) اى قال: انه الاقرب (فخر الدين) ولد العلامة (و مال إليه المحقق الاردبيلى، و الفاضل الخراسانى) صاحب الذخيرة و الكفاية (و المحدث البحرانى) صاحب الحدائق (و استظهره) اى قال:

انه الا ظهر.

ص: 91

بعض الافاضل ممن عاصرناهم، و لا يخلو عن قوة بالنظر الى ظاهر النص لان الموضوع فيه و الغاية فيه الافتراق المستلزم للتعدد، و لولاها لامكن استظهار كون التعدد فى الموضوع لبيان حكم كل من البائع و المشترى كسائر احكامهما، اذ لا يفرق العرف بين قوله: المتبايعان كذا، و قوله لكل من البائع و المشترى، الا ان التقييد بقوله: حتى يفترقا، ظاهر فى اختصاص الحكم

______________________________

(بعض الافاضل ممن عاصرناهم) الشيخ التسترى صاحب المقابيس (و لا يخلو عن قوة بالنظر الى ظاهر النص) الّذي ذكر «حتى يفترقا».

و ان كان الاقوى ثبوت الخيار بالنظر الى المناط الموجب لحمل النص على الغالب (لان الموضوع فيه) اى فى النص (صورة التعدد) اى تعدد العاقد حيث قال: البيعان (و الغاية فيه) اى فى النص (الافتراق المستلزم للتعدد) اذ لو لا التعدد لم يمكن الافتراق (و لولاها) اى لو لا الغاية «حتى يفترقا» (لامكن استظهار كون التعدد فى الموضوع)- البيعان- كما فى النص (لبيان حكم كل من البائع و المشترى كسائر احكامهما) و انه لا خصوص للتعدد او الوحدة.

و انما امكن الاستظهار المذكور (اذ لا يفرق العرف بين قوله:

المتبايعان كذا، و) بين (قوله لكل من البائع و المشترى) كذا حكم.

و حيث ان العبارة الثانية تشمل المتعدد و المتحد، كذلك تشملها العبارة الاولى (الا) مربوط بقوله «و لولاها» (ان التقييد) لقوله «البيعان بالخيار» (بقوله: حتى يفترقا، ظاهر فى اختصاص الحكم) اى

ص: 92

بصورة امكان فرض الغاية، و لا يمكن فرض التفرق فى غير المتعدد.

و منه يظهر سقوط القول بان كلمة حتى تدخل على الممكن و المستحيل الا ان يدعى ان التفرق غاية مختصة بصورة التعدد، لا مخصصة للحكم بها و بالجملة فحكم المشهور بالنظر الى ظاهر اللفظ مشكل.

______________________________

حكم «بالخيار» فى صدر الرواية (بصورة امكان فرض الغاية) اى التفرق (و) الحال انه (لا يمكن فرض التفرق فى غير المتعدد) و اذا سقط القيد سقط المقيد الّذي هو الحكم بالخيار.

(و) ان قلت: من الممكن القول بالخيار بدون غاية له، اذ كلمة «حتى» تدخل على الممكن مثل «سَلٰامٌ هِيَ حَتّٰى مَطْلَعِ الْفَجْرِ» و على المستحيل، مثل «لٰا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتّٰى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيٰاطِ»

قلت: (منه) اى مما ذكرنا من انه حيث لا قيد فلا مقيد (يظهر سقوط القول بان كلمة حتى تدخل على الممكن و المستحيل).

وجه الظهور ان دخول حتى على المستحيل لا ينكر، و انما الكلام انه اذا كانت الغاية مفقودة فلا مغيا (الا ان يدعى) فى وجه وجود الخيار و ان لم تكن غاية التفرق (ان التفرق غاية مختصة بصورة التعدد) فى المتعاقدين (لا مخصصة للحكم بها) اى لحكم الخيار بهذه الصورة.

(و بالجملة فحكم المشهور) بالخيار فى صورة وحدة المشترى و البائع (بالنظر الى ظاهر اللفظ) الّذي فيه «حتى» (مشكل) لما عرفت من احتمال كون «حتى تخصيصا».

ص: 93

نعم لا يبعد بعد تنقيح المناط.

لكن الاشكال فيه و الاولى التوقف، تبعا للتحرير، و جامع المقاصد.

ثم لو قلنا بالخيار فالظاهر بقائه الى ان يسقط باحد المسقطات غير التفرق.

______________________________

(نعم لا يبعد) الحكم المذكور (بعد تنقيح المناط) و انه لا فرق بين الوحدة و التعدد فى ان الحكمة تدارك الندم، و هو كما يكون فى الاثنين يكون فى الواحد.

(لكن الاشكال فيه) اى فى المناط (و الاولى) عند المصنف (التوقف تبعا للتحرير، و جامع المقاصد) و ان كان الاظهر القول بالخيار- عندنا-

(ثم لو قلنا بالخيار فالظاهر بقائه الى) مدة عرفية، لان الدليل لا يدل على ازيد من ذلك، كما اذا حبس شخصان فى مكان فعقدا، او كان اثنان متصلان خلقة فعقدا.

اما قوله بالبقاء الى (ان يسقط باحد المسقطات) كالتصرف (غير التفرق) ففيه نظر.

اذ الدليل منزل على المتعارف الّذي لا يدوم نحو سنة او شهر، و الله سبحانه العالم.

ص: 94

مسئلة قد يستثنى بعض اشخاص المبيع عن عموم ثبوت هذا الخيار.

منها: من ينعتق على احد المتبايعين.

و المشهور، كما قيل عدم الخيار مطلقا.

بل عن ظاهر المسالك انه محل وفاق، و احتمل فى الدروس ثبوت الخيار للبائع.

______________________________

(مسألة: قد يستثنى بعض اشخاص المبيع عن عموم ثبوت هذا الخيار) فليس فيها خيار المجلس.

(منها: من ينعتق على احد المتبايعين) كالاب مثلا، فاذا انتقل الى الولد سواء كان ثمنا او مثمنا لم يكن له فيه الخيار.

(و) ذلك على (المشهور، كما قيل) لا لدليل خاص، بل (عدم الخيار) لاجل محذور فى الخيار (مطلقا) لا للبائع و لا للمشترى فليس له الاخذ بالخيار، لا بان يرده و لا بأن يأخذ بدله.

(بل عن ظاهر المسالك انه محل وفاق) بين العلماء (و احتمل فى الدروس ثبوت الخيار للبائع) الّذي نقل العبد الى المشترى «فيما كان المشترى ابنا للعبد مثلا» و هذا الكلام فى قبال قوله «مطلقا».

و عليه فالاقوال و الاحتمالات فى المسألة ثلاثة، عدم الخيار مطلقا و الخيار مطلقا و ينتقل الى البدل، و الخيار للبائع لا للمشترى فيما اذا باع مولى العبد للمشترى الّذي كان العبد أبا للمشترى مثلا.

ص: 95

و الكلام فيه مبنى على قول المشهور، من عدم توقف الملك على انقضاء الخيار.

و الا فلا اشكال فى ثبوت الخيار و الظاهر انه لا اشكال فى عدم ثبوت الخيار بالنسبة الى نفس العين.

______________________________

(و) لا يخفى انهم اختلفوا فى ان الملك يحصل للمتبايعين بمجرد العقد، كما هو المشهور او ان الملك يحصل لهما بعد انقضاء الخيار، فبين العقد و بين انقضاء الخيار لا ملك لاحدهما على ما انتقل إليه.

اذا عرفت ذلك نقول (الكلام فيه) اى فى انه لا خيار مطلقا، او ان البائع له خيار (مبنى على قول المشهور، من عدم توقف الملك على انقضاء الخيار) فانهم بعد هذا المبنى اختلفوا فى عدم الخيار مطلقا، او وجود الخيار للبائع.

(و الا) نقول بمقالة المشهور، بل قلنا: بان الملك بعد انقضاء الخيار (فلا اشكال فى ثبوت الخيار) حتى للمشترى المنتقل إليه ابوه بالبيع.

اذ بعد العقد لم يملك المشترى اباه و اذا لم يملكه لم ينعتق عليه، فله ان يأخذ بالخيار و يرد البيع فى المجلس.

ثم اللازم ان يتكلم فى ثبوت الخيار و عدمه فى مقامين.

الاول: بالنسبة الى الخيار فى العين (و الظاهر انه لا اشكال فى عدم ثبوت الخيار بالنسبة الى نفس العين) فلا خيار للبائع فى الاسترداد و لا خيار للمشترى فى الرد اذا كان المبيع أبا للمشترى مثلا.

ص: 96

لان مقتضى الادلة الانعتاق بمجرد الملك.

و الفسخ بالخيار من حينه لا من اصله و لا دليل على زواله بالفسخ مع قيام الدليل على عدم زوال الحرية بعد تحققها، الا على احتمال ضعّفه فى التحرير، فيما لو ظهر من ينعتق عليه معيبا، مبنى على تزلزل العتق.

______________________________

(لان مقتضى الادلة الانعتاق بمجرد الملك) فكيف يسترد او يرد ما خرج عن الملك.

(و) ان قلت: الفسخ يقع من حين البيع فيتقدم الفسخ على الملك «الملك المتقدم على الانعتاق».

قلت: (الفسخ بالخيار من حينه) اى حين الفسخ (لا من اصله) اى اصل البيع، فانه اذا كان من اصله كان الفسخ قبل الانعتاق (و لا دليل على زواله) اى الانعتاق (بالفسخ) ليرجع الحرّ عبدا (مع قيام الدليل على عدم زوال الحرية بعد تحققها) و الدليل هو الاستصحاب، بل و ما دلّ على ان الحرّ لا يكون عبدا فانه شامل لمن كان حرا من الاصل او صار حرا بالعارض (الا) استثناء من قوله: مع قيام الدليل (على احتمال ضعّفه) العلامة (فى التحرير، فيما لو ظهر من ينعتق عليه معيبا).

و ذلك الاحتمال (مبنى على تزلزل العتق) فانه قال بعضهم: اذا ظهر العبد معيبا كان للمشترى الّذي انعتق العبد عليه ان يرد العبد، لانه و ان تحرّر العبد بمجرد شرائه، الا ان تحرره كان متزلزلا بعدم العيب فاذا ظهر فيه عيب زال الانعتاق، و رجع عبدا، فكان للمشترى ان برده

ص: 97

و اما الخيار بالنسبة الى اخذ القيمة.

فقد يقال: مقتضى الجمع بين ادلة الخيار، و دليل عدم عود الحرّ الى الرقية فيفرض المعتق كالتالف، فلمن انتقل إليه ان يدفع القيمة، و يسترد الثمن.

______________________________

لكن العلامة ضعف هذا الاحتمال.

و كيف كان فاذا قلنا: بهذا الاحتمال، كان جاريا فى ما نحن فيه أيضا، اى فى خيار المجلس بان يقال: ان العبد بمجرد الاشتراء ينعتق لكنه عتق متزلزل، فاذا اخذ المشترى بخيار المجلس بطل الانعتاق، و رجع عبدا.

هذا كله بالنسبة الى ابطال الخيار للبيع بحيث يرجع العبد رقا.

(و اما الخيار بالنسبة الى اخذ القيمة) فاذا ابطل المشترى العقد و لم يمكنه ارجاع العبد، لانه قد تحرر، فله ان يسترجع ما اعطاه للبائع و يرد على البائع قيمة العبد.

(فقد يقال) انه (مقتضى الجمع بين ادلة الخيار) الدالة على بقاء الخيار ما دام فى المجلس (و) بين (دليل عدم عود الحرّ الى الرقية) فلا يمكن ردّه لكن يمكن رد قيمته (فيفرض المعتق)- بالفتح- اى العبد (كالتالف) فى انه لا يرد عينه، لكن يرد قيمته (فلمن انتقل) العبد (إليه) كالمشترى (ان يدفع) الى البائع (القيمة، و يسترد الثمن).

مثلا: اشتراه بالف ثم ندم، فانه يسترد الفه و يقومه الآن فقد تكون قيمته الآن خمسمائة- للتنزل الطارئ سوقا- فيعطى الى البائع

ص: 98

و ما فى التذكرة: من انه وطن نفسه على الغبن المالى، و المقصود من الخيار ان ينظر، و يتروى لدفع الغبن عن نفسه ممنوع.

لان التوطين على شرائه عالما بانعتاقه عليه ليس توطينا على الغبن من حيث المعاملة، و كذا لمن انتقل عنه ان يدفع الثمن و يأخذ القيمة.

و ما فى التذكرة من تغليب

______________________________

خمسمائة (و ما فى التذكرة: من انه وطن نفسه على الغبن المالى) حيث انه اشتراه و هو يعلم بانه ينعتق عليه، فيعلم بانه لو كان مغبونا لم يكن له تدارك غبنه بالفسخ، فلا حق له فى الفسخ، ليسترد الثمن (و) يرد القيمة.

اذ (المقصود من الخيار ان ينظر، و يتروى لدفع الغبن عن نفسه).

فاذا اقدم على الغبن لا مجال للخيار (ممنوع).

(لان التوطين على شرائه عالما بانعتاقه عليه) قهرا (ليس توطينا على الغبن من حيث المعاملة) و ان كان توطينا على الانعتاق.

فعدم الخيار بتعليل انه اقدم على الغبن غير صحيح.

مضافا الى انه ربما لا يعلم بان العبد ينعتق عليه، فلا توطين اصلا.

هذا كله فى فسخ المشترى ليسترد الثمن و يرد القيمة (و كذا لمن انتقل عنه) العبد كالبائع (ان) يفسخ بخيار المجلس، ف (يدفع الثمن و يأخذ القيمة) فيما لو كانت القيمة اكثر من الثمن، لارتفاع قيمة العبد سوقيا مثلا-.

(و) لا يخفى ان (ما فى التذكرة من) المنع عن الفسخ، ل (تغليب

ص: 99

جانب العتق انما يجدى مانعا عن دفع العين.

لكن الانصاف انه لا وجه للخيار لمن انتقل إليه لان شرائه اتلاف له فى الحقيقة، و اخراج له عن المالية.

و سيجي ء سقوط الخيار بالاتلاف، بل بادنى تصرف.

فعدم ثبوته به اولى.

______________________________

جانب العتق) غير وارد.

لانه (انما يجدى) هذا الاشكال (مانعا عن دفع العين) و لا نقول به بل نقول بدفع القيمة و دفع القيمة لا يصطدم بالعتق.

(لكن الانصاف) عند المصنف (انه لا وجه للخيار لمن انتقل إليه) العبد كالمشترى (لان شرائه اتلاف له فى الحقيقة، و اخراج له عن المالية).

و لا فرق بين الاتلاف حقيقة و بين الاتلاف شرعا.

(و سيجي ء سقوط الخيار بالاتلاف، بل بادنى تصرف) فى ما انتقل إليه.

(فعدم ثبوته) اى الخيار (به) اى بالاتلاف (اولى) من عدم ثبوت الخيار بالتصرف.

لكن الظاهر ان القول بالخيار و ردّ القيمة اصح، اذ الانعتاق ليس اتلافا و تصرفا، فالدليل الدال على ان الاتلاف و التصرف يسقطان الخيار لا يشمله.

ص: 100

و منه يظهر عدم ثبوت الخيار لمن انتقل عنه، لان بيعه ممن ينعتق عليه اقدام على اتلافه و اخراجه عن المالية.

و الحاصل انا اذا قلنا: ان الملك فيمن ينعتق عليه تقديرى لا حقيقى فالمعاملة عليه من المتبايعين مواطاة على اخراجه عن المالية، و سلكه فى سلك ما لا يتمول.

لكنه حسن من علمهما.

______________________________

(و منه) اى مما ذكرنا فى عدم خيار المشترى (يظهر عدم ثبوت الخيار لمن انتقل عنه) العبد كالبائع (لان بيعه ممن ينعتق عليه اقدام على اتلافه و اخراجه عن المالية) فهو اقدم على اسقاط خيار نفسه بعلمه ان ما يبيعه يتلف و ينعدم.

و قد ظهر بالاشكال فى ما ذكره المشترى الاشكال فيما ذكره هنا فى البائع.

(و الحاصل) فى بيان عدم خيار البائعين فى المقام (انا اذا قلنا:

ان الملك فيمن ينعتق عليه) كالمشترى مثلا (تقديرى لا حقيقى) فلا اثر للبيع الا الاعتاق، و لا اثر له فى ملك المشترى له (فالمعاملة عليه) اى على من ينعتق (من المتبايعين مواطاة) و تبان (على اخراجه عن المالية و سلكه) اى ادخاله (فى سلك ما لا يتمول) و مثله لا خيار فيه، لا لهذا و لا لذاك.

اما اذا قلنا ان الملك حقيقى، فاللازم القول بوجود الخيار فيه.

(لكنه) اى عدم الخيار (حسن من علمهما) بذلك ليتحقق المواطاة

ص: 101

فتأمل.

و قد يقال: ان ثبوت الخيار لمن انتقل عنه مبنى على ان الخيار و الانعتاق هل يحصلان بمجرد البيع، او بعد ثبوت الملك آنا مّا، او الاول بالاول، و الثانى بالثانى او العكس.

فعلى الاولين و الاخير يقوى القول بالعدم، لا نصية اخبار العتق.

______________________________

و الا فان جهلا فلا مواطاة، و لا يكون وجه بعدم الخيار، كما انه اذا جهل احدهما لا وجه لعدم خياره (فتأمل).

لعله اشارة الى بعض ما ذكرناه من الاشكال.

و كيف كان فالاظهر الخيار حتى مع علمهما.

(و قد يقال) و القائل صاحب المقابيس (ان ثبوت الخيار لمن انتقل عنه) العبد كالبائع (مبنى على ان الخيار و الانعتاق هل يحصلان بمجرد البيع، او) انهما يحصلان (بعد ثبوت الملك آنا مّا، او) يحصل (الاول) الخيار (بالاول) بمجرد البيع (و الثانى) الانعتاق (بالثانى) بعد ثبوت الملك آنا مّا (او) يحصل (العكس) فالخيار يحصل بعد ثبوت الملك آنا مّا و الانعتاق يحصل بمجرد البيع.

(فعلى) ثلاث احتمالات (الاولين و الاخير يقوى القول بالعدم) اى بعدم الخيار مطلقا لا فى العين و لا فى القيمة (لأنصية اخبار العتق) من اخبار الخيار، فتقدم اخبار العتق على اخبار الخيار- و هذا وجه عدم الخيار فى العين- و وجه الأنصية لقوة ادلة انعتاق العمودين (الآباء و الابناء) ان الحرية سريعة التأثير، كما قرر فى كتاب العتق.

ص: 102

و كون القيمة بدل العين، فيمتنع استحقاقها من دون المبدل و لسبق تعلقه على الاخير.

و يحتمل قريبا الثبوت جمعا بين الحقين و دفعا للمنافات من البين و عملا بالنصين، و بالاجماع

______________________________

(و) اما وجه عدم الخيار فى القيمة فلما ذكره بقوله: و (كون القيمة بدل العين، فيمتنع استحقاقها) اى القيمة (من دون المبدل) الّذي هو العين.

و ذلك لوضوح ان البدل قائم مقام المبدل، فاذا لم يكن مبدل، لم يقم شي ء مقامه.

ثم ذكر وجها آخر لعدم القيمة بقوله: (و لسبق تعلقه) اى تعلق الانعتاق بالعين على تعلق حق الخيار بها، بناء (على) الوجه (الاخير) من حصول العتق بالعقد، و الخيار بالملك، فانه بمجرد العقد عتق، فلم يرد عليه الخيار، حتى يكون له بدل هو القيمة.

(و يحتمل قريبا الثبوت) للخيار بالنسبة الى القيمة دون العين (جمعا بين الحقين) حق الخيار و حق الانعتاق (و دفعا للمنافات من البين).

اذ لا منافاة من ان لا يكون له خيار فى العين، و يكون له خيار فى القيمة (و عملا بالنصين) دليل الخيار و دليل الانعتاق بمجرد الشراء.

ثم عطف على قوله «جمعا» قوله: (و بالاجماع) فهو دليل آخر للخيار فى القيمة.

ص: 103

على عدم امكان زوال يد البائع عن العوضين.

و تنزيلا للفسخ منزلة الارش مع ظهور عيب فى احدهما.

و للعتق بمنزلة تلف العين.

______________________________

و حاصله انه قام الاجماع (على عدم امكان زوال يد البائع عن العوضين) العبد و قيمته «اى المعوض و العوض».

و حينئذ فاذا فسخ البائع فاما ان يرجع إليه «العبد» و ذلك غير ممكن لانه انعتق.

و اما ان يرجع إليه «قيمته» و هذا لا محذور فيه، فاللازم القول به

(و) هناك دليل ثالث لاخذ القيمة، و هو انه اذا ظهر عيب فى احد العوضين، و لم يمكن الرد، لتصرف مثلا، اخذ الفاسخ الارش و القيمة هنا «فى بيع العبد» نازلة منزلة الارش.

فاذا لم يمكن استرداد البائع الفاسخ لنفس العبد، كان له اخذ القيمة (تنزيلا ل) اثر (الفسخ) فى المقام، و اثر الفسخ هو اخذ القيمة (منزلة الارش مع ظهور عيب فى احدهما) اى فى المبيع او الثمن.

(و) هناك دليل رابع لاخذ القيمة، و هو انه اذا تلف الشي ء الّذي فيه العيب، كان للفاسخ ان يطلب الطرف بالتدارك للعيب فانه و ان لم يمكنه ارجاع المعيب التالف لكنه يمكنه طلب التدارك، و فى المقام كذلك تنزيلا (للعتق بمنزلة تلف العين).

اقول و يمكن توجيه قوله «تنزيلا» الخ بمعنى غير ما ذكرناه لكن ما ذكرناه اظهر.

ص: 104

و لانهم حكموا بجواز الفسخ و الرجوع الى القيمة فيما اذا باع بشرط العتق، فظهر كونه ممن ينعتق على المشترى، او تعيب بما يوجب ذلك.

و الظاهر عدم الفرق بينه و بين المقام.

______________________________

(و) هناك دليل خامس لاخذ القيمة هو وجود مثل مسألة الانعتاق فى كلامهم، و لم يحكموا بعدم الخيار، بل قالوا بالخيار و الرجوع الى القيمة (لانهم حكموا بجواز الفسخ و الرجوع الى القيمة فيما اذا باع) البائع العبد (بشرط العتق، فظهر كونه ممن ينعتق على المشترى) فانه حيث لم يف المشترى بالشرط لحصول الانعتاق قبل ان ينعتق كان للبائع فسخ العقد، فاذا فسخ اخذ القيمة حيث لا يتمكن من ردّ نفس العين

و هناك مثال آخر لحكمهم بالقيمة، و هو ما ذكره بقوله: (او تعيب بما يوجب ذلك) اى الانعتاق، فان الانسان اذا اشترى عبدا فتعيب العبد ببعض العيوب انعتق تلقائيا، فاذا انعتق صار من تخلف الشرط «شرط عتق العبد» الّذي شرطه البائع على المشترى، فللبائع ان يفسخ بتخلف الشرط، فاذا فسخ اخذ القيمة.

(و الظاهر عدم الفرق بينه) اى بين حكمهم فى الموردين بالقيمة (و بين المقام) الّذي هو انعتاق العبد على المشترى لوحدة المناط فيهما.

فكما يرجع البائع فى الموردين الى القيمة، كذلك يرجع البائع الى القيمة فى المقام.

ص: 105

و على الثالث يتجه الثانى لما مر و لسبق تعلق حق الخيار و عروض العتق.

ثم قال: و حيث كان المختار فى الخيار انه بمجرد العقد، و فى العتق انه بعد الملك و دل ظاهر الاخبار، و كلام الاصحاب على

______________________________

(و على الثالث) و هو كون الخيار بالبيع و الانعتاق بعد ثبوت الملك

و هذا عطف على قوله «فعلى الاولين و الاخير» (يتجه الثانى) اى القول بالخيار حيث قال «و يحتمل قريبا الثبوت» (لما مر) فى قوله «جمعا بين الحقين الخ» فاذا فسخ اخذ القيمة (و لسبق تعلق حق الخيار، و عروض العتق) و السابق احق.

و لا يخفى ان قوله «و لسبق» تتميم لقوله «لما مر» لا انهما دليلان.

بيان ذلك ان تقدم حق الخيار يقتضي ان يكون له الخيار، لكن حيث دليل العتق موجود، لا يمكن رد العين فاللازم القول «بالقيمة» جمعا بين الحقين.

فقوله «لما مر» وجه القيمة.

و قوله «لسبق» وجه اصل الخيار، و قد كان من الاحسن ان يقول «لسبق تعلق ... الخ بضميمة ما مرّ من الجمع بين الحقين .. الخ».

(ثم قال) صاحب المقابيس (و حيث كان المختار فى الخيار انه بمجرد العقد، و فى العتق انه بعد الملك) لان العقد علة الخيار، و العتق انما يقع فى الملك (و دل ظاهر الاخبار، و كلام الاصحاب على

ص: 106

ان احكام العقود و الايقاعات تتبعها بمجرد حصولها اذا لم يمنع عنها مانع- من غير فرق بين الخيار و غيره- بل قد صرّحوا بان الخيار يثبت بعد العقد، و انه علة، و المعلول لا يتخلف عن علته كما ان الانعتاق لا يتخلف من الملك.

فالاقرب هو الاخير، كما هو ظاهر المختلف و التحرير و مال إليه الشهيد ان لم يثبت الاجماع على خلافه.

و يؤيده اطلاق الاكثر.

______________________________

ان احكام العقود) اى الاحكام المترتبة على العقود (و الايقاعات تتبعها) اى تتبع تلك الاحكام العقود و الايقاعات (بمجرد حصولها) اى حصول العقود و الايقاعات (اذا لم يمنع عنها) اى عن تلك الاحكام (مانع- من غير فرق) فى تلك الاحكام (بين الخيار و غيره-) من سائر الاحكام (بل قد صرّحوا بان الخيار يثبت بعد العقد) بلا فصل (و انه) اى العقد (علة، و المعلول) الّذي هو الخيار (لا يتخلف عن علته) لاستحالة تخلف المعلول عن العلة (كما ان الانعتاق) المعلول للملك (لا يتخلف من الملك) و لو بلحظة.

(فالاقرب هو الاخير) جواب «و حيث كان المختار».

و مراده «بالاخير» القول بالخيار و استرداد القيمة (كما هو) الخيار (ظاهر المختلف و التحرير و مال إليه الشهيد) الاول (ان لم يثبت الاجماع على خلافه) اى على خلاف الخيار.

(و يؤيده) اى يؤيد الخيار (اطلاق الاكثر) فانهم اطلقوا ان خيار

ص: 107

و دعوى ابن زهرة الاجماع على ثبوت خيار المجلس فى جميع ضروب المبيع من غير استثناء، انتهى كلامه رفع مقامه.

اقول ان قلنا: انه يعتبر فى فسخ العقد بالخيار او بالتقايل خروج الملك عن ملك من انتقل عنه نظرا الى ان خروج احد العوضين عن ملك احدهما يستلزم دخول

______________________________

المجلس فى كل عقد، فيشمل «البيع ممن ينعتق عليه».

(و دعوى ابن زهرة الاجماع على ثبوت خيار المجلس فى جميع ضروب المبيع) الشامل لما نحن فيه (من غير استثناء).

فان ابن زهرة لم يستثن بيع العبد ممن ينعتق عليه (انتهى كلامه رفع مقامه).

و قد اشكل المصنف على المقابيس أولا بقوله: (اقول) ان المقابيس قال «اذا قلنا بان الخيار بالعقد و الانعتاق عقيب الملك فللبائع الخيار»

و اشكل عليه المصنف بانه غير مستقيم و ذلك لان خيار البائع معناه استرداد ما اعطى و دفع الثمن.

و حيث ان العبد صار حرا لا يمكن للبائع استرداد ما اعطى و لذا فلا خيار له، فانه (ان قلنا: انه يعتبر فى فسخ العقد بالخيار او بالتقايل) بان يتراضيا به لفسخ، بدون ان يكون هناك خيار (خروج الملك عن ملك من انتقل عنه).

فالثمن يخرج من كيس البائع، و المثمن يخرج من كيس المشترى (نظرا الى ان خروج احد العوضين عن ملك احدهما يستلزم دخول)

ص: 108

الآخر فيه و لو تقديرا، لم يكن وجه للخيار فيما نحن فيه و لو قلنا بكون الخيار بمجرد العقد و الانعتاق عقيب الملك آنا ما اذ برفع العقد لا يقبل المنعتق عليه، لان يخرج من ملك المشترى الى ملك البائع و لو تقديرا اذ ملكية المشترى لمن ينعتق عليه ليس على وجه يترتب عليه سوى الانعتاق.

و لا يجوز تقديره بعد الفسخ قبل الانعتاق خارجا عن ملك المشترى

______________________________

العوض (الآخر فيه) اى فى ملك احدهما، لان المعاوضة معناها هذا الاستلزام (و لو) كان الدخول و الخروج (تقديرا) بان لم تكن العين موجودة، و انما قام بدلها «كالقيمة» مقام العين بعد ملك انا ما تقديرا (لم يكن وجه للخيار فيما نحن فيه).

قوله «لم يكن» جواب «ان» و «ما نحن فيه» هو بيع العبد ممن ينعتق عليه (و لو قلنا) «لو» وصلية (بكون الخيار بمجرد العقد و الانعتاق عقيب الملك آنا مّا) كما تقدم عن صاحب المقابيس (اذ برفع العقد) اى اسقاطه بالخيار (لا يقبل المنعتق عليه) اى العبد الّذي صار حرا (لان يخرج من ملك المشترى الى ملك البائع و لو تقديرا) و اذ لم يقبل، فلا خيار.

و انما «لا يقبل» (اذ ملكية المشترى لمن ينعتق عليه ليس على وجه يترتب عليه) شي ء اصلا (سوى الانعتاق) فليس هناك ملك تقديرى للبائع على العبد المنعتق حتى يبدّل بالقيمة.

(و لا يجوز تقديره) اى العبد- المنعتق- (بعد الفسخ) من البائع (قبل الانعتاق خارجا عن ملك المشترى

ص: 109

الى ملك البائع ثم انعتاقه مضمونا على المشترى كما لو فرض بيع المشترى للمبيع فى زمن الخيار ثم فسخ البائع.

و الحاصل: ان الفاسخ يتلقى الملك من المفسوخ عليه.

و هذا غير حاصل فى ما نحن فيه و ان قلنا ان الفسخ لا يقتضي ازيد

______________________________

الى ملك البائع ثم انعتاقه مضمونا على المشترى) حتى يبدّل بالقيمة (كما لو فرض بيع المشترى للمبيع فى زمن الخيار ثم فسخ البائع).

قوله «كما» مثال لما يمكن ان يفرض فيه الملك التقديرى، و هو ان المشترى اذا باع السلعة التى اشتراها شراء خياريا، ثم فسخ البائع المعاملة فانه يصح الخيار، اذ يفرض ان السلعة المبيعة دخلت فى ملك المشترى آنا ما، ثم تلفت مضمونة على المشترى، فيجب عليه اعطاء قيمتها للبائع حتى يسترد منه ثمنها.

و مثل هذا الملك التقديرى غير موجود فى انعتاق العبد اذ العبد لا يمكن تقدير رجوعه الى ملك المشترى آنا مّا، اذا الحر لا يعقل ان يكون عبدا.

(و الحاصل: ان الفاسخ) البائع للعبد- فى ما نحن فيه- (يتلقى الملك) كالعبد فى المثال (من المفسوخ عليه) المشترى و لو لم يكن هذا فلا خيار.

(و هذا) التلقى (غير حاصل فى ما نحن فيه) اذا العبد المنعتق لا يمكن تصور رجوعه الى ملك المشترى آنا مّا (و ان قلنا) عطف على «ان قلنا انه يعتبر» (ان الفسخ لا يقتضي ازيد

ص: 110

من ردّ العين ان كان موجودا، و بدله ان كان تالفا، او كالتالف و لا يعتبر فى صورة التلف امكان تقدير تلقى الفاسخ الملك من المفسوخ عليه و تملكه منه بل يكفى ان يكون العين المضمونة قبل الفسخ بثمنها مضمونة بعد الفسخ بقيمتها مع التلف، كما يشهد به الحكم بجواز الفسخ، و الرجوع الى القيمة فيما تقدم فى مسألة البيع بشرط العتق.

ثم ظهور المبيع منعتقا على المشترى

______________________________

من ردّ العين) استرداد البائع من المشترى (ان كان موجودا، و) ردّ (بدله ان كان تالفا او كالتالف).

مثل ما اذا باعه المشترى، او انعتق عليه، او القى فى البحر، او غصبه غاصب، فان كل هذه الامور تجعل العين كالتالف (و) قلنا:

(لا يعتبر فى صورة التلف) و كالتلف (امكان تقدير تلقى الفاسخ الملك من المفسوخ عليه) المشترى (و تملكه منه) عطف توضيح على قوله «تقدير»

كما ان قوله «و لا يعتبر» عطف توضيح على قوله «لا يقتضي» (بل يكفى ان يكون العين المضمونة قبل الفسخ بثمنها مضمونة بعد الفسخ بقيمتها مع التلف) فانه ان لم يفسخ البائع اخذ الثمن، و ان فسخ اخذ القيمة و المشترى ضامن لاحد الامرين على سبيل البدل (كما يشهد به) اى بما ذكرناه من قولنا «ان قلنا ان الفسخ .. الخ» و عدم الاحتياج الى الملك التقديرى (الحكم بجواز الفسخ، و الرجوع الى القيمة فيما تقدم فى مسألة البيع بشرط العتق).

(ثم ظهور المبيع منعتقا على المشترى) مع ان العبد المنعتق لا يرجع

ص: 111

و حكمهم برجوع الفاسخ الى القيمة لو وجد العين منتقلة بعقد لازم مع عدم امكان تقدير عود الملك قبل الانتقال الّذي هو بمنزلة التلف الى الفاسخ كان الاوفق بعمومات الخيار القول به هنا، و الرجوع الى القيمة الا مع اقدام المتبايعين على المعاملة مع العلم بكونه ممن ينعتق عليه.

فالاقوى العدم لانهما قد تواطئا على اخراجه عن المالية الّذي هو

______________________________

آنا مّا «تقديرا» الى ملك المشترى، بل (و حكمهم برجوع الفاسخ) البائع (الى القيمة لو وجد العين منتقلة بعقد لازم، مع) وضوح (عدم) ملك آنا مّا، لعدم (امكان تقدير عود الملك قبل الانتقال) من المشترى الى المشترى الثانى (الّذي هو بمنزلة التلف).

قوله «الّذي» صفة «انتقال» (الى الفاسخ) البائع، و «الى» متعلق ب «عود» (كان الاوفق بعمومات الخيار) الشاملة لكل بيع، حتى بيع العبد ممن ينعتق عليه، و «كان» جواب «و ان قلنا ان الفسخ .. الخ» (القول به هنا) فى بيع العبد ممن ينعتق عليه (و الرجوع) اى رجوع البائع الفاسخ (الى القيمة) حيث يتعذر العين لتحرر العبد (الا مع اقدام المتبايعين على المعاملة) اقداما (مع العلم) اى علمهما (بكونه) اى كون العبد (ممن ينعتق عليه) اى على المشترى- مثلا-.

(فالاقوى) فى صورة علمهما بانعتاقه (العدم) اى عدم الخيار.

و وجه عدم الخيار مع علمهما (لانهما قد تواطئا) تواطئا واقعيا (على اخراجه) اى العبد (عن المالية) لانه باع و هو يعلم انه يخرج عن المالية و المشترى اشترى و هو يعلم انه يخرج عن المالية (الّذي هو) اى البيع

ص: 112

بمنزلة اتلافه.

و بالجملة: فان الخيار حق فى العين، و انما يتعلق بالبدل بعد تعذره لا ابتداء.

فاذا كان نقل العين ابطالا لماليته و تفويتا لمحل الخيار كان كتفويت نفس الخيار باشتراط سقوطه فلم يحدث حق فى العين حتى

______________________________

(بمنزلة اتلافه).

لكنك عرفت سابقا ان التواطؤ على الاتلاف لا يستلزم سقوط الخيار بعد الاطلاقات.

(و بالجملة: فان الخيار حق فى العين، و انما يتعلق) هذا الحق (بالبدل) للعين كالقيمة (بعد تعذره) اى تعذر العين.

و لا يخفى ان «العين» مؤنث سماعا، و انما استعملها الشيخ مذكرا بتأويل لفظ «الشي ء» (لا ابتداء) اذا فاللازم ان يتعلق حق الخيار بالعين، و اذا لم يمكن تعلقه بالعين لم يكن وجه لتعلقه ببدل العين

(فاذا كان نقل العين) كبيع العبد ممن ينعتق عليه (ابطالا لماليته و تفويتا لمحل الخيار).

و المراد بمحل الخيار «العين» فانه اذا باع العبد بمن ينعتق عليه كان ابطالا لمالية العبد، لانه ينعتق فورا (كان كتفويت نفس الخيار باشتراط سقوطه) فانه اذا باع بشرط عدم الخيار لم يكن خيار كذلك اذا باع بما يعلم انه يخرج عن المالية فورا.

و عليه (فلم يحدث حق فى العين) اى العبد (حتى) اذا تعذرت

ص: 113

يتعلق ببدله.

و قد صرح بعضهم بارتفاع خيار البائع باتلاف المبيع و نقله الى من ينعتق عليه كالاتلاف له من حيث المالية.

فدفع الخيار به اولى و اهون من رفعه، فتأمل.

و منها: العبد

______________________________

العين (يتعلق) ذلك الحق (ببدله) اى ببدل العين.

(و قد صرح بعضهم بارتفاع خيار البائع باتلاف المبيع) اى ما لو اتلف نفس البائع المبيع لانه فوّت محل الخيار (و نقله الى من ينعتق عليه كالاتلاف له) «نقله» مبتدأ و «كالاتلاف» خبره (من حيث المالية) «من» بيان «كالاتلاف».

فان الاتلاف اذهاب العين و «النقل الى من ينعتق عليه» اذهاب القيمة.

(فدفع الخيار به) اى بالبيع ممن ينعتق عليه بان يقال: انه لا خيار اصلا (اولى و اهون من رفعه) بان يقال: حدث الخيار، لكنه ارتفع بسبب الانعتاق.

و انما كان اولى لانه لا فائدة فى جعل خيار لا اثر له اصلا، لفرض انه لا يمكن ان يؤخذ بمثل هذا الخيار (فتأمل).

اذ كون الدفع اهون من الرفع ليس الا امرا اعتباريا، فلا يمكن ان يكون مستندا لحكم شرعى.

(و منها) اى من موارد الاستثناء عن حكم خيار المجلس (العبد

ص: 114

المسلم المشترى من الكافر بناء على عدم تملك الكافر للمسلم اختيار فانه قد يقال: بعدم ثبوت الخيار لاحدهما.

اما بالنسبة الى العين، فلفرض عدم جواز تملك الكافر للمسلم، و تمليكه اياه.

و اما بالنسبة الى القيمة فلما تقدم من ان الفسخ يتوقف على رجوع العين الى مالكه الاصلى، و لو تقدير التكون

______________________________

المسلم المشترى من الكافر) فانه لا خيار، لا للكافر و لا للمسلم فى رده بخيار المجلس (بناء على عدم تملك الكافر للمسلم اختيارا).

نعم يملكه اضطرارا، كما اذا كان لكافر عبد كافر، فاسلم العبد فانه يملكه قبل ان يباع عليه، بلا اشكال.

ففى رواية حمّاد عن الصادق عليه السلام ان امير المؤمنين عليه السلام اتى بعبد ذمّى قد اسلم، قال اذهبوا فبيعوه من المسلمين، و ادفعوا ثمنه لصاحبه، و لا تقروه عنده (فانه قد يقال: بعدم ثبوت الخيار لاحدهما) لا البائع الكافر، و لا المسلم المشترى.

(اما بالنسبة الى) عدم الخيار فى (العين، فلفرض عدم جواز تملك الكافر للمسلم، و) لا (تمليكه اياه) فلا يحق للكافر ان يتملك مسلما، و لا يحق لمسلم ان يملّك كافرا عبدا مسلما.

(و اما بالنسبة الى القيمة) بان يقال: ان له الخيار فاذا فسخ اخذ القيمة- حيث يتعذر اخذ العين- (فلما تقدم من ان الفسخ يتوقف على رجوع العين الى مالكه الاصلى، و لو) رجوعا (تقديرا) آنا مّا (لتكون)

ص: 115

مضمونة له بقيمته على من انتقل إليه، و رجوع المسلم الى الكافر غير جائز

و هذا هو المحكى عن حواشى الشهيد ره حيث قال: انه يباع و لا يثبت له خيار المجلس، و لا الشرط.

و يمكن ان يريد بذلك عدم ثبوت الخيار للكافر فقط، و ان ثبت للمشترى فيوافق كلام فخر الدين فى الايضاح، من ان البيع بالنسبة الى الكافر استنقاذ و بالنسبة الى المشترى كالبيع

______________________________

العين بعد رجوعها و تلفها فى يد المالك الاصلى «او كالتلف» (مضمونة له) اى لنفع ذى الخيار (بقيمته على من انتقل إليه) العين (و) الحال ان (رجوع) العبد (المسلم الى الكافر غير جائز) فلا ملك تقديرى له آنا مّا، فلا خيار، فلا قيمة.

(و هذا) اى عدم الخيار (هو المحكى عن حواشى الشهيد) الاول (ره حيث قال: انه) اى العبد المسلم الّذي فى يد الكافر (يباع) رغما عليه (و لا يثبت له) اى لهذا العبد (خيار المجلس، و لا الشرط) سواء من جانب الكافر البائع، او المسلم المشترى.

(و) لكن (يمكن ان يريد) الشهيد ره (بذلك) اى بقوله «و لا يثبت» (عدم ثبوت الخيار للكافر فقط، و ان ثبت) الخيار (للمشترى) المسلم.

و عليه (فيوافق) كلام الشهيد (كلام فخر الدين فى الايضاح، من ان البيع بالنسبة الى الكافر استنقاذ) فليس بالنسبة الى الكافر بيع اصلا، و انما هو صورة البيع، و المقصود منها انقاذ العبد المسلم من يده (و بالنسبة الى المشترى كالبيع) فى الاحكام.

ص: 116

بناء منه على عدم تملك السيد الكافر له لان الملك سبيل و انما له حق استيفاء ثمنه منه.

لكن الانصاف انه على هذا التقدير لا دليل على ثبوت الخيار للمشترى أيضا، لان الظاهر من قوله: البيعان بالخيار، اختصاص الخيار بصورة تحقق البيع من الطرفين، مع انه لا معنى لتحقق العقد البيعى من

______________________________

و انما لم يكن «بيع» حقيقة بالنسبة الى المشترى لانه ليس لنا بيع من جانب واحد.

و هذا الكلام من الفخر (بناء منه على عدم تملك السيد الكافر له) اى للعبد المسلم فاذا لم يملكه لا معنى لكونه بيعا، بل انقاذ (لان الملك سبيل) و قد قال سبحانه: لَنْ يَجْعَلَ اللّٰهُ لِلْكٰافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا (و انما له) اى للكافر (حق استيفاء ثمنه) اى ثمن العبد (منه) اى من المشترى- صورة-.

(لكن الانصاف انه على هذا التقدير) اى تقدير كونه انقاذا من الكافر (لا دليل على ثبوت الخيار للمشترى أيضا) كما انه ليس للبائع (لان الظاهر من قوله: البيعان بالخيار، اختصاص الخيار بصورة تحقق البيع من الطرفين) و قد ذكر انه لا بيع من طرف الكافر.

و اذا لم يكن بيع من طرف فلا خيار حتى من طرف الشخص الآخر- الّذي هو المشترى-.

هذا أولا (مع انه) يرد عليه اشكال آخر، و هو: انه (لا معنى لتحقق العقد البيعى من

ص: 117

طرف واحد فان شروط البيع ان كانت موجودة تحقق من الطرفين و الا لم يتحقق اصلا، كما اعترف به بعضهم فى مسألة بيع الكافر الحربى من ينعتق عليه.

______________________________

طرف واحد) و عليه فلا بيع اصلا، و اذ لم يكن بيع لم يكن وجه لخيار المسلم الّذي هو فى صورة المشترى.

و انما لا يتحقق البيع من طرف واحد لما ذكره بقوله: (فان شروط البيع ان كانت موجودة) فى بيع العبد المسلم عن يد الكافر (تحقق) البيع (من الطرفين) الكافر و المسلم (و الا لم يتحقق اصلا، كما اعترف به بعضهم فى مسألة بيع الكافر الحربى من ينعتق عليه).

و ليس معنى ذلك استحالة ان يحكم الشارع باحكام البيع على طرف دون طرف، حتى يقال: بانه ليس من الاحكام العقلية الموجبة لعدم امكان تصرف الشارع فيها، بل معناه ان ظواهر الادلة خلافه، هذا.

و اما ما ذكره من بيع الحربى من ينعتق عليه، فهو مسألة اخرى، و هى انه لو قهر الكافر الحربى اباه- مثلا- فتسلط عليه، ثم باعه من مسلم ففيه ثلاثة اقوال.

الاول: انه بيع من الطرفين، اما من طرف الكافر البائع فلقاعدة اقرارهم على دينهم، و اما من طرف المسلم المشترى فلصحة اشترائه هذا العبد.

الثانى: انه ليس بيعا من احدهما، اذ الكافر لا يملك اباه فان احكام الله شاملة للكافر و المسلم، و لذا كان الكفار مكلفين بالفروع كتكليفهم

ص: 118

و الاقوى فى المسألة وفاقا لظاهر الاكثر، و صريح كثير، ثبوت الخيار فى المقام و ان تردد فى القواعد بين استرداد العين او القيمة.

______________________________

بالاصول، و يكون العقاب على تركهم لكلا الامرين، و اذ لم يكن ملك فلا بيع من طرف الكافر، فلا اشتراء من طرف المسلم، اذ لا تتحقق معاملة من طرف واحد، بل يكون اعطاء المشترى الثمن للكافر من جهة الانقاذ فقط.

الثالث: انه بيع من طرف واحد و هو المشترى، اذ لا محذور فيه، و انما لم يكن بيعا من طرف الكافر لوجود المحذور.

و هذا القول هو الّذي رده بعض «نقله المصنف» من انه غير صحيح لانه ان وجدت شروط البيع تحقق من الطرفين، و الا لم يتحقق من اى منهما

و لا يخفى ان الاقرب فى هذه المسألة انه بيع من الطرفين لإقرار الكفار على اعمالهم، اذ كانوا اهل كتاب.

(و) كيف كان، ف (الاقوى فى المسألة) مسألة اشتراء العبد المسلم من الكفار (وفاقا لظاهر الاكثر، و صريح كثير: ثبوت الخيار فى المقام) لكل من الكافر البائع، و المسلم المشترى (و ان تردد فى القواعد) فى ما اذا اخذ احدهما بالخيار (بين استرداد العين او القيمة).

العين، لانه غير ضارّ استردادها لما يأتى من قوله «لان تقدير المسلم .. الخ».

و القيمة، لانه يفهم من كلام الشارع انه لا يريد سلطة الكافر على المسلم، فاذا تعذرت العين فالقيمة.

ص: 119

و ما ذكرنا من ان الرجوع بالقيمة مبنى على امكان تقدير الملك فى ملك المالك الاصلى، لو اغمضنا عن منعه كما تقدم فى المسألة السابقة غير قادح هنا، لان تقدير المسلم فى ملك الكافر بمقدار يثبت عليه بدله ليس سبيلا للكافر على المسلم.

و لذا جوزنا له شراء من ينعتق عليه.

______________________________

(و) ان قلت: انه لا يمكن استرداد القيمة، لانه لا يكون الا بعد ان يفرض دخول العين فى ملك الكافر و تلفها او كالتلف و تبدلها بالقيمة، كما ذكرتم سابقا، و الحال ان العبد المسلم لا يكون ملكا للكافر.

قلت: (ما ذكرنا من ان الرجوع بالقيمة مبنى على امكان تقدير الملك فى ملك المالك الاصلى).

أولا: نمنعه اذ لا دليل على ذلك، اذا الخيار حكم شرعى و للشارع ان يجعله و ان لم يمكن ارجاع الملك حقيقة و لا تقديرا، و فائدة الخيار حينئذ الرجوع الى القيمة (لو اغمضنا عن منعه كما تقدم فى المسألة السابقة)

و ثانيا نقول: انه (غير قادح هنا) فى بيع الكافر للعبد المسلم و ان كان قادحا فى اشتراء المسلم اباه مثلا.

و الفارق بين المقامين ما ذكره بقوله: (لان تقدير المسلم فى ملك الكافر بمقدار يثبت عليه) اى على المسلم (بدله) للكافر ثم يبدل الى القيمة (ليس سبيلا للكافر على المسلم) المحذور شرعا، حيث قال تعالى:

لَنْ يَجْعَلَ اللّٰهُ لِلْكٰافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا.

(و لذا جوزنا له) اى للكافر (شراء من ينعتق عليه) من عبد مسلم، لانه

ص: 120

و قد مرّ بعض الكلام فى ذلك فى شروط المتعاقدين.

و منها: شراء العبد نفسه بناء على جوازه.

فان الظاهر عدم الخيار فيه و لو بالنسبة الى القيمة لعدم شمول ادلة الخيار له.

و اختاره فى التذكرة، و فيها أيضا: انه لو اشترى جمدا فى شدة الحرّ

______________________________

انقاذ للمشترى بدون ان يكون للكافر سبيل عليه يوجب مخالفة الآية

(و قد مرّ بعض الكلام فى ذلك فى شروط المتعاقدين) فراجع.

و هذا بخلاف ملكية المسلم لاحد العمودين نقلا، فانه بعد ان تحرّر العبد لا يرجع الى الملكية و لو آنا مّا.

________________________________________

شيرازى، سيد محمد حسينى، إيصال الطالب إلى المكاسب، 16 جلد، منشورات اعلمى، تهران - ايران، اول، ه ق

إيصال الطالب إلى المكاسب؛ ج 11، ص: 121

(و منها) اى من الموارد المستثناة من خيار المجلس (شراء العبد نفسه بناء على جوازه) لشمول اطلاق الادلة له، بخلاف احتمال عدم الجواز، لانه و ما فى يده لمولاه، فكيف يجوز ان يشترى مال المولى «و هو نفسه» بمال آخر للمولى «و هو ما فى يده».

(فان الظاهر عدم الخيار فيه و لو بالنسبة الى القيمة) فلا يحق للمولى و لا للعبد الّذي اشترى نفسه الخيار للمجلس (لعدم شمول ادلة الخيار له).

و ذلك لما ذكرناه فى المستثنى الاول، من ان الحرّ لا يمكن ان يدخل فى الملك و لو آنا مّا، و لو لاجل ان يبدل بالقيمة.

(و اختاره) اى عدم الخيار فى هذا المورد (فى التذكرة، و) قال العلامة (فيها) اى فى التذكرة (أيضا: انه لو اشترى جمدا فى شدة الحرّ

ص: 121

ففى الخيار اشكال، و لعله من جهة احتمال اعتبار قابلية العين للبقاء بعد العقد ليتعلق بها الخيار.

فلا يندفع الاشكال بما فى جامع المقاصد من ان الخيار لا يسقط بالتلف لانه لا يسقط به اذا ثبت قبله، فتأمل.

______________________________

ففى الخيار) للمجلس لايهما (اشكال، و لعله من جهة احتمال اعتبار قابلية العين) التى يكون فيها الخيار (للبقاء بعد العقد ليتعلق بها الخيار) و شدة الحر تذيب الثلج بحيث لا تبقى تمام العين.

(فلا يندفع الاشكال) اى اشكال العلامة فى وجود خيار المجلس فى بيع الجمد (بما فى جامع المقاصد من ان الخيار لا يسقط بالتلف).

و انما لا يندفع الاشكال، لان كلام العلامة فى ان المنصرف من ادلة خيار المجلس ما كان قابلا للبقاء، فلا خيار اصلا.

و هذا ما بينه المصنف فى وجه عدم اندفاع الاشكال بقوله (لانه) اى الخيار (لا يسقط به) اى بالتلف (اذا ثبت) الخيار (قبله) اى قبل التلف لكن كلام العلامة انه ليس المقام مورد الخيار اصلا (فتأمل) من انه لا وجه لكلام العلامة، اذ اطلاقات ادلة خيار المجلس تشمل مثل بيع الجمد فاللازم القول بالخيار و الرجوع الى البدل بعد ان تلف الجمد.

ثم انهم ذكروا موارد اخر قالوا بعدم دخول خيار المجلس فيها، كالبيع على محتكر الغلة، و العبد المشترى من الزكاة، و ما لو كان الثمن ممن ينعتق على البائع و البيع على المفلس الى غير ذلك.

ص: 122

مسئلة لا يثبت خيار المجلس فى شي ء من العقود، سوى البيع عند علمائنا،

كما فى التذكرة.

و عن تعليق الارشاد و غيرهما.

و عن الغنية الاجماع عليه.

و صرح الشيخ فى غير موضع من المبسوط بذلك أيضا، بل عن الخلاف الاجماع على عدم دخوله فى الوكالة و العارية و القراض و الحوالة و الوديعة.

______________________________

(مسألة: لا يثبت خيار المجلس فى شي ء من العقود، سوى البيع عند علمائنا كما فى التذكرة).

و ذلك لعدم الدليل عليه و الاصل العدم، اذ الاصل فى العقود اللزوم لما سبق فى بيان الاصل فى اوّل باب الخيارات.

(و) حكى الاجماع بدون لفظ: عند علمائنا (عن تعليق الارشاد و غيرهما) من بعض الكتب الاخر.

(و عن الغنية الاجماع عليه) صريحا.

(و صرح الشيخ فى غير موضع من المبسوط بذلك أيضا) و انه لا خيار للمجلس فى سائر العقود (بل عن الخلاف الاجماع على عدم دخوله فى الوكالة و العارية و القراض) اى المضاربة (و الحوالة و الوديعة) هذا.

ص: 123

الا انه فى المبسوط بعد ذكر جملة من العقود التى يدخلها الخيار و التى لا يدخلها قال: و اما الوكالة و الوديعة، و العارية، و القراض، و الجعالة، فلا يمنع من دخول الخيارين فيها مانع، انتهى.

و مراده خيار المجلس و الشرط.

و حكى نحوه عن القاضى، و لم يعلم معنى الخيار فى هذه العقود بل جزم فى التذكرة بانه لا معنى للخيار فيها لان الخيار فيها ابدا.

و احتمل فى الدروس ان يراد بذلك عدم جواز التصرف

______________________________

(الا انه) اى الشيخ (فى المبسوط بعد ذكر جملة من العقود التى يدخلها الخيار، و التى لا يدخلها) ذكر ما ينافى ما تقدم.

فانه (قال: و اما الوكالة و الوديعة، و العارية، و القراض، و الجعالة، فلا يمنع من دخول الخيارين فيها مانع، انتهى) كلامه ره.

(و مراده) بالخيارين (خيار المجلس و الشرط) كما يظهر من سابق كلامه.

(و حكى نحوه عن القاضى) و انه يدخل فى العقود المذكورة الخياران (و لم يعلم معنى الخيار) للمجلس (فى هذه العقود) التى ذكراها (بل جزم فى التذكرة، بانه لا معنى للخيار فيها) اى فى هذه العقود (لان الخيار فيها ابدا) فانها عقود جائزة، و العقد الجائز يمكن فسخه فى اى وقت شاء، لا ان الخيار فيه ما دام المجلس فقط.

(و احتمل) الشهيد ره (فى الدروس ان يراد بذلك) اى بوجود الخيار فى هذه العقود ما دام المجلس (عدم جواز التصرف) فى الجنس

ص: 124

قبل انقضاء الخيار و لعل مراده التصرف المرخص فيه شرعا للقابل فى هذه العقود لا الموجب، اذ لا معنى لتوقف جواز تصرف المالك فى هذه العقود على انقضاء الخيار لان اثر هذه العقود تمكن غير المالك من التصرف.

فهو الّذي يمكن توقفه على انقضاء الخيار

______________________________

(قبل انقضاء الخيار) لا ان يراد بالخيار جواز الفسخ، حتى يرد عليه ما تقدم عن التذكرة.

و ذلك لان فى مدة الخيار الانسان ممنوع عن التصرف فى المتاع لاحتمال اخذ ذى الخيار بخياره.

و حيث ان الدروس اطلق كلامه مع وضوح ان الموجب للعقد يحق له ان يتصرف فى المتاع لان العقد غير لازم.

قال المصنف: (و لعل مراده) اى الدروس المنع عن (التصرف المرخص فيه شرعا للقابل) اى قابل العقد (فى هذه العقود) فانه ممنوع ما دام خيار المجلس (لا) تصرف (الموجب) للعقد.

و انما قلنا «لا الموجب» (اذ لا معنى لتوقف جواز تصرف المالك فى هذه العقود على انقضاء الخيار) «على» متعلق ب «التوقف».

و انما كان «لا معنى» (لان اثر هذه العقود تمكن غير المالك من التصرف) غير المالك «هو القابل».

(ف) تمكن غير المالك من التصرف (هو الّذي يمكن توقفه على انقضاء الخيار) بان يقال للقابل لا تتصرف فى العارية- مثلا- الا بعد

ص: 125

الّذي جعل الشيخ قدّس سرّه اثر البيع متوقفا عليه.

لكن الانصاف ان تتبع كلام الشيخ فى المبسوط فى هذا المقام يشهد بعدم ارادته هذا المعنى، فانه صرح فى مواضع قبل هذا الكلام و بعده: باختصاص خيار المجلس بالبيع.

و الّذي يخطر بالبال ان مراده دخول الخيارين فى هذه العقود

______________________________

انقضاء خيار المجلس (الّذي جعل الشيخ قدّس سرّه اثر البيع متوقفا عليه) «الّذي» صفة «انقضاء الخيار».

فان اثر البيع من التصرف فى الجنسين للبائعين على رأى الشيخ متوقف على انقضاء الخيار و يريد الشيخ هنا «فى هذه العقود» أيضا بيان توقف تصرف القابل على انقضاء خيار المجلس.

اقول و اى مانع من الجمع بين خيارين الخيار لاجل المجلس، و الخيار لان العقد جائز، كما يجتمع خيار الشرط و الغبن و العيب و المجلس و غيرها.

(لكن الانصاف ان تتبع كلام الشيخ فى المبسوط فى هذا المقام) مقام خيار المجلس فى العقود الجائزة (يشهد بعدم ارادته هذا المعنى) الّذي ذكره الدروس (فانه صرح فى مواضع قبل هذا الكلام و بعده: باختصاص خيار المجلس بالبيع) فلا يمكن عادة ان يغير اجتهاده فى وسط الكلام فيقول بجريان خيار المجلس فى العقود المذكورة

(و الّذي يخطر بالبال ان مراده دخول الخيارين) المجلس و الشرط (فى هذه العقود

ص: 126

اذا وقعت فى ضمن عقد البيع فتنفسخ بفسخه فى المجلس.

و هذا المعنى و ان كان بعيدا فى نفسه، الا ان ملاحظة كلام الشيخ فى المقام يقربه الى الذهن، و قد ذكر نظير ذلك فى جريان الخيارين فى الرهن و الضمان.

______________________________

اذا وقعت فى ضمن عقد البيع) كما اذا باعه كتابا بدرهم، و اشترط فى ضمن البيع اعادة قلم له، فانه اذا فسخ البيع فى المجلس انفسخت الاعادة أيضا، و كذا غير العارية من سائر العقود (فتنفسخ) تلك العقود (بفسخه) اى فسخ البيع (فى المجلس) او بفسخه حسب اشتراط خيار الفسخ و لو بعد المجلس.

(و هذا المعنى) بان يراد من «دخول الخيارين فى العقود الجائزة» «دخولهما فى البيع الّذي فى ضمنه عقود جائزة» (و ان كان بعيدا فى نفسه، الا ان ملاحظة كلام الشيخ فى المقام) حيث ذكر مكررا عدم دخول خيار المجلس فى العقود الجائزة (يقربه الى الذهن، و) يؤيد ارادته ره هذا المعنى انه (قد ذكر) الشيخ (نظير ذلك) اى دخول عقد فى عقد (فى جريان الخيارين) الشرط و المجلس (فى الرهن و الضمان) فاراد بدخول الخيارين فى الرهن و الضمان ما اذا كان الرهن و الضمان فى ضمن البيع.

و هناك احتمال آخر فى كلام الشيخ و هو ارادته دخول خيار الشرط و المجلس فى العقود الجائزة، و يكون للعاقد خياران، خيار لان العقد جائز، و خيار لانه فى المجلس- مثلا-.

ص: 127

و صرح فى السرائر بدخول الخيارين فى هذه العقود، لانها جائزة، فيجوز الفسخ فى كل وقت، و هو محتمل كلام الشيخ، فتأمل.

و كيف كان فلا اشكال فى اصل هذه المسألة.

______________________________

(و) هذا غير بعيد، فقد (صرح) ابن ادريس (فى السرائر بدخول الخيارين) الشرط و المجلس (فى هذه العقود، لانها) بنفسها (جائزة فيجوز الفسخ فى كل وقت) فى المجلس و غيره (و هو محتمل كلام الشيخ فتأمل).

فانه لو كان مراد الشيخ ما ذكره السرائر كان جاريا فى جميع العقود الجائزة، لا خصوص العقود التى ذكرها الشيخ- كما تقدم-.

(و كيف كان) مراد الشيخ (فلا اشكال فى اصل هذه المسألة) من اختصاص خيار المجلس بالبيع فقط.

اذ لا دليل على جريانه فى سائر العقود و لو كانت لازمة.

ص: 128

مسئلة مبدأ هذا الخيار من حين العقد

لان ظاهر النص كون البيع علة تامة، و مقتضاه كظاهر الفتاوى شمول الحكم للصرف و السلم قبل القبض، و لا اشكال فيه لو قلنا: بوجوب التقابض فى المجلس فى الصرف و السلم وجوبا تكليفيا.

اما للزوم الربا كما صرح به فى صرف التذكرة.

______________________________

(مسألة: مبدأ هذا الخيار) خيار المجلس (من حين العقد) فاذا تم العقد حان وقت الخيار سواء قدم الايجاب على القبول او بالعكس، و سواء كان بالعقد اللفظى او بالمعاطات (لان ظاهر النص كون البيع علة تامة) و المعلول يكون بعد العلة مباشرة (و مقتضاه) اى النص (كظاهر الفتاوى شمول الحكم) بوجود خيار المجلس (للصرف) و هو بيع النقود (و السلم) و هو البيع الّذي يقدم فيه الثمن و يؤخر فيه المثمن- عكس النسيئة-.

و هذان البيعان يشترط فيهما التقابض فى المجلس و الا بطلا، و (قبل القبض) فيهما يكون الخيار (و لا اشكال فيه) اى فى الخيار قبل القبض (لو قلنا: بوجوب التقابض فى المجلس فى الصرف و السلم وجوبا تكليفيا) بانه تكليف شرعى فى قبال الوجوب الشرطى- كما سيأتى- و انما كان التقابض واجبا شرعيا.

(اما للزوم الربا كما صرح به فى صرف التذكرة) فانه اذا باع مثقالا من

ص: 129

و اما لوجوب الوفاء بالعقد و ان لم يكن بنفسه مملكا لان ثمرة الخيار حينئذ جواز الفسخ فلا يجب التقابض اما لو قلنا: بعدم وجوب التقابض و جواز تركه الى التفرق المبطل للعقد، ففى اثر الخيار خفاء لان المفروض بقاء

______________________________

الذهب الايرانى بمثقال من الذهب العراقى، ثم لم يأخذ احدهما و اخذ الآخر، فالذى اخذ صار عنده زيادة حكمية، اذ قيمة المثقال نقدا «دينار مثلا» اما قيمة الدينار المتأخر دفعه دينار الا درهم.

لكنك خبير بان هذه العلة غير مطردة لانها لا تأتى فى السلم و لا فى ما اذا كان تأخير اعطاء احدهما قليلا بحيث لا يقابل بشي ء من النقيصة فى المالية، و لا فيما اذا كان ذهب بفضة فى الصرف.

(و اما لوجوب الوفاء بالعقد) فمن الوفاء بالعقد وجوب ان يقبض كل منهما للآخر فى الصرف، و وجوب اعطاء الثمن فى السلم (و ان لم يكن) العقد (بنفسه مملكا) و انما يحصل الملك بالتقابض.

و انما قلنا: لا اشكال فى الخيار (لان ثمرة الخيار حينئذ) اى حين وجب التقابض (جواز الفسخ) بالخيار (فلا يجب التقابض).

و (اما لو قلنا: بعدم وجوب التقابض) وجوبا شرعيا، بل وجوبه شرطى بمعنى انه ان حصل التقابض صح البيع، و ان لم يحصل التقابض لم يحصل البيع (و جواز تركه الى التفرق) عن مجلس العقد (المبطل) ذلك التفرق (للعقد، ففى اثر الخيار) اى خيار المجلس فى الصرف و السلم (خفاء) اذ اثر الخيار هو امكان الفسخ، و الحال انه قبل التقابض يمكن الفسخ و ان لم يكن خيار (لان المفروض) فى الصرف و السلم (بقاء

ص: 130

سلطنة كل من المتعاقدين على ملكه، و عدم حق لاحدهما فى مال الآخر

و يمكن ان يكون أثر الخيار خروج العقد بفسخ ذى الخيار عن قابلية لحوق القبض الملك.

فلو فرض اشتراط سقوط الخيار فى العقد لم يخرج العقد بفسخ المشروط عليه عن قابلية التأثير.

______________________________

سلطنة كل من المتعاقدين على ملكه، و عدم حق لاحدهما فى مال الآخر) ما لم يحصل التقابض.

نعم اذا حصل التقابض كان للخيار اثر.

لكن قد عرفت فى اوّل المسألة ان خيار المجلس بعد العقد مباشرة، لا انه بعد التقابض.

(و) لكن (يمكن ان يكون أثر الخيار) قبل التقابض (خروج العقد بفسخ ذى الخيار عن قابلية لحوق القبض الملك) اى القبض الموجب للملك.

فاذا كان خيار و ابطل فلا محل للقبض.

و اما اذا لم يكن خيار كان اثر العقد باقيا الى حين التفرق فيمكن ان يلحق به القبض.

(فلو فرض اشتراط سقوط الخيار) خيار المجلس (فى العقد) عقد الصرف و السلم (لم يخرج العقد بفسخ المشروط عليه عن قابلية التأثير).

فاذا قال: فسخت، لم يزل اثر العقد، بل كان له القبض و الاقباض و بذلك يكون عقدا لازما.

ص: 131

قال فى التذكرة لو تقابضا فى عقد الصرف ثم اجازا فى المجلس لزم العقد، و ان اجازا قبل التقابض، فكذلك و عليهما التقابض، فان تفرقا قبله انفسخ العقد.

ثم ان تفرقا عن تراض لم يحكم بعصيانهما.

فان انفرد احدهما بالمفارقة عصى، انتهى.

و فى الدروس يثبت- يعنى خيار المجلس- فى الصرف تقابضا أو لا

______________________________

(قال فى التذكرة) مؤيدا ما ذكرناه من الثمرة للخيار قبل التقابض (لو تقابضا فى عقد الصرف ثم اجازا) العقد اى اسقطا خيارهما (فى المجلس لزم العقد) لان شرط الملك فى الصرف و هو التقابض قد حصل و الخيار اسقط حسب اسقاطهما له (و ان اجازا) العقد (قبل التقابض، فكذلك) لزم العقد (و عليهما التقابض) لوجوب تنفيذ العقد اللازم.

اذ اللازم التقابض فى المجلس- حسب الفرض- (فان تفرقا قبله) اى قبل التقابض (انفسخ العقد) لعدم حصول شرط صحة بيع الصرف.

(ثم ان تفرقا عن تراض) بينهما (لم يحكم بعصيانهما) لانه من قبيل الاقالة بتراض.

(فان انفرد احدهما بالمفارقة) بدون رضى الاخر (عصى) لانه هدم العقد اللازم تنفيذه بدون رضاية الآخر (انتهى) كلام العلامة.

(و) قال (فى الدروس) مؤيد اما ذكرناه (يثبت- يعنى خيار المجلس- فى الصرف تقابضا، أو لا) يعنى ان الخيار ثابت و لو قبل التقابض

ص: 132

فان التزما به قبل القبض وجب التقابض.

فلو هرب احدهما عصى و انفسخ العقد.

و لو هرب قبل الالتزام فلا معصية.

و يحتمل قويا عدم العصيان مطلقا، لان للقبض مدخلا فى اللزوم فله تركه، انتهى.

و صرح الشيخ أيضا فى المبسوط بثبوت التخاير فى الصرف قبل التقابض.

______________________________

(فان التزما به) اى بالعقد بان اسقطا خيارهما (قبل القبض وجب التقابض) بمقتضى لزوم العقد.

(فلو هرب) عن المجلس (احدهما) قبل التقابض بدون رضى الآخر (عصى و انفسخ العقد).

(و) اما (لو هرب قبل الالتزام) بالعقد بان هرب و لم يكن تقابض و لا التزام (فلا معصية) اذ لم يلزم العقد قبل التقابض، فهو بهربه ابطل عقدا جائزا.

(و يحتمل قويا عدم العصيان مطلقا) حتى فيما الزما العقد قبل التقابض (لان) الالزام قبل القبض لا يفيد، فان (للقبض مدخلا فى اللزوم فله تركه) اى ترك القبض، فلا لزوم فله ان يبطل العقد بتفرقه عن صاحبه (انتهى) كلام الشهيد.

(و صرح الشيخ أيضا فى المبسوط بثبوت التخاير فى الصرف قبل التقابض) فكلامه مثل كلام الشهيد و العلامة فى ان للخيار فائدة قبل

ص: 133

و مما ذكرنا يظهر الوجه فى كون مبدأ الخيار للمالكين الحاضرين فى مجلس عقد الفضوليين- على القول بثبوت الخيار لهما- من زمان اجازتهما على القول بالنقل، و كذا على الكشف مع احتمال كونه من زمان العقد.

______________________________

التقابض أيضا.

(و مما ذكرنا) من ان الخيار من اوّل العقد، لا بعد التقابض (يظهر الوجه فى كون مبدأ الخيار للمالكين الحاضرين فى مجلس عقد الفضوليين على القول بثبوت الخيار لهما-) اى للمالكين (من زمان اجازتهما) «من زمان» خبر «كون».

و انما ظهر ذلك لان نسبة العقد الى المالكين، حتى يكون عقدهما يبتدأ بعد الاجازة.

و اما قبل الاجازة فليس عقدهما، و اذ لم يكن عقدهما فلا خيار لهما.

و الحاصل: ان اوّل عقدهما حال اجازتهما، لا بعد ان تقابضا (على القول بالنقل) و ان الاجازة حالها حال العقد فى انها توجب نقل الملك بالاجازة (و كذا على الكشف) عن سبق النقل فى حال عقد الفضولى.

و ذلك لان الخيار لا يكون الا بعد ان يكون الخيار ذا اثر و الاثر لا يحصل الا بعد الاجازة، و ان كشفت الاجازة عن حصول الملك عند عقد الفضولى (مع احتمال كونه) اى الخيار- على الكشف- (من زمان العقد) لان الاجازة ان كشفت عن حصول الملك من زمان العقد فلا بد و ان يكون الخيار من ذلك الزمان أيضا لما ذكرناه سابقا من ان الخيار تابع للعقد و معلول له

ص: 134

القول فى مسقطات الخيار
اشارة

و هى أربعة على ما ذكرها فى التذكرة اشتراط سقوطه فى ضمن العقد.

و اسقاطه بعد العقد.

و التفرق.

و التصرف، فيقع الكلام فى مسائل.

______________________________

(القول فى مسقطات الخيار، و هى أربعة، على ما ذكرها) العلامة (فى التذكرة).

الاول: (اشتراط سقوطه فى ضمن العقد) و ينبغى ان يلحق به ما لو كان البيع بالمعاطات، و فى ضمن الاعطاء و الاخذ اشترطا ذلك.

(و) الثانى: (اسقاطه بعد العقد).

(و) الثالث: (التفرق) عن مجلس العقد، و المراد منه معناه الاصطلاحى اى الابتعاد، لا اللغوى- اى الفراق- عن النسبة بينهما فى حال العقد، فان ذلك يشمل ما اذا تقاربا بعد العقد مع انه لا يوجب اسقاط الخيار قطعا.

(و) الرابع: (التصرف) فى احد المبيعين.

و على هذا (فيقع الكلام) فى المسقطات المذكورة (فى مسائل).

ص: 135

مسئلة لا خلاف ظاهرا فى سقوط هذا الخيار باشتراط سقوطه فى ضمن العقد

و عن الغنية الاجماع عليه، و يدل عليه قبل ذلك عموم المستفيض المؤمنون او المسلمون عند شروطهم.

و قد يتخيل معارضته بعموم ادلة الخيار و يرجح على تلك الادلة بالمرجحات.

______________________________

(مسألة: لا خلاف ظاهرا فى سقوط هذا الخيار) خيار المجلس (باشتراط سقوطه فى ضمن العقد، و عن الغنية الاجماع عليه، و يدل عليه قبل ذلك) اى قبل الاجماع، فان الاجماع انعقد بعد النص فالنص قبل الاجماع (عموم) الخبر (المستفيض) نقله (المؤمنون) عند شروطهم (او) كما فى بعض النسخ (المسلمون عند شروطهم).

فان ذلك يدل على سقوط الخيار، لانه شرط، و كل شرط لازم الوفاء بمقتضى هذا الحديث.

(و قد يتخيل) و المتخيل صاحب الجواهر- كما قيل- (معارضته) اى حديث «المؤمنون عند شروطهم» (بعموم ادلة الخيار).

فدليل الخيار يقول- انه بعد الشرط- يوجد الخيار، و دليل:

المؤمنون، يقول: لا يوجد الخيار (و يرجح) المؤمنون (على تلك الادلة بالمرجحات) مثل عمل المشهور و الاجماع و نحوهما.

ص: 136

و هو ضعيف، لان الترجيح من حيث الدلالة و السند مفقود.

و موافقة عمل الاصحاب لا يصير مرجحا بعد العلم بانحصار مستندهم فى عموم ادلة الشروط كما يظهر من كتبهم.

______________________________

(و هو) تخيّل (ضعيف).

اذ لو قلنا: بالمعارضة لم يكن وجه لتقديم «المؤمنون» على ادلة الخيار (لان الترجيح من حيث الدلالة و السند مفقود) فكلاهما فى رتبة واحدة.

(و) ان قلت: يرجح الحديث على الادلة بموافقة عمل الاصحاب.

قلت: (موافقة عمل الاصحاب لا يصير مرجحا) للحديث (بعد العلم بانحصار مستندهم) لسقوط الخيار (فى عموم ادلة الشروط كما يظهر من كتبهم).

فان عمل الاصحاب انما يكون مرجحا اذا كان هناك احتمال انهم استندوا لشي ء لم يصل إلينا.

اما اذا استندوا الى شي ء وصل إلينا و قد رأينا انه لا يكون مستندا فلا وجه لكونه مرجحا لا ناقد عرفنا خطأهم فى ذلك، فلا يمكن الاستناد.

و ذلك كما فى الشاهد، فان قوله حجة اذا لم يعلم مستنده.

اما اذا علم انه استند الى شي ء خطأ فيسقط حجية كلامه.

مثلا: اذا قال الشاهدان هذا الثوب نجس، ثم علله بان فيه عرق الجنب عن الحرام، و قد علمنا ان عرق الجنب ليس بنجس، فانه يسقط كلام الشاهد، و نحكم بطهارة الثوب.

ص: 137

و نحوه فى الضعف التمسك بعموم: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ، بناء على صيرورة شرط عدم الخيار كالجزء من العقد الّذي يجب الوفاء به، اذ فيه ان ادلة الخيار اخص فيخصص به العموم، بل الوجه مع انحصار المستند فى عموم دليل الشروط عدم نهوض ادلة الخيار للمعارضة لانها مسوقة لبيان ثبوت الخيار باصل

______________________________

(و نحوه فى الضعف التمسك) لتقديم «المؤمنون» على ادلة الخيار (بعموم: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) فى لزوم العقد بعد اسقاط الخيار (بناء على صيرورة شرط عدم الخيار كالجزء من العقد الّذي يجب الوفاء به) فكانه قال: العقد الّذي ذكر فيه اسقاط الخيار يجب الوفاء به (اذ فيه) ان الجزئية لا معنى لها بعد وجود دليلين، دليل الوفاء بالعقد، و دليل شرط عدم الخيار.

ف (ان ادلة الخيار اخص) من دليل وجوب الوفاء بالعقد (فيخصص به) اى بدليل الخيار (العموم) اى عموم الوفاء بالعقد، و اذا بطل هذان الوجهان توجه تقديم «المؤمنون» على: ادلة الخيار (بل الوجه) فى التقديم (مع انحصار المستند فى عموم دليل الشروط) اى اذا قلنا: ان مستند سقوط الخيار «دليل الشرط فقط» اما اذا قلنا: بان هناك دليل آخر كالاجماع و نحوه.

فوجه سقوط الخيار اوضح ل (عدم نهوض ادلة الخيار للمعارضة) اى معارضة دليل «المؤمنون» و ذلك لحكومة دليل «المؤمنون» على دليل الخيار (لانها) اى ادلة الخيار (مسوقة لبيان ثبوت الخيار باصل

ص: 138

الشرع فلا ينافى سقوطه بالمسقط الخارجى و هو الشرط لوجوب العمل به شرعا، بل التأمّل فى دليل الشرط يقضى بان المقصود منه رفع اليد عن الاحكام الاصلية الثابتة للمشروطات قبل وقوعها فى حيّز الاشتراط فلا تعارضه ادلة تلك الاحكام.

فحاله حال ادلة وجوب الوفاء بالنذر، و

______________________________

الشرع) اى انه حكم أوّليّ، ينفذ لو خلي و طبعه (فلا ينافى سقوطه بالمسقط الخارجى) بحكم ثانوى (و) المسقط (هو الشرط لوجوب العمل به شرعا).

فان حال الشرط حال النذر، حيث انه وارد على الاحكام الاولية.

هذا اذا قلنا ان بين دليل الخيار و دليل الشرط تعارض (بل التأمّل فى دليل الشرط يقضى) عدم التعارض اصلا.

و ذلك (ب) سبب (ان المقصود منه) من دليل الشرط (رفع اليد عن الاحكام الاصلية) اللااقتضائية- لوضوح ان الشرط لا يقدر ان يرفع الاحكام الاقتضائية كوجوب الصلاة و حرمة شرب الخمر- (الثابتة) تلك الاحكام (للمشروطات قبل وقوعها) اى وقوع تلك المشروطات (فى حيّز الاشتراط) فالبيع- الّذي شرط فيه عدم الخيار- مشروط له حكم الخيار

فقبل وقوعه فى حين شرط سقوط الخيار، له هذا الحكم.

اما اذا وقع فى حيّز الشرط فيسقط منه هذا الحكم (فلا تعارضه) اى لا تعارض دليل الشرط (ادلة تلك الاحكام) الاولية.

(فحاله) اى حال دليل الشرط (حال ادلة وجوب الوفاء بالنذر، و

ص: 139

العهد فى عدم مزاحمتها بادلة احكام الافعال المنذورة لو لا النذر.

و يشهد لما ذكرنا من حكومة ادلة الشرط و عدم معارضتها للاحكام الاصلية حتى يحتاج الى المرجح استشهاد الامام فى كثير من الاخبار بهذا العموم على مخالفة كثير من الاحكام الاصلية.

منها: صحيحة مالك بن عطية، قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل كان له اب مملوك و كانت تحت ابيه جارية مكاتبة

______________________________

العهد فى عدم مزاحمتها) اى عدم مزاحمة ادلة وجوب الوفاء (بادلة احكام الافعال المنذورة) الثابتة تلك الاحكام (لو لا النذر).

مثلا: الصوم فى رجب «فعل» له حكم «هو الاستحباب» فاذا نذره صار «الصوم» واجبا.

فدليل ان الصوم مستحب لا يزاحم دليل النذر المقتضى لوجوبه.

(و يشهد لما ذكرنا من حكومة ادلة الشرط) على ادلة الخيار (و عدم معارضتها) اى ادلة الشرط (للاحكام الاصلية) مثل دليل الخيار الّذي هو حكم اصلى (حتى يحتاج) دليل الخيار (الى المرجح استشهاد الامام) عليه السلام (فى كثير من الاخبار بهذا العموم) اى عموم: المؤمنون عند شروطهم (على مخالفة كثير من الاحكام الاصلية) فان الاستشهاد يدل على الحكومة.

(منها: صحيحة مالك بن عطية، قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل كان له اب مملوك و كانت تحت ابيه جارية) مملوكة (مكاتبة) و المكاتبة هى التى تعاملت مع مولاها ان ادت إليه كذا مالا فهى حرة، ثم

ص: 140

قد ادّت بعض ما عليها، فقال لها ابن العبد هل لك ان اعينك فى مكاتبتك؟ حتى تؤدى ما عليك بشرط ان لا يكون لك الخيار بعد ذلك على ابى، اذا انت ملكت نفسك قالت نعم، فاعطاها فى مكاتبتها على ان لا يكون لها الخيار بعد ذلك قال عليه السلام: لا يكون لها الخيار، المسلمون عند شروطهم.

و الرواية محمولة- بقرينة الاجماع

______________________________

ان كان كل جزء منها يتحرر بإزاء اعطاء جزء من المال سميت مطلقة، و ان كانت حريتها تتوقف على اداء كل المال سميت مشروطة، و (قد ادّت) هذه المكاتبة (بعض ما عليها، فقال لها ابن العبد) اى ابن زوجها (هل لك ان اعينك فى مكاتبتك؟ حتى تؤدى ما عليك) بان اعطيك بعض مال الكتابة (بشرط ان لا يكون لك الخيار) فى فسخ نكاح العبد (بعد ذلك) التحرر (على ابى، اذا انت ملكت نفسك) اذ ان الامة تحت العبد اذا صارت حرة فلها ان تختار البقاء زوجة للعبد و لها ان تفسخ النكاح (قالت نعم) فالمال فى قبال البقاء (فاعطاها فى مكاتبتها على ان لا يكون لها الخيار بعد ذلك) التحرر (قال عليه السلام: لا يكون لها الخيار)

ثم علله عليه السلام بقوله: (المسلمون عند شروطهم).

و الظاهر ان هذه معاملة، و هى اعطاء المال فى قبال سقوط الحق، و مثلها نافذة و يصدق عليها الشرط فليس شرطا ابتدائيا و لا شرطا فى عقد.

(و) عليه فلا حاجة الى قول المصنف (الرواية محمولة- بقرينة الاجماع

ص: 141

على عدم لزوم الشروط الابتدائية- على صورة وقوع الاشتراط فى ضمن عقد لازم او المصالحة على اسقاط الخيار المتحقق سببه بالمكاتبة بذلك المال.

و كيف كان فالاستدلال فيها بقاعدة الشروط على نفى الخيار الثابت بالعمومات دليل على حكومتها عليها، لا معارضتها المحوجة

______________________________

على عدم لزوم الشروط الابتدائية-) كما تقدم الكلام فى ذلك، بل الشرط لا يصدق لغة و عرفا الّا على ما اذا كان فى قباله شي ء، سواء كان ضمن عقد، او كان فى قبال شي ء (على صورة وقوع الاشتراط فى ضمن عقد لازم) اذ لو كان فى ضمن عقد جائز لم يلزم الشرط، اذ ما ليس بلازم لا يمكن ان يكون ملزما لغيره (او المصالحة على اسقاط الخيار المتحقق سببه) اى سبب الخيار (بالمكاتبة) فان المكاتبة توجب- بعد اعطائها مال المكاتبة- خيار الزوجة التى هى امة (بذلك المال) الجار متعلق باسقاط، لان الاسقاط فى قبال المال.

(و كيف كان) الامر، فهذه المعاملة معاملة مستقلة، او صلح، او غيرهما (فالاستدلال فيها بقاعدة الشروط على نفى الخيار) «على» متعلق ب «الاستدلال» (الثابت بالعمومات) فان الخيار للامة ثابت بالأدلّة العامة الدالة على الخيار.

فقوله (دليل) خبر «الاستدلال» (على حكومتها) اى حكومة قاعدة الشروط (عليها) اى على تلك العمومات (لا معارضتها) اى ليست القاعدة معارضة لادلة الخيار (المحوجة) تلك المعارضة اذا اردنا تقديم

ص: 142

الى التماس المرجح.

نعم: قد يستشكل التمسك بدليل الشروط فى المقام من وجوه.

الاول: ان الشرط يجب الوفاء به اذا كان العقد المشروط فيه لازما لان الشرط فى ضمن العقد الجائز لا يزيد حكمه على اصل العقد، بل هو كالوعد، فلزوم الشرط يتوقف على لزوم العقد-

فلو ثبت لزوم العقد بلزوم الشرط لزم الدور.

______________________________

القاعدة (الى التماس المرجح) كما تقدم القول به عن بعض الفقهاء.

(نعم: قد يستشكل التمسك بدليل الشروط) على سقوط خيار المجلس (فى المقام) فى مقام ما اذا اشترط فى ضمن العقد عدم خيار المجلس (من وجوه) ثلاثة.

(الاول: ان الشرط يجب الوفاء به اذا كان العقد المشروط فيه) هذا الشرط (لازما) مثل الاجارة (لان الشرط فى ضمن العقد الجائز لا يزيد حكمه) اى حكم الشرط فى الجواز و اللزوم (على اصل العقد) الّذي هو جائز (بل هو) الشرط حينئذ (كالوعد) لا يلزم الوفاء به.

اذا (فلزوم الشرط يتوقف على لزوم العقد).

و حيث ان عقد البيع جائز و ليس بلازم لمكان خيار المجلس لم يكن للشرط لزوم.

(ف) ان قلت: العقد لازم بعد شرط اسقاط الخيار.

قلت: (لو ثبت لزوم العقد بلزوم الشرط) حسب ما ذكرتم (لزم الدور) و حيث ان الدور محال، فلا لزوم للعقد.

ص: 143

الثانى: ان هذا الشرط مخالف لمقتضى العقد على ما هو ظاهر قوله البيعان بالخيار فاشتراط عدم كونهما بالخيار اشتراط لعدم بعض مقتضيات العقد.

الثالث: ما استدل به بعض الشافعية على عدم جواز اشتراط السقوط من ان اسقاط الخيار فى ضمن العقد اسقاط لما لم يجب، لان الخيار لا يحدث الا بعد البيع، فاسقاطه فيه

______________________________

و حيث لا لزوم للعقد لا لزوم للشرط، فاستدلالكم للزوم عقد البيع بسبب شرط اسقاط الخيار غير صحيح.

(الثانى) من وجوه الاشكال (ان هذا الشرط) شرط عدم الخيار (مخالف لمقتضى العقد) فان مقتضى عقد البيع الخيار (على ما هو ظاهر قوله: البيعان بالخيار) فان معناه ان البيع يقتضي الخيار (فاشتراط عدم كونهما) اى عدم كون البيعان (بالخيار) يكون من (اشتراط لعدم بعض مقتضيات العقد) و مثل هذا الشرط باطل، لما حقق فى محله من ان الشرط المخالف لمقتضى العقد باطل.

(الثالث: ما استدل به بعض الشافعية على عدم جواز) اى عدم نفوذ (اشتراط السقوط) لخيار المجلس (من ان اسقاط الخيار فى ضمن العقد اسقاط لما لم يجب) اى اسقاط لما ليس للمسقط، و الانسان لا يقدر ان يتصرف فيما ليس له (لان الخيار لا يحدث الا بعد البيع) فان البيع علة الخيار (فاسقاطه) اى الخيار (فيه) اى فى اثناء البيع، سواء كان فى اوّله او وسطه او آخره، كان يقول: على شرط عدم خيار المجلس

ص: 144

كاسقاطه قبله.

هذا و لكن شي ء من هذه الوجوه لا يصلح للاستشكال.

اما الاول: فلان الخارج من عموم الشرط الشروط الابتدائية، لانها

______________________________

بعتك، او يقول: بعتك على شرط عدم الخيار هذا الكتاب بدينار او يقول: بعتك الكتاب بدينار على شرط عدم الخيار (كاسقاطه قبله) غير مؤثر فى السقوط.

(هذا و لكن شي ء من هذه الوجوه) الثلاثة (لا يصلح للاستشكال).

(اما) الاشكال (الاول: فلان) حاصل الاشكال ان البيع ليس بعقد لازم، و حاصل الجواب انه عقد لازم ذاتا، و ان لم يكن لازما فعلا و اللزوم الذاتى كاف، فان الشرط فى ضمن العقد لازم الوفاء مطلقا لقوله المؤمنون عند شروطهم و لم يخرج من هذا الاطلاق الا ثلاثة امور.

الاول: الشرط الابتدائى.

الثانى: الشرط فى ضمن العقد الجائز ذاتا كبعض اقسام الهبة- و هى الهبة غير اللازمة-.

الثالث: الشرط فى ضمن عقد جائز بسبب الخيار، بحيث لا يكون الشرط مسقطا للخيار، كما اذا باعه بشرط ان يخيط ثوبه فانه ما دام العقد جائزا بسبب الخيار يكون الشرط غير لازم أيضا.

و حيث ان الشرط فيما نحن فيه «شرط اسقاط الخيار» ليس باحدها فهو داخل فى: المؤمنون عند شروطهم و يجب الوفاء به، فان (الخارج من عموم الشرط) فى الرواية، أوّلا: (الشروط الابتدائية، لانها

ص: 145

كالوعد.

و الواقعة فى ضمن العقود الجائزة بالذات او بالخيار، مع بقائها على الجواز لان الحكم بلزوم الشرط مع فرض جواز العقد المشروط به مما لا يجتمعان، لان الشرط تابع، و كالتقييد للعقد المشروط به.

______________________________

كالوعد) بل قد سبق ان تسمية ذلك شرطا على نحو من المجاز و التوسع

(و) ثانيا: الشروط (الواقعة فى ضمن العقود الجائزة) جوازا (بالذات) كالشرط فى ضمن الهبة الجائزة.

و ثالثا: ما ذكره بقوله (او) الشروط الواقعة فى ضمن العقود الجائزة جوازا (بالخيار، مع بقائها) اى بقاء تلك العقود (على الجواز) بان لم يسقط الخيار و الا فان سقط الخيار كان العقد لازما و الشرط واجب الوفاء به

و انما كان الشرط فى ضمن العقد الجائز غير لازم الوفاء به (لان الحكم بلزوم الشرط مع فرض جواز العقد) العقد اللازم ذاتا جوازا (المشروط به) اى انما صار جائز المكان شروط فى ذلك العقد، مثل خيار الشرط و «به» بمعنى «فى» (مما لا يجتمعان).

اذ كيف يكون العقد جائزا و لازما فى آن واحد.

فاذا جاز العقد جاز الشرط (لان الشرط تابع، و) هو (كالتقييد للعقد المشروط به) اى بهذا الشرط، و اذا كان المقيد جائزا تبعه القيد فى كونه جائزا.

هذا كله فى الاقسام الثلاثة للشرط الجائز.

ص: 146

اما اذا كان نفس مؤدى الشرط لزوم ذلك العقد المشروط به كما فى ما نحن فيه، لا التزاما آخر مغايرا لالتزام اصل العقد، فلزومه الثابت بمقتضى عموم وجوب الوفاء بالشرط عين لزوم العقد فلا يلزم تفكيك بين التابع و المتبوع فى اللزوم و الجواز

______________________________

(اما اذا كان نفس مؤدى الشرط) و مفاده (لزوم ذلك العقد المشروط به) اى بهذا الشرط (كما فى ما نحن فيه) اذ الشرط سقوط خيار المجلس و معناه لزوم العقد و (لا) يكون الشرط (التزاما آخر مغايرا لالتزام اصل العقد).

مثلا: لم يكن الشرط فى بيع الكتاب اعارة البائع قلمه للمشترى، حيث ان الاعارة التزام آخر (فلزومه) اى لزوم الشرط المسقط للخيار (الثابت بمقتضى عموم وجوب الوفاء بالشرط عين لزوم العقد).

فهنا لزوم ذاتى هو لزوم العقد، و لزوم ثانوى هو عدم الخيار فيه.

و الاول: جاء من «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ».

و الثانى: جاء من «المؤمنون عند شروطهم» (فلا يلزم) من وجوب الوفاء بالشرط فى المقام (تفكيك بين التابع) و هو الشرط (و المتبوع) الّذي هو العقد (فى اللزوم و الجواز).

كما اذا كان الشرط لازما، و العقد جائزا، حيث انه كان يلزم التفكيك

و لذا قلنا: بانه اذا كان العقد جائزا كان الواجب القول بجواز الشرط أيضا.

ص: 147

و اما الثانى: فلان الخيار حق للمتعاقدين اقتضاه العقد لو خلى و نفسه فلا ينافى سقوطه بالشرط.

و بعبارة اخرى المقتضى للخيار العقد بشرط لا، لا طبيعة العقد من حيث هى، حتى لا توجد بدونه.

و قوله: البيعان بالخيار، و ان كان له ظهور فى العلية التامة الا

______________________________

(و اما) الجواب عن الاشكال (الثانى) و هو ان شرط اسقاط الخيار مخالف لمقتضى العقد (ف) ان هذا الشرط مخالف لاطلاق العقد، لا انه مخالف لمقتضى العقد (لان الخيار حق للمتعاقدين اقتضاه العقد لو خلى و نفسه) اى لم يشترط اسقاطه (فلا ينافى سقوطه بالشرط) لانه لا يلزم خلاف حقيقة العقد.

(و بعبارة اخرى) نقول فى الجواب (المقتضى للخيار العقد بشرط لا) اى بشرط ان لا يكون فى العقد اشتراط سقوط الخيار (لا طبيعة العقد من حيث هى) هى، فانها طبيعة مهملة، ان اطلقت اقتضت الخيار، اما ان قيدت بعدم الخيار فليس فيها الخيار (حتى لا توجد) الطبيعة (بدونه) اى بدون الخيار.

و قوله «حتى» متعلق ب «لا طبيعة».

(و) ان قلت: ظاهر «البيعان بالخيار» ان الخيار من مقتضى طبيعة العقد و ان العقد علة تامة للخيار.

قلت: (قوله) صلى الله عليه و آله و سلم: (البيعان بالخيار، و ان كان له ظهور فى العلية التامة) اى ان الخيار من طبيعة العقد (الا

ص: 148

ان المتبادر من اطلاقه صورة الخلوّ عن شرط السقوط مع ان مقتضى الجمع بينه و بين دليل الشرط كون العقد مقتضيا، لاتمام العلة ليكون التخلف ممتنعا شرعا.

نعم يبقى الكلام فى دفع توهم انه لو بنى على الجمع بهذا الوجه بين دليل الشرط و عمومات الكتاب و السنة، لم يبق شرط مخالف للكتاب و السنة، بل و لا لمقتضى العقد.

______________________________

ان المتبادر) عرفا (من اطلاقه) اى اطلاق «بالخيار» (صورة الخلوّ عن شرط السقوط) للخيار، هذا أولا (مع) انه لو سلمنا ان ظاهر «بالخيار» (ان) الخيار من مقتضى العقد، لكن (مقتضى الجمع بينه) اى بين:

البيعان بالخيار (و بين دليل الشرط) اى: المؤمنون عند شروطهم رفع اليد عن ظهور «بالخيار» فى العلية بل (كون العقد مقتضيا لاتمام العلة ليكون التخلف) اى تخلف الخيار عن العقد بسبب شرط اسقاط الخيار (ممتنعا شرعا).

و الحاصل ان «البيعان بالخيار» لا ظهور فيه فى العلية، و لو سلم الظهور فاللازم رفع اليد منه بدليل «المؤمنون عند شروطهم».

(نعم يبقى الكلام) و الاشكال (فى دفع توهم انه لو بنى على الجمع بهذا الوجه) بتقديم دليل: المؤمنون عند شروطهم، على العمومات (بين دليل الشرط و عمومات الكتاب و السنة، لم يبق شرط مخالف للكتاب و السنة) مع ان هناك- نصا و اجماعا- شروطا مخالفة لهما بحيث لا تنفذ تلك الشروط (بل و لا) تبقى شروط مخالفة (لمقتضى العقد) مع

ص: 149

و محل ذلك و ان كان فى باب الشروط، الا ان مجمل القول فى دفع ذلك فيما نحن فيه انا حيث علمنا بالنص و الاجماع، ان الخيار حق مالى قابل للاسقاط و الارث، لم يكن سقوطه منافيا للمشروع فلم يكن اشتراطه اشتراط المنافى

______________________________

انه لا اشكال فى وجود مثل هذا الشرط، فانه لو شرط ان يشرب الخمر او يتزوج بالمرأة فى العدة، او ان لا ينتقل المثمن الى ملك المشترى فى البيع، كان الشرط باطلا، و اللازم العمل بعموم الكتاب و السنة و بمقتضى العقد.

(و محل ذلك) الاشكال و جوابه (و ان كان فى باب الشروط) حيث نذكر خيار الشرط (الا ان مجمل القول فى دفع ذلك) الاشكال (فيما نحن فيه) حتى لا يقال: ان شرط اسقاط خيار المجلس مخالف لمقتضى العقد، ان بعض الاحكام الشرعية اقتضائية كحرمة شرب الخمر، و بعضها لا اقتضائية كحلية شرب الماء فى هذا اليوم، و بعض الامور المرتبطة بالعقد داخلة فى حقيقة العقد، كالنقل و الانتقال، و بعضها ليست داخلة فى حقيقته كالخيار و الشرط لا يمكن من تغيير الاولين و انما يتمكن من تغيير الاخيرين.

ف (انا حيث علمنا بالنص و الاجماع، ان الخيار حق مالى قابل للاسقاط، و) قابل ل (الارث) فاذا مات ذو الخيار ورث وارث الميت خيار الميت، كما يرث امواله (لم يكن سقوطه) اى الخيار (منافيا للمشروع).

و عليه (فلم يكن اشتراطه) اى اشتراط سقوطه (اشتراط المنافى)

ص: 150

كما لو اشترطا فى هذا العقد سقوط الخيار فى عقد آخر.

و اما عن الثالث: بما عرفت من: ان المتبادر من النص المثبت للخيار صورة الخلوّ عن الاشتراط و اقدام المتبايعين على عدم الخيار، ففائدة الشرط ابطال المقتضى، لا اثبات المانع.

______________________________

لمقتضى العقد فحال اشتراط سقوط الخيار فى هذا العقد يكون (كما لو اشترطا فى هذا العقد سقوط الخيار فى عقد آخر) فانه يسقط الخيار فى العقد الثانى، لانه مقتضى اطلاق: المؤمنون عند شروطهم.

اما احتمال ان يكون قوله «كما» مثالا لاشتراط المنافى فهو بعيد.

(و اما) الجواب (عن) الاشكال (الثالث) بان شرط اسقاط الخيار فى ضمن العقد هو اسقاط ما لم يجب ف (بما عرفت) قبل اسطر (من: ان المتبادر من النص صورة الخلوّ عن الاشتراط)

فدليل الخيار يقول «ان لم يكن شرط كان الخيار موجودا» فيدل هذا الدليل على انه لا خيار اذا كان اشتراط (و) ذلك فيما اذا كان (اقدام) من (المتبايعين على عدم الخيار، ففائدة الشرط) فى ضمن البيع بعدم الخيار (ابطال المقتضى) ففى العقد مقتضى للخيار إن خلى و شانه بدون شرط اسقاط الخيار (لا اثبات المانع) و ان الشرط يسقط الخيار الموجود ليستشكل بانه كيف يسقط الشرط الخيار الّذي ليس بموجود، فالشرط يمنع من وجود الخيار لا ان الشرط يسقط الخيار الموجود.

ص: 151

و يمكن ان يستأنس لدفع الاشكال من هذا الوجه الثالث، و من سابقه بصحيحة مالك بن عطية المتقدمة.

ثم ان هذا الشرط يتصور على وجوه.

احدها: ان يشترط عدم الخيار، و هذا هو مراد المشهور من اشتراط السقوط، فيقول: بعت بشرط ان لا بثبت خيار المجلس كما مثل به فى الخلاف و المبسوط و الغنية و التذكرة، لان المراد بالسقوط هنا

______________________________

(و يمكن ان يستأنس لدفع الاشكال من هذا الوجه الثالث، و من سابقه) الوجه الثانى (بصحيحة مالك بن عطية المتقدمة).

و ذلك لانه لو كان فى مثل شرط سقوط الخيار اشكال، لم يكن وجه للصحيحة.

اما الاشكال الاول: فهو اشكال عقلى «بالدور» لا يمكن رفعه بالنقل لانه لو فرض تعارض العقل و النقل كان اللازم تأويل النقل، اذ لا يمكن طرح الدليل العقلى.

(ثم ان هذا الشرط) شرط عدم الخيار فى ضمن العقد (يتصور على وجوه).

(احدها: ان يشترط عدم الخيار) اصلا (و هذا هو مراد المشهور من اشتراط السقوط) للخيار (فيقول) مثلا (بعت بشرط ان لا يثبت خيار المجلس) لك، اولى، او لكلينا (كما مثل به) بهذا النحو من الاسقاط (فى الخلاف و المبسوط و الغنية و التذكرة) و «عدم الثبوت» و ان كان «غير السقوط» الا انهما فى المقام شي ء واحد (لان المراد بالسقوط هنا

ص: 152

عدم الثبوت، لا الارتفاع.

الثانى: ان يشترط عدم الفسخ، فيقول: بعت، بشرط ان لا افسخ فى المجلس فيرجع الى التزام ترك حقه، فلو خالف الشرط و فسخ فيحتمل قويّا عدم نفوذ الفسخ، لان وجوب الوفاء بالشرط مستلزم لوجوب اجباره عليه، و عدم سلطنته على تركه.

كما لو باع منذور التصدق به على ما ذهب إليه غير واحد

______________________________

عدم الثبوت) من الاصل (لا الارتفاع) بعد وجوده.

نعم اذا شرط سقوط خيار المجلس بعد ساعة من البيع كان سقوطا حقيقة، لانه يكون بعد الثبوت.

(الثانى: ان يشترط عدم الفسخ، فيقول: بعت، بشرط ان لا افسخ فى المجلس) او بشرط ان لا تفسخ انت او بشرط ان لا يفسخ احد منّا (فيرجع) هذا الشرط (الى التزام ترك حقه) لا انه لا خيار له، بل لا ينفذ خياره (فلو خالف الشرط و فسخ، ف) فيه احتمالان.

اذ (يحتمل قويّا عدم نفوذ الفسخ) اصلا (لان وجوب الوفاء بالشرط) بدليل: المؤمنون عند شروطهم (مستلزم لوجوب اجباره عليه) اى على الوفاء (و) لازم الاجبار (عدم سلطنته على تركه) اى على ترك الشرط.

و معنى هذا الاحتمال ان «التكليف بعدم الفسخ» يتبع «الوضع» و ان فسخه باطل، فالعقد بحاله.

(كما لو باع منذور التصدق به على ما ذهب إليه غير واحد) حيث قالوا ببطلان البيع، فان وجوب الوفاء بالنذر يتبع بطلان البيع من باب ان

ص: 153

فمخالفة الشرط و هو الفسخ غير نافذة فى حقه.

و يحتمل النفوذ لعموم دليل الخيار، و الالتزام بترك الفسخ لا يوجب فساد الفسخ على ما قاله بعضهم من ان بيع منذور التصدق حنث موجب للكفارة، لا فاسد.

و حينئذ فلا فائدة فى هذا غير الاثم على مخالفته اذ ما يترتب على مخالفة الشرط فى غير هذا المقام من تسلط المشروط له على الفسخ، لو خولف الشرط، غير مرتب هنا.

______________________________

الحكم التكليفى يستتبع الحكم الوضعى.

و عليه (فمخالفة الشرط و هو الفسخ غير نافذة فى حقه) و يكون البيع ثابتا لازما.

(و يحتمل النفوذ) اى نفوذ الفسخ و ذلك (لعموم دليل الخيار) من قوله عليه السلام «البيعان بالخيار» (و الالتزام) حسب الشرط (بترك الفسخ) و ان كان واجبا تكليفا، الا انه (لا يوجب فساد الفسخ).

اذ لا وجه لفساد الفسخ بعد ان كان اختياره بيده وضعا (على ما قاله بعضهم من ان بيع منذور التصدق حنث) للنذر، و (موجب للكفارة لا فاسد) (و حينئذ) اى حين اذ كان حنثا (فلا فائدة فى هذا) النذر (غير الاثم على مخالفته) اى مخالفة النذر (اذ ما يترتب على مخالفة الشرط فى غير هذا المقام من تسلط المشروط له على الفسخ، لو خولف الشرط غير مرتب هنا).

ص: 154

و الاحتمال الاول اوفق بعموم وجوب الوفاء بالشرط الدال على وجوب ترتب آثار الشرط، و هو عدم الفسخ فى جميع الاحوال حتى بعد الفسخ فيستلزم ذلك كون الفسخ الواقع لغوا، كما تقدم نظيره فى الاستدلال بعموم وجوب الوفاء بالعقد على كون فسخ احدهما منفردا لغوا لا يرفع وجوب الوفاء.

الثالث: ان يشترط اسقاط الخيار

______________________________

(و الاحتمال الاول اوفق بعموم وجوب الوفاء بالشرط الدال على وجوب ترتب آثار الشرط) شرط عدم الفسخ (و هو) اى ترتيب الآثار يكون ب (عدم الفسخ فى جميع الاحوال حتى بعد الفسخ) اللفظى، فانه و ان فسخ لفظا لكن اثر عدم الفسخ موجود (فيستلزم ذلك) اى ما ذكرناه من وجوب ترتب آثار الشرط (كون الفسخ الواقع لغوا) فوجوده كعدمه، و يكون البيع باقيا على حاله (كما تقدم نظيره فى الاستدلال بعموم وجوب الوفاء بالعقد) فى الآية المباركة (على كون فسخ احدهما منفردا لغوا).

اذ معنى وجوب الوفاء الوضع، لا مجرد التكليف.

ففسخ احدهما (لا يرفع وجوب الوفاء).

و الحاصل استفادة الوضع من التكليف.

(الثالث) من الوجوه (ان يشترط اسقاط الخيار) بان يشترط كل واحد منهما على الآخر ان يسقط خياره بعد البيع، و كذا اذا شرط احدهما على الآخر، فانه يلزمه فقط دون من لم يشترط عليه، و حينئذ يكون لاحدهما الخيار.

ص: 155

و مقتضى ظاهره وجوب الاسقاط بعد العقد فلو اخل به و فسخ العقد ففى تأثير الفسخ الوجهان المتقدمان.

و الاقوى عدم التأثير و هل للمشروط له الفسخ بمجرد عدم اسقاط المشترط الخيار بعد العقد و ان لم يفسخ وجهان.

______________________________

(و مقتضى ظاهره) اى ظاهر الشرط (وجوب الاسقاط بعد العقد) لان الشرط يسبب التكليف لقوله عليه السلام: المؤمنون عند شروطهم، فليس من تأثير الشرط انه اذا لم يفعله المشروط عليه كان للشارط ان يفسخ فقط، بل له ذلك بالإضافة الى وجوب الوفاء بالشرط على المشروط عليه (فلو اخل) المشروط عليه (به) اى بالشرط (و فسخ العقد، ففى تأثير الفسخ الوجهان المتقدمان).

من ان له خيار الفسخ ففسخه صحيح و ان كان آثما فى عدم التزامه بشرطه.

و من ان الشرط يقتضي الوضع، فلا تأثير لفسخه، بالإضافة الى انه فعل حراما.

(و الاقوى) عند المصنف (عدم التأثير) لقاعدة: ان الشرط يقتضي الوضع (و هل للمشروط له الفسخ بمجرد عدم اسقاط المشترط الخيار) «الخيار» مفعول «اسقاط» (بعد العقد) متعلق بالاسقاط (و ان لم يفسخ)- فانه اذا خالف و فسخ لم يبق للشارط موضع لتنفيذ شرطه- أم ليس للمشروط الفسخ بمجرد ذلك (وجهان).

و لا يخفى انه اما ان يفرض للشارط خياران، خيار المجلس و خيار

ص: 156

من عدم حصول الشرط.

و من ان المقصود منه ابقاء العقد، فلا يحصل التخلف الا اذا فسخ.

و الاولى بناء على القول بعدم تأثير الفسخ هو عدم الخيار لعدم تخلف الشرط.

و على القول بتأثيره ثبوت الخيار

______________________________

الاشتراط.

و اما ان يفرض خيار الاشتراط فقط، لانه شرط عليه عدم خيار المجلس، او انه سقط خيار مجلسه بسبب من الاسباب.

و كيف كان فلا يستشكل بانه لا مورد لقوله «و هل» حيث ان للشارط خيار المجلس.

(من عدم حصول الشرط) فله خيار تخلف الشرط.

(و من ان المقصود منه) اى من شرط اسقاط الخيار (ابقاء العقد، فلا يحصل التخلف) من هذا الشرط بعد بقاء العقد (الا اذا فسخ) و لم يحصل الفسخ فرضا.

(و الاولى) التفصيل بين المبانى، ف (بناء على القول بعدم تأثير الفسخ) كما اختاره المصنف بقوله «و الاقوى عدم التأثير» (هو عدم الخيار لعدم تخلف الشرط) لما عرفت من ان المقصود من «شرط ان لا يفسخ» ابقاء العقد، و قد بقى العقد غير متزلزل.

(و على القول بتأثيره) اى انه يتمكن من الفسخ، و انما يكون فاعلا للحرام اذا فسخ (ثبوت الخيار) للشارط بمجرد عدم اسقاط المشروط عليه

ص: 157

لانه قد يكون الغرض من الشرط عدم تزلزل العقد، و يكون بقاء المشترط على سلطنة الفسخ مخالفا لمصلحة المشروط له.

و قد يموت ذو الخيار و ينتقل الى وارثه.

بقى الكلام فى ان المشهور ان تأثير الشرط انما هو مع ذكره فى متن العقد، فلو ذكراه قبله لم يفد، لعدم الدليل على وجوب الوفاء به.

و صدق الشرط على غير المذكور فى العقد غير ثابت،

______________________________

الخيار.

و انما كان للشارط (لانه قد يكون الغرض من الشرط عدم تزلزل العقد، و) هذه الفائدة لم تحصل للشارط، اذ (يكون بقاء المشترط على سلطنة الفسخ مخالفا لمصلحة المشروط له) فله ان يفسخ حتى لا يكون فى حال تزلزل من جهة عدم حصول مصلحته.

(و قد يموت ذو الخيار) المشترط عليه الفسخ (و ينتقل) الخيار (الى وارثه) و الشارط لا يريد ابتلائه بالوارث، الى غير ذلك.

(بقى الكلام فى ان المشهور ان تأثير الشرط انما هو مع ذكره فى متن العقد) و لو على نحو تقديم الظرف، مثل ان يقول: على شرط كذا بعتك هذا الكتاب بدينار (فلو ذكراه قبله) بان لم يكن الشرط جزء من العقد (لم يفد) فى الالزام و الالتزام (لعدم الدليل على وجوب الوفاء به) فالاصل عدم وجوب الوفاء به.

(و) ان قلت: يصدق الشرط عليه.

قلت: (صدق الشرط على غير المذكور فى العقد غير ثابت) و ان قال

ص: 158

لان المتبادر عرفا هو الالزام و الالتزام المرتبط بمطلب آخر.

و قد تقدم عن القاموس: انه الالزام و التزام فى البيع و نحوه.

و عن الشيخ و القاضى تأثير الشرط المتقدم.

قال فى محكى الخلاف: لو شرطا قبل العقد ان لا يثبت بينهما خيار بعد العقد، صح الشرط و لزم العقد بنفس الايجاب و القبول.

ثم نقل الخلاف عن بعض اصحاب الشافعى.

______________________________

به بعض بل هذا هو الاقرب عندنا اذا اجريا العقد بناء عليه، و لا نسلم التبادر الّذي ذكره المصنف بقوله: (لان المتبادر عرفا هو الالزام و الالتزام المرتبط بمطلب آخر) و الشرط السابق ليس بمرتبط- على راى المصنف- فهو شرط ابتدائى و مثله لا يوجب شيئا.

(و قد تقدم عن القاموس: انه الالزام و التزام فى البيع و نحوه) من العقود و الايقاعات اللازمة.

(و) لكن (عن الشيخ و القاضى تأثير الشرط المتقدم) فى وجوب الوفاء به.

(قال فى محكى الخلاف: لو شرطا قبل العقد ان لا يثبت بينهما خيار) المجلس (بعد العقد، صح الشرط و لزم العقد بنفس الايجاب و القبول) بدون حاجة الى تكرار الشرط مع الايجاب و القبول.

(ثم نقل) الشيخ (الخلاف) فى المسألة (عن بعض اصحاب الشافعى) و انه قال: بان الشرط يلزم ان يكون فى ضمن العقد حتى يؤثر، اما اذا كان قبله فلا تأثير له.

ص: 159

ثم قال: دليلنا انه لا مانع من هذا الشرط.

و الاصل جوازه.

و عموم الاخبار فى جواز الشرط يشمل هذا الموضع انتهى.

و نحوه المحكى عن جواهر القاضى

و قال فى المختلف على ما حكى عنه بعد ذلك: و عندى فى ذلك نظر فان الشرط انما يعتبر حكمه لو وقع فى متن العقد.

نعم لو شرطا قبل العقد، و تبايعا على ذلك الشرط، صحّ ما شرطاه انتهى.

______________________________

(ثم قال) الشيخ (دليلنا انه لا مانع من) تأثير (هذا الشرط) المقدم على العقد.

(و الاصل) اى مقتضى القاعدة (جوازه) اى نفوذه.

(و) ذلك لان (عموم الاخبار فى جواز الشرط يشمل هذا الموضع) الّذي يكون الشرط فيه مقدما على العقد (انتهى) كلام الشيخ.

(و نحوه المحكى عن جواهر القاضى).

(و قال فى المختلف على ما حكى عنه بعد ذلك) الكلام المحكى عن الشيخ (و عندى فى ذلك) اى فى تأثير الشرط المتقدم (نظر).

(ف) وجه النظر (ان الشرط انما يعتبر حكمه) و يكون واجب الوفاء (لو وقع فى متن العقد) لا ما اذا كان الشرط خارجا قبلا او بعدا.

(نعم لو شرطا قبل العقد، و تبايعا على ذلك الشرط، صحّ ما شرطاه) لانه شرط فى ضمن العقد أيضا (انتهى) كلام العلامة.

ص: 160

اقول: التبايع على ذلك الشرط ان كان بالاشارة إليه فى العقد بان يقول- مثلا-: بعت على ما ذكر، فهو من المذكور فى متن العقد.

و ان كان بالقصد إليه و البناء عليه عند الانشاء فهذا هو ظاهر كلام الشيخ.

نعم يحتمل ان يريد الصورة الاولى و اراد بقوله:

______________________________

(اقول) يرد على قول العلامة «نعم» احد اشكالين على سبيل منع الخلو.

لانه ان اشير الى الشرط فى متن العقد فهو من الشرط فى متن العقد و ليس استثناء، فلا وجه لاستثناء العلامة له.

و ان لم يشر الى الشرط فى متن العقد، فكلام العلامة هو كلام الشيخ فلا وجه لقول العلامة: و عندى فى ذلك نظر.

فان (التبايع) و التبانى (على ذلك الشرط ان كان بالاشارة إليه فى العقد، بان) يشترطا أولا ثم (يقول- مثلا-: بعت على ما ذكر) من الشرط (فهو من) الشرط (المذكور فى متن العقد) و لا يكون استثناء كما استثناه العلامة بقوله «نعم لو شرطا».

(و ان كان) التبايع على ذلك الشرط (بالقصد إليه و البناء عليه عند الانشاء) للعقد بدون الاشارة (فهذا هو ظاهر كلام الشيخ) و لا وجه لاشكال العلامة عليه، لان الشيخ و العلامة كليهما يقولان كلاما واحدا.

(نعم يحتمل ان يريد) الشيخ بكلامه فى كفاية التبانى على الشرط (الصورة الاولى) اى ما كان الشرط فى متن العقد (و اراد بقوله) بجواز

ص: 161

قبل العقد، قبل تمامه، و هذا هو المناسب للاستدلال له بعدم المانع من هذا الاشتراط.

و يؤيده أيضا، بل بعينه ان بعض اصحاب الشافعى انما يخالف فى صحة هذا الاشتراط فى متن العقد.

و

______________________________

الشرط (قبل العقد، قبل تمامه) اى يشترط فى اثناء العقد قبل ان يتم العقد لا انه اراد اجراء صيغة العقد (و هذا) اى ارادته كون الشرط فى اثناء العقد (هو المناسب للاستدلال له بعدم المانع من هذا الاشتراط)

و ذلك لانه ان كان قبل اجراء العقد كان هناك مانع عن لزوم هذا الاشتراط و المانع انه ليس فى ضمن بيع او نحوه و قد تقدم ان الشرط انما يلزم اذا كان فى ضمن بيع او نحوه- كما عن القاموس-.

(و يؤيده) اى يؤيد ان الشيخ اراد من «قبل العقد» قبل تمام العقد (أيضا، بل يعينه ان بعض اصحاب الشافعى انما يخالف فى صحة هذا الاشتراط فى متن العقد).

و قد عرفت ان الشيخ ذكر كلامه مقابل كلام الشافعى، فاذا كان الشافعى يخالف فى الاشتراط فى متن العقد، فالشيخ يقول: ان الاشتراط فى متن العقد كاف «فليس كلام الشيخ فى الشرط قبل اجراء صيغة العقد».

(و) يدل على ان بعض الشافعية خلافهم فى الشرط فى متن العقد و انهم يرون ان مثل هذا الشرط ليس بملزم، و انما يلزم ان يكون الشرط

ص: 162

قد صرح فى التذكرة، بذكر خلاف بعض الشافعية فى اشتراط عدم الخيار فى متن العقد.

و استدل عنهم بان الخيار بعد تمام العقد فلا يصح اسقاطه قبل تمامه.

و الحاصل: ان ملاحظة عنوان المسألة فى الخلاف و التذكرة، و استدلال الشيخ على الجواز، و بعض الشافعية على المنع، يكاد يوجب القطع بعدم إرادة الشيخ صورة ترك الشرط فى متن العقد.

______________________________

بعد العقد، ما (قد صرح) العلامة (فى التذكرة، بذكر خلاف بعض الشافعية فى اشتراط) هم (عدم الخيار فى متن العقد) قالوا فاذا كان فى متن العقد لم يكن مؤثرا.

(و استدلال) العلامة (عنهم بان الخيار) يحدث (بعد تمام العقد) لان العقد سبب الخيار (فلا يصح اسقاطه قبل تمامه) اى قبل تمام العقد فانه اسقاط لما لم يوجد، و ذلك محال.

(و الحاصل) ان الشيخ لا يريد بيان ان الشرط قبل العقد كاف، بل يريد بيان ان الشرط فى اثناء العقد كاف.

ف (ان ملاحظة عنوان المسألة فى الخلاف و التذكرة، و) ملاحظة (استدلال الشيخ على الجواز) بانه لا مانع من هذا الشرط (و بعض الشافعية على المنع) بانه اسقاط ما لم يحدث (يكاد يوجب القطع بعدم إرادة الشيخ) صحة الشرط المتقدم على اجراء العقد، و ان (صورة ترك الشرط فى متن العقد) و جعله قبل اجراء العقد كاف فى لزومه.

ص: 163

و كيف كان فالاقوى ان الشرط غير المذكور فى متن العقد غير مؤثر لانه لا يلزم بنفس اشتراطه السابق لان المتحقق فى السابق اما وعد بالتزام او التزام تبرعى لا يجب الوفاء به و العقد اللاحق و ان وقع مبنيا عليه لا يلزمه لانه الزام مستقل لا يرتبط بالتزام العقد

______________________________

(و كيف كان) كلام الشيخ (ف) الظاهر عندنا ان الشرط المذكور قبل العقد المبنى عليه العقد، لازم الوفاء، و يشمله كل ادلة الشرط بل هو كذلك عند العقلاء، و قد أمضاه الشارع، فاللازم القول به.

و ان كان (الاقوى) عند المصنف (ان الشرط غير المذكور فى متن العقد غير مؤثر) فى وجوب الوفاء به.

و ذلك (لانه لا يلزم بنفس اشتراطه السابق) قبل العقد (لان المتحقق فى السابق اما وعد بالتزام) كانه قال لطرفه: انى اعدك بان التزم ان لا افسخ العقد (او التزام تبرعى) كانه قال: انى التزمت ان لا افسخ.

و من المعلوم ان كلا الامرين (لا يجب الوفاء به) اذا الشرط الزام او التزام فى ضمن بيع او نحوه كما عرفت (و العقد اللاحق) عطف على «لا يلزم» اى ان وجوب الوفاء بهذا الشرط ان كان من جهة نفسه من غير ملاحظة العقد فقد عرفت انه غير ملزم.

و ان كان من جهة «العقد اللاحق» ففيه ان العقد (و ان وقع مبنيا عليه) لكنه (لا يلزمه) اى ان العقد لا يلزم هذا الشرط (لانه) اى الشرط السابق (الزام مستقل لا يرتبط بالتزام العقد) فى نفسه، فهو التزام و

ص: 164

الا بجعل المتكلم، و الا فهو بنفسه ليس من متعلقات الكلام العقدى مثل العوضين و قيودهما حتى يقدر شرطا منويا، فيكون كالمحذوف النحوى بعد نصب القرينة، فان من باع داره- فى حال بنائه فى الواقع على عدم الخيار له- لم يحصل له فى ضمن بيعه إنشاء التزام بعدم الخيار، و لم يقيد انشائه بشي ء بخلاف قوله: بعتك على ان لا خيار لى الّذي مؤداه

______________________________

العقد التزام آخر، و لا يرتبط احدهما بالآخر (الا بجعل المتكلم) احدهما مرتبطا بالآخر (و الا فهو) اى الشرط (بنفسه ليس من متعلقات الكلام العقدى مثل العوضين) فانهما من متعلقات «بعت» و «اشتريت» (و قيودهما) عطف على العوضين، مثل قيد ان يكون مع المبيع الشي ء الفلانى كالمروحة المنصوبة فى الدار مثلا (حتى يقدر شرطا منويا) فى العقد (فيكون) حاله (كالمحذوف النحوى بعد نصب القرينة) كما اذا قال «دنف» فى جواب «كيف زيد» حيث ان «زيد» محذوف، ف «دنف» خبر له (فان من باع داره- فى حال بنائه فى الواقع) و فى نفسه (على عدم الخيار له- لم يحصل له فى ضمن بيعه إنشاء التزام بعدم الخيار) اى إنشاء نفسى (و لم يقيد انشائه بشي ء) لفظى، فمن اين يجب الالتزام بهذا الشرط المقدم فى الكلام؟

اقول فيه: انه اذا بنيا البيع عليه، كان ذلك إنشاء نفسيا، فلا يتم قوله «لم يحصل».

و هذا (بخلاف قوله: بعتك على ان لا خيار لى الّذي مؤداه) و معناه

ص: 165

بعتك ملتزما على نفسى و بانيا على ان لا خيار لى فان انشائه للبيع قد اعتبر مقيدا بانشائه التزام عدم الخيار فحاصل الشرط الزام فى التزام مع اعتبار تقييد الثانى بالاول.

و تمام الكلام فى باب الشروط ان شاء الله تعالى.

فرع: ذكر العلامة فى التذكرة موردا لعدم جواز اشتراط نفى خيار المجلس و غيره

______________________________

(بعتك ملتزما على نفسى و بانيا على ان لا خيار لى) فيكون التزاما فى التزام (فان انشائه للبيع قد اعتبر مقيدا بانشائه التزام عدم الخيار).

و عليه (ف) يكون (حاصل الشرط) فى المثال المزبور (الزام فى التزام، مع اعتبار تقييد الثانى) الشرط (بالاول) اى العقد.

و انما قال «مع» لبيان ان العقد ليس ظرفا فقط للشرط بل العقد مقيد به.

(و تمام الكلام فى باب الشروط ان شاء الله تعالى) و الله سبحانه المستعان.

(فرع: ذكر العلامة فى التذكرة موردا لعدم جواز اشتراط نفى خيار المجلس و غيره) اى و نفى غير خيار المجلس، اى لا يصح ان ينفى كل خيار.

اما اذا نفى بعض الخيارات كما اذا كان له خيار العيب، و الغبن و المجلس فقال بشرط عدم خيار المجلس لم يضر.

اذ هذا الشرط لا ينفى النذر.

ص: 166

فى متن العقد، و هو ما اذا نذر المولى ان يعتق عبده اذا باعه بان قال: لله على ان اعتقك اذا بعتك.

قال: لو باعه بشرط نفى الخيار لم يصح البيع لصحة النذر فيجب الوفاء به، و لا يتم برفع الخيار.

و

______________________________

اما اذا قال بشرط ان لا خيار لى اطلاقا، فانه يضر بالنذر (فى متن العقد، و هو) اى هذا المورد (ما اذا نذر المولى ان يعتق عبده اذا باعه بان قال: لله على ان اعتقك اذا بعتك) او قال: لله على ان اعتق عبدى فلانا اذا بعته، و مثله اليمين.

و كذا اذا شرط العتق فى ضمن معاملة سابقة، كما اذا اشترى العبد بشرط انه اذا باعه اعتقه.

و لا يخفى ان العبد و العتق من باب المثال، و الا فاذا نذر ان يذبح حيوانه فى سبيل الله اذا باعه كان كذلك، فليس له ان يسقط خياراته فى ضمن البيع، و ان كان له ان يسقط بعض خياراته.

(قال: لو باعه بشرط نفى الخيار لم يصح البيع).

و ذلك (لصحة النذر فيجب الوفاء به، و لا يتم) اى لا يمكن الوفاء بالنذر (برفع الخيار) اى كيف يعتق مال الغير و لا عتق الا فى ملك.

(و) لكن يمكن ان يقال: بصحة البيع و بطلان شرط سقوط الخيار اذ الشرط مصادم للنذر.

اما البيع فلا مصادمة له مع النذر.

ص: 167

على قول بعض علمائنا من صحة البيع مع بطلان الشرط يلغو الشرط و يصح البيع و يعتق، انتهى.

اقول هذا مبنى على ان النذر المعلق بالعين يوجب عدم تسلط الناذر على التصرفات المنافية له.

و قد مرّ ان الاقوى فى الشرط أيضا كونه كذلك.

______________________________

و إليه اشار بقوله: و (على قول بعض علمائنا من صحة البيع مع بطلان الشرط) اى شرط عدم الخيار (يلغو الشرط، و يصح البيع و يعتق)- بصيغة المعلوم- اى بعد البيع يعتق البائع عبده (انتهى) كلام العلامة ره.

اقول: و يمكن فى بعض الصور صحة البيع و الشرط- فيما اذا لم يكن تصادم- كما اذا باعه من مورثه الّذي يموت بعد قليل فيرثه، او ممن يشتريه منه، او نحو ذلك، و فرض كلام العلامة فى صورة المصادمة.

(اقول هذا) الكلام من العلامة (مبنى على ان النذر المعلق بالعين يوجب عدم تسلط الناذر على التصرفات المنافية له) اى للنذر فاذا نذران يتصدق بشاته لم يجز له بيعها و هبتها هبة لازمة، و نحو ذلك فالنذر يوجب الحجر فى الملك، و فى غير الملك فاذا نذران يجعل ما حجره مسجدا «و المحجور غير مملوك» لم يجز له ترك تحجيره حتى يرجع مباحا اصليا مثلا، الى غير ذلك من الامثلة.

(و قد مرّ ان الاقوى فى الشرط أيضا) كالنذر (كونه كذلك) اى انه اذا شرط لم يكن له ان يتصرف تصرفا ينافى الشرط، فاذا اشترى

ص: 168

..........

______________________________

العبد بشرط ان يعتقه لم يكن له ان يبيعه، اذ البيع يصطدم مع الشرط.

و كذلك اذا شرط فى النكاح ان لا يتزوج عليها، لم يكن له النكاح عليها، الى غير ذلك من الامثلة.

ص: 169

مسئلة: و من المسقطات اسقاط هذا الخيار بعد العقد

بل هذا هو المسقط الحقيقى.

و لا خلاف ظاهرا فى سقوطه بالاسقاط.

و يدل عليه بعد الاجماع فحوى ما سيجي ء من النص الدال على سقوط الخيار بالتصرف، معللا بانه رضاء بالبيع.

______________________________

(مسألة: و من المسقطات) لخيار المجلس (اسقاط هذا الخيار بعد العقد) سواء اسقطه احدهما او كلاهما (بل هذا هو المسقط الحقيقى) بينما بعض المسقطات السابقة سقوط، لا اسقاط (و لا خلاف ظاهرا فى سقوطه بالاسقاط).

(و يدل عليه بعد الاجماع) المراد بالاجماع ما ذكره: من لا خلاف، فلا يقال: ان بين كلاميه تنافى.

أولا: ما دلّ على ان الخيار حق و من المعلوم ان الحق كالملك يسقط بالاعراض، اما ان الخيار حق فلشهادة العرف بذلك، و اما سقوط الملك بالاعراض فلان العرف يرى ذلك، و الشارع امضى الامرين لانه لم يحدث تغييرا.

و ثانيا: (فحوى ما سيجي ء من النص الدال على سقوط الخيار بالتصرف، معللا بانه رضاء بالبيع).

فان هذه العلة تدل على انه كلما حصل الرضا بالبيع، بمعنى عدم الأخذ بالخيار و اسقاطه سقط، فاذا كان التصرف الّذي هو اقل من

ص: 170

مضافا الى القاعدة المسلمة من ان لكل ذى حق اسقاط حقه.

و لعله لفحوى: تسلط الناس على اموالهم، فهم اولى بالتسلط على حقوقهم المتعلقة بالاموال، و لا معنى لتسلطهم على مثل هذه الحقوق غير القابلة للنقل، إلا نفوذ تصرفهم فيها بما يشمل الاسقاط.

و يمكن الاستدلال له بدليل الشرط

______________________________

الاسقاط- لانه يدل على الاسقاط- موجبا لسقوط الخيار، كان الاسقاط اولى بكونه مسقطا له (مضافا الى القاعدة المسلمة من ان لكل ذى حق اسقاط حقه) و ذلك لان معنى الحق هو هذا فانه و ان كان قد يستعمل الحق بمعنى الحكم الّذي ليس لذى الحق اسقاطه، الا ان ذلك بحاجة الى قرينة خارجية.

(و لعله) اى لعل الدليل على ان لكل ذى حق اسقاط حقه (لفحوى تسلط الناس على اموالهم) كما فى النص (فهم اولى بالتسلط على حقوقهم المتعلقة بالاموال).

وجه الاولوية ان الحق اقل من المال، لانه مرتبة ضعيفة من الملك (و لا معنى لتسلطهم على مثل هذه الحقوق غير القابلة للنقل).

و انما لم يكن قابلا لنقل، لانه لا دليل على ذلك، فاللازم الاقتصار على موضع الدليل، و هو ان لهم الاخذ بالحق (إلا نفوذ تصرفهم فيها بما يشمل الاسقاط) كما انه يشمل عدم الاسقاط.

(و يمكن الاستدلال له) اى لسقوط خيار المجلس بالاسقاط (بدليل الشرط) فانه لو اسقط خياره فقد التزم بالسقوط، فيشمله دليل المؤمنون

ص: 171

لو فرض شموله للالتزام الابتدائى.

ثم ان الظاهر سقوط الخيار بكل لفظ يدل عليه باحدى الدلالات العرفية، للفحوى المتقدمة.

و فحوى ما دل على كفاية بعض الافعال فى اجازة عقد الفضولى.

و صدق الاسقاط النافذ بمقتضى ما تقدم من التسلط على اسقاط الحقوق.

______________________________

عند شروطهم، و قد سبق ان الشرط يقتضي الوضع (لو فرض شموله) اى الشرط (للالتزام الابتدائى).

(ثم ان الظاهر) من اطلاقات ادلة سقوط الخيار بالاسقاط (سقوط الخيار بكل لفظ يدل عليه) اى على الاسقاط (باحدى الدلالات العرفية) كالدلالة الصريحة و الاشارة و الكناية و العمل كما انه اذا اعتيد ان من يسقط خياره يضع المتاع فى موضع خاص.

و انما قلنا الظاهر ذلك (للفحوى المتقدمة) اى ما ذكرنا من فحوى سقوط الخيار بالتصرف.

(و فحوى ما دل على كفاية بعض الافعال فى اجازة عقد الفضولى) مثل: ما دلّ على ان سكوت المولى اجازة لنكاح العبد، و ان سكوت البكر دليل على رضاها.

(و) يدل أيضا على كفاية كل دلالة فى الاسقاط (صدق الاسقاط) عرفا (النافذ) صفة الاسقاط (بمقتضى ما تقدم من التسلط على اسقاط الحقوق) فاذا كان شي ء يدلّ على اسقاط الحق و المسقط يوجب السقوط

ص: 172

و على هذا فلو قال احدهما: اسقطت الخيار من الطرفين، فرضى الآخر سقط خيار الراضى أيضا، لكون رضاه باسقاط الآخر خياره اسقاطا أيضا.

مسألة: لو قال احدهما لصاحبه: اختر فان اختيار المأمور الفسخ فلا اشكال فى انفساخ العقد.

و ان اختار الامضاء، ف

______________________________

لزم السقوط بكل ما دلّ على ذلك.

(و على هذا) الّذي قلنا ان كل دال على الاسقاط يوجب السقوط (فلو قال احدهما: اسقطت الخيار من الطرفين، فرضى الآخر) بمقالة صاحبه (سقط خيار الراضى أيضا) كما سقط خيار المتكلم (لكون رضاه باسقاط الآخر خياره اسقاطا) له (أيضا) «اسقاطا» خبر «كون».

و مثله ما لو قال له: اسقط خيارك، فقال نعم، فقال اسقطت خيارك الى غير ذلك مما يدل على الرضى بسقوط الخيار إنشاء.

(مسألة: لو قال احدهما لصاحبه: اختر) او ما فى معناه (فان اختار المأمور الفسخ فلا اشكال فى انفساخ العقد) لان له الفسخ سواء امره بذلك أم لا، نعم قد يكون قول الآمر «اختر» يعنى عن نفسك، و قد يقصد عن نفسه و قد يقصد الاطلاق، فان قصد اختر عن نفسك، لم يكن قول المأمور «فسخت» اذا قصد به الفسخ عن الامر فسخا، اذ انه لم يكن وكيلا له فى الفسخ و لم يفسخ عن نفسه.

(و ان اختار الامضاء، ف) لا شك انه يسقط خيار المضى حينئذ،

ص: 173

فى سقوط خيار الآمر أيضا مطلقا كما عن ظاهر الاكثر بل عن الخلاف الاجماع عليه، او بشرط ارادته تمليك الخيار لصاحبه و الا فهو باق مطلقا كما هو ظاهر التذكرة او مع قيد إرادة الاستكشاف دون التفويض و يكون حكم التفويض كالتمليك اقوال

______________________________

لفرض انه اسقط خياره، بسبب اختياره امضاء العقد، و (فى سقوط خيار الآمر أيضا مطلقا) مقابل التفصيل الآتى (كما عن ظاهر الاكثر بل عن الخلاف الاجماع عليه).

و ذلك لانه فوض الخيار الى صاحبه و صاحبه اسقط الخيار (او) التفصيل بسقوط خيار الآمر (بشرط ارادته تمليك الخيار لصاحبه).

و الخيار يملّك، لانه حق قابل للتمليك كما انه قابل للاسقاط، بل لا يبعد قبوله للمعارضة (و الا) يرد تمليك الخيار لصاحبه (فهو باق مطلقا) مقابل التفصيل الآتى (كما هو ظاهر التذكرة) فانه اذا لم يرد تمليك الخيار لصاحبه فلا وجه لسقوط خياره بمجرد قوله لصاحبه «اختر» فان كلمة «اختر» ليست من مسقطات الخيار (او مع قيد) «الا هو باق» ب (إرادة الاستكشاف دون التفويض).

و حاصله: اخراج صورة اخرى من «الا هو باق» و هى صورة التفويض (و) عليه (يكون حكم التفويض كالتمليك) فى انه يوجب سقوط الخيار (اقوال) ثلاثة الاول: ان «اختر» يوجب سقوط خيار الآمر مطلقا.

الثانى: انه يوجب سقوطه ان اراد التمليك، و ان لم يرد التمليك فلا سقوط.

الثالث: انه يوجب سقوطه ان اراد التمليك، او التفويض و ان

ص: 174

و لو سكت فخيار الساكت باق اجماعا، و وجهه واضح.

و اما خيار الآمر ففى بقائه مطلقا، او بشرط عدم إرادة تمليك الخيار كما هو ظاهر التذكرة، او سقوط خياره مطلقا، كما عن الشيخ، اقوال.

و الاولى ان يقال: ان كلمة: اختر

______________________________

لا يوجب سقوطه فلا فرق لان «التمليك» معناه ان الخيار انتقل الى المأمور فله خياران فاذا اسقط المأمور خيار نفسه، كان له خيار الآمر.

و اما «التفويض» فمعناه ان «الخيار للآمر» حتى ان الآمر ان اراد سحب تفويضه الى نفسه رجع الخيار إليه، و انما للمأمور ان يجرى خيار الآمر وكالة عنه (و لو سكت) المأمور بعد قول الآمر «اختر» بان لم يفسخ و لم يمض (فخيار الساكت) اى المأمور (باق اجماعا، و وجهه واضح) لانه لم يستعمل خياره، نفيا و لا ايجابا.

(و اما خيار الآمر ففى بقائه مطلقا، او) يفصل فيبقى (بشرط عدم إرادة تمليك) الآمر (الخيار) للمأمور (كما هو ظاهر التذكرة، او سقوط خياره) بمجرد الامر (مطلقا) اى سواء اراد التمليك، أم لا (كما عن الشيخ، اقوال) ثلاثة.

ثم ان تمليك الآمر خياره للمأمور انما يكون مملّكا اذا قبل المأمور و إلا فإن لم يقبل المأمور لم يملك المأمور الخيار لاصالة عدم التملك بدون القبول و الله العالم.

(و الاولى ان يقال: ان كلمة: اختر) و ما يراد فها فى سائر اللغات، او ما يشابهها فى اللغة العربية مثل «تخير» و «انت مختار»

ص: 175

بحسب وضعه لطلب اختيار المخاطب احد طرفى العقد من الفسخ و الامضاء و ليس فيه دلالة على ما ذكروه من تمليك الخيار، او تفويض الامر او استكشاف الحال.

نعم الظاهر عرفا من حال الآمر ان داعيه استكشاف حال المخاطب، و كانه فى العرف السابق كان ظاهرا فى تمليك المخاطب امر الشي ء، كما يظهر من باب الطلاق

______________________________

الى غيرها (بحسب وضعه) لغة انما هو (لطلب اختيار المخاطب احد طرفى العقد من الفسخ و الامضاء) فانه دلالته المطابقية (و ليس فيه دلالة) باحدى الدلالات الثلاث (على ما ذكروه من تمليك الخيار) بنقل المتكلم خياره الى المخاطب.

و الظاهر ان له الحق فى النقل، اذ الخيار ملكه، فكما له اسقاطه كذلك له نقله الى انسان آخر.

و منه يعلم ان قول ذى الخيار، لشخص ثالث «اختر» حاله حال ما اذا قال لطرفه، لوحدة المناط فى كلا المقامين (او تفويض الامر) كان يكون المخاطب وكيلا عن الآمر (او استكشاف الحال) بانه هل يرغب المأمور فى الفسخ او الامضاء بدون ان يكون الامر توكيلا او تمليكا.

(نعم الظاهر عرفا) اى ان العرف يستظهر (من حال الآمر ان داعيه) فى هذا الامر (استكشاف حال المخاطب) بدون تمليك و لا توكيل (و كانه فى العرف السابق كان) لفظ «اختر» (ظاهرا فى تمليك المخاطب امر الشي ء) الّذي كان مالكه الآمر (كما يظهر من باب الطلاق).

ص: 176

فان تم دلالته حينئذ على اسقاط الامر خياره بذلك، و الا فلا مزيل لخياره.

و عليه يحمل- على تقدير الصحة- ما ورد فى ذيل بعض اخبار خيار المجلس: انهما بالخيار ما لم يفترقا، او يقول احدهما لصاحبه: اختر.

______________________________

لكن لا يخفى ان دعوى ذلك بعيدة، و الاصل عدم النقل، بل «اختر» ظاهر فى ان الآمر راض بما يفعله المخاطب من الفسخ و الامضاء ليس الا.

فان كانت هناك قرينة خارجية او كلامية تدل على التمليك او التفويض او الاستكشاف فيها، و الا اخذ بمقتضى ظهور اللفظ.

(فان تم دلالته) اى دلالة «اختر» (حينئذ) اى حين كان ظهوره السابق فى التمليك (على اسقاط الآمر خياره بذلك) بلفظ «اختر» فهو (و الا) يتمّ دلالته (فلا مزيل لخياره) اى لخيار الآمر، بل الاصل بقاء خيار الآمر.

(و عليه) اى على ما ذكرنا من ظهور «اختر» فى السابق فى تمليك المخاطب الخيار (يحمل- على تقدير الصحة-) اى صحة كونه فى السابق ظاهرا فى التمليك (ما ورد فى ذيل بعض اخبار خيار المجلس: انهما بالخيار ما لم يفترقا، او يقول احدهما لصاحبه: اختر) فانه ظاهر فى سقوط خيار الآمر اذا قال هذه اللفظة.

ثم انه لو شك فى انه هل قصد بقوله «اختر» اسقاط خياره، أم لا؟

فالاصل العدم، كما انه لو شك فى انه هل فوض بذلك خياره، أم لا؟

ص: 177

ثم انه لا اشكال فى ان اسقاط احدهما خياره لا يوجب سقوط خيار الآخر.

و منه يظهر انه لو اجاز احدهما و فسخ الآخر، انفسخ العقد، لانه مقتضى ثبوت الخيار، فكان العقد- بعد اجازة احدهما- جائزا من طرف الفاسخ دون المجيز كما لو جعل الخيار من اوّل الامر لاحدهما و هذا ليس تعارضا بين الاجازة و الفسخ، و ترجيحا له عليها.

______________________________

فالاصل عدم التفويض.

(ثم انه لا اشكال فى ان اسقاط احدهما خياره لا يوجب سقوط خيار الآخر) لوضوح ان هناك خيارين، فلكل واحد منهما خيار.

(و منه يظهر) حيث ان للآخر الاجازة او الفسخ (انه لو اجاز احدهما و فسخ الآخر، انفسخ العقد) سواء تقارن الاجازة و الفسخ، او قدم احدهما على الآخر (لانه) اى الانفساخ بالفسخ (مقتضى ثبوت الخيار) و الا، فان لم يكن لاحدهما الفسخ لم يكن له خيار، و المفروض ان له الخيار (فكان العقد- بعد اجازة احدهما- جائزا من طرف الفاسخ) اى ان له الاجازة و الفسخ (دون المجيز) لان الاجازة اوجبت سقوط خياره، فيكون حاله حال من لم يجز بعد (كما لو جعل الخيار من اوّل الامر لاحدهما) فان المجيز قد اسقط خياره باجازته (و هذا) اى انه اذا فسخ احدهما انفسخ و ان اجازة الآخر (ليس تعارضا بين الاجازة و الفسخ، و ترجيحا له) اى للفسخ (عليها) اى على الاجازة.

و ذلك لاختلاف المتعلق، فان متعلق كل منهما التزام بنفسه فسواء

ص: 178

نعم لو اقتضت الاجازة لزوم العقد من الطرفين، كما لو فرض ثبوت الخيار من طرف احد المتعاقدين، او من طرفهما لمتعدد كالاصيل و الوكيل فاجاز احدهما و فسخ الآخر دفعة واحدة او تصرف ذو الخيار فى العوضين دفعة واحدة كما لو باع عبدا بجارية ثم اعتقهما جميعا حيث ان اعتاق العبد فسخ، و اعتاق الجارية

______________________________

تقدم الفسخ او تأخر، او تقارن، اخذ به، و ذلك بخلاف صورة التعارض حيث انه يقدم المقدم منهما على المؤخر.

و فى صورة التعارض يتساقطان، او نحو ذلك.

(نعم لو اقتضت الاجازة لزوم العقد من الطرفين، كما لو فرض ثبوت الخيار من طرف احد المتعاقدين) كما فى خيار الحيوان و الغبن و العيب من طرف واحد او اسقط احدهما خيار مجلسه بالشرط و نحوه الى غير ذلك، لكن كان هذا الخيار من طرف واحد، لشخصين، كالاصيل و الوكيل (او) كان الخيار (من طرفهما) معا (لمتعدد كالاصيل و الوكيل) بان عقد الوكيلان بمحضر الاصيلين (فاجاز احدهما و فسخ الآخر دفعة واحدة) لا تدريجا، لانه لو فعلا ذلك تدريجا قدم المتقدم من الاجازة او الفسخ، اذ قد اخذ هذا الطرف حقه، سواء اجاز او فسخ و لا يبقى مجال لان يأخذ ثانيا، فانه كان له حق واحد و قد اخذه.

(او تصرف ذو الخيار فى العوضين دفعة واحدة كما لو باع عبدا بجارية، ثم اعتقهما جميعا) او وهبهما جميعا، فان هذا العمل منه فسخ و اجازة فى آن واحد (حيث ان اعتاق العبد فسخ، و اعتاق الجارية

ص: 179

اجازة.

او اختلف الورثة فى الفسخ و الاجازة تحقق التعارض.

و ظاهر العلامة فى جميع هذه الصور تقديم الفسخ، و لم يظهر له وجه تام و سيجي ء الاشارة الى ذلك فى موضعه.

______________________________

اجازة) و المفروض انه ليس له الا احدهما فقط.

(او) كان خيار واحد للبائع مثلا، فمات و ورثه اثنان، و (اختلف الورثة فى الفسخ و الاجازة) فاجاز احدهما و فسخ الآخر (تحقق التعارض).

لكن لا يخفى الفرق بين المثال الاخير، و بين ما تقدمه، لإمكان تبعض الصفقة فى المثال الاخير اذا رضى بذلك الطرف الآخر.

مثلا: لو باع كتابين لزيد، فمات و ورثه والداه، فاجاز احدهما و فسخ الآخر، فانه يمكن البيع فى احد الكتابين دون الكتاب الآخر.

(و) كيف كان ف (ظاهر العلامة فى جميع هذه الصور) المذكورة بعد قوله «نعم» (تقديم الفسخ، و لم يظهر له وجه تام) اذ ما دام هناك حق واحد له طرفان، فلما ذا يقدم هذا الطرف على ذاك الطرف، فهو من قبيل ما لو رفع الاخرس الغطاء عن رأس زوجتين اختين عقد تاله فضولة، فانه يبقى بعد ذلك العقد على اجماله بعد عدم امكان كليهما و عدم وجود وجه لكونه فسخا لكلا العقدين (و سيجي ء الاشارة الى ذلك فى موضعه) ان شاء الله.

و مقتضى القاعدة ان الامر يبقى كسابقه بدون اجازة و لا فسخ.

ص: 180

مسئلة من جملة مسقطات الخيار افتراق المتبايعين
اشارة

و لا اشكال فى سقوط الخيار به، و لا فى عدم اعتبار ظهوره فى رضاهما بالبيع، و ان كان ظاهر بعض الاخبار ذلك مثل قوله: فاذا افترقا فلا خيار لهما بعد الرضا.

و معنى حدوث افتراقهما المسقط مع كونهما متفرقين حين العقد

______________________________

(مسألة: من جملة مسقطات الخيار افتراق المتبايعين) احدهما عن الآخر (و لا اشكال فى سقوط الخيار به) نصّا و اجماعا (و لا) اشكال أيضا (فى عدم اعتبار ظهوره) اى لا يلزم ان يكون الافتراق ظاهرا (فى رضاهما بالبيع).

فالافتراق يوجب سقوط الخيار، و ان علمنا انهما افترقا غير راضيين بالبيع (و ان كان ظاهر بعض الاخبار ذلك) ان الافتراق انما يكون مسقطا لانه دليل الرضا (مثل قوله) عليه السلام (فاذا افترقا فلا خيار لهما بعد الرضا).

و انما لا يكون هذا الظهور حجة، لاحتمال كونه حكمة بالإضافة الى المناقشة فى اصل الظهور، لاحتمال تعلق «بعد» بالبيع الواقع اى انهما بعد ان رضيا باصل البيع، فافتراقهما يوجب اللزوم.

(و معنى حدوث افتراقهما المسقط) للخيار (مع كونهما متفرقين حين العقد) لان الغالب انهما لا يعقد ان متلاصقين احدهما بالآخر

ص: 181

افتراقهما بالنسبة الى الهيئة الاجتماعية الحاصلة لهما حين العقد فاذا حصل الافتراق الاضافى و لو بمسماه ارتفع الخيار، فلا يعتبر الخطوة

و لذا حكى عن جماعة: التعبير بأدنى الانتقال.

و الظاهر ان ذكره فى بعض العبارات لبيان اقل الافراد خصوصا مثل قول الشيخ فى الخلاف اقل ما ينقطع به خيار المجلس خطوة مبنى على الغالب فى الخارج، او فى التمثيل لاقل الافتراق.

______________________________

(افتراقهما بالنسبة الى الهيئة الاجتماعية الحاصلة لهما حين العقد) و لو كانت الهيئة الاجتماعية بسبب اللاسلكى او التلفون او كان احدهما يوصل صوته الى الآخر بسبب المكبرة و نحوها (فاذا حصل الافتراق الاضافى) اى بالإضافة الى الاحتمال حال العقد (و لو بمسماه) بان كان الافتراق قليلا (ارتفع الخيار) و لو شك فى الافتراق كان الاصل العدم (فلا يعتبر) فى حصول الافتراق مقدار (الخطوة) بل يكفى الاقل من ذلك (و لذا حكى عن جماعة) من الفقهاء (التعبير) عن الافتراق (بأدنى الانتقال) الشامل لما اذا كان اقل من خطوة.

(و الظاهر) من القرائن (ان ذكره) اى ذكر الافتراق بخطوة (فى بعض العبارات لبيان اقل الافراد) «لبيان» اى فى مقام بيان، و خبر «ان» قوله «مبنى» (خصوصا مثل قول الشيخ فى الخلاف اقل ما ينقطع به خيار المجلس خطوة) و الخصوصية من جهة استبعاد ان يقول الشيخ ذلك لوضوح انه لا خصوصية لهذا المقدار لانه (مبنى على الغالب فى الخارج) حيث يخطوان بعد العقد (او) الغالب (فى التمثيل) فان الخطوة هو المثال الغالب على الالسنة (لاقل الافتراق) بين انسانين اجتماعا فى محل واحد

ص: 182

فلو تبايعا فى سفينتين متلاصقتين كفى مجرد افتراقهما.

و يظهر من بعض اعتبار الخطوة اغترارا بتمثيل كثير من الاصحاب.

و عن صريح آخر التأمل و كفاية الخطوة لانصراف الاطلاق الى ازيد منها فيستصحب الخيار.

و يؤيده قوله فى بعض

______________________________

(ف) انه لا شك فى انه (لو تبايعا فى سفينتين متلاصقتين كفى مجرد افتراقهما) و ان لم يخطو البائعان خطوة واحدة.

و الحاصل ان الخطوة مثال من ناحيتين ناحية اصلها فى قبال افتراق السفينتين، و ناحية مقدارها فى قبال الاقل من الخطوة.

(و) مع هذا كله فانه (يظهر من بعض اعتبار الخطوة) حقيقة (اغترارا) منه (بتمثيل كثير من الاصحاب) بالخطوة فظن انها المعيار فى الافتراق.

(و عن صريح آخر التأمل و كفاية الخطوة) لاحتمال الاحتياج الى ازيد منها فى صدق الافتراق.

و ذلك (لانصراف الاطلاق) اى اطلاق الافتراق- بنظره- (الى ازيد منها) اى من الخطوة.

(ف) اذا شك فى كفاية الخطوة (يستصحب الخيار) كما ظنه هذا البعض.

(و يؤيده) اى يؤيد عدم كفاية الخطوة (قوله) عليه السلام (فى بعض

ص: 183

الروايات فلما استوجبتها قمت فمشيت خطا ليجب البيع حين افترقنا.

و فيه منع الانصراف.

و دلالة الرواية.

ثم اعلم ان الافتراق- على ما عرفت من معناه- يحصل بحركة احدهما و بقاء الآخر فى مكانه، فلا يعتبر الحركة من الطرفين فى صدق افتراقهما فالحركة من احدهما لا يسمى افتراقا حتى يحصل عدم المصاحبة من الآخر،

______________________________

الروايات) الآتية (فلما استوجبتها) اى المعاملة و (قمت فمشيت خطا ليجب البيع حين افترقنا) بدعوى ظهور الرواية فى عدم كفاية الخطوة.

(و فيه منع الانصراف) أولا، لانه لا نسلم الانصراف العرفى.

(و) منع (دلالة الرواية) ثانيا، لان عمله عليه السلام من باب المصداق، حسب ما يراه العرف.

(ثم اعلم ان الافتراق- على ما عرفت من معناه- يحصل بحركة احدهما و بقاء الآخر فى مكانه، فلا يعتبر الحركة من الطرفين فى صدق افتراقهما).

و نسبة الافتراق إليها لغلبة اختيار غير المتحرك البقاء فى مكانه حتى يبتعد منه المتحرك، و ان كان احيانا بقائه قسرا لشلل او سجن او ما اشبه.

و على كل (فالحركة من احدهما لا يسمى افتراقا حتى يحصل عدم المصاحبة من الآخر) فلو تصاحبا، و مشيا الف فرسخ، او كانا فى سفينة

ص: 184

فذات الافتراق من المتحرك و اتصافها بكونها افتراقا من الساكن.

________________________________________

شيرازى، سيد محمد حسينى، إيصال الطالب إلى المكاسب، 16 جلد، منشورات اعلمى، تهران - ايران، اول، ه ق

إيصال الطالب إلى المكاسب؛ ج 11، ص: 185

و لو تحرك كل منهما كان حركة كل منهما افتراقا بملاحظة عدم مصاحبة الآخر.

و كيف كان فلا يعتبر فى الافتراق المسقط حركة كل منهما الى غير جانب الآخر، كما يدل عليه الروايات الحاكية لشراء الامام عليه السلام ارضا و انه عليه السلام قال: فلما

______________________________

و مشت كذلك لم يحصل الافتراق.

و الظاهر ان السكر و الاغماء و النوم بل الموت أيضا لا يوجب صدق الافتراق (فذات الافتراق) اى الحركة المحققة له (من المتحرك) منها (و اتصافها) اى ذات الافتراق (بكونها افتراقا) يكون (من الساكن) اى انه لا يحصل الا بان يكون هناك طرف آخر ساكن- فيما اذا لم يتحرك الطرف الآخر الى اتجاه مخالف لاتجاه الطرف الاول المتحرك-.

(و لو تحرك كل منهما كان حركة كل منهما افتراقا بملاحظة عدم مصاحبة الآخر) لا بملاحظة حركة الآخر، لما عرفت من انه لا يلزم حركة الآخر فى صدق الافتراق.

و الحاصل: ان الافتراق قائم بطرفين، اما بحركتهما فى اتجاه مخالف للآخر، و اما بحركة احدهما و سكون الآخر.

(و كيف كان فلا يعتبر فى الافتراق المسقط) للخيار (حركة كل منهما الى غير جانب الآخر، كما يدل عليه) اى على «لا يعتبر» (الروايات الحاكية لشراء الامام عليه السلام ارضا، و انه عليه السلام قال: فلما

ص: 185

استوجبتها قمت فمشيت خطا ليجب البيع حين افترقنا، فاثبت افتراق الطرفين بمشيه عليه السلام فقط.

______________________________

استوجبتها) فان البائع يوجب، و المشترى يستوجب، و هو انفعال بصيغة الاستفعال، من قبيل الكسر و الانكسار (قمت فمشيت خطا ليجب البيع) اى يلزم (حين افترقنا، ف) انه عليه السلام (اثبت افتراق الطرفين بمشيه عليه السلام فقط) و تبقى مسئلة انه اذا كان الثانى مضطرا الى عدم الحركة مع المتحرك، فهل يوجب عمل المتحرك افتراقا، أم لا؟ و سيأتى الكلام فيه فى المسألة التالية.

ص: 186

مسئلة المعروف انه لا اعتبار بالافتراق عن اكراه اذا منع من التخاير أيضا،

سواء بلغ حد سلب الاختيار أم لا، لاصالة بقاء الخيار بعد تبادر الاختيار من الفعل المسند الى الفاعل المختار مضافا الى حديث: رفع ما استكرهوا عليه.

______________________________

(مسألة المعروف) بين الاصحاب (انه لا اعتبار بالافتراق عن اكراه) لاحدهما او لكليهما، كما اذا حبس احدهما بالقوة و حرك الثانى بالقوة (اذا منع من التخاير) و الاختيار (أيضا) اذ: لو لم يمنع من الاختيار لم يكن اكراها على عدم الخيار، لامكان الفسخ لاحدهما قبل الافتراق

و منه يعلم انه لو كان الوقت بحيث لا يسمح بالاختيار كما لو جذبه دفعة واحدة، كان فى حكم المنع من الاختيار (سواء بلغ حد سلب الاختيار) بان كان الجاء، كما اذا سدّ فمه و جذبه (أم لا) كما اذا قال له: ان تكلمت ضربت عنقك.

و انما كان المعروف بقاء الخيار (لاصالة بقاء الخيار بعد) الشك فيه و ذلك، ل (تبادر الاختيار من الفعل المسند الى الفاعل المختار).

فقوله عليه السلام: ما لم يفترقا: ظاهر فى اختيارهما فى الافتراق (مضافا الى حديث: رفع ما استكرهوا عليه) فان سقوط الخيار تابع للافتراق، فاذا حصل بالاكراه لم يترتب عليه اثره الّذي هو سقوط الخيار.

ص: 187

و قد تقدم فى مسألة اشتراط الاختيار فى المتبايعين ما يظهر منه عموم: الرفع، للحكم الوضعى المحمول على المكلف فلا يختص برفع التكليف هذا.

و لكن يمكن منع التبادر، فان المتبادر هو الاختيارى فى مقابل الاضطرارى الّذي لا يعدّ فعلا حقيقيا قائما بنفس الفاعل، بل يكون صورة فعل قائمة بجسم المضطر،

______________________________

(و) ان قلت: هل حديث الرفع يشمل الحكم الوضعى.

قلت: (قد تقدم فى مسألة اشتراط الاختيار فى المتبايعين ما يظهر منه عموم) دليل (الرفع للحكم الوضعى المحمول على المكلف) و ان لم يكن فعلا له كالجزئية لواجب و نحوها، فانه ربما يفصل بين الحكم الوضعى الّذي هو فعل للمكلف مثل جزئية السورة فانها فعل للمكلف، فيقال:

انها ساقطة فى حالة الاكراه، و بين الحكم الوضعى الّذي ليس فعلا للمكلف مثل سقوط الخيار الّذي ليس فعلا للمكلف فيقال: انه غير ساقط فى حالة الاكراه

و المصنف يريد بيان اطلاق الرفع لجميع الاحكام الوضعية المحمولة على المكلف، سواء كانت فعلا له، أم لا (فلا يختص) دليل الرفع (برفع التكليف) فقط (هذا) تمام الكلام فى توجيه فتوى المشهور.

(و لكن يمكن منع التبادر) اى تبادر الاختيار فى قبال الاكراه (فان المتبادر هو الاختيارى فى مقابل الاضطرارى) كما اذا سدّ فمه و جذبه (الّذي لا يعدّ فعلا حقيقيا قائما بنفس الفاعل، بل يكون صورة فعل قائمة بجسم المضطر).

ص: 188

لا فى مقابل المكره الفاعل بالاختيار لدفع الضرر المتوعد على تركه فان التبادر ممنوع، فاذا دخل الاختيارى المكره عليه دخل الاضطرارى لعدم القول بالفصل، مع ان المعروف بين الاصحاب ان الافتراق- و لو اضطرارا- مسقط للخيار، اذا كان الشخص متمكنا من الفسخ و الامضاء

______________________________

فاذا قيل: فعل فلان، لم يتبادر منه هذا العمل الالجائى، بل يصح السلب، فيقال: انه لم يفعله، و اذا سمى انه فعله فهو بالمجاز

و لذا اذا اسقط شخص انسانا من السطح لا يصح ان نقول انه اسقط نفسه، و اذا اخذ جابر يد زيد و ضرب بها عمروا، لا يصح ان يقال:

ضرب زيد عمروا (لا) الاختيارى (فى مقابل المكره الفاعل بالاختيار).

و انما فعل (لدفع الضرر المتوعد على تركه) فانه اذا قال شخص لزيد: اضرب عمروا، و الا قتلتك فضربه صح ان يقال: ان زيد اضرب عمروا (فان التبادر) للاختيارى فى قبال الاكراهى (ممنوع) بل «فعل» يشمل كليهما (فاذا دخل) فى عموم «افترقا» فى الحديث (الاختيارى المكره عليه) بان اوجب الافتراق الاكراهى سقوط الخيار (دخل الاضطرارى) أيضا، و اوجب الافتراق الاضطرارى سقوط الخيار (لعدم القول بالفصل) بين الاكراهى و الاضطرارى (مع) ان هناك وجها آخر يدل على ان الافتراق الاكراهى لا يوجب سقوط الخيار.

ف (ان المعروف بين الاصحاب ان الافتراق- و لو اضطرارا- مسقط للخيار، اذا كان الشخص متمكنا من الفسخ و الامضاء) بان لم يؤخذ فمه حتى لا يتمكن ان يتكلم، او لم يكن الافتراق فى حال نوم، او سكر او

ص: 189

مستدلين عليه بحصول التفرق المسقط للخيار.

قال فى المبسوط فى تعليل الحكم المذكور لانه اذا كان متمكنا من الامضاء و الفسخ، فلم يفعل حتى وقع التفرق كان ذلك دليلا على الرضا و الامضاء، انتهى.

و فى جامع المقاصد تعليل الحكم المذكور بقوله لتحقق الافتراق مع التمكن من الاختيار، انتهى.

و منه

______________________________

ما اشبه مما يمنع عن التكلم (مستدلين عليه) اى على انه مسقط للخيار (بحصول التفرق المسقط للخيار) فاذا كان التفرق الاضطرارى مسقطا كان التفرق الاكراهى مسقطا أيضا.

(قال) الشيخ (فى المبسوط) فى وجه سقوط الخيار بالتفرق الاضطرارى (فى تعليل الحكم المذكور) فى سقوط الخيار (لانه اذا كان متمكنا من الامضاء و الفسخ، فلم يفعل) احدهما (حتى وقع التفرق) و لو كان تفرقا عن اضطرار (كان ذلك دليلا على الرضا) بالعقد (و الامضاء) له (انتهى).

(و فى جامع المقاصد تعليل الحكم المذكور) السقوط بالتفرق الاضطرارى (بقوله لتحقق الافتراق مع التمكن من الاختيار، انتهى).

و لا يخفى ان كلامه اقرب من كلام الشيخ اذ: ربما لا يدل عدم الاختيار على الرضا، للغفلة، او الجهل، او ما اشبه، الا ان يريد الرضا النوعى.

(و منه) اى من انه اذا لم يمنع عن الكلام فليس بمضطر، بل مختار

ص: 190

يظهر انه لا وجه للاستدلال بحديث: رفع الحكم عن المكره، للاعتراف بدخول المكره و المضطر اذا تمكنا من التخاير.

و الحاصل ان فتوى الاصحاب: هى ان التفرق عن اكراه عليه و على ترك التخاير غير مسقط للخيار.

و انه لو حصل احدهما

______________________________

لم يأخذ بالفسخ (يظهر انه لا وجه للاستدلال) على بقاء الخيار لو اكره على الافتراق (بحديث: رفع الحكم عن المكره).

و انما لا يصح الاستدلال (للاعتراف) فى كلام الشيخ، و المحقق الثانى (بدخول المكره و المضطر اذا تمكنا من التخاير) فى عموم «الافتراق» و لا مخرج لهما عن عموم «حتى يفترقا» فان حديث الرفع لا يشمل المقام اذ هو فيما كان افتراق اكراهى او اضطرارى، و لم يتمكنا من التخاير هذا ما فهمته عن عبارة المصنف ره.

(و الحاصل) فى بيان ان الاكراه على الافتراق وحدة بدون سلب الاختيار عن التخاير لا ينفع فى سقوط الخيار (ان فتوى الاصحاب: هى ان التفرق) انما لا يسقط الخيار بشرطين.

الاول: اذا كان (عن اكراه عليه) اى على التفرق.

(و) الثانى: اذا كان عن اكراه (على ترك التخاير) مثل ما اذا كمّم فاه، و جذبه، فانه حينئذ (غير مسقط للخيار) لانه اكراه تام فيشمله حديث: الرفع.

(و) اما (انه لو حصل احدهما) اى التفرق، او ترك التخاير

ص: 191

باختياره سقط خياره.

و هذا لا يصح الاستدلال عليه باختصاص الادلة بالتفرق الاختيارى و لا بان مقتضى: حديث الرفع، جعل التفرق للمكره عليه كلا تفرق، لان المفروض ان التفرق الاضطرارى أيضا سقط مع وقوعه فى حال التمكن من التخاير.

______________________________

(باختياره) و ان كان فى ثانيهما مكرها (سقط خياره) لانه لم يكره فى ترك الخيار.

(و هذا) الّذي ذكرناه انه فتوى الاصحاب- من اشتراطهم شرطين- (لا يصح الاستدلال عليه باختصاص الادلة) اى ادلة سقوط الخيار (بالتفرق الاختيارى و) كذا (لا) يصح الاستدلال عليه (بان مقتضى حديث الرفع جعل التفرق للمكره عليه كلا تفرق).

و انما لا يصح الاستدلال عليه بهذين الأمرين (لان المفروض ان التفرق الاضطرارى أيضا مسقط) للخيار (مع وقوعه) اى وقوع التفرق (فى حال التمكن من التخاير).

و الحاصل: انا نحتاج الى دليل يقول: ان التفرق الاكراهى، و ان التفرق الاضطرارى كليهما، لا يوجبان سقوط الخيار، واحد الدليلين السابقين اى اختصاص الادلة بالتفرق الاختيارى، و حديث الرفع، لا يتكفل بكلا الامرين معا التفرق الاكراهى، و التفرق الاضطرارى.

اذ: الدليل الاول يقول: التفرق الاختيارى يسقط، و هو فى مقابل الاكراهى فقط- على ما قاله الاصحاب: بان الاكراهى لا يسقط-

ص: 192

فالاولى الاستدلال عليه- مضافا الى الشهرة المحققة الجابرة للاجماع المحكى، و الى ان المتبادر من التفرق ما كان عن رضا بالعقد سواء وقع اختيارا او اضطرارا- بقوله عليه السلام فى صحيحة الفضيل:

______________________________

و الدليل الثانى يقول: التفرق الاكراهى لا يسقط، لانه مقتضى:

حديث الرفع عن المكره،.

و على كلا الدليلين فلا تعرض لحكم المضطر، فتحقق انه ليس هناك دليل على ان المكره و المضطر فى التفرق لا يسقط خيارهما.

و بعبارة اخرى: الدليلان «باختصاص .. و لا بان ..» لا يمكن الاستناد إليهما فى عدم سقوط خيار المكره، لان المضطر الممنوع عن التخاير ساقط خياره أيضا، مع ان الدليلين لا يشملانه.

فاللازم التماس دليل يشمل كلا المكره و المضطر، هذا ما يستفاد من عبارة المصنف.

و لا يخفى ورود الاشكال عليه من جهات لم نذكرها، لانها خارجة عن مقصد الشرح.

(فالاولى الاستدلال عليه) اى على ان التفرق عن اكراه لا يوجب سقوط الخيار (- مضافا الى الشهرة المحققة الجابرة للاجماع المحكىّ و) الاجماع دليل (الى ان المتبادر من التفرق) الّذي جعله النص موجبا لسقوط الخيار (ما كان عن رضا بالعقد، سواء وقع) التفرق (اختيارا او اضطرارا) فانه يمكن ان يقع التفرق اضطرارا و لكن مع الرضا بالعقد

فالاولى ان يستدل عليه (بقوله عليه السلام فى صحيحة الفضيل:

ص: 193

فاذا افترقا فلا خيار بعد الرضا منهما دل على ان الشرط فى السقوط الافتراق و الرضا منهما.

و لا ريب ان الرضا المعتبر ليس الا المتصل بالتفرق بحيث يكون التفرق عنه، اذ لا يعتبر الرضا فى زمان آخر اجماعا.

او يقال ان قوله بعد الرضا، اشارة الى اناطة السقوط بالرضا بالعقد المستكشف عنه عن افتراقهما، فيكون الافتراق مسقطا لكونه كاشفا نوعا عن

______________________________

فاذا افترقا فلا خيار بعد الرضا منهما).

وجه الاستدلال ان الحديث (دل على ان الشرط فى السقوط) للخيار امران معا (الافتراق و الرضا منهما) معا.

(و) الرضا المأخوذ فى النص يراد به الرضا قبل التفرق.

اذ (لا ريب ان الرضا المعتبر ليس الا المتصل بالتفرق) قبل التفرق (بحيث يكون التفرق عنه) فلا يشمل ما اذا رضى بعد التفرق (اذ لا يعتبر الرضا فى زمان آخر اجماعا) بل و هو ظاهر صحيحة الفضيل.

و على هذا فالمسقط للخيار امران معا، هما التفرق و الرضا.

(او يقال) عطف على «دل». ان التفرق الكاشف عن الرضا مسقط للخيار، فالمسقط امر واحد لا امران معا.

ف (ان قوله) عليه السلام (بعد الرضا، اشارة الى اناطة السقوط) للخيار (بالرضا بالعقد المستكشف عنه) اى عن ذلك الرضا (عن افتراقهما) فافتراقهما الكاشف عن الرضا سبب سقوط الخيار (فيكون الافتراق مسقطا لكونه كاشفا نوعا عن

ص: 194

رضاهما بالعقد و اعراضهما عن الفسخ.

و على كل تقدير فيدل على ان المتفرقين و لو اضطرارا، اذا كانا متمكنين من الفسخ و لم يفسخا كشف ذلك نوعا عن رضاهما بالعقد، فسقط خيارهما.

فهذا هو الّذي استفاده الشيخ قدس سره كما صرح به فى عبارة المبسوط المتقدمة.

______________________________

رضاهما بالعقد).

و قوله: نوعا، لانه لا يشترط العلم بالرضا فى كل مورد مورد.

(و) ذلك لان التفرق يكشف عن (اعراضهما عن الفسخ) اذ لو لم يرضيا بالعقد، و لم يعرضا من الفسخ، لفسخا.

(و على كل تقدير) اى تقدير «دل» و تقدير «او يقال» (فيدل) الصحيح (على ان المتفرقين)- بصيغة التثنية- (و لو) كان تفرقهما (اضطرارا، اذا كانا متمكنين من الفسخ) بخلاف ما لو كمّم افواههما (و لم يفسخا) العقد قبل التفرق (كشف ذلك) كشفا (نوعا عن رضاهما بالعقد)

(ف) حيث رضيا (سقط خيارهما) لحصول التفرق و الرضا.

(فهذا هو الّذي استفاده الشيخ قدس سره كما صرح به فى عبارة المبسوط المتقدمة) هذا كله بالنسبة الى الانسان الّذي افترق عن اكراه او اضطرار، و منع من التخاير اما الانسان الثانى الباقى فى المجلس هل له خيار أم لا؟ فالكلام فيه فى المسألة التالية.

ص: 195

مسئلة لو اكره احدهما على التفرق و منع عن التخاير و بقى الآخر فى المجلس،

فان منع من المصاحبة و التخاير، لم يسقط خيار احدهما، لانهما مكرهان على الافتراق و ترك التخاير، فدخل فى المسألة السابقة

و ان لم يمنع من المصاحبة ففيه اقوال.

و توضيح ذلك ان افتراقهما المستند الى اختيارهما- كما عرفت- يحصل بحركة احدهما اختيارا و عدم مصاحبة الآخر كذلك،

______________________________

(مسألة: لو اكره احدهما على التفرق و منع عن التخاير) او اختيار الامضاء، اما اذا اختار الفسخ فلا يبقى للكلام فى هذه المسألة كما هو واضح (و بقى الآخر فى المجلس، فان منع من المصاحبة) او لم يقدر على المصاحبة لشلل و نحوه (و التخاير، لم يسقط خيار احدهما، لانهما) كليهما (مكرهان على الافتراق و ترك التخاير، فدخل فى المسألة السابقة) لان الادلة التى اقيمت فى المسألة السابقة على عدم سقوط خيار المفترق تشمل المقام أيضا.

(و ان لم يمنع) الباقى (من المصاحبة ففيه اقوال) أربعة- كما سيأتى-.

(و توضيح ذلك) يحتاج الى بيان موضوع المسألة أولا فنقول: (ان افتراقهما المستند الى اختيارهما- كما عرفت) فى المسألة السابقة- (يحصل بحركة احدهما اختيار او عدم مصاحبة الآخر) للمتحرك (كذلك)

ص: 196

و ان الاكراه على التفرق لا يسقط حكمه ما لم ينضم معه الاكراه على ترك التخاير.

فحينئذ نقول: تحقق الاكراه المسقط فى احدهما دون الآخر يحصل تارة باكراه احدهما على التفرق و ترك التخاير، و بقاء الآخر فى المجلس مختارا فى المصاحبة، او التخاير.

و اخرى بالعكس بابقاء احدهما فى المجلس كرها مع المنع عن التخاير، و ذهاب الآخر اختيارا.

______________________________

اى اختيارا (و ان الاكراه على التفرق لا يسقط حكمه) اى حكم التفرق و هو سقوط الخيار، فالاكراه لا يبقى الخيار (ما لم ينضم معه) اى مع الاكراه على التفرق (الاكراه على ترك التخاير) فاذا حصل الاكراهان بقى الخيار

و اذا تحقق موضوع الكلام.

(فحينئذ نقول: تحقق الاكراه المسقط) لحكم الافتراق، اى الموجب لبقاء الخيار (فى احدهما دون الآخر) بان يسقط خيار الآخر.

و الحاصل سقوط خيار المكره، و بقاء خيار المختار (يحصل تارة باكراه احدهما على التفرق و ترك التخاير، و بقاء الآخر فى المجلس مختارا فى المصاحبة، او) مختارا فى (التخاير) اذ، اللازم الاضطرار فى كلا الامرين، لاجل بقاء الخيار.

(و) يحصل تارة (اخرى بالعكس بابقاء احدهما فى المجلس كرها مع المنع) اى منع الباقى (عن التخاير) كما اذا ابقاه بالقوة و كمّم فمه (و ذهاب الآخر اختيارا).

ص: 197

و محل الكلام هو الاول.

و سيتضح به حكم الثانى.

و الاقوال فيه أربعة، سقوط خيارهما كما عن ظاهر المحقق و العلامة و ولده السعيد و السيد العميد و شيخنا الشهيد قدس اللّه اسرارهم.

و ثبوته لهما كما عن ظاهر المبسوط، و المحقق و الشهيد

______________________________

و حيث ان لبقاء خيار احدهما شرطين التفرق كرها، و المنع عن التخاير.

فصور المسألة سبعة عشر، لان البائع له اربع صور.

فانه اما مكره فى الامرين، او فى احدهما، او مختار فيهما، و تضرب هذه الاربعة فى الصور الاربع للمشترى، ثلاث صور منها فيها الخيار اما للبائع او للمشترى او لهما.

و البقية لا خيار فيها لاحدهما.

(و محل الكلام) الآن (هو الاول) الّذي ذكره بقوله تارة .. الخ.

(و سيتضح به حكم الثانى) لوحدة المناط فيهما.

(و الاقوال فيه أربعة).

الاول: (سقوط خيارهما كما عن ظاهر المحقق و العلامة و ولده السعيد) فخر المحققين (و السيد العميد و شيخنا الشهيد) الاول (قدس الله اسرارهم) التقديس التنزيه، و روح الانسان سره، لانه مخفى، اى نزهت ارواحهم عن العذاب و الالم، و هو دعاء بلفظ الماضى

(و) الثانى: (ثبوته لهما كما عن ظاهر المبسوط، و المحقق و الشهيد

ص: 198

الثانيين، و محتمل الارشاد.

و سقوطه فى حق المختار خاصة.

و فصل فى التحرير بين بقاء المختار فى المجلس فالثبوت لهما، و بين مفارقته فالسقوط عنهما.

و مبنى الاقوال على ان افتراقهما المجعول غاية لخيارهما هل يتوقف على حصوله عن اختيارهما؟ او يكفى فيه حصوله عن اختيار احدهما.

و على الاول هل يكون اختيار كل منهما مسقطا لخياره؟ او يتوقف

______________________________

الثانيين، و محتمل الارشاد) للعلامة.

(و) الثالث: ثبوته فى حق المكره، و (سقوطه فى حق المختار خاصة).

(و) الرابع: ما ذكره العلامة، فانه (فصل فى التحرير بين بقاء المختار فى المجلس فالثبوت لهما، و بين مفارقته فالسقوط عنهما).

(و) لا يخفى ان (مبنى الاقوال) الاربعة، مبنى: مصدر، اى بنائها (على ان افتراقهما المجعول غاية لخيارهما) فى قوله عليه السلام البيّعان بالخيار ما لم يفترقا، المتبادر منه الاختيارى فى مقابل الاكراهى، و حديث الرفع و صحيحة الفضيل (هل يتوقف على حصوله عن اختيارهما؟) فاذا لم يكن عن اختيارهما لم يكن غاية لخيارهما (او يكفى فيه) اى فى افتراقهما (حصوله عن اختيار احدهما) فيسقط خيارهما بذلك.

(و على الاول) و هو ان يكون حصوله عن اختيارهما ف (هل يكون اختيار كل منهما مسقطا لخياره؟) فقط، دون خيار غير المختار (او يتوقف

ص: 199

سقوط خيار كل واحد على مجموع اختيارهما.

فعلى الاول: يسقط خيار المختار خاصة، كما عن الخلاف، و جواهر القاضى.

و على الثانى: يثبت الخياران، كما عن ظاهر المبسوط و المحقق و الشهيد الثانيين.

و على الثانى: فهل يعتبر فى المسقط لخيارهما كونه فعلا وجوديا و حركة صادرة باختيار احدهما؟ او يكفى كونه تركا اختياريا، كالبقاء فى مجلس العقد مختارا.

______________________________

سقوط خيار كل واحد على مجموع اختيارهما) فاذا لم يكونا مختارين معا لم يسقط خيار اىّ منهما.

(فعلى الاول) و هو ما يتوقف حصوله عن اختيارهما (يسقط خيار المختار خاصة) دون المكره (كما عن الخلاف، و جواهر القاضى).

(و على الثانى) و هو ما يتوقف سقوط خيار كل واحد على مجموع اختيارهما (يثبت الخياران، كما عن ظاهر المبسوط و المحقق و الشهيد الثانيين).

(و على الثانى) و هو ما يكفى فيه حصوله عن اختيار احدهما (فهل يعتبر فى المسقط لخيارهما كونه) اى الافتراق (فعلا وجوديا و حركة صادرة باختيار احدهما؟) و ذلك لان الافتراق فعل (او يكفى كونه تركا اختياريا، كالبقاء فى مجلس العقد مختارا) لانه اذا بقى فى مجلس العقد صدق عرفا انه تفرق عن اختياره، اذ لو لم يرد التفرق صاحبه حينما خرج.

ص: 200

فعلى الاول: يتوجه التفصيل المصرح به فى التحرير بين بقاء الآخر فى مجلس العقد و ذهابه.

و على الثانى: يسقط الخياران، كما عن ظاهر المحقق و العلامة و ولده السعيد، و السيد العميد، و شيخنا الشهيد.

______________________________

(فعلى الاول) و هو الّذي يعتبر فى المسقط كونه فعلا وجوديا ف (يتوجه التفصيل المصرح به فى التحرير بين بقاء الآخر فى مجلس العقد) فيثبت الخيار لهما (و ذهابه) فيسقط الخيار عنهما.

(و على الثانى) و هو ما يكفى كونه تركا اختياريا ف (يسقط الخياران كما عن ظاهر المحقق و العلامة و ولده السعيد، و السيد العميد، و شيخنا الشهيد) قدس الله اسرارهم.

قال السيد الطباطبائى ره العمدة توجيه كل واحد من هذه المبانى و المصنف ره قد اهمل ذلك.

فالاولى ان يقال: اذا بنينا على ان افتراق المسقط هو ما كان عن الاختيار فى مقابل الاكراه فلا بد ان يتأمل فى ان المستفاد من الخبر ان تفرق كل واحد مسقط لخياره بان يكون من باب مقابلة الجمع بالجمع حتى يكون تفرق المختار مسقطا لخياره دون المكره.

او ان مجموع التفرقين غاية لكل من الخيارين حتى يكون اللازم بعد التخصيص بالاختيارى عدم سقوط واحد منهما.

او ان حصول الافتراق و لو من واحد منهما غاية لكل من الخيارين حتى يكون اللازم سقوط الخيارين لفرض حصول الافتراق الاختيارى اذا

ص: 201

و اعلم ان ظاهر الايضاح ان قول التحرير ليس قولا مغايرا للثبوت لهما، و ان محلّ الخلاف ما اذا لم يفارق الآخر المجلس اختيارا، و الا سقط خيارهما اتفاقا.

حيث قال فى شرح قول والده لو حمل احدهما و منع عن التخاير لم يسقط خياره على اشكال.

______________________________

كان احدهما مختارا و هذا مطلقا ان قلنا ان الساكن أيضا مفترق او فى خصوص ما اذا فارق الآخر المجلس اختيارا اذا لم نقل هذا.

و قد عرفت ان الاظهر هو الاول، و ان الثانى خلاف الظاهر، و اما الثالث فهو فى غاية البعد، الى آخر كلامه.

(و اعلم) انا ذكرنا سابقا ان العلامة فى التحرير يفصل فى المسألة الا (ان ظاهر الايضاح) لفخر المحققين (ان قول التحرير ليس قولا مغايرا للثبوت) اى ثبوت الخيار (لهما) اى للبائع و المشترى (و ان محلّ الخلاف) بين الفقهاء (ما اذا لم يفارق الآخر المجلس اختيارا) و لم يفصل العلامة فى التحرير فى هذا المقام ليكون كلامه مخالفا لكلامهم و تفصيلا فى المسألة، بل اختار التحرير ثبوت الخيار لهما (و الا) بان فارق الآخر المجلس اختيارا (سقط خيارهما اتفاقا) بين الاصحاب.

(حيث قال) الايضاح (فى شرح قول والده) العلامة، و سيأتى مقول قول الايضاح و ان هذا مبنى (لو حمل احدهما) و اخرج عن المجلس (و منع عن التخاير) بالاكراه او الالجاء (لم يسقط خياره على اشكال) فى عدم سقوط خياره.

ص: 202

و اما الثابت فان منع من المصاحبة و التخاير، لم يسقط خياره و الا فالاقرب سقوطه.

فيسقط خيار الاول، انتهى.

قال ان هذا مبنى على بقاء الاكوان و عدمه.

______________________________

اما وجه عدم السقوط فلرفع الاكراه.

و اما وجه الاشكال فلاحتمال ان التفرق كيف كان يسقط الخيار، لانه حكم وضعى.

(و اما) الشخص الآخر (الثابت) فى المجلس الّذي لم يخرج (فان منع من المصاحبة) بان منعه من الخروج مع صاحبه من المجلس (و) منع من (التخاير) بان لم يتركه، كى يختار ما يشاء (لم يسقط خياره) للاصل (و الا) بان لم يمنع من المصاحبة بل لم يصحب هو باختياره أو لم يمنع من التخاير (فالاقرب سقوطه) اى الخيار لانه كان قادرا على الاخذ بالخيار، و لم يأخذ به.

(ف) اذا سقط خيار الباقى (يسقط خيار الاول) الّذي حمل الى خارج المجلس، و ذلك لحصول التفرق باختيار احدهما.

و كلما حصل التفرق باختيار احدهما سقط خيارهما (انتهى) كلام العلامة.

(قال) ولده: (ان هذا) اى قوله فالاقرب سقوطه (مبنى على بقاء الاكوان) الاربعة.

و هى الاجتماع، و الافتراق، و الحركة، و السكون (و عدمه) فاذا كان

ص: 203

و افتقار الباقى الى المؤثر و عدمه، و ان الافتراق ثبوتى او عدمى، فعلى عدم البقاء او افتقار الباقى الى المؤثر يسقط، لانه فعل المفارقة.

و على القول ببقائها و استغناء الباقى عن المؤثر و ثبوتية الافتراق

______________________________

الانسان فى كون من هذه الاكوان الاربعة، فهل الكون يبقى، أولا؟ بل الجلوس لساعة- مثلا- الف جلوس، و ان كل آن جلوس.

(و) اذا قلنا بانه جلوس واحد- ببقاء الاكوان- فهل يقال ب (افتقار الباقى) اى الآن الثانى، و الثالث و هكذا (الى المؤثر و عدمه) بل المؤثر الاول يؤثر فى الجلوس الى ان يقوم- مثلا- (و) هل (ان الافتراق ثبوتى) لانه نوع من الكون و كل كون فهو ثبوتى (او عدمى) لان الافتراق مقابل الاجتماع.

و حيث ان الاجتماع ثبوتى لا بد و ان يكون الافتراق عدميا، لان الافتراق عدم الاجتماع.

(فعلى عدم البقاء) اى عدم بقاء الاكوان (او) بقائها لكن (افتقار الباقى الى المؤثر يسقط) خيار الباقى فى مجلسه (لانه) اى الباقى (فعل المفارقة) لان الكون الثانى فعله على القول بعدم بقاء الاكوان، و لانه هو المؤثر فى بقاء الكون فى الآن الثانى على القول ببقاء الاكوان، لكن الباقى يحتاج الى المؤثر.

(و على القول ببقائها) اى الاكوان (و استغناء الباقى عن المؤثر و ثبوتية الافتراق) فالكون للباقى هو الكون الاول، و لم يحصل منه امر

ص: 204

لم يسقط خياره، لانه لم يفعل شيئا.

و ان قلنا: بعدمية الافتراق و العدم ليس بمعلل، فكذلك.

و ان قلنا: انه يعلل، سقط أيضا.

و الاقرب عندى السقوط لانه مختار فى المفارقة، انتهى.

و هذا الكلام و ان نوقش فيه بمنع بناء الاحكام على هذه التدقيقات

______________________________

ثبوتى لان الافتراق ليس ثبوتيا (لم يسقط خياره) اى خيار الباقى (لانه لم يفعل شيئا) لا تجديد كون، و لا تأثير فى الكون الباقى و لا اتى بامر ثبوتى.

(و ان قلنا: بعدمية الافتراق) لانه عدم الاجتماع (و) واضح ان (العدم ليس بمعلل) اى لا يحتاج الى العلة و قولهم- مثلا- انى لم اسافر، لانه لم يكن لى مال، بيان علة الوجود، لا انه علة حقيقية (فكذلك) اى لم يسقط خياره، لانه لم يفعل شيئا.

(و ان قلنا: انه) اى العدم (يعلل) لان الاعدام الخاصة لها حظ من الوجود (سقط) الخيار من الثانى (أيضا) كما فى السابق، حيث قلنا: يسقط لانه فعل المفارقة.

(و الاقرب عندى السقوط) لخيار الثانى (لانه مختار فى المفارقة) فيشمله دليل «حتى يفترقا» (انتهى) كلام الايضاح.

(و هذا الكلام و ان نوقش فيه بمنع بناء الاحكام) الشرعية (على هذه التدقيقات) الفلسفية، اذ الشرع كما دل عليه النص و الاجماع انما يتكلم على طبق المفاهيم العرفية، قال تعالى: إِلّٰا بِلِسٰانِ قَوْمِهِ، و قال

ص: 205

..........

______________________________

صلى الله عليه و آله انا معاشر الأنبياء امرنا ان نكلم الناس على قدر عقولهم.

و من المعلوم ان لسان القوم و قدر عقول العامة: الظواهر العرفية هذا بالإضافة الى مثل قوله تعالى: وَ لَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ*، و مثل قوله تعالى: أَ فَلٰا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ* و قوله تعالى: أَعْجَمِيٌّ وَ عَرَبِيٌّ، الى غير ذلك.

اما الدقائق و اللطائف الموجودة فى كلماته سبحانه، و كلامهم فهى من البواطن، و التأويل غير مرتبط بمقام الاحكام، كما ان قولهم عليهم السلام: ان امرهم صعب مستصعب لا يحتمله الا ملك الخ، أو لا يحتمله ملك مقرب الخ، بدون لفظ الا، و كذلك ما ورد فيه «حديثنا» عوض «امرنا» اذ المراد بهما واحد يراد به شأنهم عليهم السلام فهم عليهم السلام ارفع مستوى من كل المخلوقات، و لذا لا يحتمل شأنهم اى مخلوق، فان الاصغر لا يحتوى على الاكبر، كما لا يفهم الانسان المحدود الخالق غير المحدود، لاستحالة ذلك.

و اما قوله صلى الله عليه و آله: ما عرف الله الا انا و انت، فالمراد المعرفة الممكنة، و حتى فاطمة عليها السلام و الائمة الاحد عشر (ع) لم يكونوا بمستوى النبي و الوصى (ع) و لذا لا يعرفون الله تعالى، كما هما يعرفانه سبحانه، هذا على نسخة «لا يحتمله ملك مقرب» بدون «الا» و اما على نسخة «الا» فالمراد ان المقدار الممكن تحمله من شأنهم عليهم السلام- الّذي هو فى طوق المخلوق- خاص بالملك و النبي و المؤمن، الثلاثة الواقعة بعد «الا» الاستثنائية.

ص: 206

الا انه على كل حال صريح فى ان الباقى لو ذهب اختيارا فلا خلاف فى سقوط خياره.

و ظاهره كظاهر عبارة القواعد ان سقوط خياره لا ينفك عن سقوط خيار الآخر.

______________________________

و كيف كان فهذا مبحث طويل خارج عن غرض الشرح المحنا إليه لما فيه من مزيد الفائدة و الله سبحانه العالم.

ان قلت: اذا لم يكن بناء الاحكام على التدقيقات، فلما ذا نرى المصنف و سائر المحققين يدققون.

قلت: تدقيقهم فى نطاق فهم العرف و هل ان العرف يفهم هذا او ذاك، لا خارج نطاق العرف.

مثلا: هل العرف يفهم من «ما لم يفترقا» مطلقا، ان «ما لم يفترقا» عن اختيار، حتى لا يشمل الافتراق الاكراهى (الا انه على كل حال) لاحتمال انه ليس من جهة التدقيق فى الحكم، بل فى وجه المناسبة بين استفادة العرف، و بين الامر العقلى فى الاكوان و غيرها.

و كان المصنف قال «على كل حال» لمناقشته فى اشكال بعض على فخر المحققين (صريح فى ان الباقى لو ذهب اختيارا) اى الانسان الّذي بقى فى المجلس بعد اكراه الانسان الاول على الخروج من المجلس (فلا خلاف فى سقوط خياره) اى خيار الباقى.

(و ظاهره) اى التحرير (كظاهر عبارة القواعد ان سقوط خياره) اى خيار الباقى (لا ينفك عن سقوط خيار الآخر) الّذي ذهب عن المجلس اكراها.

ص: 207

فينتفى القول المحكى عن الخلاف و الجواهر.

لكن العبارة المحكية عن الخلاف، ظاهرة فى هذا القول.

قال لو اكرها، او احدهما على التفرق بالابدان على وجه يتمكنان من الفسخ و التخاير، فلم يفعلا، بطل خيارهما او خيار من تمكن من ذلك

______________________________

وجه عدم الانفكاك ما عرفت سابقا من ان مفارقة احدهما اختيارا يوجب سقوط خيارهما، و المفروض ان الثانى فارق اختيارا، و اذا سقط خيارهما (فينتفى القول المحكى عن الخلاف و الجواهر) من ان افتراقهما المجعول غاية لخيارهما، يتوقف على حصوله عن اختيارهما.

و انما ينفى هذا القول لان العلامة ذهب الى ان الافتراق المجعول غاية للخيار يتحقق اذا حصل باختيار احدهما فقط.

(لكن العبارة المحكية عن الخلاف ظاهرة فى هذا القول) اى غير قول العلامة ره.

فان العلامة يرى التلازم بين سقوط الخيارين و الشيخ يرى عدم التلازم.

(قال) فى الخلاف: (لو اكرها، او) اكره (احدهما على التفرق بالابدان على وجه يتمكنان من الفسخ و التخاير) فلم يكن اكراه على ترك التخاير (فلم يفعلا) الفسخ (بطل خيارهما) فلا حق لهما فى الفسخ، و ان كان اكراه فى الافتراق (او خيار من تمكن من ذلك) اى من الفسخ، فلم يفسخ بان كان احدهما مكرها على ترك المجلس و على ترك التخاير، و كان الثانى مكرها على ترك المجلس و لكن لم يكره على ترك التخاير.

ص: 208

و نحوه المحكى عن القاضى فانه لو لا جواز التفكيك بين الخيارين لاقتصر على قوله، بطل خيارهما، فتأمل.

بل حكى هذا القول عن ظاهر التذكرة او صريحها و فيه تأمل.

و كيف كان فالاظهر فى بادى النظر

______________________________

(و نحوه) اى نحو كلام الخلاف الكلام (المحكى عن القاضى).

وجه قوله «لكن» ما ذكره بقوله: (فانه لو لا جواز التفكيك بين الخيارين) خيار من اكره على الامرين ترك المجلس و ترك التخاير، فلا يسقط خياره، و خيار من اكره على امر واحد و هو ترك المجلس فيسقط خياره لانه لم يكن مكرها على ترك التخاير (لاقتصر) اى كل من الخلاف و القاضى (على قوله، بطل خيارهما) و لم يزد قوله او خيار من تمكن، و اذا لم يزد هذا كان كلامهما مطابقا لقول العلامة (فتأمل).

لعله لما سيأتى من احتمال كون مراد الشيخ و القاضى ان الساقط خيار من تمكن من التخاير، مع قطع النظر عن التلازم، اما بملاحظة التلازم فالساقط خيار كليهما.

(بل حكى هذا القول) قول الخلاف و القاضى، و الحاكى هو صاحب مفتاح الكرامة (عن ظاهر التذكرة او صريحها، و) لكن (فيه تأمل) فان قول التذكرة ليس ذلك، كما يظهر لمن راجعه.

(و كيف كان) فى اختيار كل من القاضى و الخلاف و التذكرة لما نسب إليه من القول (فالاظهر فى بادى النظر) فيما اكره احدهما على التفرق، و ترك التخاير و بقاء الآخر فى المجلس مختارا فى المصاحبة

ص: 209

ثبوت الخيارين للاصل، و ما تقدم من تبادر تفرقهما عن رضا منهما، فان التفرق و ان لم يعتبر كونه اختياريا من الطرفين، و لا من احدهما الا ان المتبادر رضاهما بالبيع حين التفرق، فرضا احدهما فى المقام و هو الماكث لا دليل على كفايته فى سقوط خيارهما، و لا فى سقوط خيار خصوص الراضى.

اذ الغاية غاية للخيارين.

______________________________

او التخاير (ثبوت الخيارين) لمن ذهب عن المجلس و لمن بقى فيه (للاصل) فان الاصل بقاء خيارهما (و) ل (ما تقدم من تبادر تفرقهما عن رضا منهما) فان قوله «حتى يفترقا» ظاهر فى كون تفرقهما عن رضا- بحكم التبادر- (فان التفرق و ان لم يعتبر كونه اختياريا من الطرفين، و لا من احدهما) و ذلك، لحصول التفرق لغة و لو كان باكراه (الا ان المتبادر رضاهما بالبيع حين التفرق) فالتفرق حصل، لكن التفرق عن رضا لم يحصل، و الحال ان المتبادر التفرق عن رضا (فرضا احدهما فى المقام) مقام ما اذا اكره احدهما على التفرق (و هو الماكث) لفرض انه كان قادرا على التخاير، و على المصاحبة (لا دليل على كفايته فى سقوط خيارهما و لا فى سقوط خيار خصوص الراضى) الّذي هو الماكث.

(اذ الغاية) فى قوله عليه السلام «حتى يفترقا» (غاية للخيارين) فان معنى الحديث «ان كلا البيعين بالخيار» و لا يسقط خيار اىّ منهما «حتى يفترقا» فاذا لم يحصل تفرقهما عن اختيار، لم يسقط خيار اىّ منهما.

ص: 210

فان تحققت سقطا، و الا ثبتا.

و يدل عليه ما تقدم من صحيحة الفضيل المصرحة باناطة سقوط الخيار بالرضا منهما المنفى بانتفاء رضا احدهما.

و لكن يمكن التفصي عن الاصل بصدق تفرقهما، و تبادر تقيده بكونه عن رضا كليهما ممنوع، بل المتيقن اعتبار رضا احدهما.

______________________________

(فان تحققت) الغاية (سقطا، و الا) تتحقق- كما فى ما نحن فيه اذ المفارق للمجلس افترق عن اكراه- (ثبتا) فلكل من المكره و الثابت فى المجلس خياره.

(و يدل عليه) اى على ما ذكرناه من لزوم كون التفرق عن رضا منهما (ما تقدم من صحيحة الفضيل المصرحة باناطة سقوط الخيار بالرضا منهما) حيث قال عليه السلام: فاذا افترقا فلا خيار بعد الرضا منهما (المنفى) سقوط الخيار (بانتفاء رضا احدهما) و هو من اكره على الخروج هذا كله وجه عدم سقوط خيارهما.

(و لكن يمكن التفصي) و التخلص (عن الاصل) اصالة بقاء الخيار (بصدق تفرقهما) لغة و ان لم يكن المفارق للمجلس مختارا (و) ما تقدم من (تبادر تقيده) اى التفرق (بكونه عن رضا كليهما ممنوع) لانه لا اشكال فى سقوط خيارهما اذا تفرق احدهما عن مجلس البيع، مع ان التفرق لم يكن عن رضا منهما، و فى المقام كذلك (بل المتيقن اعتبار رضا احدهما) فاذا حصل سقط الخياران.

ص: 211

و ظاهر الصحيحة، و ان كان اعتبار ذلك الا انه معارض بإطلاق ما يستفاد من الرواية السابقة الحاكية لفعل الامام عليه السلام، و انه قال: فمشيت خطا ليجب البيع حين افترقنا جعل مجرد مشيه سببا لصدق الافتراق المجعول غاية للخيار، و جعل وجوب البيع علة غائية له من دون اعتبار رضا الآخر، او شعوره بمشى الامام عليه السلام.

______________________________

(و ظاهر الصحيحة، و ان كان اعتبار ذلك) اى رضاهما (الا انه معارض بإطلاق ما يستفاد من الرواية السابقة الحاكية لفعل الامام عليه السلام، و) ذلك (انه) عليه السلام (قال: فمشيت خطا ليجب البيع حين افترقنا).

وجه المعارضة: ان ظاهر الرواية كفاية رضا الامام فى ايجاب البيع من دون اعتبار رضا الطرف الآخر، فقد (جعل) عليه السلام (مجرد مشيه سببا لصدق الافتراق) اذ قال «حين افترقنا» (المجعول) ذلك الافتراق (غاية للخيار) لان قوله عليه السلام «ليجب» غاية للخيار (و جعل) الامام عليه السلام (وجوب البيع علة غائية) اى ان الغاية من المشى هو وجوب البيع (له) اى للمشى (من دون اعتبار رضا الآخر، او شعوره بمشى الامام عليه السلام).

اذ لا دليل على ان طرف الامام عليه السلام شعر بمشى الامام، و اذا تعارضت الصحيحة و هذه الرواية، سقطت الصحيحة، لان ظهور الرواية اقوى، و تكون النتيجة عدم اعتبار رضا الطرفين بالتفرق، بل يكفى رضا احدهما.

ص: 212

و دعوى انصرافه الى صورة شعور الآخر و تركه المصاحبة اختيارا ممنوعة.

و ظاهر الصحيحة و ان كان اخص، الا ان ظهور الرواية فى عدم مدخلية شي ء آخر زائدا على مفارقة احدهما صاحبه مؤيد بالتزام مقتضاه فى غير واحد من المقامات

______________________________

(و) ان قلت: الظاهر ان طرف الامام عليه السلام شعر بمشى الامام، و حيث لم يفسخ كان رضا منه، فلا تدل الرواية على خلاف الصحيحة.

قلت: (دعوى انصرافه) اى ما تضمنته الرواية (الى صورة شعور) الطرف (الآخر) بمشى الامام عليه السلام (و تركه المصاحبة اختيارا) فيكون رضا منه أيضا (ممنوعة) اذ من اين فهمنا ان الطرف الآخر شعر بقيام الامام و مشيه.

(و) ان قلت: نسلم ظهور الرواية فى كفاية رضا طرف واحد، الا ان الصحيحة اخص من الرواية فان رضا احدهما عام يشمل رضا الآخر و عدمه.

قلت: (ظاهر الصحيحة و ان كان اخص، الا ان ظهور الرواية فى عدم مدخلية شي ء آخر زائدا على مفارقة احدهما صاحبه مؤيد بالتزام مقتضاه) و هو عدم مدخلية شي ء آخر (فى غير واحد من المقامات) ف «مؤيد» خبر «ان ظهور».

و الحاصل: ان التأييد يوجب تقدم الرواية على الصحيحة و ان كانت

ص: 213

مثل ما اذا مات احدهما و فارق الآخر اختيارا.

فان الظاهر منهم عدم الخلاف فى سقوط الخيارين و قد قطع به فى جامع المقاصد مستدلا بانه قد تحقق الافتراق، فسقط الخياران، مع ان المنسوب إليه ثبوت الخيار لهما فى ما نحن فيه، و كذا لو فارق احدهما فى حال نوم الآخر، او غفلته عن مفارقة صاحبه مع تأيد ذلك

______________________________

الصحيحة- لو لا التأييد- مقدمة على الرواية (مثل ما اذا مات احدهما) فى المجلس (و فارق الآخر) المجلس، بعد موت صاحبه (اختيارا) فانه لم يحصل الا رضا احدهما فقط.

(فان الظاهر منهم عدم الخلاف فى سقوط الخيارين) فليس لوارث الميت خيار.

اقول: يشكل ذلك، اذا كان الوارث فى المجلس، فانه حينئذ كالاصيل و الوكيل- كما تقدم الكلام فيه- (و قد قطع به فى جامع المقاصد) «به» اى بسقوط الخيارين (مستدلا بانه قد تحقق الافتراق، فسقط الخياران) و كلامه هذا مناقض (مع) كلامه هنا.

ف (ان المنسوب إليه) اى الى جامع المقاصد (ثبوت الخيار لهما) اى للذى فارق المجلس مكرها، و بقى الآخر فى المجلس مختارا (فى ما نحن فيه) مع وضوح ان «الموت» مثل «الاكراه» فى عدم رضا كل منهما بالبيع (و كذا لو فارق احدهما فى حال نوم الآخر، او) حال (غفلته عن مفارقة صاحبه) بان لم يعلم الغافل ان صاحبه فارق المجلس (مع تأيد ذلك) اى سقوط الخيارين بتفرق احدهما اختيارا

ص: 214

بنقل الاجماع عن السيد عميد الدين.

و ظاهر المبنى المتقدم عن الايضاح أيضا عدم الخلاف فى عدم اعتبار الرضا من الطرفين و انما الخلاف فى ان البقاء اختيارا مفارقة اختيارية أم لا، بل ظاهر القواعد أيضا ان سقوط خيار المكره متفرع على سقوط خيار الماكث من غير اشارة الى وجود خلاف فى هذا التفريع.

و هو الّذي ينبغى، لان الغاية ان حصلت سقط الخياران، و الا بقيا،

______________________________

(بنقل الاجماع عن السيد عميد الدين) و ان كان فى الاجماع نظر لان المحكى عن الغنية الاجماع بثبوت الخيار لهما فى هذه الصورة.

(و) يؤيده أيضا ان (ظاهر المبنى المتقدم عن الايضاح أيضا عدم الخلاف فى عدم اعتبار الرضا من الطرفين) بل يكفى رضا احدهما (و انما الخلاف فى ان البقاء اختيارا) من الماكث (مفارقة اختيارية) لتجدد الاكوان الى آخر كلامه ره (أم لا) تكون مفارقة اختيارية (بل) يؤيده (ظاهر القواعد أيضا) حيث انه ذهب الى (ان سقوط خيار المكره) المفارق للمجلس (متفرع على سقوط خيار الماكث) فى المجلس- اختيارا فلم يعتبر رضاهما، بل اعتبر رضا احدهما (من غير اشارة) من القواعد (الى وجود خلاف فى هذا التفريع) اى فرع ما لو اكره احدهما على المفارقة، و رضا الماكث، حيث يسقط خيارهما- على ما ذكره القواعد-

(و) ما ذكره القواعد (هو الّذي ينبغى) حسب القواعد (لان الغاية) اى الافتراق (ان حصلت سقط الخياران، و الا) تحصل الغاية (بقيا) فاذا حصل الافتراق برضا احدهما سقط الخياران و لم يحتج الى رضا

ص: 215

فتأمل.

و عبارة الخلاف المتقدمة و ان كانت ظاهرة فى التفكيك بين المتبايعين فى الخيار الا انها ليست بتلك الظهور لاحتمال إرادة سقوط خيار المتمكن من التخاير من حيث تمكنه، مع قطع النظر عن حال الآخر فلا ينافى سقوط خيار الآخر لاجل التلازم بين الخيارين من حيث اتحادهما فى الغاية

______________________________

الآخر (فتأمل) يمكن ان يكون اشارة الى ما سيأتى من قوله: و لعل نظر الشيخ و القاضى.

(و عبارة الخلاف المتقدمة) حيث قال: او خيار من تمكن من ذلك (و ان كانت ظاهرة فى التفكيك بين المتبايعين فى الخيار) اذ ظاهر قوله: خيار من تمكن ان خيار غير المتمكن لا يسقط (الا انها) اى العبارة المذكورة (ليست بتلك الظهور) القوى، حيث تنافى كلامنا من التلازم بين الخيارين سقوطا و ثبوتا (لاحتمال) عبارة الخلاف (إرادة سقوط خيار المتمكن من التخاير من حيث تمكنه) من الاخذ بالخيار فاذا لم يأخذ به سقط خياره، لانه فارق المجلس، فصدق فيه «حتى يفترقا» (مع قطع النظر عن حال الآخر) الّذي بقى فى المجلس (فلا ينافى) كلام الخلاف (سقوط خيار الآخر) أيضا (لاجل التلازم بين الخيارين) سقوطا و ثبوتا (من حيث اتحادهما فى الغاية) حيث قال عليه السلام «حتى يفترقا» الظاهر فى ان حصول الافتراق يوجب سقوط كلا الخيارين.

و الحاصل ان كلام الشيخ فى صدد سقوط خيار المتمكن، فلا دلالة فيه على خيار الآخر، لا ثبوتا و لا سقوطا، فيمكن ان يكون نظره سقوط خيار

ص: 216

مع ان شمول عبارته لبعض الصور التى لا يختص بطلان الخيار فيها بالمتمكن، مما لا بد منه، كما لا يخفى على المتأمل.

و حملها على ما ذكرنا من إرادة المتمكن، لا بشرط إرادة خصوصه فقط

______________________________

الآخر أيضا لاجل التلازم بين الخيارين فلا يمكن ان يقال ان الشيخ يرى ثبوت خيار الآخر.

و يؤيد ان الشيخ ليس بصدد خيار الآخر، ان كلامه يشمل ما يسقط فيه خيار الآخر أيضا.

و الى هذا شار بقوله: (مع ان شمول عبارته لبعض الصور التى لا يختص بطلان الخيار فيها) فى تلك الصورة (بالمتمكن) بل يسقط خيارهما (مما لا بد منه) خبر «شمول» (كما لا يخفى على المتأمل) فانه اذا كان احدهما متمكنا من جهة عدم الاكراه، و كان الآخر غير متمكن من جهة الاكراه، و لكن كان غير المتمكن متصرفا فى المبيع، اذ التصرف مسقط للخيار فسقوط خيار احدهما للاكراه، و الآخر للتصرف.

و عليه فاذا كانت عبارة الخلاف تشمل ما اذا سقط خيار الآخر لاجل التصرف مثلا، لا بد و ان نقول: ان عبارته فى صدد بيان سقوط خيار المكره، و ليس فى صدد ذكر خيار غير المكره ثبوتا او سقوطا، فلا مانع من ان يريد سقوط خيار المكره أيضا.

(و حملها) اى عبارة الخلاف (على ما ذكرنا) و بيّن «ما» بقوله:

(من إرادة) الخلاف سقوط خيار (المتمكن، لا بشرط إرادة خصوصه فقط) اى ان الخلاف لم يقصد ان خصوص خيار المتمكن ساقط، بل يشمل

ص: 217

اولى من تخصيصها ببعض الصور.

و لعل نظر الشيخ و القاضى الى ان الافتراق المستند الى اختيارهما جعل غاية لسقوط خيار كل منهما.

فالمستند الى اختيار احدهما مسقط لخياره خاصة و هو

______________________________

كلامه سقوط خيار المكره أيضا (اولى من تخصيصها) اى عبارة الخلاف (ببعض الصور) اى صورة عدم تصرف الآخر الّذي هو المكره.

و قوله «و حملها» تتمة قوله «مع» اى ان كلام الخلاف القائل بانه يسقط خيار المتمكن له صورتان.

صورة تصرف المكره، و صورة عدم تصرف المكره، فاذا كان مراد الخلاف سقوط خيار المختار فقط، لزم اخراج صورة تصرف المكره من عبارته و اخراج هذه الصورة من عبارته ليس باولى، من ادخال هذه الصورة فى عبارته.

و القول بان الشيخ ساكت عن خيار المكره سقوطا و ثبوتا فلا يكون الشيخ مخالفا لسقوط خيار المكره.

(و لعل نظر الشيخ و القاضى) اذا قلنا بانهما يريان سقوط خيار المختار فقط، دون خيار المكره (الى ان الافتراق المستند الى اختيارهما جعل) فى النص (غاية لسقوط خيار كل منهما) فافتراق كل مسقط لخياره

(فالمستند الى اختيار احدهما) فيما اذا كان الآخر مكرها (مسقط لخياره خاصة) لان معنى «حتى يفترقا» ان كل مفترق يسقط خياره لا خيار كليهما (و هو) اى نظر الشيخ و القاضى من كون النص من باب

ص: 218

استنباط حسن لكن لا يساعد عليه ظاهر النص.

ثم انه يظهر مما ذكرنا حكم عكس المسألة، و هى ما اذا اكره احدهما على البقاء ممنوعا من التخاير و فارق الآخر اختيارا.

فان مقتضى ما تقدم من الايضاح من مبنى الخلاف عدم الخلاف فى سقوط الخيارين هنا.

و مقتضى ما ذكرنا من مبنى الاقوال جريان الخلاف هنا أيضا.

______________________________

مقابلة الجمع بالجمع (استنباط حسن) فى نفسه (لكن لا يساعد عليه ظاهر النص) اذ قد عرفت ان ظاهره ان افتراقهما مسقط لخيارهما معا لا ان كل خيار يسقط بافتراق احدهما.

(ثم انه يظهر مما ذكرنا) فى حكم اصل المسألة (حكم عكس المسألة و هى ما اذا اكره احدهما على البقاء ممنوعا من التخاير و فارق الآخر) المجلس (اختيارا) و انما ظهر الحكم لوحدة الملاك فى المسألتين اذ المعيار كره احدهما على التفرق، مع منعه عن التخاير، و هو موجود فى كلتا المسألتين.

(فان مقتضى ما تقدم من الايضاح من مبنى الخلاف) حيث قال ان هذا مبنى على بقاء الاكوان و عدمه الى آخر عبارته (عدم الخلاف فى سقوط الخيارين هنا) لكل من الباقى و المفارق.

(و مقتضى ما ذكرنا من مبنى الاقوال) حيث قلنا: و مبنى الاقوال على ان افتراقهما، الى آخره (جريان الخلاف هنا أيضا) لوحدة الملاك فى المسألتين، فكما يكون هناك خلاف، يكون هنا خلاف أيضا.

ص: 219

و كيف كان فالحكم بسقوط الخيار عنهما هنا اقوى، كما لا يخفى.

______________________________

(و كيف كان) الامر (فالحكم بسقوط الخيار عنهما هنا اقوى، كما لا يخفى) للفرق بين المسألتين لعدم الخلاف فى صدق الافتراق الاختيارى على حركة المتحرك- اختيارا- بخلاف سكون الساكن.

ففى صدق الافتراق عليه عرفا خفاء و ان صدق عليه الافتراق بالدقة العقلية.

ص: 220

مسئلة لو زال الاكراه فالمحكى عن الشيخ و جماعة امتداد الخيار بامتداد مجلس الزوال.

و لعله لان الافتراق الحاصل بينهما فى حال الاكراه كالمعدوم، فكانهما بعد مجتمعان فى مجلس العقد فالخيار باق.

و فيه ان الهيئة الاجتماعية الحاصلة حين العقد قد ارتفعت حسّا.

______________________________

(مسألة: لو زال الاكراه) بعد ان حمل الى خارج المجلس مكرها (فالمحكى عن الشيخ و جماعة امتداد الخيار بامتداد مجلس الزوال) فما دام فى مجلس الزوال له الخيار، فاذا فارق عن ذلك المجلس زال خياره

(و لعله) وجه (ل) فتوى الشيخ (ان الافتراق الحاصل بينهما فى حال الاكراه كالمعدوم) لرفع الاكراه حكما، و ان كان موجودا حقيقة- و لذا قال كالمعدوم- (فكانهما بعد مجتمعان فى مجلس العقد فالخيار باق).

اما سقوطه بعد افتراقه عن مجلس الزوال فهو بلا اشكال، اذ لا وجه لبقاء الخيار بعد عدم كونه فى مجلس العقد، و عدم كونه فى مجلس بمنزلة مجلس العقد.

(و فيه ان الهيئة الاجتماعية الحاصلة حين العقد قد ارتفعت حسّا) فانها من الامور الخارجية غير التابعة للامور النفسية، فهى مرتفعة

ص: 221

غاية الامر عدم ارتفاع حكمها و هو الخيار بسبب الاكراه.

و لم يجعل مجلس زوال الاكراه بمنزلة مجلس العقد.

و الحاصل ان الباقى بحكم الشرع هو الخيار، لا مجلس العقد، فالنص ساكت عن غاية هذا الخيار، فلا بد اما من القول بالفور كما عن التذكرة، و لعله

______________________________

بالافتراق سواء كان عن إرادة او عن اكراه.

(غاية الامر عدم ارتفاع حكمها) اى الحكم الّذي هو سقوط الخيار فحيث انه اكره، كان خياره باقيا.

فقوله: (و هو الخيار) اى ان عدم الارتفاع هو الخيار (بسبب الاكراه) الرافع لحكم الافتراق.

(و) لا دليل على ان مجلس زوال الاكراه فى حكم مجلس العقد.

اذ (لم يجعل مجلس زوال الاكراه بمنزلة مجلس العقد) لا نصّا و لا اجماعا، فمن اين جاء ان حكم مجلس زوال الاكراه حكم مجلس العقد؟

(و الحاصل) فى الاشكال على فتوى الشيخ (ان الباقى بحكم الشرع هو الخيار، لا) ان الباقى (مجلس العقد).

اذا (فالنص ساكت عن غاية هذا الخيار) بعد زوال الاكراه.

و عليه (فلا بد اما من القول بالفور) و انه اذا زال الاكراه فله الاخذ بالخيار فورا، و انه اذا لم يأخذ بالخيار فورا سقط خياره، و ان كان مجلس زوال الاكراه باقيا (كما عن التذكرة، و لعله) اى و لعل وجه الفور

ص: 222

لانه المقدار الثابت يقينا لاستدراك حق المتبايعين.

و اما من القول بالتراخى الى ان تحصل المسقطات لاستصحاب الخيار و الوجهان جاريان فى كل خيار لم يظهر حاله من الادلة.

______________________________

(لانه المقدار الثابت يقينا لاستدراك حق المتبايعين) فى الفسخ و الامضاء.

(و اما من القول بالتراخى) و امتداد الخيار، حتى الى ما بعد مجلس زوال الاكراه (الى ان تحصل المسقطات) كالتصرف و نحوه (لاستصحاب الخيار).

(و الوجهان) اى الفور، و التراخى الى ان تحصل المسقطات (جاريان فى كل خيار لم يظهر حاله من الادلة) و انه ممتد او غير ممتد و ان كان الاظهر الثانى، لانه مقتضى الاستصحاب.

ص: 223

مسئلة و من مسقطات هذا الخيار التصرف

على وجه يأتى فى خيارى الحيوان و الشرط، ذكره الشيخ فى المبسوط فى خيار المجلس و فى الصرف، و العلامة فى التذكرة و نسب الى جميع من تأخر عنه بل ربما يدعى اطباقهم عليه، و حكى عن الخلاف و الجواهر و الكافى و السرائر، و لعله لدلالة التعليل فى بعض اخبار خيار الحيوان، و هو الوجه أيضا فى اتفاقهم على سقوط خيار الشرط، و الا

______________________________

(مسألة: و من مسقطات هذا الخيار) اى خيار المجلس (التصرف على وجه يأتى فى خيارى الحيوان و الشرط) فانه ليس كل تصرف مسقط بل التصرف على وجه خاص (ذكره الشيخ فى المبسوط فى خيار المجلس) (و فى) بيع (الصرف) و هو بيع الاثمان اى بيع الذهب بالفضة و نحوه (و العلامة فى التذكرة و نسب) القول بذلك أيضا (الى جميع من تأخر عنه) اى عن العلامة (بل ربما يدعى اطباقهم عليه، و) كذلك (حكى عن الخلاف و الجواهر) للقاضى (و الكافى و السرائر، و لعله) اى لعل وجه كون التصرف مسقطا لخيار المجلس، مع عدم ورود نصّ عليه بالخصوص (لدلالة التعليل فى بعض اخبار خيار الحيوان) فان العلة تشمل خيار المجلس أيضا (و هو) اى عموم التعليل (الوجه أيضا فى اتفاقهم على سقوط خيار الشرط) فاذا باع شيئا بشرط ان له الرجوع فى البيع الى شهر- مثلا- ثم تصرف فى الثمن سقط خياره على ما ذكروا (و الا) اى لو لا

ص: 224

فلم يرد فيه نص بالخصوص، بل سقوط خيار المشترى بتصرفه مستفاد من نفس تلك الرواية المعللة، حيث قال: فان احدث المشترى فيما اشترى حدثا قبل الثلاثة ايام، فذلك رضا منه، فلا شرط، فان المنفى يشمل شرط المجلس و الحيوان فتأمل.

______________________________

عموم التعليل (ف) لا دليل آخر على سقوط خيار الشرط بالتصرف، لانه (لم يرد فيه نص بالخصوص، بل سقوط خيار المشترى) للحيوان (بتصرفه) فى الحيوان (مستفاد من نفس تلك الرواية المعللة) فليس هناك دليل على سقوط خيار الحيوان بالتصرف الا من العلة.

و نسبة العلة الى خيار الحيوان و سائر الخيارات واحدة.

فكما يسقط خيار الحيوان بالتصرف، كذلك تسقط سائر الخيارات (حيث قال) عليه السلام (فان احدث المشترى فيما اشترى) اى فى الحيوان الّذي اشتراه (حدثا قبل الثلاثة ايام) اى قبل انقضاء الثلاثة اذ: خيار الحيوان ثلاثة ايام فقط (فذلك رضا منه) اى ان التصرف دليل الرضا، او انه رضا فعلى، و ان لم يكن راضيا باسقاط خياره (فلا شرط) اى لا خيار له بعد الرضا (فان المنفى) فى قوله عليه السلام: لا شرط- اى لا خيار- (يشمل شرط المجلس و الحيوان) و غيرهما (فتأمل).

اذ كيف يمكن ان ندعى عموم «لا شرط» للمجلس، مع ان كونه فى باب الحيوان قرينة صارفة الى خصوص الحيوان.

اللهم الا ان يقال: ان العرف يفهم ذلك، و هذا ليس ببعيد، و لذا فهم المشهور الخيار، و مع هذا الفهم لا يبقى مجال للقول بان

ص: 225

و تفصيل التصرف المسقط سيجي ء ان شاء الله.

______________________________

«حتى يفترقا» نص فى امتداد الخيار الى حين الافتراق فلا يمكن رفع اليد عنه بسبب هذا الاشعار المستفاد من التعليل.

(و تفصيل التصرف المسقط سيجي ء ان شاء الله) و ان اىّ تصرف مسقط و اى تصرف غير مسقط.

ص: 226

الثانى خيار الحيوان

اشارة

لا خلاف بين الامامية فى ثبوت الخيار فى الحيوان للمشترى.

و ظاهر النص و الفتوى العموم لكل ذى حياة، فيشمل مثل الجراد و الزنبور و السمك و العلق و دود القز.

و لا يبعد اختصاصه بالحيوان المقصود حياته فى الجملة.

فمثل السمك المخرج من الماء و الجراد المحرز فى الاناء و شبه ذلك خارج

______________________________

(الثانى) من الخيارات (خيار الحيوان) و (لا خلاف بين الامامية فى ثبوت الخيار فى الحيوان للمشترى) الى ثلاثة ايام.

(و ظاهر) اطلاق (النص و الفتوى العموم لكل ذى حياة) حيوانية لا مثل النبات (فيشمل) الخيار (مثل الجراد و الزنبور و السمك و العلق و دود القز) بل لا يبعد- على هذا- شموله لمثل الاحياء الجديدة كالمكروب.

(و) لكن (لا يبعد اختصاصه بالحيوان المقصود حياته فى الجملة) مثل البقر الّذي يشترى لاجل اللبن مثلا، و انه ثم يراد بعد ذلك ذبحه للاستفادة بلحمه و جلده.

(فمثل السمك المخرج من الماء) لاجل إماتته، لا لاجل احرازه و اقتنائه (و الجراد المحرز فى الاناء) لاجل إماتته لا لاجل اقتنائه حيّا (و شبه ذلك خارج) عن كونه ذا خيار

ص: 227

لانه لا يباع من حيث انه حيوان، بل من حيث انه لحم.

و يشكل فيما صار كذلك لعارض كالصيد المشرف على الموت باصابة السهم او بجرح الكلب المعلم.

و على كل حال فلا يعدّ زهاق روحه تلفا من البائع قبل القبض، او فى زمان الخيار.

______________________________

(لانه لا يباع من حيث انه حيوان، بل من حيث انه لحم) فهو كبيع اللحم حيث انه لا خيار فيه لان الادلة جارية فى بيع الحيوان.

(و يشكل) اختصاص خيار الحيوان (فيما صار كذلك) اى صار مثل السمك الخارج من الماء (لعارض كالصيد المشرف على الموت باصابة السهم او بجرح الكلب المعلم) فهل فيه خيار الحيوان لانه حي او ليس فيه؟ لانه لا يشترى الا لاجل اللحم، احتمالان.

و لعل وجه الفرق بينه و بين السمك، حيث جزم بانه لا خيار للحيوان فى السمك، و اشكل هنا فى الصيد ان السمك الخارج من الماء محكوم بالموت قطعا، فلا يشترى الا لحمه، اما الصيد فلا يقطع بموته و لذا فيمكن ان يشترى لاجل انه حيوان، لا انه لحم، فتأمل.

(و على كل حال) فى الصيد (فلا يعدّ) فى مثل السمك (زهاق روحه تلفا من البائع قبل القبض، او فى زمان الخيار) حتى تنطبق عليه قاعدة التلف قبل القبض من مال مالكه، و قاعدة: التلف فى زمن الخيار ممن لا خيار له.

ص: 228

و فى منتهى خياره مع عدم بقائه الى الثلاثة وجوه.

ثم انه هل يختص هذا الخيار بالمبيع المعين، كما هو المنساق فى النظر من الاطلاقات مع الاستدلال به فى بعض معاقد الاجماع- كما فى

______________________________

(و) اذا اشترى ما لا يبقى الى ثلاثة ايام بان مات بعد يومين مثلا ف (فى منتهى خياره) اى خيار المشترى فى مثل هذا الحيوان (مع عدم بقائه الى الثلاثة) الايام (وجوه) و احتمالات.

الاول: انه ثلاثة ايام لان متعلق الخيار هو العقد و هو باق و ان مات الحيوان.

الثانى: انه الى حين الموت قبل الثلاثة لان متعلق الخيار العين فاذا مات الحيوان انتفى الخيار لانتفاء موضوعه.

الثالث: انه الى حين ان يأتى مسقط آخر و لو بعد الثلاثة، لان الخيار متعلق بالعقد و هو باق الى ما بعد الثلاثة و اما ذكر الثلاثة فى الاخبار فهو منزل على الغالب من عدم موت الحيوان فى الثلاثة.

لكن لا يخفى ضعف هذا الوجه، و بعده الوجه الثانى، و اقواها الوجه الاول.

(ثم انه هل يختص هذا الخيار بالمبيع المعين) كما اذا باع هذا البقر الخاص مثلا (كما هو المنساق فى النظر من الاطلاقات) فاذا قال: من اشترى حيوانا كان له خيار ثلاثة ايام، انساق منه فى اذهان العرف الى الحيوان الخاص، لا الكلى (مع الاستدلال به) اى بكون الخيار فى المعين (فى بعض معاقد الاجماع- كما فى

ص: 229

التذكرة- بالحكمة غير الجارية فى الكلى الثابت فى الذمة، او يعم الكلى كما هو المترائى من النص و الفتوى لم اجد مصرحا باحد الامرين.

نعم يظهر من بعض المعاصرين: الاول، و لعله الاقوى.

و كيف كان

فالكلام فى من له هذا الخيار، و فى مدته [من حيث المبدإ و المنتهى، و مسقطاته يتم برسم مسائل]
اشارة

______________________________

التذكرة- بالحكمة غير الجارية فى الكلى الثابت فى الذمة).

فان الحكمة فى جعل الخيار ان يكون للمشترى الحق فيما اذا لم يرغب فى شخص هذا الحيوان ان يرده، و هذه الحكمة ليست جارية فى اشتراء الكلى، حيث انه اذا لم يرغب فى فرد بدّله بفرد آخر (او يعم) هذا الخيار (الكلى) لعدم معلومية ان الحكمة ذلك الّذي ذكر، فان من الحكمة انه اذا زهد المشترى فى اصل البيع، كان له رده، و هو يشمل الكلى كما يشمل الشخصى (كما هو المترائى من النص و الفتوى) لاطلاقهما الشامل للكلى كما يشمل الشخصى.

ثم انه لا منافات بين قوله «المنساق» و بين قوله «المترائى» لان المنساق بالدقة و المترائى بالنظر السطحى (لم اجد مصرحا باحد الامرين)

(نعم يظهر من بعض المعاصرين: الاول، و لعله الاقوى) و ان كان الثانى اقرب الى الاعتبار، لما عرفت من اطلاق الحكمة.

و كذلك يوجد مثله فى خيار المجلس و غيره، فانه يشمل بيع الكلى أيضا.

(و كيف كان فالكلام) الآن (فى من له هذا الخيار، و فى مدته

ص: 230

من حيث المبدأ و المنتهى، و مسقطاته يتم برسم مسائل.

______________________________

من حيث المبدأ و المنتهى، و) فى (مسقطاته) و هو: (يتم برسم مسائل) نذكرها ان شاء الله تعالى.

ص: 231

مسئلة المشهور اختصاص هذا الخيار بالمشترى

حكى عن الشيخين، و الصدوقين، و الاسكافى و ابن حمزة و الشاميين الخمسة، و الحلبيين الستة و معظم المتأخرين، و عن الغنية و ظاهر الدروس الاجماع عليه لعموم قوله عليه السلام: اذا افترقا وجب البيع خرج المشترى و بقى البائع، بل

______________________________

(مسألة المشهور اختصاص هذا الخيار بالمشترى) فاذا باع حيوانا لزيد كان الخيار لزيد فقط، لا للبائع (حكى عن الشيخين) المفيد و الطوسى (و الصدوقين) الوالد و الولد (و الاسكافى و ابن حمزة و الشاميين الخمسة) و هم: الحلبى و القاضى و الشهيدين و الكركى (و الحلبيين) بالباء نسبة الى بلدة حلب فى سوريا و هم (الستة) المعروفون.

و ربما قيل: انه بالياء اى الحلبيين نسبة الى بلدة الحلة فى العراق و هم: ابن ادريس و المحقق و العلامة و ولده و ابن سعيد و السيورى (و معظم المتأخرين، و عن الغنية و ظاهر الدروس الاجماع عليه).

و انما لم يكن للبائع الخيار (لعموم قوله عليه السلام: اذا افترقا وجب البيع) دل على وجوب البيع مطلقا بعد المجلس (خرج المشترى) بدليل: خيار الحيوان (و بقى البائع) لعدم الدليل على خروجه (بل

ص: 232

لعموم: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ، بالنسبة الى ما ليس فيه خيار المجلس بالاصل او بالاشتراط، و يثبت الباقى بعدم القول بالفصل.

و يدل عليه أيضا ظاهر غير واحد من الاخبار.

منها: صحيحة الفضيل بن يسار عن ابى عبد الله عليه السلام، قال قلت له: ما الشرط فى الحيوان؟ قال: ثلاثة ايام

______________________________

لعموم: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) فانه ظاهر فى عدم الخيار بعد العقد.

ان قلت: لا اشكال فى وجود خيار المجلس للبائع، فاذا انقضى المجلس بقى الخيار له فى بيع الحيوان بالاستصحاب.

قلت: لا شك فى انه لا خيار للبائع (بالنسبة الى ما ليس فيه خيار المجلس بالاصل) كما تقدم فى بعض البيوع انه لا خيار مجلس فيه، مثل بيع الأب من ولده (او بالاشتراط) بان اشترطا انه لا يكون للبائع خيار المجلس، فاذا لم يكن للبائع خيار المجلس، فلا يستصحب الخيار له بعد المجلس (و يثبت) عدم خيار الحيوان للبائع، فى (الباقى) و هو ما كان للبائع خيار المجلس (بعدم القول بالفصل) لانا لا نقول بانه يكون للبائع خيار الحيوان فى مكان دون مكان، فاذا لم يكن له خيار الحيوان فى مورد فليس له خيار الحيوان فى كل الموارد.

(و يدل عليه) اى على عدم الخيار للبائع مطلقا (أيضا ظاهر غير واحد من الاخبار).

(منها: صحيحة الفضيل بن يسار عن ابى عبد الله عليه السلام قال:

قلت له: ما الشرط) اى ما هو الخيار (فى الحيوان؟ قال: ثلاثة ايام

ص: 233

للمشترى قلت: و ما الشرط فى غير الحيوان؟ قال البيعان بالخيار ما لم يفترقا فاذا افترقا فلا خيار بعد الرضا منهما.

و ظهوره فى اختصاص الخيار بالمشترى.

و اطلاق نفى الخيار لهما فى بيع غير الحيوان بعد الافتراق يشمل ما اذا كان الثمن حيوانا.

______________________________

للمشترى).

و انما سمى الخيار شرطا، لانه شرط من الله سبحانه على البائع ان يكون للمشترى خيار الحيوان الى ثلاثة ايام (قلت: و ما الشرط فى غير الحيوان؟ قال) عليه السلام: (البيعان بالخيار ما لم يفترقا فاذا افترقا فلا خيار بعد الرضا منهما).

و قد تقدم معنى قوله عليه السلام «بعد الرضا»

(و ظهوره) اى هذا الخبر (فى اختصاص الخيار بالمشترى) لقوله عليه السلام: ثلاثة ايام للمشترى و لا يقال انه مفهوم اللقب، فلا حجية فيه اذ هو فى مقام التحديد، و مفهوم التحديد حجة.

(و) ظهوره أيضا فى (اطلاق نفى الخيار لهما) اى لا للبائع و لا للمشترى (فى بيع غير الحيوان بعد الافتراق) مما يظهر منه انه اذا باع دارا مثلا ببعير، بان كان المثمن غير حيوان، لكن كان الثمن حيوانا (يشمل ما اذا كان الثمن حيوانا) ففى هذه الرواية موضعان يظهر من كل منهما ان الحيوان اذا كان ثمنا لم يكن لآخذه و هو البائع الخيار فيه.

ص: 234

و يتلوها فى الظهور رواية على بن اسباط عن ابى الحسن الرضا عليه السلام، قال الخيار فى الحيوان ثلاثة ايام للمشترى فان ذكر القيد مع اطلاق الحكم- قبيح، الا لنكتة جلية و نحوها: صحيحة الحلبى فى الفقيه، عن ابى عبد الله عليه السلام، قال: فى الحيوان كله شرط

______________________________

(و يتلوها فى الظهور رواية على بن اسباط عن ابى الحسن الرضا عليه السلام، قال) عليه السلام: (الخيار فى الحيوان ثلاثة ايام للمشترى).

و حيث انه مورد توهم ان يقال: انه من باب مفهوم اللقب، اجاب بقوله: (فان ذكر القيد) حيث قال «للمشترى» (- مع اطلاق الحكم-) اى اذا كان الحكم بالخيار، يشمل كلا من البائع و المشترى، فيما اذا باع حيوانا، او كان الثمن حيوانا (قبيح، الا لنكتة جلية) و حيث لا نكتة جلية فى المقام، لا بد و ان تكون النكتة اختصاص الخيار بالمشترى.

اما آية «فى حجوركم» فالنكتة فيها التنفير عن زواج بنت الزوجة، فان الانسان كيف يرغب ان يتزوج من ربيت فى حجره، ثم انه انما قال «يتلوه» لقوة دلالة الرواية الاولى، حيث ان كلام الامام عليه السلام كان فى جواب السؤال، فهو من مفهوم التحديد، كما عرفت بخلاف الرواية الثانية، فهى اشبه شي ء بمفهوم اللقب، و هو ليس بحجة، نعم فيه اشعار او ظهور حسب ما ذكرناه، بقولنا: فان ذكر القيد ... الخ (و نحوها: صحيحة الحلبى فى الفقيه، عن ابى عبد الله عليه السلام، قال فى الحيوان كله) اى كل اقسامه (شرط

ص: 235

ثلاثة ايام للمشترى.

و صحيحة ابن رئاب، عن ابى عبد الله عليه السلام، قال: الشرط فى الحيوانات ثلاثة ايام للمشترى.

و اظهر من الكل صحيحة ابن رئاب المحكية عن قرب الاسناد، قال سألت أبا عبد الله عليه السلام: عن رجل اشترى جارية لمن الخيار؟

للمشترى او للبائع اولهما كليهما، قال: الخيار لمن اشترى نظرة ثلاثة ايام، فاذا مضت ثلاثة ايام فقد وجب الشراء و عن سيدنا المرتضى قدس سره

______________________________

ثلاثة ايام للمشترى) فانها مثل رواية ابن اسباط فى وجه الدلالة.

(و صحيحة ابن رئاب، عن ابى عبد الله عليه السلام، قال: الشرط فى الحيوانات ثلاثة ايام للمشترى).

و انما ادعى ان هذه الروايات ظاهرة- و لم يقل بكون بعضها نصا- اذ من المحتمل ان يكون وجه كون الخيار للمشترى ان الكلام فى اشتراء الحيوان لا فى ما اذا كان الحيوان ثمنا فلا دلالة فى هذه الاخبار فى نفى الخيار اذا كان الحيوان ثمنا.

(و اظهر من الكل صحيحة ابن رئاب المحكية عن قرب الاسناد، قال سألت أبا عبد الله عليه السلام: عن رجل اشترى جارية لمن الخيار؟

للمشترى او للبائع او لهما كليهما، قال: الخيار لمن اشترى نظرة) اى انتظار (ثلاثة ايام، فاذا مضت ثلاثة ايام فقد وجب الشراء).

و وجه كونها اظهر من السابقة، قوة ظهور نفى الخيار عن غير المشترى بعد سؤال السائل هل ان لغيره الخيار أم لا؟ و وجه انها غير صريحة ما تقدم (و) مع ذلك كله، ف (عن سيدنا المرتضى قدس سره،

ص: 236

و ابن طاوس ثبوته للبائع أيضا، و حكى عن الانتصار دعوى الاجماع عليه لاصالة جواز العقد من الطرفين بعد ثبوت خيار المجلس.

و لصحيحة محمد بن مسلم المتبايعان بالخيار ثلاثة ايام فى الحيوان و فيما سوى ذلك من بيع حتى يفترقا.

و

______________________________

و ابن طاوس ثبوته) اى الخيار (للبائع أيضا و حكى عن الانتصار دعوى الاجماع عليه).

و ذلك (لاصالة جواز العقد من الطرفين بعد ثبوت خيار المجلس) فانه بعد الافتراق عن المجلس اذا كان الافتراق قبل ثلاثة ايام، يشك فى انه هل لزم البيع أم لا؟ فالاستصحاب يقتضي عدم اللزوم.

(و لصحيحة محمد بن مسلم المتبايعان بالخيار ثلاثة ايام فى الحيوان، و فيما سوى ذلك من بيع حتى يفترقا).

و اشكل على الدليل الاول بان الخيار الكائن قبل الافتراق زال قطعا لانه خيار المجلس و الخيار المراد اثباته لم يعلم به، لان خيار الحيوان لا يعلم ثبوته للبائع، فلا تتم اركان الاستصحاب.

و فيه انه من قبيل الصورة الاولى من القسم الثالث من اقسام الاستصحاب الكلى، فان المراد استصحاب الكلى، لا خصوص خيار المجلس، او خيار الحيوان.

(و) اشكل على الدليل الثانى بالتعارض مع الروايات السابقة مما يوجب ترجيح الروايات السابقة على هذه الصحيحة، بسبب الشهرة و

ص: 237

بها تخصص عمومات اللزوم مطلقا، او بعد الافتراق و هى ارجح بحسب السند من صحيحة ابن رئاب المحكية عن قرب الاسناد.

و قد صرحوا بترجيح رواية مثل محمد بن مسلم و زرارة، و اضرابهما على غيرهم من الثقات.

مضافا الى ورودها فى الكتب الاربعة المرجحة على مثل قرب الاسناد

______________________________

بالإضافة الى منافاتها مع عمومات اللزوم.

و فيه ان (بها) اى بصحيحة ابن مسلم (تخصص عمومات اللزوم مطلقا) اى ما كان دالا على لزوم العقد مطلقا، مثل: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ، لان هذه الصحيحة اخص من العمومات المذكورة (او) ما كان دالا على لزوم العقد (بعد الافتراق) مثل: البيعان بالخيار ما لم يفترقا، فاذا افترقا وجب البيع (و هى) اى صحيحة ابن مسلم (ارجح بحسب السند من صحيحة ابن رئاب المحكية عن قرب الاسناد).

(و) وجه الرجحان هو ما (قد صرحوا بترجيح رواية مثل محمد بن مسلم و زرارة، و اضرابهما) من الفقهاء (على غيرهم من الثقات) لوضوح ان الفقيه اعرف بجوانب الكلام و مزاياه، و خصوصياته من غيره، فنقله اضبط و فهمه لكلام الامام عليه السلام اتقن، هذا.

(مضافا الى ورودها) اى صحيحة ابن مسلم (فى الكتب الاربعة المرجحة) بصيغة اسم المفعول، فان علمائنا رجحوا هذه الكتب (على مثل قرب الاسناد) الّذي فيه صحيحة ابن رئاب إذ المحمدون الثلاثة فى الكتب الاربعة بنوا على مزيد من الدقة و الاتقان.

ص: 238

من الكتب التى لم يلتفت إليها اكثر اصحابنا مع بعد غفلتهم عنها، او عن مراجعتها.

و اما الصحاح الاخر المكافئة سندا لصحيحة ابن مسلم فالانصاف ان دلالتها بالمفهوم لا تبلغ فى الظهور مرتبة منطوق الصحيحة فيمكن حملها على بيان الفرد الشديد الحاجة، لان الغالب فى المعاملة- خصوصا معاملة الحيوان- كون إرادة الفسخ فى طرف المشترى،

______________________________

بالإضافة الى انهم من الفقهاء البارعين الذين لا يشق لهم غبار، بخلاف مثل قرب الاسناد (من الكتب التى لم يلتفت إليها اكثر اصحابنا مع بعد غفلتهم عنها، او) غفلتهم (عن مراجعتها) عند التأليف، اذ الاصحاب كانوا يفحصون، و بعد ذلك يفتون فى كتبهم هذا.

بالإضافة الى ان صحيحة ابن مسلم صريحة، بخلاف صحيحة ابن رئاب فانها ظاهرة، و النص يقدم على الظاهر.

(و اما الصحاح الاخر المكافئة سند الصحيحة ابن مسلم) لنقل الفقهاء كالحلبى لها و لوجودها فى الكتب الاربعة (فالانصاف ان دلالتها بالمفهوم لا تبلغ فى الظهور مرتبة منطوق الصحيحة) لابن مسلم، فانها صريحة لو لم نعمل بها لزم طرحها، بخلاف تلك الصحاح.

لا يقال: فما ذا يعمل بتلك الصحاح.

لانه يقال: (فيمكن حملها على بيان الفرد الشديد الحاجة) المتعارف (لان الغالب فى المعاملة- خصوصا معاملة الحيوان- كون إرادة الفسخ فى طرف المشترى).

ص: 239

لاطلاعه على خفايا الحيوان.

و لا ريب ان الاظهرية فى الدلالة متقدمة- فى باب الترجيح- على الاكثرية.

و اما ما ذكر فى تأويل صحيحة ابن مسلم، من ان خيار الحيوان للمشترى على البائع، فكان بين المجموع، ففى غاية السقوط

______________________________

و انما كان الغالب ذلك (لاطلاعه) اى المشترى (على خفايا الحيوان) مما يوجب نفرته عنه فيفسخ البيع تخلصا منه و ذلك بخلاف البائع الّذي نقد الثمن و يندر ندمه.

(و) ان قلت: صحيحة ابن مسلم واحدة، و الروايات الاخر كثيرة.

قلت: (لا ريب ان الاظهرية فى الدلالة متقدمة- فى باب الترجيح على الاكثرية) بعد تساويهما فى الحجية، لان الاظهر يوجب التصرف فى الظاهر، و لذا يقدمون رواية الحاكم على المحكوم و لو كانت رواية الحاكم واحدة و روايات المحكوم كثيرة.

(و) ان قلت: من الممكن تأويل صحيحة ابن مسلم بما لا ينافى تلك الروايات.

قلت: (اما ما ذكر فى تأويل صحيحة ابن مسلم، من ان خيار الحيوان للمشترى) فقط (على البائع، فكان) الخيار (بين المجموع).

فقوله عليه السلام: المتبايعان بالخيار ثلاثة ايام، يراد به خيار المشترى على البائع، لا خيار كل واحد منهما على الآخر (ففى غاية السقوط).

ص: 240

و اما الشهرة المحققة، فلا تصير حجة على السيّد، بل مطلقا، بعد العلم بمستند المشهور، و عدم احتمال وجود مرجح لم يذكروه.

و اجماع الغنية لو سلم رجوعه الى اختصاص الخيار بالمشترى لا مجرد ثبوته له

______________________________

اذ العبارة نص فى ان الخيار لكل واحد، و يؤيده ذيل الصحيحة حيث ان خيار المجلس لكل منهما على الآخر.

(و اما الشهرة المحققة) فى جانب الروايات المثبتة للخيار للمشترى فقط (فلا تصير حجة على السيّد) اذ كلام السيد قبل تحقق الشهرة، فاذا كنا فى زمان السيّد- فرضا- لم نتمكن ان نقول للسيد: ان الشهرة على خلاف مستندك، فمستندك ساقط (بل) الشهرة فى امثال المقام ليست حجة (مطلقا، بعد العلم بمستند المشهور، و عدم احتمال وجود مرجح لم يذكروه) اذ لما عرف ان المشهور استندوا الى ما لا يصح الاستناد إليه لم يمكن ترجيح مستندهم بمجرد استناد المشهور.

اذ الترجيح بالمشهور ليس امرا تعبديا، بل لاجل احتمال وجود مرجح لهم.

فاذا عرفنا انه لا مرجح لهم، لم يصح الاستناد الى مستندهم فى قبال مستند اقوى.

(و) ان قلت: ادعى صاحب الغنية: الاجماع على كلام المشهور.

قلت: (اجماع الغنية لو سلم رجوعه الى اختصاص الخيار بالمشترى لا مجرد ثبوته) اى الخيار (له) اى للمشترى، فانه من المحتمل ان الغنية

ص: 241

معارض باجماع الانتصار الصريح فى ثبوته للبائع.

و لعله لذا قوى فى المسالك قول السيد، مع قطع النظر عن الشهرة بل الاتفاق على خلافه، و تبعه على ذلك فى المفاتيح، و توقف فى غاية المراد و حواشى القواعد، و تبعه فى المقتصر هذا.

و لكن الانصاف ان أخبار المشهور من حيث المجموع لا يقصر ظهورها عن الصحيحة مع اشتهارها

______________________________

يقول: الخيار للمشترى بالاجماع لا انه يقول: الخيار خاص بالمشترى بالاجماع (معارض باجماع الانتصار الصريح فى ثبوته للبائع) بالإضافة الى المشترى، و على هذا فلا شهرة تفيد، و لا اجماع يستند إليه، على طبق كلام المشهور.

(و لعله لذا) الّذي ذكرنا من اقوائية مستند السيد المرتضى (قوى فى المسالك قول السيد، مع قطع النظر عن الشهرة، بل الاتفاق على خلافه) أى على خلاف السيد، اى انه قال: الاقوى ان الخيار للبائع أيضا اذا لم تكن شهرة او اتفاق على خلاف السيد (و تبعه على ذلك فى المفاتيح، و توقف) فى انه هل الخيار للبائع أم لا؟ (فى غاية المراد، و حواشى القواعد، و تبعه) فى التوقف (فى المقتصر) و مجموع ذلك يجعل الفقيه متمكنا من الفتوى بإطلاق كون الخيار لكل من البائع و المشترى (هذا)

(و لكن الانصاف ان اخبار المشهور من حيث المجموع لا يقصر ظهورها عن الصحيحة) لابن مسلم فان تعاضد بعضها ببعض يجعل لها ظهورا مساويا لظهور صحيحة ابن مسلم (مع) اضافة (اشتهارها) اى أخبار

ص: 242

بين الرواة حتى محمد بن المسلم الراوى للصحيحة، مع ان المرجع بعد التكافؤ عموم أدلة لزوم العقد بالافتراق و المتيقن خروج المشترى، فلا ريب فى ضعف هذا القول.

نعم هنا قول ثالث، لعلّه أقوى منه و هو ثبوت الخيار لمن انتقل إليه الحيوان ثمنا أو مثمنا نسب الى جماعة من المتأخرين، منهم الشهيد

______________________________

المشهور (بين الرواة) فان مختلف الرواة رووها، و الشهرة الروائية توجب قوة المضمون (حتى) ان (محمد بن المسلم الراوى للصحيحة) روى رواية تدل على كلام المشهور (مع) انه اذا فرضنا حصول التكافؤ بين الصحيحة و بين روايات المشهور، و لم نقل بتقدم روايات المشهور لقوتها بالاشتهار فاللازم الأخذ بقول المشهور، ل (ان المرجع بعد التكافؤ عموم أدلة لزوم العقد بالافتراق) مثل: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ، و نحوه (و المتيقن خروج المشترى) عن لزوم العقد، فيبقى البائع داخلا فى عموم أدلة اللزوم، و يكون الحاصل انه لا خيار له (فلا ريب) عند المصنف (فى ضعف هذا القول) الّذي يقول ان الخيار للبائع أيضا.

(نعم هنا قول ثالث، لعلّه أقوى منه) اى من القول الثانى (و هو ثبوت الخيار لمن انتقل إليه الحيوان ثمنا أو مثمنا) و اذا كان كلا طرفى المعاملة حيوانا كما لو اشترى دجاجة بعشر حمامات مثلا، ان كان تبادلا، بدون أن يكون أحدهما ثمنا و الآخر مثمنا- لامكان ذلك و صحته لشمول: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ، له- يكون الخيار لكلا الطرفين.

ف (نسب) هذا القول (الى جماعة من المتأخرين، منهم الشهيد)

ص: 243

فى المسالك لعموم صحيحة محمد بن مسلم: البيعان بالخيار ما لم يفترقا و صاحب الحيوان بالخيار ثلاثة أيام.

و لا ينافيه تقييد صاحب الحيوان بالمشترى فى موثقة ابن فضال لاحتمال ورود التقييد مورد الغالب، لان الغالب كون صاحب الحيوان مشتريا.

______________________________

الثانى ره (فى المسالك).

و ذلك (لعموم صحيحة محمد بن مسلم: البيعان بالخيار ما لم يفترقا و صاحب الحيوان بالخيار ثلاثة أيام) فان صاحب الحيوان يشمل البائع و المشترى، فكل من كان صاحب الحيوان يكون له الخيار الى ثلاثة ايام حسب هذه الصحيحة.

(و) ان قلت: فى موثقة ابن فضال تقييد صاحب الحيوان بالمشترى مما يدل على ان المراد بصاحب الحيوان فى صحيحة ابن مسلم المشترى أيضا، لوحدة السياق فى الروايتين.

قلت: (لا ينافيه تقييد صاحب الحيوان بالمشترى فى موثقة ابن فضال) فقد روى على بن فضال، قال: سمعت أبا الحسن على بن موسى الرضا عليه السلام يقول: صاحب الحيوان المشترى بالخيار ثلاثة أيام.

و انما لا ينافى (لاحتمال ورود التقييد) بالمشترى (مورد الغالب، لان الغالب كون صاحب الحيوان مشتريا) و بذلك يسقط القيد عن الدلالة فلا يكون مقيدا لاطلاق صحيحة ابن مسلم.

ص: 244

و لا ينافى هذه الدعوى التمسك بإطلاق صحيحة محمد بن مسلم لان الغلبة قد تكون بحيث توجب تنزيل التقييد عليها، و لا توجب تنزيل الاطلاق

______________________________

(و) ان قلت: اذا كان من الممكن حمل القيد فى خبر ابن فضال على الغالب، كان لقائل أن يقول من الممكن حمل صاحب الحيوان فى صحيحة ابن مسلم على الغالب، من كون المشترى هو صاحب الحيوان فلا يكون اطلاق فى الصحيحة.

قلت: (لا ينافى هذه الدعوى) اى دعوى حمل القيد على الغالب فى موثقة ابن فضال (التمسك بإطلاق صحيحة محمد بن مسلم) بأن يقال:

كما ان القيد فى خبر ابن فضال منزل منزلة الغالب، كذلك يحمل صاحب الحيوان فى صحيحة ابن مسلم على الغالب من كون صاحب الحيوان المشترى، فلا دلالة فى الصحيحة على الخيار للبائع اذا كان الثمن حيوانا (لان الغلبة قد تكون بحيث توجب تنزيل التقييد عليها) لأنس الذهن بالغالب مما يوجب ذكر القيد و ان لم يقصد به خصوص المقيد، بل الحكم أعم من المقيد (و لا توجب تنزيل الاطلاق) بحمل المطلق على المقيد، اذ ليس القيد بحيث يوجب انصراف اللفظ المطلق الى المقيد.

و الحاصل انّا تابعون للظهور، فربما يقول المولى، المقيد، لكن الكلام ظاهر فى المطلق، و انما ذكر القيد لنكتة مثل «رَبٰائِبُكُمُ اللّٰاتِي فِي حُجُورِكُمْ» و ربما يقول المولى المطلق لكن ليس الكلام ظاهرا فى المقيد، فان القيد و ان كان غالبا، لكنه ليس بحيث يوجب انصراف المطلق الى

ص: 245

و لا ينافيها أيضا ما دل على اختصاص الخيار بالمشترى لورودها مورد الغالب من كون الثمن غير حيوان، و لا صحيحة محمد بن مسلم المثبتة للخيار للمتبايعين لامكان تقييدها- و ان بعد- بما اذا كان العوضان

______________________________

المقيد، فليس كلما حمل المقيد على الغالب و نتيجته الاطلاق، يحمل المطلق على الغالب حتى تكون نتيجته التقييد (و لا ينافيها أيضا) اى لا ينافى الدعوى المذكورة من حمل القيد فى موثقة ابن فضال على الغالب (ما دل على اختصاص الخيار بالمشترى) من الروايات المتقدمة، حيث ذكر لفظ المشترى، فانّا نحمل القيد فى الموثقة على الغالب، و نقول بإطلاق الموثقة، و لا نحمل اطلاقها على القيد الّذي ورد فى بعض الروايات من لفظ المشترى.

و انما لا ينافى (لورودها)- الضمير عائد الى «ما» باعتبار المعنى اى الرواية التى قيدت الخيار بالمشترى- (مورد الغالب من كون الثمن غير حيوان) اما اذا كان الثمن حيوانا فللبائع الخيار أيضا (و لا صحيحة محمد بن مسلم المثبتة للخيار للمتبايعين) «و لا» عطف على «ما دل» اى لا ينافى الدعوى المذكورة صحيحة محمد بن مسلم.

وجه المنافات ان الدعوى تقول: المشترى، فى رواية ابن فضال منزل منزلة الغالب، و ان كل من انتقل إليه الحيوان يكون له الخيار، و صحيحة ابن مسلم تقول: ان الخيار لكل من البائع و المشترى.

و وجه عدم المنافات (لامكان تقييدها) اى صحيحة ابن مسلم (- و ان بعد-) هذا التقييد (بما اذا كان العوضان

ص: 246

حيوانين.

لكن الاشكال فى اطلاق الصحيحة الاولى فى جهة قوة انصرافه الى المشترى فلا مخصص يعتد به لعمومات اللزوم مطلقا، او بعد المجلس

______________________________

حيوانين).

فكل من الموثقة و الصحيحة تقول: ان من انتقل إليه الحيوان- بائعا كان او مشتريا- له الخيار.

فتحصل ان مستند الشهيد و هو الصحيحة او رد عليها الاشكال بما ذكره المصنف بقوله «و لا ينافيه».

ثم اورد على «لا ينافيه» ثلاث اشكالات.

و هى «لا ينافى هذه الدعوى» و «و لا ينافيها» و «و لا صحيحة محمد» هذا كله وجه كلام الشهيد من التمسك بإطلاق صحيحة ابن مسلم لفتواه.

(لكن الاشكال فى اطلاق الصحيحة الاولى) اى صحيحة ابن مسلم (من جهة قوة انصرافه) اى الاطلاق (الى المشترى) فلا خيار للبائع و ان كان الثمن حيوانا (فلا مخصص يعتد به لعمومات اللزوم مطلقا) حتى يقال بمقالة الشهيد بان للبائع الخيار اذا كان الثمن حيوانا (او بعد المجلس) عطف على «مطلقا» فان ادلة لزوم البيع قسمان.

الاول: ما يدل على اللزوم مطلقا مثل «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ».

الثانى: ما يدل على اللزوم بعد المجلس مثل «فاذا افترقا وجب

ص: 247

فلا محيص عن المشهور.

______________________________

البيع» (فلا محيص) اذا بعد بطلان القول الثانى القائل بان الخيار فى بيع الحيوان لكل من البائع و المشترى.

و القول الثالث القائل بان كل من انتقل إليه الحيوان له الخيار (عن المشهور) و هو ان الخيار للمشترى فقط.

ص: 248

مسئلة لا فرق بين الامة و غيرها فى مدة الخيار

و فى الغنية كما عن الحلبى ان مدة خيار الامة مدة استبرائها بل عن الاول دعوى الاجماع.

______________________________

(مسألة: لا فرق بين الامة و غيرها فى مدة الخيار) التى هى ثلاثة ايام، و الامة حيوان ناطق، فليس ادراجها فى حكم الحيوان باعتبار المعنى العرفى للحيوان، بل باعتبار المعنى اللغوى و المنطقى قال تعالى: وَ إِنَّ الدّٰارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوٰانُ، و فى حديث عن الامام امير المؤمنين عليه السلام ما مضمونه ان فى الانسان الروح النباتية، و الروح الحيوانية، و الروح الانسانية و فى الطب جعلوا المخ و القلب و الكبد منطلقا لهذه الارواح الثلاثة، كل واحد لروح.

اما مسألة بيع الرقيق و الاحكام الخاصة لهم فقد ذكرنا وجهه فى كتاب تسهيل الاحكام و كتاب الفقه فى باب الجهاد.

ثم انه انما كان مدة خيار الامة ثلاثة ايام (و) لكن (فى الغنية كما) نقل (عن الحلبى) أيضا (ان مدة خيار الامة) ليست ثلاثة ايام، بل (مدة استبرائها) حيضة فان كانت فى سن من تحيض و لا تحيض فخمسة و اربعون يوما، و اذا ملكها حائضا كانت بقية ايام حيضها مدة استبرائها و لا استبراء اذا كانت يائسة، او صغيرة، او غير مدخول بها، او كانت الى مرأة، او لطفل، او لمن لم يدخل بها، او نحو ذلك مما قرر فى كتاب النكاح (بل عن الاول) و هو ابن زهرة فى الغنية (دعوى الاجماع) على

ص: 249

و ربما ينسب هذا الى المقنعة، و النهاية، و المراسم من جهة حكمهم بضمان البائع لها مدة الاستبراء، و لم اقف لهم على دليل.

______________________________

ما ذكره.

و لا يخفى انه اذا لم يكن لها استبراء- كما ذكرناه- فالمدة فيها ثلاثة ايام أيضا، و لم يعلم انهم ما ذا يقولون اذا كانت مدة استبرائها اقلّ من ثلاثة ايام كما اذا اشتراها و بعد ساعة انقطع حيضها، فهل يقولون بانتهاء مدة الخيار بانتهاء مدة الحيض؟ او يقولون بابعد الاجلين؟ اى الثلاثة فى مفروض المسألة.

(و ربما ينسب هذا) القول فى مدة خيار الامة (الى المقنعة، و النهاية، و المراسم من جهة حكمهم بضمان البائع لها مدة الاستبراء) لقاعدة: التلف فى زمن الخيار ممن لا خيار له، فاذا كان البائع ضامنا دل ذلك على ان الخيار يكون للمشترى فى هذه المدة (و لم اقف لهم على دليل) و الله سبحانه العالم.

ص: 250

مسئلة مبدأ هذا الخيار من حين العقد،

فلو لم يتفرقا ثلاثة ايام انقضى خيار الحيوان، و بقى خيار المجلس، لظاهر قوله عليه السلام: ان الشرط فى الحيوان ثلاثة ايام، و فى غيره حتى يتفرقا خلافا للمحكى عن ابن زهرة، فجعله من حين التفرق، و كذا الشيخ و الحلى فى خيار الشرط المتحد

______________________________

(مسألة: مبدأ هذا الخيار) اى خيار الحيوان (من حين العقد، فلو لم يتفرقا ثلاثة ايام) و بقيا فى المجلس (انقضى خيار الحيوان، و بقى خيار المجلس).

و انما قلنا بالامرين اى ان مبدأ الخيار من حين العقد، و انه يبقى بعد ذلك خيار المجلس (لظاهر قوله عليه السلام: ان الشرط فى الحيوان ثلاثة ايام، و فى غيره حتى يتفرقا) فان المنصرف من ثلاثة ايام، انها تبتدأ من حين العقد، كما ان ظاهر حتى يتفرقا امتداده الى زمان التفرق و لو طال الى بعد ثلاثة ايام، كما انه يفهم من هذا الحديث ان ابتداء خيار المجلس من حين العقد أيضا.

و اطلاق الحديث يدل على وجود كل من خيار المجلس و خيار الحيوان مع الآخر و بدونه (خلافا للمحكى عن ابن زهرة، فجعله) اى خيار الحيوان (من حين التفرق، و كذا) خلافا ل (الشيخ و الحلى) ابن ادريس (فى خيار الشرط) فجعلاه من حين التفرق (المتحد) صفة خيار

ص: 251

مع هذا الخيار فى هذا الحكم من جهة الدليل الّذي ذكراه، قال فى المبسوط: الاولى ان يقال: انه يعنى خيار الشرط يثبت من حين التفرق لان الخيار يدخل اذا ثبت العقد، و العقد لم يثبت قبل التفرق، انتهى، و نحوه المحكى عن السرائر.

و هذه الدعوى لم نعرفها.

نعم ربما يستدل عليه باصالة عدم ارتفاعه

______________________________

الشرط (مع هذا الخيار) اى مع خيار الحيوان (فى هذا الحكم) اى حكم ابتدائه.

وجه الاتحاد (من جهة الدليل الّذي ذكراه) فان دليلهما يشمل خيار الحيوان، و ان ذكراه فى خيار الشرط (قال فى المبسوط: الاولى ان يقال: انه يعنى خيار الشرط يثبت من حين التفرق) فاذا باعه دارا على ان يكون للبائع خيار الفسخ لمدة اسبوع، كان ابتداء الاسبوع من حين انتهاء خيار المجلس بتفرق احدهما عن الآخر.

و ذلك (لان الخيار يدخل) فى العقد (اذا ثبت) و تحقّق (العقد و العقد لم يثبت قبل التفرق) لانه تزلزل بخيار المجلس (انتهى) كلام الشيخ (و نحوه المحكى عن السرائر).

(و هذه الدعوى) اى دعوى ان تحقق الخيار بعد تحقق العقد (لم نعرفها) اى لم نعرف دليلا لها.

(نعم ربما يستدل عليه) اى على بقاء الخيار الى ازيد من الثلاثة- الملازم لعدم ابتدائه من حين العقد- (باصالة عدم ارتفاعه) اى عدم

ص: 252

بانقضاء ثلاثة من حين العقد.

بل اصالة عدم حدوثه قبل انقضاء المجلس.

و بلزوم اجتماع السببين على مسبب واحد.

و ما دل على ان تلف الحيوان فى الثلاثة من البائع مع ان التلف فى الخيار المشترك من المشترى.

______________________________

ارتفاع الخيار (بانقضاء ثلاثة من حين العقد) الى ان يعلم بانقضائه و هو حين انقضاء الثلاثة بعد التفرق.

(بل) يمكن الاستدلال له أولا: ب (اصالة عدم حدوثه) اى عدم حدوث الخيار (قبل انقضاء المجلس).

(و) ثانيا: (بلزوم اجتماع السببين) خيار المجلس و خيار الحيوان (على مسبب واحد) و هو الزمان الواحد.

و من المعلوم ان جمع علتين على معلول واحد كل واحدة منهما علة تامة غير معقول، كما حقق فى الفلسفة.

و حيث ان خيار المجلس قطعى فلا بد من القول بان خيار الحيوان يبتدأ بعد انتهاء خيار المجلس.

(و) ثالثا ب (ما دل على ان تلف الحيوان فى الثلاثة من البائع) بضميمة قاعدة ان «التلف فى زمن الخيار ممن لا خيار له» مما يظهر منه ان خيار الحيوان يكون فى زمان لا خيار للبائع فيه (مع ان التلف فى) زمان (الخيار المشترك من المشترى) لانه ملكه، و لا دليل على ان التلف يكون من البائع.

ص: 253

و يردّ الاصل ظاهر الدليل.

مع انه بالتقرير الثانى مثبت.

و ادلة التلف من البائع محمول على الغالب من كونه بعد المجلس.

و يردّ التداخل بان الخيارين ان اختلفا من حيث الماهية فلا بأس

______________________________

(و) لكن كل هذه الادلة لا تفى بمدعى الشيخ و ابن ادريس، اذ (يرد) على (الاصل) اى الاستصحاب (ظاهر الدليل) المتقدم اى قوله عليه السلام «ان الشرط فى الحيوان .. الخ».

(مع انه) اى الاصل (بالتقرير الثانى) اى اصالة عدم حدوثه قبل انقضاء المجلس (مثبت) لان لازم عدم حدوثه، بقائه الى ثلاثة ايام بعد التفرق.

اللهم الا ان يقال: انه من اللوازم الشرعية او ان الواسطة خفية.

(و ادلة التلف من البائع) كما ذكر فى الدليل الثالث بقوله «و ما دل على ان التلف .. الخ» (محمول على الغالب من كونه بعد المجلس) فالغالب ان المجلس ينقضى فى لحظات او دقائق، ثم يكون للمشترى خيار الحيوان فقط بدون خيار المجلس.

فاذا تلف الحيوان بعد المجلس يكون من البائع، لان التلف فى زمن الخيار ممن لا خيار له، و لا نسلم انه اذا تلف فى زمن خيار المجلس يكون من البائع، و ان كان للمشترى خيار الحيوان أيضا.

(و يرد التداخل) و هو الدليل الثانى الّذي ذكره بقوله «و بلزوم اجتماع .. الخ» (بان الخيارين ان اختلفا من حيث الماهية، فلا بأس

ص: 254

بالتعدد و ان اتحدا، فكذلك.

اما لان الاسباب معرفات.

و اما لانها علل و مؤثرات يتوقف استقلال كل واحد منها فى التأثير على عدم مقارنة الآخر او سبقه فهى علل تامة

______________________________

بالتعدد) اذ لكل سبب مسبب، و ليس من اجتماع السببين على مسبب واحد فللمشترى خياران احدهما بسبب المجلس و الآخر بسبب الحيوان لا انهما يؤثر ان خيارا واحدا (و ان اتحدا) الخياران بحسب الماهية (فكذلك) لا بأس بتعددهما.

(اما لان الاسباب) الشرعية (معرفات) فهما اسمان لشي ء واحد مثلا و مشيران إليه، كما اذا نصبت على رأس الفرسخ علامتان، فانهما ليسنا بسببين، و انما علامتان لشي ء واحد.

(و اما لانها) اى الاسباب الشرعية (علل و مؤثرات) فاذا اجتمعتا لا تؤثر كل واحدة منفردة، بل حالها حال سهمين اطلقا على قلب انسان فانهما معا يقتلانه، و ان كان كل واحد منهما يقتله لو اطلق وحده الى قلبه، فانه (يتوقف استقلال كل واحد منها) اى من هذه الاسباب (فى التأثير) بانفراده (على عدم مقارنة الآخر او سبقه).

اذ لو قارنه كان جزئى أثر لكل نصف الأثر، اذ لا تعقل الصور الاخرى استقلال هذا، او ذاك، و عدم تأثيرهما اصلا، و تأثير احدهما اقل من النصف، و الآخر النصف او اقل من النصف، او اكثر من النصف و لو سبقه كان الاثر للسابق، لا لللاحق (فهى) اى المؤثرات (علل تامة)

________________________________________

شيرازى، سيد محمد حسينى، إيصال الطالب إلى المكاسب، 16 جلد، منشورات اعلمى، تهران - ايران، اول، ه ق

إيصال الطالب إلى المكاسب؛ ج 11، ص: 256

ص: 255

إلا من هذه الجهة، و هو المراد مما فى التذكرة فى الجواب عن ان الخيارين مثلان، فلا يجتمعان، من ان الخيار واحد، و الجهة متعددة.

ثم ان المراد بزمان العقد هل زمان مجرد الصيغة كعقد الفضولى على القول بكون الاجازة ناقلة او زمان الملك عبّر بذلك للغلبة.

______________________________

فى نفسها (الا من هذه الجهة) اى جهة التقارن و السبق، فاللاحق ليس علة اصلا، و المقارن ليس علة تامة، و انما جزء علة (و هو) اى انهما علتان كل واحدة جزء السبب- حين تقارنهما- (المراد مما فى التذكرة فى الجواب عن) اشكال (ان الخيارين مثلان، فلا يجتمعان).

فانه ره اجاب عنه بما حاصله: (من ان الخيار واحد، و الجهة متعددة) اى ان الخيارين كلاهما يؤثران فى امر واحد، فلكل من المجلس و الحيوان جزء الأثر، لا كل الأثر.

(ثم ان المراد بزمان العقد) فى عنوان المسألة حيث قلنا: مبدأ هذا الخيار من حين العقد (هل) هو (زمان مجرد الصيغة) و ان لم يكن ملك (كعقد الفضولى) فانه لا ملك (على القول بكون الاجازة ناقلة).

اذ حين الاجازة يكون الحيوان للمشترى.

نعم على القول بان الاجازة كاشفة يكون الملك من حين العقد (او) المراد بزمان العقد (زمان الملك، عبّر) عن زمان الملك (بذلك) اى بزمان العقد (للغلبة) فان الغالب اى حين العقد يحصل الملك، و عليه فاذا

ص: 256

الظاهر هو الثانى كما استظهره بعض المعاصرين قال فعلى هذا لو اسلم حيوانا فى طعام و قلنا بثبوت الخيار لصاحب الحيوان و ان كان بائعا كان مبدئه بعد القبض.

و تمثيله بما ذكر

______________________________

لم يحصل الملك- حين العقد- لم يكن خيار الحيوان من حين العقد بل من حين الملك.

(الظاهر) من انصراف النص (هو الثانى) اى زمان الملك (كما استظهره بعض المعاصرين).

ثم (قال) ذلك المعاصر (فعلى هذا) الّذي ذكرناه من انه من حين الملك (لو اسلم حيوانا فى طعام) اى باع بيع السلم، بان باع البائع حنطة يسلمها بعد شهر فى قبال اعطائه المشترى شاة الآن (و قلنا بثبوت الخيار لصاحب الحيوان) اى الّذي انتقل إليه الحيوان (و ان كان بائعا) حيث ان المفروض فى المقام ان البائع انتقل إليه الحيوان فى مقابل ان يعطى للمشترى حنطة بعد شهر فيكون من بيع السلف و هو تقديم الثمن و تأخير المثمن (كان مبدئه) اى مبدأ خيار الحيوان للبائع (بعد القبض) اى بعد ان قبض الشاة فاذا حصل العقد صباحا، و اخذ البائع الشاة ظهرا، كان مبدأ الخيار الظهر، اذ قد تقرر فى بيع السلم ان الملك لا يحصل الا بعد اخذ البائع الثمن.

(و) لا يخفى ان (تمثيله) اى تمثيل هذا المعاصر (بما ذكر) اى بما

ص: 257

مبنى على اختصاص الخيار بالحيوان المعين.

و قد تقدم التردد فى ذلك.

ثم ان ما ذكروه فى خيار المجلس من جريانه فى الصرف و لو قبل القبض يدل على انه لا يعتبر فى الخيار الملك

______________________________

اذا كان الثمن حيوانا و المثمن الطعام، و لم يمثّل بما اذا كان الثمن طعاما و المثمن حيوانا (مبنى على اختصاص الخيار بالحيوان المعين) فلا خيار فى الحيوان الكلى.

و لو مثل بما اذا كان المثمن حيوانا، كان من بيع الكلى، لان المثمن فى السلم كلّى.

و حيث فرض هذا المعاصر كون الثمن حيوانا و الثمن ينتقل الى البائع احتاج الى قوله: و قلنا بثبوت الخيار لصاحب الحيوان.

(و) الشيخ يشكل على هذا المعاصر بقوله: (قد تقدم التردد فى ذلك) اى فى لزوم ان يكون الحيوان الكلى لا خيار فيه، فقد احتملنا وجود خيار الحيوان حتى فى الحيوان الكلى.

و عليه يمكن مثال السلم بما اذا باع حيوانا كليا سلما فى قبال اخذ البائع الطعام.

(ثم ان ما ذكروه فى خيار المجلس من جريانه فى الصرف) اى فى بيع النقد بالنقد (و لو قبل القبض يدل على انه لا يعتبر فى الخيار الملك) اذ الملك فى بيع الصرف يتوقف على القبض، فحيث لا قبض لا يكون ملك.

و مع ذلك ذكروا ان خيار المجلس من، حين العقد، و كلامهم هذا

ص: 258

لكن لا بدّ له من أثر.

و قد تقدم الاشكال فى ثبوته فى الصرف قبل القبض، لو لم نقل بوجوب التقابض.

______________________________

يدل على ان خيار الحيوان أيضا من حين العقد، و ان لم يحصل ملك (لكن لا بدّ له) اى للخيار قبل الملك (من أثر) اذ لو لا الأثر لا معنى لوجود الخيار.

(و قد تقدم الاشكال فى ثبوته) اى الأثر (فى الصرف قبل القبض) اذ لا ملك حتى يكون أثر (لو لم نقل ب) ان اثره (وجوب التقابض).

لكن قد تقدم رد المصنف الاشكال بان للخيار اثرا، و لو لم نقل بوجوب التقابض، و ذلك لان أثر الخيار خروج العقد بالفسخ عن قابلية لحوق القبض، فراجع.

ص: 259

مسئلة لا اشكال فى دخول الليلتين المتوسطتين فى الثلاثة ايام،

لا لدخول الليل فى مفهوم اليوم، بل للاستمرار المستفاد من الخارج.

و لا فى دخول الليالى الثلاث عند التلفيق مع الانكسار.

و لو عقد فى الليل فالظاهر بقاء الخيار الى آخر اليوم الثالث.

______________________________

(مسألة: لا اشكال فى دخول الليلتين المتوسطتين فى الثلاثة ايام) فى باب خيار الحيوان (لا لدخول الليل فى مفهوم اليوم).

و ذلك لان المنصرف من اليوم النهار فقط، الا اذا كان هناك قرينة تدل على دخول الليل، كما اذا قال: كنت أربعة ايام فى البلد الفلانى (بل للاستمرار) فى الخيار (المستفاد) هذا الاستمرار (من الخارج) اى من خارج اللفظ، لان النص و الفتوى يقولان: ان الخيار من حين العقد الى ثلاثة ايام، و ذلك لا يتحقق الا بدخول الليلتين المتوسطتين.

(و) منه يعرف انه (لا) اشكال (فى دخول الليالى الثلاث عند التلفيق مع الانكسار).

كما اذا عقد فى ظهر الثلاثاء فانه يمتد الى ظهر الجمعة، ليتحقق ثلاث نهارات، و بذلك يدخل ثلاث ليالى هى ليلة الاربعاء و الخميس و الجمعة.

(و لو عقد فى الليل) اوله او وسطه او آخره (فالظاهر بقاء الخيار الى آخر اليوم الثالث) حتى يتحقق ثلاث نهارات.

ص: 260

و يحتمل النقص عن اليوم الثالث بمقدار ما بقى من ليلة العقد.

لكن فيه انه يصدق الاقل من ثلاثة ايام.

و الاطلاق على المقدار المساوى للنهار و لو من الليل، خلاف الظاهر.

قيل و المراد بالايام الثلاثة ما كانت مع الليالى

______________________________

(و يحتمل النقص عن اليوم الثالث بمقدار ما بقى من ليلة العقد).

فاذا كان وقت العقد فى الليل بمقدار ساعة من آخر الليل، كان الخيار الى ان يبقى من نهار الثالث الى الغروب بمقدار ساعة- مثلا-.

و وجه هذا الاحتمال إرادة مقدار اليوم من الساعات، فاذا بقى من الليل ساعة نقص مقدارها من نهار الثالث.

(لكن فيه انه يصدق) اى حين نقصنا ساعة من نهار الثالث (الاقل من ثلاثة ايّام) و قد عرفت لزوم ثلاثة ايام كاملة.

(و) ان قلت: ان المراد بثلاثة ايام، مقدار ثلاثة نهارات، و لو كان بعضها من الليل.

قلت: (الاطلاق) اى اطلاق اليوم (على المقدار المساوى للنهار) فى عدد الساعات (و لو من الليل، خلاف الظاهر) عرفا.

اذ العرف يرى ان اليوم يراد به النهار فقط.

(قيل) اللازم ثلاث ليال أيضا، فالخيار فى ثلاث نهارات و ثلاث ليال، مطلقا، سواء عقد فى النهار او الليل، فاللازم مضى ست و ثلاثين ساعة (و) ذلك لان (المراد بالايام الثلاثة ما كانت مع الليالى

ص: 261

الثلاث لدخول الليلتين اصالة، فتدخل الثالثة، و الا لاختلف مفردات الجمع فى استعمال واحد، انتهى فان اراد الليلة السابقة على الايام، فهو حسن الا انه لا يعلل بما ذكر.

و ان اراد الليلة الاخيرة فلا يلزم من خروجها اختلاف مفردات الجمع فى استعمال واحد اذ لا نقول باستعمال اليومين الاولين فى

______________________________

الثلاث لدخول الليلتين) المتوسطتين (اصالة) كما تقدم وجهه (فتدخل) الليلة (الثالثة) بقرينة لزوم التساوى فى المفردات (و الا لاختلف مفردات الجمع فى استعمال واحد) و ذلك خلاف الظاهر، فانه اذا استعمل الجمع فالظاهر ان مفرداته متساوية المعنى، فاذا قال «عيون» كان الظاهر ان المراد به ثلاث اعين من جنس واحد، لا من اجناس مختلفة، مثل عين باصرة، و عين جارية، و عين جاسوسة (انتهى) كلام «قيل»

اقول (فان اراد) دخول (الليلة السابقة على الايام، فهو حسن) لما تقدم من ان وجه دخول الليلة السابقة اعتبار الاستمرار من حين العقد الى مضى ثلاثة ايام (الا انه لا يعلل بما ذكر) من عدم اختلاف مفردات الجمع، لان العلة التى ذكرناها مقدمة على ما ذكره.

(و ان اراد الليلة الاخيرة) بعد انتهاء الايام الثلاثة (ف) فيما ذكره من العلة نظر.

اذ (لا يلزم من خروجها) اى خروج الليلة الاخيرة (اختلاف مفردات الجمع فى استعمال واحد) بل مفردات الجمع تكون بمعنى واحد (اذ لا نقول باستعمال اليومين الاولين) اللذين هما فى ضمن الجمع (فى

ص: 262

اليوم و الليلة و استعمال اليوم الثالث فى خصوص النهار.

بل نقول ان اليوم مستعمل فى خصوص النهار او مقداره من نهارين لا فى مجموع النهار و الليل، او مقدارهما و لا فى باقى النهار و لو ملفقا من الليل.

و المراد من الثلاثة ايام هى بلياليها اى ليالى مجموعها لا كل واحد منها

______________________________

اليوم و الليلة و استعمال اليوم الثالث فى خصوص النهار) حتى يلزم الاختلاف.

(بل نقول ان اليوم مستعمل فى خصوص النهار) اذا كان العقد من اوّل النهار، او مع تقدم شي ء من الليل (او) مستعمل فى (مقداره) اى مقدار النهار (من نهارين) اذا كان العقد فى اثناء النهار، لان احدهما يلفق بالآخر (لا) ان اليوم استعمل (فى مجموع النهار و الليل) فيما عقد اوّل الليل او اوّل النهار (او مقدارهما) فيما عقد فى جزء من الليل، او جزء من النهار (و لا فى باقى النهار و لو ملفقا من الليل).

و الحاصل: ان اليوم نهار كامل تاما كان او ملفقا، لا ليل و نهار كاملان، و لا ليل و نهار ملفقان، و لا بعض ليل و بعض نهار ملفقا.

(و) ان قلت: فكيف ادخلتم الليلتين المتوسطتين.

قلت: لان (المراد) بسبب القرينة الخارجية (من الثلاثة ايام هى بلياليها اى ليالى مجموعها).

لما عرفت من استمرار الخيار، و لازمه دخول الليلتين المتوسطتين (لا) ليلة (كل واحد منها) حتى يراد باليوم، اليوم و ليلته

ص: 263

فالليالى لم ترد من نفس اللفظ، و انما اريدت من جهة الاجماع و ظهور اللفظ الحاكمين فى المقام باستمرار الخيار، فكانه قال الخيار يستمر الى ان يمضى ست و ثلاثون ساعة من النهار.

______________________________

(فالليالى لم ترد من نفس اللفظ) حتى تختلف المفردات (و انما اريدت من جهة الاجماع) القائل بدخول الليلتين المتوسطتين (و ظهور اللفظ) فى الاستمرار الملازم لدخول الليلتين المتوسطتين (الحاكمين) صفة، للاجماع و ظهور اللفظ (فى المقام) اى مقام الخيار لانه فى بعض المقامات لا ظهور للفظ، كما اذا قال: صم ثلاثة ايام (باستمرار الخيار، فكانه) لما قال: ثلاثة ايام (قال الخيار يستمر الى ان يمضى ست و ثلاثون ساعة من النهار).

ثم انه لا فرق فى الليلتين المتوسطتين، ان يكون ظلاما او ضياء، كما فى القطب، حين كان كله ليلا، كما انه لا فرق فى ثلاث نهارات بين الامرين، كما فى القطب حين كان كله نهارا، اما تعيين الليل و النهار فى الملفق فبان بحد حسب افق مكة، او اقرب المواضع المعتدلة الى القطب، او يكون حسب الجعل كما ذكرنا المسألة فى كتاب الصلاة من الفقه و الله العالم.

ص: 264

مسئلة يسقط هذا الخيار بامور.
احدها: اشتراط سقوطه فى العقد

و لو شرط سقوط بعضه فقد صرح بعض بالصحة و لا بأس به.

و الثانى: اسقاطه بعد العقد،

و قد تقدم الامران.

و الثالث: التصرف

و لا خلاف فى اسقاطه فى الجملة لهذا الخيار.

و يدل عليه قبل الاجماع النصوص.

______________________________

(مسألة: يسقط هذا الخيار) اى خيار الحيوان (بامور).

(احدها: اشتراط سقوطه فى العقد) و ذلك لان «المؤمنون عند شروطهم» و الخيار حق و ليس بحكم، و لذا فهو قابل للاسقاط (و لو شرط سقوط بعضه) اى بعض الخيار (فقد صرح بعض بالصحة) اى صحة العقد (و لا بأس به).

(و الثانى: اسقاطه بعد العقد) فانه حق قابل للاسقاط كسائر الحقوق مثل حق القسم فى الزوجة، و حق النفقة فيها الى غير ذلك (و قد تقدم الامران) فلا حاجة الى الاطالة فى الاعادة.

(و الثالث: التصرف) من صاحب الخيار، و هو المشترى فى المقام (و لا خلاف فى اسقاطه) اى التصرف (فى الجملة لهذا الخيار).

(و يدل عليه قبل الاجماع النصوص) فان النص كان ثم انعقد

ص: 265

ففى صحيحة ابن رئاب فان احدث المشترى فيما اشترى حدثا قبل الثلاثة ايام فذلك رضا منه، و لا شرط له قيل له و ما الحدث؟ قال: ان لامس، او قبّل، او نظر منها الى ما كان محرما عليه قبل الشراء.

و صحيحة الصفار كتبت الى ابى محمد عليه السلام فى الرجل اشترى دابة من رجل، فاحدث فيها حدثا من اخذ الحافر، او نعلّها، او ركب ظهرها فراسخ أ له ان يردها فى الثلاثة الايام التى له فيها الخيار بعد

______________________________

بعده الاجماع على طبقه.

(ففى صحيحة ابن رئاب) قال عليه السلام: الشرط فى الحيوانات ثلاثة ايام للمشترى (فان احدث المشترى فيما اشترى حدثا قبل الثلاثة ايام) اى قبل انتهاء الثلاثة، فانه اذا انتهى الثلاثة فلا خيار حتى يبطله الحدث (فذلك) الحدث (رضا منه، و لا شرط له) الاخيار، و قد تقدم وجه تسمية الخيار شرطا (قيل له) عليه السلام: (و ما الحدث؟) المسقط للخيار؟ (قال) عليه السلام: (ان لامس) مشترى المرأة، الجارية (او قبّل، او نظر منها الى ما كان محرما عليه قبل الشراء) و هذه امثلة لاحداث الحدث كما لا يخفى، و سيأتى من المصنف تفصيل الكلام فى ذلك

(و) فى (صحيحة الصفار كتبت الى ابى محمد) العسكرى (عليه السلام فى الرجل اشترى دابة من رجل، فاحدث فيها حدثا من اخذ الحافر) فان الحافر كظفر الانسان يقص كما يقص الاظفر (او نعلّها) «نعّل» من باب التفعيل اى جعل لها نعلا (او ركب ظهرها فراسخ أ له ان يردها فى الثلاثة الايام التى له فيها الخيار بعد

ص: 266

الحدث الّذي يحدث فيها؟ او الركوب الّذي يركبها فراسخ فوقّع عليه السلام اذا احدث فيها حدثا فقد وجب الشراء ان شاء الله تعالى.

و فى ذيل الصحيحة المتقدمة عن قرب الاسناد قلت له: أ رأيت ان قبلها المشترى، او لامس؟ فقال اذا قبل او لامس او نظر منها الى ما يحرم على غيره، فقد انقضى الشرط و لزم البيع.

______________________________

الحدث الّذي يحدث فيها؟) من اخذ الحافر او التنعيل (او الركوب الّذي يركبها فراسخ) فانه ليس بحدث فى الدابة و لذا ذكره فى مقابل الحدث (فوقّع عليه السلام) اى اجاب، و الاصل فيه جعل جوابه او امضائه او خاتمه واقعا على الكتاب (اذا احدث فيها حدثا فقد وجب الشراء) و المراد بالحدث هنا الاعم من الركوب، و الا كان جوابه عليه السلام ناقصا (ان شاء الله تعالى) اصله كلمة الشرط، ثم استعمل فى مطلق التبرك.

(و فى ذيل الصحيحة المتقدمة عن قرب الاسناد) فى مسألة اختصاص هذا الخيار بالمشترى (قلت له: أ رأيت ان قبلها المشترى، او لامس؟) فهل له خيار؟ او يسقط ذلك خياره (فقال) عليه السلام (اذا قبل او لامس او نظر منها الى ما يحرم على غيره، فقد انقضى الشرط و لزم البيع).

و الظاهر ان تمكين الرجل لها بان تقبله او تلامسه او تنظر منه الى ما لا يحل يعنى للزوجة و الامة، أيضا فى حكم ذلك، لانه المستفاد من النص عرفا خصوصا بعد قوله عليه السلام: نظر منها الى ما يحرم

ص: 267

و استدل عليه فى التذكرة بعد الاجماع بان التصرف دليل الرضا و فى موضع آخر منها: انه دليل الرضا بلزوم العقد.

و فى موضع آخر منها- كما فى الغنية- ان التصرف اجازة.

اقول: المراد بالحدث ان كان مطلق التصرف الّذي لا يجوز لغير المالك الا برضاه، كما يشير إليه قوله او نظر الى ما كان يحرم عليه قبل الشراء.

______________________________

على غيره.

(و استدل عليه) اى على اسقاط التصرف لخيار الحيوان (فى التذكرة بعد) ادعائه (الاجماع) على الحكم (بان التصرف دليل الرضا) و الرضا مسقط للخيار، لانه اسقاط نفسى و له مظهر، كما ان العقد رضا نفسى و له مظهر.

و لا فرق فى المظهر بين ان يكون قولا او عملا، الا اذا دل دليل خاص على لزوم كون المظهر لفظا، كما فى باب النكاح و الطلاق.

(و فى موضع آخر منها) اى من التذكرة (انه) اى التصرف (دليل الرضا بلزوم العقد).

(و فى موضع آخر منها) أيضا (- كما فى الغنية-) أيضا (ان التصرف اجازة) للزوم، و الاجازة مسقطة.

(اقول: المراد بالحدث) المسقط للخيار (ان كان مطلق التصرف الّذي لا يجوز لغير المالك الا برضاه، كما يشير إليه قوله) عليه السلام (او نظر الى ما كان يحرم عليه قبل الشراء) فانه مثال بلا اشكال، و هو اقلّ

ص: 268

فلازمه كون مطلق استخدام المملوك بل مطلق التصرف فيه مسقطا، كما صرح به فى التذكرة فى بيان التصرف المسقط للردّ بالعيب من انه لو استخدمه بشي ء خفيف مثل: اسقنى، او: ناولنى الثوب، او: اغلق الباب، سقط الرد.

ثم استضعف قول بعض الشافعية بعدم السقوط، معللا بان مثل هذه الامور قد يؤمر به غير المملوك بان المسقط مطلق التصرف.

______________________________

انواع التصرف، بل لا يعد عرفا تصرفا، و قد جعله الشارع من انواع التصرفات (فلازمه كون مطلق استخدام المملوك بل مطلق التصرف فيه) و ان لم يكن استخداما مثل النظر و اللمس و تحمير وجهها و قصّ شعرها بل مثل ثقب اذنها، و توشيم خدّها (مسقطا) للخيار (كما صرح به) اى بان مطلق التصرف مسقط (فى التذكرة فى بيان التصرف المسقط للردّ) اذا كان للمشترى حق الردّ (ب) سبب (العيب من انه لو استخدمه بشي ء خفيف) من انواع الخدمة (مثل: اسقنى) الماء (او: ناولنى الثوب، او اغلق الباب، سقط الرد) لانه تصرف فى الخادم و التصرف مسقط.

(ثم استضعف) العلامة (قول بعض الشافعية) القائل (بعدم السقوط معللا) ذلك البعض (بان مثل هذه الامور) الجزئية (قد يؤمر به غير المملوك) فليس امر المملوك تصرفا، كما انه امر غير المملوك ليس تصرفا (بان المسقط مطلق التصرف) هذا ردّ العلامة.

و حاصله: انه ليس ما ذكره الشافعى دليلا، اذ: كل تصرف مسقط و هذا تصرف، و امر الانسان بذلك غير مملوكه لا يوجب اشكالا فى القياس

ص: 269

و قال أيضا لو كان له على الدابة سرج او ركاب فتركهما عليه بطل الردّ لانه استعمال و انتفاع، انتهى.

و قال فى موضع من التذكرة عندنا ان الاستخدام بل كلّ تصرف يصدر من المشترى قبل علمه بالعيب او بعده يمنع الرد، انتهى.

و هو فى غاية الاشكال

______________________________

الّذي ذكرناه.

(و قال) العلامة (أيضا لو كان له) اى للمشترى (على الدابة سرج او ركاب) ما يوضع فيه الرّجل (فتركهما عليه) اى على الحيوان، بعد ان اشترى المشترى الدابة (بطل الردّ) و سقط خياره (لانه) اى ترك سرجه و ركابه عليه (استعمال و انتفاع) بالدابة و كل استعمال يوجب اسقاط الخيار (انتهى) كلام العلامة.

(و قال) أيضا (فى موضع من التذكرة عندنا ان الاستخدام بل كل تصرف) و ان لم يكن استخداما- فان الاستخدام اخص من التصرف- (يصدر من المشترى قبل علمه بالعيب او بعده يمنع الرد) فيسقط خيار العيب (انتهى) كلامه ره.

(و هو) اى كون مطلق التصرف مسقطا (فى غاية الاشكال) من جهة عدم انصراف التصرف المسقط الى مثل هذه التصرفات.

و من جهة ان لازم ذلك بطلان حكمة الخيار، اذ الخيار جعل تداركا لندم المشترى اذا ظهر له ما يزهده فى الحيوان، و الظهور لا يكون بعد التصرف فى الجملة.

ص: 270

لعدم تبادر ما يعم ذلك من لفظ الحدث، و عدم دلالة ذلك على الرضا بلزوم العقد.

مع ان من المعلوم عدم انفكاك المملوك المشترى عن ذلك فى اثناء الثلاثة.

فيلزم جعل الخيار فيه كاللغو.

______________________________

و الى هذين الاشكالين و بعض المبعّدات الاخر اشار المصنف بقوله: (لعدم تبادر ما يعم ذلك) الّذي ذكره العلامة (من لفظ الحدث) فاذا قيل: الحدث، لا يشمل امثال النظر، و اغلق الباب و اسقنى (و عدم دلالة ذلك) الّذي ذكره العلامة (على الرضا بلزوم العقد) فانه اذا كان ذلك حدثا ابطل الخيار لانه تصرف، و اذا كان ذلك علامة الرضا ابطل الخيار، لانه لا خيار بعد الرضا، اما و ليس احدهما موجودا فلما ذا يسقط الخيار.

(مع ان) فى المقام وجها آخر لاجل عدم ابطال الخيار بهذه الامور التى ذكرها العلامة و هو ان (من المعلوم عدم انفكاك المملوك المشترى)- بصيغة اسم المفعول- (عن ذلك) اى عن امثال هذه التصرفات (فى اثناء الثلاثة) الايام، لغلبة تصرف المشترى فى المملوك بهذه الانحاء.

(ف) اذا كانت هذه الامور توجب سقوط الخيار (يلزم جعل الخيار فيه) اى فى المملوك- و كذا فى كل حيوان- (كاللغو) لانه جعل لا يفيد الا نادرا، و الشارع الحكيم لا يجعل حكما لغوا، و لا حكما شبيها

ص: 271

مع انهم ذكروا ان الحكمة فى هذا الخيار الاطلاع على امور خفية فى الحيوان توجب زهادة المشترى و كيف يطلع الانسان على ذلك بدون النظر الى الجارية، و لمسها، و امرها بغلق الباب، و السقى، و شبه ذلك و ان كان المراد مطلق التصرف بشرط دلالته على الرضا بلزوم العقد كما يرشد إليه وقوعه فى معرض التعليل فى صحيحة

______________________________

باللغو.

(مع) ان فى المقام وجها رائعا يبعد اسقاط امثال هذه التصرفات للخيار.

ف (انهم ذكروا ان الحكمة فى هذا الخيار) اى خيار الحيوان (الاطلاع على امور خفية فى الحيوان توجب زهادة المشترى) و نفرته عن الحيوان، فالشارع جعل له ان يفسخ ان زهد فيه (و كيف يطلع الانسان على ذلك) الامر الخفى فى الحيوان، الّذي يكون الاطلاع عليه موجبا للاجازة او الفسخ (بدون النظر الى الجارية، و لمسها، و امرها بغلق الباب، و السقى، و شبه ذلك) مثل تحمير وجهها، و توشيم خدها، و غير ذلك من الامثلة، و كذلك بالنسبة الى ركوب الدابة المشتراة للركوب، و حلب الشاة المشتراة لاجل اللبن الى غيرها (و ان كان المراد) من التصرف المسقط- الّذي مثله العلامة بالتصرفات المذكورة- (مطلق التصرف) لكن لا مطلقا، و لكن (بشرط دلالته على الرضا بلزوم العقد) دلالة عرفية (كما يرشد إليه) اى الى ان التصرف بشرط الرضا مسقط للخيار (وقوعه) اى وقوع التصرف المسقط (فى معرض التعليل فى صحيحة

ص: 272

ابن رئاب.

و يظهر من استدلال العلامة و غيره على المسألة بأن التصرف دليل الرضا بلزوم العقد فهو لا يناسب اطلاقهم الحكم باسقاط التصرفات التى ذكروها.

و دعوى ان جميعها مما يدل- لو خلى و طبعه- على الالتزام بالعقد فيكون اجازة فعلية

______________________________

ابن رئاب) قال عليه السلام: فذلك رضا منه، و لا شرط له.

(و يظهر) ذلك- اى ان التصرف الدال على الرضا مسقط- (من استدلال العلامة و غيره) من الفقهاء (على المسألة) اى مسألة اسقاط التصرف للخيار (بأنّ التصرف دليل الرضا بلزوم العقد) «بان» متعلق ب «الاستدلال» (فهو) اى هذا المراد (لا يناسب اطلاقهم الحكم باسقاط التصرفات التى ذكروها).

حيث انهم قالوا ان هذه التصرفات اى النظر، و اللمس .. الخ، تسقط و لم يقيدوا الاسقاط باشتراط ان يدل التصرف على الرضا.

(و) ان قلت: انما اطلقوا و لم يقيدوا، لان هذه التصرفات بطبيعتها تدل على الرضا- من باب ان اطلاق المطلق ينصرف الى الفرد الغالب-

قلت: (دعوى ان جميعها) اى جميع هذه التصرفات (مما يدل- لو خلى) التصرف (و طبعه-)- بدون ان يقيم التصرف قرينة على عدم رضاه بالبيع- (على الالتزام بالعقد، فيكون) التصرف (اجازة فعلية) كما ان لفظ: اجزت، اجازة قولية، و كلاهما يكشفان عن الرضا، و يوجبان

ص: 273

كما ترى.

ثم ان قوله عليه السلام فى الصحيحة: فذلك رضا منه، يراد منه الرضا بالعقد فى مقابلة كراهة ضده اعنى الفسخ، و الا فالرضا باصل الملك مستمر من زمان العقد الى حين الفسخ.

و يشهد لهذا المعنى رواية عبد الله بن الحسن بن زيد بن على بن الحسين عن أبيه، عن جعفر عن أبيه عليه السلام، قال: قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم فى رجل اشترى عبدا

______________________________

سقوط الخيار (كما ترى) اذ لا نسلم ان اى تصرف يدل على الرضا.

(ثم) لا بد من بيان شي ء و هو (ان قوله عليه السلام فى الصحيحة) لابن رئاب (فذلك رضا منه، يراد منه الرضا بالعقد) اى اسقاط الخيار (فى مقابلة كراهة ضده) اى ضد العقد (اعنى الفسخ).

فربما يقول الانسان: ارضى بالعقد، و ربما يقول: اكره ضد العقد، و هذان لفظان مقابلان، لكن معناهما واحد (و الا) يكن هذا المعنى الّذي ذكرناه للرضا بالعقد (ف) ليس هناك معنى ثان صالح للرواية.

اذ: (الرضا باصل الملك مستمر من زمان العقد الى حين الفسخ) و هو لا يحتاج الى تصرف فى المبيع، ليكشف عن الرضا.

(و يشهد لهذا المعنى) و ان الرضا يراد به فى قبال الفسخ، لا الرضا باصل الملك (رواية عبد الله بن الحسن بن زيد بن على بن الحسين) عليه السلام (عن أبيه، عن جعفر) عليه السلام (عن أبيه عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله و سلم فى رجل اشترى عبدا

ص: 274

بشرط الى ثلاثة ايام، فمات العبد فى الشرط قال يستحلف باللّه تعالى ما رضيه، ثم هو برئ من الضمان.

فان المراد بالرضا الالتزام بالعقد.

______________________________

بشرط) «بشرط» بالتنوين (الى ثلاثة ايام، فمات العبد فى) زمان (الشرط) اثناء الثلاثة (قال) صلى الله عليه و آله و سلم (يستحلف) المشترى (باللّه تعالى ما رضيه، ثم هو) اى المشترى (برئ من الضمان) و يكون التلف من البائع، و يأخذ المشترى ثمنه منه.

(فان المراد بالرضا الالتزام بالعقد) لا الرضا باصل الملك، فانه اذا كان غير ملتزم بالعقد اى لم يسقط الخيار، كان للمشترى الخيار.

و من المعلوم ان التلف فى زمن الخيار ممن لا خيار له.

ثم الظاهر من الرواية ان البائع ادعى ان المشترى اسقط خياره و المشترى انكر ذلك، و قاعدة الدعوى «ان البينة على المدعى و اليمين على من انكر».

و حيث ان البائع لم تكن له بينة على دعواه، كان اللازم ان يحلف المشترى.

و لذا قال صلى الله عليه و آله و سلم «يستحلف» اى يطلب من المشترى ان يحلف- و قد كانت الدعوى من البائع انه اسقط خياره- اما على سبيل القطع، و اما على سبيل التهمة، و فى كلتا الحالتين على المنكر الحلف.

ص: 275

و الاستحلاف فى الرواية محمولة على سماع دعوى التهمة، او على صورة حصول القطع للبائع بذلك.

اذا عرفت هذا فقوله عليه السلام: فذلك رضا منه و لا شرط له يحتمل وجوها.

احدها ان يكون الجملة جوابا للشرط فيكون حكما شرعيا بان التصرف التزام بالعقد، و ان لم يكن التزاما عرفا.

______________________________

(و) لذا كان (الاستحلاف فى الرواية محمولة على سماع دعوى التهمة) اى سماع الحاكم اتهام البائع ظنّا بالمشترى على انه اسقط خياره (او على صورة حصول القطع للبائع بذلك) اى بانه اسقط خياره

و ذلك لانه اذا قلنا ان الظن لا يسمع من المدعى و كان البائع يظن انه اسقط خياره لم يكن وجه لاستحلاف المشترى.

(اذا عرفت هذا) الّذي ذكرناه من الاشكال فى كفاية التصرف القليل فى اسقاط الخيار اذا لم يكشف عن الرضا (فقوله عليه السلام:

فذلك رضا منه و لا شرط له، يحتمل وجوها) أربعة.

(احدها ان يكون الجملة) «فذلك رضا» (جوابا للشرط) فى قوله عليه السلام «فان احدث ...» (فيكون حكما شرعيا بان التصرف التزام بالعقد) بان الشارع جعل هذا جعلا (و ان لم يكن التزاما عرفا) فهو توسعة فى الرضا فقد ادخل فيه الشارع فردا جديدا هو التصرف من قبيل: الطواف بالبيت صلاة.

ص: 276

الثانى ان يكون توطئة للجواب، و هو قوله و لا شرط له، لكنه توطئة لحكمة الحكم و تمهيد لها لا علة حقيقية، فيكون اشارة الى ان الحكمة فى سقوط الخيار بالتصرف دلالته غالبا على الرضا.

نظير كون الرضا حكمة فى سقوط خيار المجلس بالتفرق فى قوله:

فاذا افترقا فلا خيار

______________________________

(الثانى ان يكون) جملة «فذلك رضا» (توطئة) و مقدمة (للجواب) و التوطئة بيان لعلة الحكم (و هو) اى الجواب (قوله) عليه السلام (و لا شرط له، لكنه) انما جاء بقوله «فذلك رضا» (توطئة لحكمة الحكم) بسقوط الخيار (و تمهيد لها) اى للحكمة (لا) ان «فذلك رضا» (علة حقيقية) حتى يدور الحكم بسقوط الخيار مدار الرضا، فان العلة هى التى يدور الحكم مدارها، بخلاف الحكمة فانها سبب الحكم، و ان لم تكن فى كل الافراد مثلا: النجاسة علة التطهير، اما: المشقة فهى حكمة عدم وجوب السواك اذ ربما لا تكون مشقة، و مع ذلك لا يجب السواك، قال صلى الله عليه و آله و سلم «لو لا ان اشق على امتى لامرتهم بالسواك» (فيكون) قوله عليه السلام «فذلك رضا» (اشارة الى ان الحكمة فى سقوط الخيار بالتصرف) «ب» متعلق ب «السقوط» (دلالته) اى دلالة التصرف (غالبا على الرضا) بسقوط الخيار.

(نظير كون الرضا حكمة فى سقوط خيار المجلس بالتفرق) فانه اذا تفرقا عن المجلس سقط الخيار سواء رضيا، أم لا، و مع ذلك فقد ذكر الامام ان حكمة السقوط هو الرضا غالبا (فى قوله) عليه السلام (فاذا افترقا فلا خيار

ص: 277

بعد الرضا منهما، فانه لا يعتبر فى الافتراق دلالة على الرضا.

و على هذين المعنيين فكل تصرف مسقط، و ان علم عدم دلالته على الرضا.

الثالث: ان تكون الجملة اخبارا عن الواقع نظرا الى الغالب، و ملاحظة نوع التصرف لو خلى و طبعه و يكون علة للجواب، فيكون نفى الخيار معللا بكون التصرف- غالبا- دالا على الرضا بلزوم العقد

______________________________

بعد الرضا منهما، فانّه) حكمة بلا اشكال، اذ (لا يعتبر فى الافتراق دلالة على الرضا) اذا حصل الافتراق بالاختيار، لا اكراها، كما تقدم الكلام فى ذلك.

(و على هذين المعنيين) الاول و الثانى (فكل تصرف مسقط) لخيار الحيوان (و ان علم عدم دلالته على الرضا) او علم عدم رضا المشترى لان التصرف له موضوعية، و قد حصل.

(الثالث) ان التصرف الّذي له دلالة نوعية على الرضا مسقط لا كل تصرف، ب (ان تكون الجملة) اى «فانه رضا» (اخبارا عن الواقع) الخارجى، و انما اخبر الشارع بان التصرف رضا نوعا (نظرا الى الغالب و) ذلك ب (ملاحظة نوع التصرف لو خلى و طبعه) و لم تكن هناك قرينة على عدم الرضا (و يكون) قوله عليه السلام «فذلك رضا» (علة للجواب) و هو قوله عليه السلام «و لا شرط له» (فيكون نفى الخيار معللا بكون التصرف غالبا- دالا على الرضا بلزوم العقد) «معللا» خبر «يكون» و «بلزوم» متعلق ب «الرضا» فالشارع قال «لا خيار» لان التصرف يدل على الرضا

ص: 278

و بعد ملاحظة وجوب تقييد اطلاق الحكم بمؤدى علته كما فى قوله: لا تأكل الرمان لانه حامض، دل على اختصاص الحكم بالتصرف الّذي يكون كذلك اى دالا بالنوع غالبا على التزام العقد.

و ان لم يدل فى شخص المقام فيكون المسقط من التصرف ما كان له ظهور نوعى فى الرضا.

______________________________

(و بعد ملاحظة وجوب تقييد اطلاق الحكم بمؤدى علته) فان العلة تعمم و تخصص، اذ يتبين منها ان العلة مدار الحكم وجودا و عدما، لا الموضوع الّذي انصب عليه الحكم (كما فى قوله: لا تأكل الرمان لانه حامض).

حيث ان الحامض يعمم تارة لان المنهى عنه اكل كل حامض و ان كان غير رمان.

و يخصص اخرى لان المنهى عنه اكل الرمان الحامض لا كل رمان و ان كان حلوا.

ف (دل) متعلق بقوله «و بعد» و فاعل «دل» «لا شرط له» فى الرواية، اى دل قوله عليه السلام لا شرط له (على اختصاص الحكم) اى حكم «لا شرط له» (بالتصرف الّذي يكون كذلك).

و فسر «كذلك» بقوله: (اى دالا بالنوع غالبا على التزام) المتصرف (العقد) بأن يكون هذا النوع من التصرف، فى اغلب الاوقات دالا على الرضا.

(و ان لم يدل فى شخص المقام) على رضا المتصرف (فيكون المسقط من التصرف ما كان له ظهور نوعى فى الرضا) و

ص: 279

نظير ظهور الالفاظ فى معانيها مقيدا بعدم قرينة توجب صرفه عن الدلالة.

كما اذا دل الحال او المقال على وقوع التصرف للاختيار، او اشتباها بعين اخرى مملوكة له.

و يدخل فيه كلما

______________________________

ان لم يكن له ظهور شخصى.

(نظير ظهور الالفاظ فى معانيها) فان لها ظهورا نوعيا (مقيدا) ذلك التصرف الظاهر (بعدم قرينة توجب صرفه) اى صرف التصرف (عن الدلالة) على الرضا، و القرينة هى:

(كما اذا دل الحال) اى حال هذا الانسان الّذي لا يسقط خياره الا بعد الاختبار (او) دلّ (المقال) بان قال بنفسه: ان تصرفى للاختبار (على وقوع التصرف للاختبار).

فان الدلالة النوعية حينئذ ساقطة، كما انه اذا قامت قرينة فى باب الالفاظ، ان المتكلم لم يرد ظاهرها، لم يكن اللفظ دالا (او) وقوع التصرف (اشتباها بعين اخرى مملوكة له) كما اذا علمنا انه اراد من ياقوت عبده القديم لا عبده الجديد، و انما اشتبه فامر الجديد اشتباها بالقديم بعمل، فان مثل هذا التصرف لا دلالة فيه على الرضا، فليس بمسقط للخيار.

(و) حيث عرفت ان العلة فى الرواية «تعمم» فالمعيار الدلالة على الرضا، و ان لم يكن تصرفا، ف (يدخل فيه) اى فى الحديث السابق (كلما

ص: 280

يدل نوعا على الرضا و ان لم يعد تصرفا عرفا كالتعريض للبيع، و الاذن للبائع فى التصرف فيه.

الرابع: ان يكون اخبارا عن الواقع، و يكون العلة هى نفس الرضا الفعلى الشخصى و يكون اطلاق الحكم مقيّدا بتلك العلة فيكون موضوع الحكم فى الحقيقة هو نفس الرضا الفعلى، فلو لم يثبت الرضا الفعلى لم يسقط الخيار.

ثم ان الاحتمالين الاولين و

______________________________

يدل نوعا على الرضا و ان لم يعد تصرفا عرفا)

و ذلك (كالتعريض للبيع، و الاذن للبائع) او غيره (فى التصرف فيه) او كالتعريض للاجارة و نحو ذلك مما يعد عرفا دلالته على الرضا.

(الرابع) من الوجوه المحتملة فى الحديث المتقدم (ان يكون) قوله عليه السلام «فذلك رضا منه» (اخبارا عن الواقع، و يكون العلة) لسقوط الخيار (هى نفس الرضا الفعلى الشخصى) فرضا المشترى فعلا مسقط للخيار (و يكون اطلاق الحكم) بقوله عليه السلام «لا شرط له» (مقيدا بتلك العلة) لما تقدم من ان العلة تعمم و تخصص (فيكون موضوع الحكم) بسقوط الشرط (فى الحقيقة) و الواقع (هو نفس الرضا الفعلى) فكان الامام عليه السلام قال «اذا رضى سقط خياره» (فلو لم يثبت الرضا الفعلى لم يسقط الخيار).

و لا فرق بين ثبوت الرضا بالمقال او بالحال.

(ثم ان الاحتمالين الاولين) الحاصلين فى ان كل تصرف مسقط (و

ص: 281

ان كانا موافقين لاطلاق سائر الاخبار و اطلاقات كلماتهم، مثل ما تقدم من التذكرة من ان مطلق التصرف لمصلحة نفسه مسقط.

و كذا غيره، كالمحقق و الشهيد الثانيين، بل لاطلاق بعض معاقد الاجماع الا انهما بعيدان عن ظاهر الخبر مع مخالفتهما لاكثر كلماتهم فان الظاهر منها عدم السقوط بالتصرف للاختبار و الحفظ بل ظاهرها اعتبار

______________________________

ان كانا موافقين لاطلاق سائر الاخبار) فان اطلاق الاخبار بان التصرف مسقط يشمل ما كان برضا او بدون رضا (و اطلاقات بعض كلماتهم، مثل ما تقدم من التذكرة من ان مطلق التصرف لمصلحة نفسه مسقط).

و قوله «لمصلحة نفسه» اى نفس التصرف اى ان التصرف بما هو تصرف مسقط، لا بما هو كاشف عن الرضا.

فالصلاح فى اسقاط التصرف للخيار، انما هو فى نفس التصرف.

و يحتمل ان يراد «بمصلحة نفسه» مقابل التصرف للاختبار و الحفظ

(و كذا) اى كالعلامة (غيره، كالمحقق و الشهيد الثانيين) فان اطلاقهما يدل على اسقاط التصرف بما هو تصرف (بل لاطلاق بعض معاقد الاجماع) عطف على «لاطلاق سائر الاخبار» (الا انهما) اى الاحتمالين الاولين (بعيدان عن ظاهر الخبر) اى صحيحة ابن رئاب المعللة بقوله «فذلك رضا منه» (مع مخالفتهما لاكثر كلماتهم، فان الظاهر منها) اى من كلماتهم (عدم السقوط بالتصرف للاختبار و الحفظ) لا ان يتصرف للاستفادة (بل ظاهرها) اى ظاهر كلماتهم (اعتبار) التصرف، بحيث يكون له

ص: 282

الدلالة فى الجملة على الرضا كما سيجي ء.

و يؤيده حكم بعضهم بكفاية الدال على الرضا و ان لم يعد تصرفا، كتقبيل الجارية للمشترى على ما صرح به فى التحرير و الدروس فعلم ان العبرة بالرضا، و انما اعتبر التصرف للدلالة و ورود النص أيضا بان العرض على البيع اجازة، مع انه ليس حدثا عرفا.

______________________________

(الدلالة فى الجملة) اى و لو دلالة جزئية (على الرضا كما سيجي ء) فى تقوية المعنى الثالث.

(و يؤيده) اى يؤيد ان كلماتهم ظاهرة فى اعتبار الدلالة على الرضا (حكم بعضهم بكفاية الدال على الرضا) فى اسقاط الخيار (و ان لم يعد تصرفا، كتقبيل الجارية للمشترى) فانه ليس تصرفا من المشترى، و مع ذلك قال هذا البعض بانه مسقط.

و ذلك لان سماح المشترى لها بتقبيله دال على رضاه بالبيع (على ما صرح به فى التحرير و الدروس، فعلم) من هذا المثال (ان العبرة) فى اسقاط الخيار (بالرضا) لا بالتصرف بما هو تصرف محض (و انما اعتبر) فى النص و الفتوى (التصرف للدلالة) على الرضا (و ورود النص أيضا) هذا عطف على «حكم بعضهم» (بان العرض على البيع اجازة، مع انه) اى العرض (ليس حدثا عرفا) فانه حيث دل على الرضا كان مسقطا، و ان لم يكن تصرفا.

و ذلك يؤيد ان المعيار فى المسقط «الرضا» و انما اخذ التصرف من باب انه دال على الرضا نظرا الى ما رواه السكونى عن ابى عبد الله

ص: 283

و مما يؤيد عدم إرادة الاصحاب كون التصرف مسقطا الا من جهة دلالته على الرضا حكمهم بأن كل تصرف يكون اجازة من المشترى فى المبيع يكون فسخا من البائع فلو كان التصرف مسقطا تعبديا عندهم، من جهة النص لم يكن وجه للتعدى عن كونه اجازة الى كونه فسخا.

______________________________

عليه السلام ان امير المؤمنين عليه السلام قضى فى رجل اشترى ثوبا بشرط الى نصف، فعرض له ربح فاراد بيعه، قال عليه السلام ليشهد انه رضيه فاستوجبه ثم ليبعه ان شاء، فان اقامه فى السوق فلم يبع فقد وجب عليه، فان الامام عليه السلام حكم بوجوب البيع بمجرد اقامته فى السوق.

(و مما يؤيد) أيضا (عدم إرادة الاصحاب كون التصرف مسقطا الا من جهة دلالته على الرضا)- لا من حيث انه تصرف بما هو هو- (حكمهم) فاعل «يؤيد» (بان كل تصرف يكون اجازة من المشترى فى المبيع يكون فسخا) اذا صدر ذلك التصرف (من البائع).

و وجه التأييد ما ذكره بقوله: (فلو كان التصرف) من المشترى (مسقطا تعبديا، عندهم من جهة) انه ورد (النص) عليه بدون ان يكون وجه اسقاطه للخيار من جهة دلالته على الرضا (لم يكن وجه للتعدى عن كونه) اى عن كون التصرف (اجازة الى كونه) من البائع (فسخا) لانه لم يرد نص بان تصرف البائع فسخ.

اما اذا قلنا بانه من طرف المشترى اجازة- من جهة دلالته على الرضا- كان وجه كونه فسخا من طرف البائع واضحا، لانه دليل الرضا، و

ص: 284

و قد صرح فى التذكرة بان الفسخ كالاجازة يكون بالقول و بالفعل و ذكر التصرف مثالا للفسخ و الاجازة الفعليين.

فاندفع ما يقال فى تقريب كون التصرف مسقطا لا للدلالة على الرضا بان الاصحاب يعدّونه فى مقابل الاجازة.

و اما المعنى الرابع فهو و ان كان اظهر الاحتمالات من حيث اللفظ

______________________________

رضا البائع برد المثمن الّذي كشف عنه بالتصرف، فسخ للمعاملة.

(و قد صرح فى التذكرة بان الفسخ كالاجازة يكون بالقول و بالفعل و ذكر) التذكرة بعد ذلك (التصرف مثالا للفسخ و الاجازة الفعليين) مما يدل على ان الاجازة و الفسخ فى سياق واحد.

و حيث علم ان الفسخ لا يكون الا برضا- و الفعل دال على الرضا- كان لا بد و ان تكون الاجازة بفعل دال على الرضا.

(فاندفع) بما ذكرنا من ان الفعل فى الفسخ و الاجازة على نحو واحد (ما يقال فى تقريب كون التصرف مسقطا) بنفسه (لا) انه مسقط (للدلالة على الرضا بان) يتعلق ب «ما يقال» (الاصحاب يعدونه) اى التصرف (فى مقابل الاجازة) فحاصل «ما يقال» هو: ان التصرف لا يحتاج الى الرضا، لان الاصحاب يجعلونه فى قبال الاجازة التى تحتاج الى الرضا.

و وجه اندفاعه هو: ان ظاهر الاصحاب ان كلا من التصرف و الاجازة انما يكون اسقاطا للخيار، لدلالتهما على الرضا.

(و اما المعنى الرابع) و هو اعتبار الرضا الفعلى الشخصى (فهو و ان كان اظهر الاحتمالات من حيث اللفظ) لظهور صحيحة ابن رئاب

ص: 285

بل جزم به فى الدروس.

و يؤيده ما تقدم من رواية عبد الله بن الحسن ابن زيد الحاكية للنبوى الدال- كما فى الدروس أيضا- على الاعتبار بنفس الرضا.

و ظاهر بعض كلماتهم الآتية ان المستفاد من تتبع الفتاوى الاجماع على عدم اناطة الحكم بالرضا الفعلى بلزوم العقد.

مع ان اظهريته بالنسبة الى المعنى الثالث غير واضحة، فتعين إرادة المعنى الثالث.

______________________________

على ان الرضا الشخصى مناط سقوط الخيار (بل جزم به فى الدروس) فقال: بان الاسقاط لا يكون الا بالرضا الفعلى.

(و يؤيده ما تقدم من رواية عبد الله بن الحسن ابن زيد الحاكية للنبوى الدال- كما فى الدروس) و ذكر الدروس (أيضا-) انها دالة (على الاعتبار بنفس الرضا) الفعلى الشخصى.

(و) لكن لا يمكن الذهاب الى هذا المعنى الثالث، لان (ظاهر بعض كلماتهم الآتية) ان المعنى الثالث خلاف الاجماع.

ف (ان المستفاد من تتبع الفتاوى الاجماع على عدم اناطة الحكم بالرضا الفعلى بلزوم العقد) «بلزوم» متعلق ب «الرضا» فلا حاجة الى الرضا الشخصى، فى اسقاط الخيار هذا.

(مع ان اظهريته) اى المعنى الرابع (بالنسبة الى المعنى الثالث غير واضحة) بل المعنيان فى رتبة واحدة، و للمعنى الثالث بعض المرجحات (فتعين إرادة) الحديث (المعنى الثالث) من المعانى

ص: 286

و محصله دلالة التصرف لو خلى و طبعه على الالتزام و ان لم يفد فى خصوص المقام فيكون التصرف اجازة فعلية فى مقابل الاجازة القولية

و هذا هو الّذي ينبغى ان يعتمد عليه.

قال فى المقنعة ان هلاك الحيوان فى الثلاثة من البائع الا ان يحدث فيه المبتاع حدثا يدل على الرضا بالابتياع، انتهى.

______________________________

الاربعة المحتملة.

(و محصله دلالة التصرف لو خلى) التصرف (و طبعه) و لم تكن قرينة على خلاف دلالته (على الالتزام) بالعقد (و ان لم يفد فى خصوص المقام) فهو- كما تقدم- دلالة الظاهر على المعنى، و ان لم يحصل علم بإرادة المتكلم له (فيكون التصرف اجازة فعلية) عملية (فى مقابل الاجازة القولية) فهما شقان كلاهما يفيد اسقاط الخيار.

(و هذا) المعنى الثالث (هو الّذي ينبغى ان يعتمد عليه) فى الفتوى.

ثم ان المصنف ذكر جملة من كلمات الفقهاء للاستدلال بها على ان مرادهم المعنى الثالث.

(قال) المفيد (فى المقنعة ان هلاك الحيوان فى الثلاثة من البائع) لان تلف المبيع فى زمن الخيار ممن لا خيار له (الا ان يحدث فيه) اى فى الحيوان (المبتاع) المشترى (حدثا يدل) ذلك الحدث بنوعه (على الرضا بالابتياع، انتهى) كلامه.

ص: 287

و مثل للتصرف فى مقام آخر بان ينظر الى الامة، الى ما يحرم لغير المالك.

و قال فى المبسوط- فى احكام العيوب- اذا كان المبيع بهيمة و اصاب بها عيبا فله ردها.

و اذا كان فى طريق الرد جاز له ركوبها و سقيها و علفها و حلبها و اخذ لبنها و ان نتجت كان له نتاجها.

ثم قال: و لا يسقط الرد لانه انما يسقط بالرضا بالعيب، او بترك الرد

______________________________

(و مثل) المقنعة (للتصرف فى مقام آخر بان ينظر) المشترى (الى الامة، الى ما يحرم لغير المالك) فان مثاله دليل على عدم ارادته الرضا الفعلى الشخصى.

و انما النظر يدل على انه راض بالبيع رضا نوعيا، و الا لم ينظر الى ما يحرم على غير المالك.

(و قال:) الشيخ (فى المبسوط- فى احكام العيوب- اذا كان المبيع بهيمة و اصاب بها عيبا فله ردها) و لو بعد الثلاثة بسبب العيب.

(و اذا كان فى طريق الرد جاز له ركوبها و سقيها و علفها و حلبها و اخذ لبنها) اى ينتفع باللبن (و ان نتجت كان له نتاجها) لان البهيمة قبل فسخ العقد ملك للمشترى فله منافعها.

(ثم قال) المبسوط: (و لا يسقط الرد) بهذه الأمور المذكورة (لانه انما يسقط بالرضا بالعيب، او بترك الرد

ص: 288

بعد العلم بالعيب، او بان يحدث فيه عيب عنده و ليس هنا شي ء من ذلك، انتهى.

و فى الغنية: لو هلك المبيع فى مدة الخيار، فهو من مال بايعه الا ان يكون المبتاع قد احدث فيه حدثا يدل على الرضا، انتهى.

و قال الحلبى فى الكافى- فى خيار الحيوان-: فان هلك فى مدة الخيار فهو من مال البائع الا ان يحدث فيه حدثا يدل على الرضا انتهى.

______________________________

بعد العلم بالعيب، او بان يحدث فيه) اى فى المبيع (عيب عنده) فيمنع هذا العيب الجديد من الرد بالعيب القديم (و ليس هنا شي ء من ذلك) الثلاثة، فان كون التصرف فى طريق الرد مانع عن دلالة التصرف دلالة نوعية على الرضا، فيدل كلام المبسوط على انه ان صدر منه التصرف فى غير طريق الرد كان تصرفه مسقطا للخيار.

و لا وجه لاسقاطه الخيار الا لانه دليل نوعى على الرضا (انتهى) كلام المبسوط.

(و) قال ابن زهرة (فى الغنية: لو هلك المبيع فى مدة الخيار فهو من مال بايعه) لان التلف ممن لا خيار له (الا ان يكون المبتاع قد احدث فيه حدثا يدل على الرضا) فان ظاهر كلامه الدلالة النوعية، و ان لم يعلم الانسان بانه كان له رضا فعليّا (انتهى).

(و قال الحلبى فى الكافى- فى خيار الحيوان-: فان هلك فى مدة الخيار فهو من مال البائع، الا ان يحدث) المشترى (فيه حدثا يدل على الرضا، انتهى) فانه أيضا يدل على الرضا النوعى لا الشخصى.

ص: 289

و فى السرائر- بعد حكمه بالخيار فى الحيوان الى ثلاثة ايام- قال: هذا اذا لم يحدث فى هذه المدة حدثا يدل على الرضا، و يتصرف فيه تصرفا ينقص قيمته، او يكون لمثل ذلك التصرف اجرة بان يركب الدابة، او يستعمل الحمار، او يقبل الجارية، او يلامسها، او يدبرها تدبيرا ليس له الرجوع فيه كالمنذور، انتهى.

______________________________

(و) قال ابن ادريس (فى السرائر- بعد حكمه بالخيار فى الحيوان الى ثلاثة ايام- قال: هذا) الخيار له فى الثلاثة (اذا لم يحدث فى هذه المدة) و هى الثلاثة الايام (حدثا يدل على الرضا)- اى بنوعه- (و) اذا لم (يتصرف فيه تصرفا ينقض قيمته، او) تصرفا (يكون لمثل ذلك التصرف اجرة).

و مثال ماله اجرة (بان يركب الدابة، او يستعمل الحمار) فى وضع حمل عليه مثلا (او يقبل الجارية، او يلامسها، او يدبرها تدبيرا) بان يقول لها: انت حرّ دبر وفاتى.

و لا يخفى ان جملة «يقبل .. الخ» عطف على «يحدث و يتصرف» و ليس عطفا على «يركب» اذ ليس لتقبيل و ما بعده اجرة، ف (ليس له) اى للمشترى (الرجوع فيه) بان يفسخ العقد.

و قوله «ليس» جواب شرط مقدر، اى ان فعل هذه الامور فليس له ان يرجع فى المبيع، بان يفسخه و يأخذ ثمنه (كالمنذور) اى كما انه اذا نذر ماله الفسخ فيه، بطل خياره لاقتضاء النذر ابقاء العين فلا يقدر على الفسخ (انتهى).

ص: 290

و قال فى موضع آخر اذا لم يتصرف فيه تصرفا يؤذن بالرضا فى العادة و اما العلامة ره فقد عرفت انه استدل على اصل الحكم بان التصرف دليل الرضا باللزوم.

و قال فى موضع آخر: لو ركب الدابة ليردها سواء قصرت المسافة او طالت، لم يكن ذلك رضا بها.

ثم قال و لو سقاها الماء او ركبها ليسقيها ثم يردها لم يكن ذلك رضا منه بامساكه و لو حلبها فى طريقه فالاقرب انه تصرف يؤذن

______________________________

و كيف كان فقول السرائر «حدثا يدل على الرضا» يدل على ما اختاره المصنف من المعنى الثالث.

(و قال) ابن ادريس (فى موضع آخر) من كتابه (اذا لم يتصرف) المشترى (فيه تصرفا يؤذن بالرضا فى العادة).

(و اما العلامة ره فقد عرفت) فيما تقدم (انه استدل على اصل الحكم) باسقاط التصرف للخيار (بان التصرف دليل الرضا باللزوم) فلم يعتبر الرضا الفعلى الشخصى، كما هو المعنى الرابع.

(و قال) العلامة (فى موضع آخر: لو ركب الدابة ليردها سواء قصرت المسافة او طالت، لم يكن ذلك رضا بها) لوضوح ان فعله بعد ان عرفنا قصده لا يكون دليل الرضا.

(ثم قال) العلامة: (و لو سقاها الماء او ركبها ليسقيها ثم يردها لم يكن ذلك رضا منه بامساكه) اى امساك المشترى، للدابة (و لو حلبها فى طريقه) الى سقى الماء او الرد الى داره (فالاقرب انه تصرف يؤذن

ص: 291

بالرضا.

و فى التحرير- فى مسألة سقوط ردّ المعيب بالتصرف- قال و كذا لو استعمل المبيع، او تصرف فيه بما يدل على الرضا.

و قال فى الدروس: استثنى بعضهم من التصرف ركوب الدابة و الطحن عليها و حلبها، اذ بها يعرف حالها ليختبر، و ليس ببعيد

______________________________

بالرضا) فان ظاهر «يؤذن بالرضا» انه يكتفى بالاذن النوعى و ان لم يعلم الرضا الشخصى.

(و فى التحرير- فى مسألة سقوط ردّ المعيب بالتصرف- قال) العلامة (و كذا) يوجب سقوط الخيار (لو استعمل المبيع، او تصرف فيه بما يدل على الرضا) فجعل الدلالة النوعية موجبة لسقوط الخيار.

(و قال) الشهيد «ره» (فى الدروس: استثنى بعضهم من التصرف) الموجب لسقوط الخيار (ركوب الدابة و الطحن عليها) بان تربط بالطاحونة للطحن بسبب الدابة (و حلبها).

و انما استثنى ذلك البعض (اذ بها) اى بهذه الامور (يعرف حالها) اى حال الدابة، فيفعل المشترى ذلك (ليختبر) حال الدابة (و ليس) كلام المستثنى (ببعيد) اذ مع احتمال الاختبار فى فعله لا يدل فعله على الرضا، فلا يكون اسقاطا للخيار.

و مما ذكرنا يظهر دلالة كلام الدروس على مقصد المصنف، من ان التصرف المشعر بالرضا نوعا يوجب سقوط الخيار.

ص: 292

و قال المحقق الكركى: لو تصرف ذو الخيار غير عالم كأن ظنها جاريته المختصة، فتبينت ذات الخيار، او ذهل عن كونها المشتراة ففى الحكم تردد، ينشأ من اطلاق الخبر بسقوط الخيار بالتصرف.

و من انه غير قاصد الى لزوم البيع، اذ لو علم لم يفعل.

و التصرف انما عدّ مسقطا لدلالته على الرضا باللزوم.

و قال فى موضع آخر، و لا يعد ركوب الدابة للاستخبار او لدفع جموحها، او للخوف من ظالم، او ليردها

______________________________

(و قال المحقق الكركى: لو تصرف ذو الخيار غير عالم) بان له فى هذا المبيع الخيار (كأن ظنها جاريته المختصة) التى ليس له فيها الخيار (فتبينت) اى ظهرت (ذات الخيار، او) تصرف و قد (ذهل عن كونها المشتراة) التى له فيها الخيار (ففى الحكم) بسقوط الخيار، او بقائه (تردد، ينشأ من اطلاق الخبر بسقوط الخيار بالتصرف) فيشمل ما اذا جهل او ذهل، كما يشمل ما اذا علم.

(و من انه غير قاصد الى لزوم البيع، اذ لو علم) بان له فيه الخيار (لم يفعل) اى لم يتصرف.

(و التصرف انما عدّ مسقطا لدلالته) اى التصرف (على الرضا باللزوم) و لا دلالة فى المقام، و ظاهر هذه العبارة انه يكفى بالرضا النوعى.

(و قال فى موضع آخر، و لا يعد ركوب الدابة للاستخبار او لدفع جموحها) جمحت الدابة اذا عصت و صعبت، فاذا ركبها الانسان و أدّبها ذلت (او للخوف من ظالم) يأخذ كل دابة فارغة غصبا- مثلا- (او ليردها)

ص: 293

تصرفا.

ثم قال: و هل يعد حملها للاستخبار تصرفا ليس ببعيد ان لا يعد

و كذا لو اراد ردها و حلبها لاخذ اللبن على اشكال ينشأ من انه ملكه فله استخلاصه

______________________________

على صاحبها (تصرفا) مسقطا للخيار، لان هذه الامور لا تدل على الرضا.

(ثم قال: و هل يعد حملها للاستخبار) و هل انها تقدر على الحمل الثقيل، أم لا؟ (تصرفا) مسقطا (ليس ببعيد ان لا يعد) اذ لا يدل التصرف على الرضا.

و لعل الفرق بين ركوبها للاستخبار حيث افتى جزما بانه ليس تصرفا و بين حملها حيث يظهر منه نوع تردد للعرف، فان العرف يرى ان ذلك ليس بتصرف، بل المتعارف ان الانسان اذا اشترى الدابة ركبها مقدارا، بخلاف الحمل عليها فانه ليس بتلك المثابة.

(و كذا لو اراد ردها و حلبها لاخذ اللبن) فانه غير بعيد ان لا يعد ذلك تصرفا (على اشكال) فى عدم كون الحلب تصرفا (ينشأ) هذا الاشكال من تعارض جهتين.

من انه تصرف عرفا فاللازم ان يكون مسقطا.

و (من انه) قبل الفسخ (ملكه) لان الحليب ملك صاحب الدابة، و ان كان فى زمن الخيار (فله استخلاصه) و اخذه، فلا يكون حلبه مسقطا لخياره.

ص: 294

انتهى.

و حكى عنه فى موضع آخر انه قال: و المراد بالتصرف المسقط ما كان المقصود منه التملك لا الاختبار و لا حفظ المبيع كركوب الدابة للسقى انتهى.

و مراده من التملك البقاء عليه و الالتزام به.

و يحتمل ان يراد به الاستعمال للانتفاع بالملك لا للاختبار او الحفظ

______________________________

اقول: لا يخفى ان المحقق الثانى لم يذكر الا احد طرفى الاشكال و او كل الطرف الآخر الى وضوحه (انتهى).

(و حكى عنه فى موضع آخر انه قال: و المراد بالتصرف المسقط) للخيار (ما كان المقصود منه التملك) و اسقاط الخيار (لا الاختبار) فانه لا يسقط الخيار (و لا حفظ المبيع كركوب الدابة للسقى) هذا مثال للحفظ لانها اذا لم تشرب الماء تلفت و ركوبها فى الطريق لاجل ايصالها الى الماء (انتهى)

(و مراده من التملك البقاء عليه و الالتزام به) لان الملك حصل قبل ذلك فلا يراد بالتملك احداث الملك، بل الالتزام به باسقاط الخيار.

(و يحتمل ان يراد به) اى بالتملك (الاستعمال للانتفاع بالملك لا للاختبار او الحفظ) فان التملك قد يستعمل بمعنى احداث الملك، و قد يستعمل بمعنى الالتزام به، و قد يستعمل بمعنى استعمال الملك استعمالا لا للاختبار و الحفظ.

و وجه استدلال المصنف بهذه العبارة، لمراده من المعنى الثالث ان قول المحقق «ما كان المقصود منه التملك» يراد به ما كان ظاهرا فى ذلك ظهورا نوعيا، لا انه يريد المحقق بذلك القصد الشخصى

ص: 295

هذا ما حضرنى من كلماتهم فى هذا المقام الظاهرة فى المعنى الثالث

و حاصله التصرف على وجه يدل عرفا- لو خلى و طبعه- على الالتزام بالعقد، ليكون اسقاطا فعليا للخيار فيخرج منه ما دلت القرينة على وقوعه لا عن الالتزام.

لكن يبقى الاشكال المتقدم سابقا من ان اكثر امثلة التصرف المذكورة فى النصوص و الفتاوى ليست كذلك بل هى واقعة غالبا مع الغفلة، او التردد او العزم على الفسخ مطلقا

______________________________

(هذا ما حضرنى من كلماتهم فى هذا المقام) اى مقام كون التصرف مسقطا (الظاهرة) تلك الكلمات (فى المعنى الثالث).

اقول: ظهور جملة منها فى ما ذكره المصنف محل نظر، كما لا يخفى.

(و حاصله) ان المسقط هو (التصرف على وجه يدل عرفا- لو خلى و طبعه- على الالتزام بالعقد، ليكون) التصرف (اسقاطا فعليا للخيار) فى قبال الاسقاط القولى- (فيخرج منه) اى من التصرف المسقط (ما دلت القرينة على وقوعه لا عن الالتزام) بالاسقاط.

(لكن) اذا كان المراد من التصرف المسقط ما ذكرناه من الدال نوعا على الالتزام (يبقى الاشكال المتقدم سابقا من ان اكثر امثلة التصرف المذكورة فى النصوص) كالنظر الى الجارية (و الفتاوى) كقوله للجارية: اغلقى الباب (ليست كذلك) دالة عرفا على الالتزام بالعقد (بل هى) اى التصرفات المذكورة (واقعة غالبا مع الغفلة او التردد او العزم على الفسخ مطلقا) اى انه يريد الفسخ

ص: 296

او اذا اطلع على ما يوجب زهده فيه.

فهى غير دالة فى نفسها عرفا على الرضا.

و منه يظهر وجه النظر فى دفع الاستبعاد الّذي ذكرناه سابقا من عدم انفكاك اشتراء الحيوان من التصرف فيه فى الثلاثة فيكون مورد الخيار فى غاية الندرة بان الغالب فى هذه التصرفات وقوعها مع عدم الرضا باللزوم، فلا يسقط بها الخيار

______________________________

على كل حال (او) يريد الفسخ (اذا اطلع على ما يوجب زهده فيه) اى نفرته عن المبيع.

(فهى) اى التصرفات المذكورة (غير دالة فى نفسها عرفا على الرضا) فكما لا دلالة لها شخصيا فلا دلالة لها نوعيا.

(و منه) اى من عدم دلالة اكثر الامثلة المذكورة فى النص و الفتوى دلالة عرفية على الرضا بالعقد- لوقوعها غالبا بلا التزام بالعقد (يظهر وجه النظر فى دفع الاستبعاد الّذي ذكرناه سابقا).

فانا ذكرنا سابقا أوّلا استبعادا يحصل (من عدم انفكاك اشتراء الحيوان من التصرف فيه، فى الثلاثة) الايام (فيكون مورد الخيار) اذا كان امثال النظر الى الجارية، و ركوب الدابة، مسقطا للخيار (فى غاية الندرة) و كونه فى غاية الندرة خلاف الادلة و الفتاوى الظاهرة فى كثرة مورد الخيار.

و ذكرنا ثانيا دفعا لهذا الاستبعاد (بان الغالب فى) امثال (هذه التصرفات وقوعها مع عدم الرضا باللزوم، فلا يسقط بها) اى بامثال هذه التصرفات (الخيار).

ص: 297

اذ فيه يوجب استهجان تعليل السقوط بمطلق الحدث بأنه رضا لان لهذا المصحح لهذا التعليل- مع العلم بعدم كون بعض افراده رضا هو ظهوره فيه عرفا من اجل الغلبة.

فاذا فرض ان الغالب فى مثل هذه التصرفات وقوعها لا عن التزام للعقد، بل مع العزم على الفسخ، او التردد فيه او الغفلة كان

______________________________

و نقول الآن ثالثا فى وجه النظر على الدفع المذكور و بالاشكال فى الدفع، يقوى الاستبعاد.

(اذ فيه) اى فى الدفع المذكور (ان هذا) الدفع (يوجب استهجان تعليل السقوط) للخيار (بمطلق الحدث).

اى ان الشارع فى صحيحة ابن رئاب علل اسقاط التصرف للخيار (بأنه رضا) فانه اذا كان الدفع صحيحا لزم استهجان العلة فى صحيحة ابن رئاب.

وجه الاستهجان ما ذكره بقوله: (لان المصحح لهذا التعليل) اى انه رضا (- مع العلم بعدم كون بعض افراده رضا- هو) اى المصحح هو (ظهوره) اى التصرف (فيه) اى فى الرضا (عرفا).

و انما كان الظهور (من اجل الغلبة) اى غلبة كون التصرف رضا، و حيث كان الغالب ذلك كان التصرف ظاهرا فى الرضا.

(فاذا فرض) هذا الفرض ذكر «الدفع» للاستبعاد (ان الغالب فى مثل هذه التصرفات وقوعها لا عن التزام للعقد، بل مع العزم على الفسخ، او التردد فيه) اى فى الفسخ (او الغفلة) عن ان له الفسخ (كان

ص: 298

تعليل الحكم على المطلق بهذه العلة غير الموجودة الا فى قليل من افراده مستهجنا.

و اما الاستشهاد لذلك بما سيجي ء من ان تصرف البائع فى ثمن بيع الخيار غير مسقط لخياره اتفاقا

______________________________

تعليل الحكم) بان التصرف مسقط (على المطلق) اى مطلق التصرف (بهذه العلة) علة ان التصرف رضا (غير الموجودة) تلك العلة (الا فى قليل من افراده) اى افراد التصرف (مستهجنا).

فتحققت ثلاثة امور «استبعاد» و «دفع» و «نظر فى الدفع».

و الحاصل: ان المصنف يقول «التصرف الدال عرفا على الرضا النوعى مسقط للخيار» و الاشكال عليه انه «اكثر الامثلة فى النص و الفتوى، لا دلالة فيها على الرضا» فكيف قال الشارع «التصرف مسقط لانه رضا بالعقد».

(و) لكن ربما يؤيد «الدفع» بان تصرف المشترى فى الحيوان، حاله حال تصرف البائع ذى الخيار فى الثمن.

فكما ان تصرف البائع ليس عن رضا- و لذا لا يسقط خياره- كذلك تصرف المشترى فى الحيوان ليس عن رضا- و لذا لا يسقط خياره-.

و على هذا يتم «الدفع» الّذي كان يقول «الغالب فى التصرفات وقوعها مع عدم الرضا باللزوم .. الخ» و الى هذا- و هو: ربما يؤيد الدفع- اشار المصنف بقوله: و (اما الاستشهاد لذلك بما سيجي ء من ان تصرف البائع فى ثمن بيع الخيار غير مسقط لخياره اتفاقا) كما اذا كان

ص: 299

و ليس ذلك الا من جهة صدوره لا عن التزام بالعقد بل مع العزم على الفسخ برد مثل الثمن.

ففيه ما سيجي ء.

و مما ذكرنا من استهجان التعليل على تقدير كون غالب التصرفات واقعة لا عن التزام يظهر فساد الجمع

______________________________

البائع مغبونا، او كان فى الثمن عيب، او كان للبائع خيار الشرط، الى غير ذلك.

(و ليس ذلك) اى عدم سقوط خيار البائع بتصرفه فى الثمن (الا من جهة صدوره) اى صدور التصرف (لا عن التزام) للبائع (بالعقد بل مع العزم على الفسخ برد مثل الثمن) اذا كان تصرفه متلفا، او بردّ نفس الثمن اذا لم يكن تصرفه متلفا، كما اذا كان الثمن ثوبا و لبسه، او نحو ذلك.

(ففيه ما سيجي ء) من ان ذلك من جهة تواطئ المتعاقدين على ثبوت الخيار مع التصرف.

و ذلك لان بناء البيع على الانتفاع بالثمن، فكانهما اشترطا بقاء الخيار حتى بعد التصرف، و ليس المقام كذلك، فلا تواطئ فى بيع الحيوان ان الخيار باق، و ان تصرف المشترى فى الحيوان.

اذا: فالاستهجان الّذي ذكرناه باق.

(و مما ذكرنا من استهجان التعليل) «بانه رضى» (على تقدير كون غالب التصرفات واقعة، لا عن التزام)، بالعقد (يظهر فساد الجمع) بين

ص: 300

بهذا الوجه يعنى حمل الاخبار المتقدمة على صورة دلالة التصرفات المذكورة على الرضا بلزوم العقد جمعا بينها، و بين ما دل من الاخبار على عدم سقوطه بمجرد التصرف.

مثل رواية عبد الله بن الحسن المتقدمة التى لم يستفصل فى

______________________________

ما دل على سقوط الخيار بمطلق التصرف مثل الاخبار المتقدم نقلها، و بين ما دل على خلافه مثل خبر عبد الله، و الخبر المصحح، بحمل الاولى على صورة دلالة التصرف على الرضا باللزوم، و حمل الثانية على صورة عدم دلالة التصرف على الرضا باللزوم.

فان الجمع (بهذا الوجه) غير تام.

و انما ظهر فساد الجمع لاستلزامه استهجان التعليل المذكور فى الاخبار، و الجمع الّذي يستلزم الاستهجان غير صحيح.

و الى ما ذكرناه اشار بقوله: (يعنى حمل الاخبار المتقدمة) كصحيحة ابن رئاب، و غيرها (على صورة دلالة التصرفات المذكورة على الرضا بلزوم العقد).

و انما نحمل هذا الحمل (جمعا بينها) اى بين هذه الاخبار (و بين ما دل من الاخبار على عدم سقوطه) اى الخيار (بمجرد التصرف) المحمول على ما اذا لم يكن التصرف رضا بالعقد.

(مثل رواية عبد الله بن الحسن المتقدمة) فى العبد الّذي مات، و كان للمشترى خيار الشرط، حيث قال صلى الله عليه و آله يستحلف بالله تعالى ما رضيه ثم هو برئ من الضمان (التى لم يستفصل فى

ص: 301

جوابها بين تصرف المشترى فى العبد المتوفى فى زمان الخيار، و عدمه.

و انما انيط سقوط الخيار فيها بالرضا الفعلى.

و مثل الخبر المصحح فى رجل اشترى شاة، فامسكها ثلاثة ايام ثم ردّ قال ان كان تلك الثلاثة ايام شرب لبنها، يردّ معها ثلاثة امداد و ان لم يكن لها لبن فليس عليه شي ء.

و نحوه الآخر.

______________________________

جوابها) اى جواب الرواية (بين تصرف المشترى فى العبد المتوفى فى زمان الخيار، و عدمه) اى عدم تصرف المشترى، مع انه لو كان تصرف المشترى مسقطا، لزم الاستفصال المذكور.

(و انما انيط سقوط الخيار فيها) اى فى الرواية (بالرضا الفعلى) للمشترى، فان ظاهر «ما رضيه» فى الرواية الرضا الفعلى، كما هو واضح

(و مثل الخبر المصحح) الّذي قال بعض بصحته- و ان لم يتحقق ذلك عند المصنف- (فى رجل اشترى شاة، فامسكها ثلاثة ايام، ثم ردّ) فما تكليفه؟ (قال) عليه السلام (ان كان تلك الثلاثة ايام شرب) المشترى (لبنها، يردّ معها) اى مع الشاة (ثلاثة امداد) قيمة اللّبن (و ان لم يكن لها لبن فليس عليه شي ء) فان الامام عليه السلام حكم بجواز الردّ، مع انه تصرف فى الشاة بالحلب و شرب اللبن.

و ذلك لانه لم يرض بالشاة فيدل على ان المعيار فى سقوط الخيار الرضا، لا التصرف.

(و نحوه) اى نحو هذا المصحح، خبره (الآخر).

ص: 302

و ما فيهما من رد ثلاثة امداد لعله محمول على الاستحباب مع ان ترك العمل به لا يوجب ردّ الرواية فتأمل.

و قد افتى بذلك فى المبسوط فيما لو باع شاة غير مصراة و حلبها اياما، ثم وجد المشترى فيها عيبا.

______________________________

(و) ان قلت: كيف حكم الامام بردّ ثلاثة امداد، مع ان اللبن للمشترى، حيث انه قبل الفسخ يملك كل شئ منه، و الفسخ من حينه لا من اصله.

قلت: (ما فيهما) اى فى الخبرين (من ردّ ثلاثة امداد لعله محمول على الاستحباب مع) انه ان كان على سبيل الوجوب لا يضر بدلالة الخبرين لما نحن بصدده.

ف (ان ترك العمل به) اى بهذا الجزء من الخبر (لا يوجب رد الرواية) لما علم فى موضعه من امكان التقطيع فى الخبر الواحد، كان قطع صدر جزء من الخبر تقية، او شبه ذلك (فتأمل).

لعله اشارة الى ان قوله «يردّ» هو موضع استدلالنا بالخبر فاذا سقط، لم يبق موضع للدلالة.

لكن فيه ان فقرة واحدة من الخبر اذا اشتملت على حكمين لم يعمل باحدهما، لم يستلزم ذلك عدم العمل بالآخر.

(و قد افتى بذلك) اى بانه يردّ ثلاثة امداد- فليست هذه الفقرة غير معمول بها- (فى المبسوط فيما لو باع شاة غير مصراة) اى لم يكن حليب فى ثديها (و حلبها اياما، ثم وجد المشترى فيها عيبا) فانه يردّها و

ص: 303

ثم قال: و قيل ليس له ردّها، لانه تصرف بالحلب.

و بالجملة: فالجمع بين النص و الفتوى الظاهرين فى كون التصرف مسقطا لدلالته على الرضا بلزوم العقد، و بين ما تقدم من التصرفات المذكورة فى كثير من الفتاوى خصوصا ما ذكره غير واحد من الجزم بسقوط الخيار بالركوب فى طريق الردّ او التردد فيه و فى التصرف للاستخبار مع العلم بعدم اقترانهما بالرضا بلزوم العقد

______________________________

يرد ثمن الحليب.

(ثم قال) المبسوط: (و قيل ليس له ردها، لانه) اى المشترى (تصرف) فى الشاة (بالحلب) و التصرف يسقط الخيار.

(و بالجملة فالجمع بين النص و الفتوى الظاهرين فى كون التصرف مسقطا لدلالته) اى دلالة التصرف (على الرضا بلزوم العقد) ف «لدلالته» وجه ل «الاسقاط» (و بين ما تقدم من التصرفات المذكورة فى كثير من الفتاوى) و فى النص من امثال: اغلق الباب، و: ناولنى الثوب، و النظر الى الامة و لمسها (خصوصا ما ذكره غير واحد من الجزم بسقوط الخيار بالركوب) للدابة (فى طريق الردّ) الّذي يكون التصرف بدون دلالة على الرضا النوعى اصلا (او التردّد فيه) اى فى الردّ، عطف على «فى طريق» (و فى التصرف للاستخبار مع العلم بعدم اقترانهما) اى الركوب مع عزمه على الردّ او التردّد فيه و التصرف للاستخبار (بالرضا بلزوم العقد) لوضوح ان المشترى ليس براض، اذا اراد ردّه او تردّد

ص: 304

فى غاية الاشكال و اللّه العالم بحقيقة الحال.

______________________________

فيه، و اذا اراد استخباره فهو (فى غاية الاشكال) و ان كان الاظهر الاحتياج الى الرضا الشخصى الّذي نفاه المصنف (و الله العالم بحقيقة الحال) و هو الموفق المستعان لفهم الاحكام.

ص: 305

الثالث خيار الشرط،

اشارة

اعنى الثابت بسبب اشتراطه فى العقد، و لا خلاف فى صحة هذا الشرط، و لا فى انه لا يتقدر بحدّ عندنا.

و نقل الاجماع عليه مستفيض.

و الاصل فيه، قبل ذلك الاخبار العامة المسوغة لاشتراط كل شرط الا ما استثنى

______________________________

(الثالث) من الخيارات (خيار الشرط، اعنى الثابت بسبب اشتراطه فى العقد) فإضافة الخيار الى الشرط من باب اضافة المعلول الى علته، لان الشرط علة الخيار (و لا خلاف فى صحة هذا الشرط) للنص و الاجماع على ذلك (و لا فى انه لا يتقدّر بحدّ) كيوم و عشرة ايام (عندنا)

نعم ينبغى استثناء ما اذا كان تحديده خارجا عن اطلاق النص و الفتوى، كما اذا باعه شيئا و جعل خياره مائة سنة مثلا.

(و نقل الاجماع عليه) اى على هذا الخيار (مستفيض) استفاضة فوق الآحاد، و دون التواتر.

(و الاصل) اى الدليل (فيه) اى فى هذا الخيار (- قبل ذلك-) الاجماع (الاخبار العامة المسوغة) اى المجوزة (لاشتراط كل شرط الا ما استثنى) من مخالفة الكتاب و السنة، و كذا المخالفة لمقتضى اصل العقد، كان ينكح بشرط ان تكون بينهما محرمية، او يبيع بشرط ان لا يكون للمشترى التصرف فيه.

ص: 306

و الاخبار الخاصة الواردة فى بعض افراد المسألة فمن الاولى الخبر المستفيض الّذي لا يبعد دعوى تواتره ان: المسلمين عند شروطهم.

و يزيد فى صحيحة ابن سنان: الّا كل شرط خالف كتاب اللّه فلا يجوز

و فى موثقة اسحاق بن عمار الّا شرطا حرم حلالا او حلل حراما.

______________________________

(و) كذلك يكون الاصل فى الخيار (الاخبار الخاصة الواردة فى بعض افراد المسألة) مما يعلم منها المناط فيتعدى منها الى سائر افراد الشرط لوحدة الملاك فى الكل (فمن الاولى) اى الاخبار العامة الشاملة لكل شرط (الخبر المستفيض الّذي لا يبعد دعوى تواتره) و هو (ان: المسلمين عند شروطهم).

و معنى «عند» انهم ملزومون بالوفاء بالشروط الزاما تكليفا وضعيا

(و يزيد فى صحيحة ابن سنان: الّا كل شرط خالف كتاب اللّه فلا يجوز) اى فلا ينفذ ذلك الشرط.

كما اذا شرط، ان يشرب الخمر او يترك الصلاة، او لا يرث ولده، او ما اشبه ذلك.

(و فى موثقة اسحاق بن عمار الّا شرطا حرم حلالا) بان يكون الشرط مشرعا، كما لو شرط ان يكون شرب الماء حراما، اما اذا شرط ان لا يشرب الماء صح الشرط، فانه لم يحرم حلالا.

و قد يقال ان المراد بتحريم الحلال تحريم الواجب فى قبال تحليل الحرام (او حلل حراما) على ما عرفت.

ص: 307

نعم فى صحيحة اخرى لابن سنان من اشترط شرطا مخالفا لكتاب اللّه فلا يجوز على الّذي اشترط عليه، و المسلمون عند شروطهم فيما وافق كتاب اللّه.

لكن المراد منه بقرينة المقابلة عدم المخالفة للاجماع على عدم اعتبار موافقة الشرط لظاهر الكتاب.

و تمام الكلام فى معنى هذه الاخبار و توضيح المراد من الاستثناء الوارد

______________________________

(نعم فى صحيحة اخرى لابن سنان من اشترط شرطا مخالفا لكتاب اللّه فلا يجوز) اى لا ينفذ (على الّذي اشترط عليه، و المسلمون عند شروطهم فيما وافق كتاب الله).

و قوله «نعم» اشارة الى ان فى هذا الحديث اشترط «موافقة كتاب الله» بينما فى غيره اشترط «عدم مخالفة كتاب الله».

و من المعلوم ان الشرط يمكن اعتباره «غير مخالف» اما اعتباره «موافقا» فهو مشكل، لان كثيرا من الاحكام ليست فى ظاهر القرآن.

(لكن المراد منه) اى من الموافقة (بقرينة المقابلة) لقوله عليه السلام «مخالفا لكتاب الله» (عدم المخالفة) لان الفقرة الثانية تفسير للفقرة الاولى.

و ذلك (للاجماع على عدم اعتبار موافقة الشرط لظاهر الكتاب) و الّا فكثير من الشروط لم تذكر فى الكتاب شيئا يطابقه الشرط.

(و تمام الكلام فى معنى هذه الاخبار) اى الشرط المخالف و الموافق (و توضيح المراد من الاستثناء الوارد

ص: 308

فيها يأتى فى باب الشرط فى ضمن العقد ان شاء الله.

و المقصود هنا بيان احكام الخيار المشترط فى العقد و هى تظهر برسم مسائل
اشارة

______________________________

فيها) من تحليل الحرام و تحريم الحلال (يأتى فى باب الشرط فى ضمن العقد ان شاء الله) هذا تمام الكلام فى الاخبار العامة.

و اما الاخبار الخاصة فهى: صحيحة ابن سنان عن ابى عبد اللّه عليه السلام فى حديث قال: و ان كان بينهما شرط- اياما معدودة- فهلك فى يد المشترى قبل ان يمضى الشرط، فهو من مال البائع.

اقول: لان التلف فى زمن الخيار ممن لا خيار له، و رواية السكونى المتقدمة ان امير المؤمنين عليه السلام: قضى فى رجل اشترى ثوبا بالشرط الى نصف النهار، الى غيرهما، و سيأتى بعض الاخبار الخاصة الاخر.

(و المقصود هنا بيان احكام الخيار المشترط فى العقد) فى قبال موضوع الخيار الّذي قلنا انه سيأتى (و هى تظهر برسم مسائل)

ص: 309

مسئلة: لا فرق بين كون زمان الخيار متصلا بالعقد او منفصلا عنه لعموم ادلة الشرط.

قال فى التذكرة لو شرط خيار الغد صح عندنا خلافا للشافعى، و استدل له فى موضع آخر بلزوم صيرورة العقد جائزا بعد اللزوم.

و ردّ بعدم المانع من ذلك.

مع انه- كما فى التذكرة

______________________________

(مسألة: لا فرق بين كون زمان الخيار متصلا بالعقد او منفصلا عنه) بكل اقسامه من الاول او الوسط او الاخير او اثنان منها، او ثلاثة او اكثر كان يفرض ان المدة فى الاجارة- و نمثل بها لوضوح الاقسام فيها- سنة، فيشترط الخيار فى اليوم الاول، او فى اليوم الوسط، او فى اليوم الاخير، او فى الاول و الوسط، او فى الاول و الاخير، او فى الاول و الوسط، او فى الوسط و الاخير او فى الاول و الوسط و الاخير، الى غير ذلك (لعموم ادلة الشرط) الشاملة لكل هذه الاقسام.

(قال فى التذكرة لو شرط خيار الغد صح عندنا خلافا للشافعى، و استدل) العلامة (له) اى للشافعى (فى موضع آخر) من التذكرة (ب) انه لو صح الخيار المنفصل استوجب ذلك (لزوم صيرورة العقد جائزا بعد اللزوم) و ذلك خلاف ادلة الوفاء بالعقد.

(و ردّ بعدم المانع من ذلك) لانه ليس خلاف ادلة الوفاء.

(مع انه) اى عدم جواز انفصال الخيار عن العقد (- كما فى التذكرة

ص: 310

- منتقض بخيار التأخير و خيار الرؤية.

نعم يشترط تعيين المدة.

فلو تراضيا على مدة مجهولة كقدوم الحاج بطل بلا خلاف، بل حكى الاجماع عليه صريحا لصيرورة المعاملة بذلك غررية

______________________________

- منتقض بخيار التأخير و خيار الرؤية) فانهما منفصلان عن العقد مما يوجب ان يكون العقد اللازم جائزا.

(نعم يشترط تعيين المدة) المقرر تأخير الخيار إليه، و كذلك المدة التى يشرع منها الخيار.

(فلو تراضيا على مدة مجهولة) أوّلا (كقدوم الحاج) او آخرا، مثل ان يبدأ الخيار من اوّل محرم الى آخر يوم يأتى فيه الحجاج، او كلا، مثل مدة بناء هذه الدار، و المفروض انه غير معلوم أولا و لا آخرا (بطل) الشرط (بلا خلاف، بل حكى الاجماع عليه صريحا لصيرورة المعاملة بذلك) الجهل فى المدة (غررية) و المراد بالغرر الجهالة التى توجب الضرر و الاشتباه، فان مع جهالة المدة يشتبه اوّل الخيار او آخره او مدته و ذلك يوجب الضرر احيانا و الاختلاف احيانا اخرى و فى الحديث نهى النبي صلى الله عليه و آله عن الغرر- كما فى مستدرك الوسائل-

لكن الظاهر انه ليس بغرر مطلقا فلو جعل الخيار الى اوّل الشهر لم يضر، و ان لم يعلم ان اوّل الشهر اى يوم، لاحتمال نقص الشهر السابق و تمامه، و كذا اذا جعله الى آخر الشهر، او جعل الخيار شهر شوال مثلا و لا يعلم اوله و لا آخره، لاحتمال نقص شهر رمضان و

ص: 311

و لا عبرة بمسامحة العرف فى بعض المقامات و اقدام العقلاء عليه احيانا فان المستفاد من تتبع احكام المعاملات عدم رضا الشارع بذلك

اذ كثيرا ما يتفق التشاح فى مثل الساعة و الساعتين من زمان الخيار فضلا من اليوم و اليومين.

______________________________

نقص شهر شوال، بل اذا كان قدوم الحاج شيئا موقتا فى الخارج ليس تقدمه و تأخره بقدر يوجب الغرر عرفا لم يكن فى جعله- مدة الخيار- اشكالا.

(و) ما ذكره المصنف من انه (لا عبرة بمسامحة العرف فى بعض المقامات و اقدام العقلاء عليه احيانا) محل نظر.

اذ: الغرر موضوع عرفى، كسائر الموضوعات، و احداث الشارع فيه تغييرا غير معلوم، و العرف كما هو مرجع الموضوع مفهوما فكذلك هو مرجع التطبيق، و قد شرحنا ذلك فى بعض مباحث الفقه.

و كيف كان (ف) انما لا عبرة بمسامحة العرف، ل (ان المستفاد من تتبع احكام المعاملات عدم رضا الشارع بذلك) اى بالمسامحة العرفية.

اقول: لم اجد مقاما ذكر الشارع بعدم رضاه بمثل هذا التسامح.

و انما لا يرضى الشارع.

(اذ كثيرا ما يتفق التشاح فى مثل الساعة و الساعتين فى زمان الخيار فضلا من اليوم و اليومين).

مثلا: فى ظهر يوم الجمعة ارتفعت قيمة المتاع، فاراد البائع الفسخ و لم يرد المشترى، فانهما يختلفان فى انه هل له خيار، أم لا؟

ص: 312

و بالجملة، فالغرر لا ينتفى بمسامحة الناس فى غير زمان الحاجة الى المداقة، و الا لم يكن بيع الجزاف، و ما تعذر تسليمه، و الثمن المحتمل للتفاوت القليل، و غير ذلك من الجهالات غررا لتسامح الناس فى غير مقام الحاجة الى المداقة فى اكثر الجهالات.

______________________________

اقول: لا تشاح، لانه اذا قدم الحاج كان الحق مع البائع، و الا مع المشترى، ثم كل تشاح له موازين قضائية يرجع إليها، فلا مشكلة، و مثله غير نادر فى الشرعيات.

(و بالجملة، فالغرر لا ينتفى بمسامحة الناس فى غير زمان الحاجة الى المداقة) فان العرف فى الامور المحتاجة الى المداقة لا يتسامحون مثل وزن الذهب- و فى غيرها يتسامحون، فاذا تسامحوا لم يكن ذلك موجبا لرفع الغرر (و الا) فلو تتبعنا العرف فى مسامحاتهم (لم يكن بيع الجزاف، و) بيع (ما تعذر تسليمه، و) كذا فى (الثمن المحتمل للتفاوت القليل) كما فى بعض الدراهم و الدنانير فى الزمن السابق، حيث يزيد و ينقص مقدار شعيرة، و نحوها من جهة كثرة التعامل عليها (و غير ذلك من الجهالات غررا).

و انما لم يكن غررا (لتسامح الناس فى غير مقام الحاجة الى المداقة فى اكثر الجهالات).

و فيه انا نقول: بانه ليس بغرر، الا اذا كان نص او اجماع على انه غرر موضوعا او انه محكوم بحكم الغرر.

ص: 313

و لعل هذا مراد بعض الاساطين من قوله ان دائرة الغرر فى الشرع اضيق من دائرته فى العرف و الا فالغرر لفظ لا يرجع فى معناه الا الى العرف.

نعم الجهالة التى لا يرجع الامر معها غالبا الى التشاح بحيث يكون النادر كالمعدوم، لا تعد غررا، كتفاوت المكاييل و الموازين.

______________________________

(و لعل هذا) الّذي ذكرنا من ان العرف يتسامح، بما لا يتسامح فيه الشرع- فى باب الغرر- (مراد بعض الاساطين من قوله ان دائرة الغرر فى الشرع اضيق من دائرته فى العرف) فان الشروط التى وضعها الشارع فى الغرر اكثر، فيقول «لا جهالة، لا ضرر، لا تسامح» بينما يقول العرف «لا جهالة، لا ضرر» و ينتج من زيادة شروط الشارع فى باب الغرر، ان الغرر عنده اوسع افرادا من الغرر عند العرف.

فمثلا: افراد غرر العرف عشرة، و افراد غرر الشارع خمسة عشر (و الا) يقصد بعض الاساطين ما ذكرناه فى معنى الغرر (ف) لا معنى لأضيقية الدائرة شرعا، اذ (الغرر لفظ لا يرجع فى معناه الا الى العرف) كسائر الموضوعات التى حكم الشارع عليها باحكام.

(نعم) لا نقصد بان الشارع لاحظ الدقة فى كل مورد.

ف (الجهالة التى لا يرجع الامر معها غالبا الى التشاح بحيث يكون) التشاح (النادر كالمعدوم، لا تعد) تلك الجهالة (غررا، كتفاوت المكاييل و الموازين) و الاشبار و الاذرع فى تقدير القماش و الارض و نحوهما.

ص: 314

و يشير الى ما ذكرنا: الاخبار الدالة على اعتبار كون السلم الى اجل معلوم.

و خصوص موثقة غياث لا بأس بالسلم فى كيل معلوم الى اجل معلوم لا يسلم الى دياس او الى حصاد، مع ان التأجيل الى الدياس و الحصاد و شبههما فوق حد الاحصاء بين العقلاء الجاهلين بالشرع.

______________________________

(و يشير الى ما ذكرنا) من لزوم ملاحظة الدقة فى المدة (الاخبار الدالة على اعتبار كون السلم) و هو ما كان الثمن نقدا، و المثمن بعد مدة عكس النسية- (الى اجل معلوم) و اذا كان الوقت قابلا للزيادة و النقصان لم يكن اجلا معلوما، فلا تصحّ المسامحة فى الاجل، و فيه ان المسامح فيه معلوم عرفا.

(و خصوص موثقة غياث) قال عليه السلام (لا بأس بالسلم فى كيل معلوم الى اجل معلوم لا يسلم الى دياس او الى حصاد) الحصاد حصاد الزرع و قطعه، و الدياس سحقه لاجل اخراج الحب من التبن، و نحوه (مع ان التأجيل الى الدياس و الحصاد و شبههما فوق حد الاحصاء بين العقلاء الجاهلين بالشرع) فيعلم من هذه الموثقة ان الشارع لاحظ الدقة، و لم يترك الامر الى تسامح العقلاء.

اقول: لكن فيه ان الدياس المطلق، و الحصاد المطلق مجهولان حتى عند العقلاء، اذ يختلف اوقاتهما فى منطقة واحدة كالعراق اكثر من شهر، و هذا نفاه الشارع،.

اما دياس صحارى كربلاء و شبهها من منطقة واحدة مثلا، فلا نسلم

ص: 315

و ربما يستدل على ذلك بان اشتراط المدة المجهولة مخالف للكتاب و السنة، لانه غرر.

و فيه ان كون البيع بواسطة الشرط مخالفا للكتاب و السنة غير كون نفس الشرط مخالفا للكتاب و السنة.

______________________________

ان الرواية تشمله، كما ان العقلاء يجعلونه وقتا.

(و ربما يستدل على ذلك) اى على لزوم الدقة فى المدة، و عدم المسامحة العرفية (بان اشتراط المدة المجهولة مخالف للكتاب و السنة لانه) اى اشتراط المدة المجهولة (غرر) و الغرر مخالف للكتاب و السنة.

اما الكتاب فقوله تعالى: لٰا تَأْكُلُوا أَمْوٰالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبٰاطِلِ*، فانه اذا كانت المدة مجهولة، كان ذلك سببا للجهل بقدر الثمن، اذ: للأجل قسط من الثمن فمدّة تزلزل البيع و هو مدة الخيار تؤثر فى جهالة الثمن فان ثمن البيع المتزلزل يوما اكثر من ثمن البيع المتزلزل شهرا.

و اما السنة: فلما ورد من نهى النبي صلى الله عليه و آله و سلم عن بيع الغرر.

و حاصل كلام المستدل ان هذا الشرط مخالف للكتاب و السنة.

(و فيه) ان المستدل اراد بيان ان الشرط مخالف للكتاب و السنة، لكن دليله يعطى ان البيع مخالف للكتاب و السنة.

و من المعلوم (ان كون البيع بواسطة الشرط مخالفا للكتاب و السنة) كما يفيده دليل المستدل (غير كون نفس الشرط مخالفا للكتاب و السنة)

ص: 316

ففى الثانى يفسد الشرط و يتبعه البيع.

و فى الاول يفسد البيع فيلغو الشرط.

اللهم الا ان يراد ان نفس الالتزام بخيار فى مدة مجهولة غرر، و ان لم يكن بيعا، فيشمله دليل نفى الغرر، فيكون مخالفا للكتاب و السنة

______________________________

كما ادعاه المستدل، فدعواه شي ء و دليله شي ء آخر.

(ففى الثانى) و هو كون نفس الشرط مخالفا (يفسد الشرط) لانه مخالف (و يتبعه البيع) فى الفساد فيفسد البيع أيضا، لان البيع المشتمل على الشرط الفاسد فاسد.

(و فى الاول) و هو كون البيع فاسدا (يفسد البيع فيلغو الشرط) اذ الشرط لا يجب، الا اذا كان فى ضمن بيع صحيح او ما اشبه البيع من الالتزامات الصحيحة.

(اللهم الا ان يراد) اى يريد المستدل فى قوله «انه غرر» (ان نفس الالتزام بخيار فى مدة مجهولة غرر، و ان لم يكن بيعا، فيشمله) اى يشمل الخيار (دليل نفى الغرر).

فالمستدل اراد بيان ان الشرط الغررى باطل، و استدل لنفس ذلك، فدليله موافق لمدعاه، اذ لو كان نفس الخيار غرريا (فيكون مخالفا للكتاب و السنة).

اما السنة فلنهى النبي صلى الله عليه و آله و سلم عن الغرر.

و اما الكتاب فلقوله تعالى: مٰا آتٰاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ.

ص: 317

لكن لا يخفى سراية الغرر الى البيع فيكون الاستناد فى فساده الى فساد شرطه المخالف للكتاب كالاكل من القفا

______________________________

و (لكن لا يخفى) ان المستدل لو اراد كون نفس الشرط غرريا كان الا نسب التعليل لبطلان البيع بانه بيع غررى، لا بما ذكره من ان شرطه غررى، لان الغرر فى الشرط يوجب الغرر فى البيع (سراية الغرر) فى الشرط (الى البيع فيكون الاستناد فى فساده) اى فساد البيع (الى فساد شرطه المخالف للكتاب) و السنة (كالاكل من القفا) لان المستدل كان بامكانه ان يقول البيع غررى، ففاسد فلم يكن يحتاج الى ان يقول الشرط غررى ففاسد، و حيث انه فى ضمن البيع فالبيع فاسد.

و الحاصل ان المصنف او رد على المستدل احد اشكالين على سبيل منع الخلو، او لهما قوله «و فيه»، و ثانيهما قوله «كالاكل».

و حاصل ايراده انه ان اراد المستدل ان يقول «البيع غررى» ففيه انه لا يصح- على هذا- ان يفرع عليه كون الاشتراط مخالفا للكتاب و السنة، حيث قال المستدل فى كلامه: فاشتراطه مخالف للسنة.

و ان اراد المستدل ان يقول «الشرط غررى» ففيه انه- و ان صح التفريع المذكور- الا ان عدول المستدل عن القول «بفساد البيع» الى القول «بفساد الشرط» كالاكل من القفا.

فقول المصنف «اللهم ..» اراد به بيان الاحتمال الثانى فى عبارة المستدل، و ردّه.

ص: 318

مسئلة لا فرق فى بطلان العقد بين ذكر المدة المجهولة كقدوم الحاج، و بين عدم ذكر المدة اصلا

كأن يقول بعتك على ان يكون لى الخيار و بين ذكر المدة المطلقة كان يقول: بعتك على ان يكون لى الخيار مدة لاستواء الكل فى الغرر.

خلافا للمحكى عن المقنعة و الانتصار و الخلاف و الجواهر و الغنية و الحلبى فجعلوا مدة الخيار فى الصورة الثانية ثلاثة ايام.

و يحتمل حمل الثالثة عليها

______________________________

(مسألة: لا فرق فى بطلان العقد) اذا كانت المدة مجهولة (بين ذكر المدة المجهولة كقدوم الحاج، و بين عدم ذكر المدة) للخيار (اصلا كان يقول بعتك على ان يكون لى الخيار) بدون ان يعين زمان الخيار، او اوله، او آخره (و بين ذكر المدة المطلقة) بان يقول «مدة» و يطلقها (كان يقول: بعتك على ان يكون لى الخيار مدة).

و انما قلنا لا فرق (لاستواء الكل) اى كل الصور الثلاثة (فى الغرر) فيكون باطلا.

(خلافا للمحكى عن المقنعة و الانتصار و الخلاف و الجواهر) للقاضى (و الغنية و الحلبى فجعلوا مدة الخيار فى الصورة الثانية) و هى ان يقول: بعتك على ان يكون لى الخيار (ثلاثة ايام).

(و يحتمل حمل) الصورة (الثالثة عليها) فاذا قالها كانت مدة الخيار

ص: 319

و عن الانتصار و الغنية و الجواهر الاجماع عليه.

و فى محكى الخلاف وجود اخبار الفرقة به.

و لا شك ان هذه الحكاية بمنزلة ارسال اخبار فيكفى فى انجبارها الاجماعات المنقولة.

و لذا مال إليه فى محكى الدروس.

لكن العلامة فى التذكرة لم يحك هذا القول الا عن الشيخ قدس سره و اوله بإرادة خيار الحيوان.

______________________________

ثلاثة ايام.

(و عن الانتصار و الغنية و الجواهر الاجماع عليه) اى على انه اذا اطلق، حمل على ثلاثة ايام.

(و فى محكى الخلاف وجود اخبار الفرقة به) اى بكون المطلق يحمل على ثلاثة ايام.

(و لا شك ان هذه الحكاية) من الشيخ (بمنزلة ارسال اخبار) فيدل ان هناك اخبارا مرسلة (فيكفى فى انجبارها) سندا (الاجماعات المنقولة) التى نقلناها عن الثلاثة.

(و لذا مال إليه فى محكى الدروس) و قال: بانه اذا اطلق المدة حمل على ثلاثة ايام.

(لكن العلامة فى التذكرة لم يحك هذا القول) اى القول بحمل المدة المطلقة على ثلاثة ايام (الا عن الشيخ قدس سره) فقط (و اوله بإرادة خيار الحيوان) لا خيار الشرط الّذي هو محل الكلام.

ص: 320

و عن العلامة الطباطبائى فى مصابيحه الجزم به.

و قواه بعض المعاصرين منتصرا لهم بما فى مفتاح الكرامة، من انه ليس فى الادلة ما يخالفه.

اذ الغرر مندفع بتحديد الشرع، و ان لم يعلم به المتعاقدان كخيار الحيوان الّذي لا اشكال فى صحة العقد مع الجهل به، او بمدته.

و زاد فى مفتاح الكرامة التعليل بان الجهل يئول الى العلم الحاصل

______________________________

(و عن العلامة الطباطبائى) السيد بحر العلوم (فى مصابيحه الجزم به) اى بان المطلق يحمل على ثلاثة ايام.

(و قواه بعض المعاصرين) و هو صاحب الجواهر (منتصرا لهم) اى لمن قال بان المطلق يحمل على ثلاثة ايام (بما فى مفتاح الكرامة، من انه ليس فى الادلة ما يخالفه) حتى يقال: بان المطلق لا يحمل على ثلاثة ايام.

(اذ) الاشكال فيه، بانه غرر، غير وارد، فان (الغرر مندفع بتحديد الشرع) له بثلاثة ايام (و ان لم يعلم به المتعاقدان) فان علم المتعاقدين ليس بشرط بعد تحديد الشرع، فحال خيار الشرط (كخيار الحيوان) المقرر شرعا فى بيع الحيوان (الّذي لا اشكال فى صحة العقد مع الجهل به) اى باصل خيار الحيوان (او بمدته) اى الجهل بان مدته ثلاثة ايام.

(و زاد فى مفتاح الكرامة) فى وجه تصحيح كون المطلق مدته ثلاثة ايام (التعليل بان الجهل) بالمدة (يئول الى العلم الحاصل) ذلك

ص: 321

من الشرع.

و فيه ما تقدم فى مسألة تعذر التسليم من ان بيع الغرر موضوع عرفى حكم فيه الشارع بالفساد.

و التحديد بالثلاثة تعبد شرعى لم يقصده المتعاقدان.

فان ثبت بالدليل كان مخصصا لعموم نفى الغرر و كان التحديد تعبديا نظير التحديد الوارد فى بعض الوصايا المبهمة.

______________________________

العلم (من الشرع) حيث عين الشرع ثلاثة ايام.

(و فيه) اى فى الاستدلال الّذي ذكره بعض المعاصرين و زاده فى مفتاح الكرامة (ما تقدم فى مسألة تعذر التسليم من ان بيع الغرر موضوع عرفى) كسائر المواضيع العرفية المحكومة من قبل الشارع (حكم فيه الشارع بالفساد) لورود روايتين، احداهما نهى النبي صلى الله عليه و آله و سلم عن بيع الغرر، و الاخرى نهى النبي صلى الله عليه و آله و سلم عن الغرر.

________________________________________

شيرازى، سيد محمد حسينى، إيصال الطالب إلى المكاسب، 16 جلد، منشورات اعلمى، تهران - ايران، اول، ه ق

إيصال الطالب إلى المكاسب؛ ج 11، ص: 322

(و) ان قلت: تحديده بثلاثة ايام شرعا كاف فى رفع الغرر.

قلت: (التحديد بالثلاثة تعبد شرعى لم يقصده المتعاقدان) فلا يصح من جهة القصد، و لا يرفع غرره فى نفسه.

(فان ثبت) التحديد بالثلاثة (بالدليل) الخاص (كان) ذلك الدليل (مخصصا لعموم نفى الغرر) فيكون غررا قد اجازه الشارع (و كان التحديد) امرا (تعبديا) لا امرا قصده المتعاقدان، فيكون (نظير التحديد الوارد فى بعض الوصايا المبهمة) كما اذا اوصى ان يعطوا

ص: 322

او يكون حكما شرعيا ثبت فى موضوع خاص، و هو اهمال مدة الخيار.

و الحاصل: ان الدعوى فى تخصيص ادلة نفى الغرر لا فى تخصصها و الانصاف ان ما ذكرنا من حكاية الاخبار و نقل الاجماع

______________________________

مالا كثيرا حيث عين فى الرواية بثمانين تمسكا بقوله تعالى: لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّٰهُ فِي مَوٰاطِنَ كَثِيرَةٍ (او يكون) اصل الخيار و مدته كلاهما (حكما شرعيا ثبت فى موضوع خاص، و هو) اى الموضوع الخاص (اهمال مدة الخيار) و قوله «او» عطف على «كان التحديد».

و الحاصل: اذا قال البائع «بعتك بشرط الخيار» اما شرط الخيار يتحقق بقصد البائع، و مدته تتحقق بحكم الشرع، و عليه يكون التحديد تعبدا، و اما شرط الخيار و مدته كلاهما يتحققان بحكم الشرع، اذ شرط البائع باطل حيث لم يذكر المدة، فاصل الشرط أيضا: كقدر المدة يحتاج الى حكم الشارع، و عليه يكون كل من اصل الشرط و مدته تعبدا شرعا.

(و الحاصل: ان) هذا الشرط غررى قطعا، فلا يصح كلام الجواهر و مفتاح الكرامة، حيث ارادا جعل الشرط غير غررى.

فاللازم اثبات (الدعوى فى تخصيص ادلة نفى الغرر) و ذلك باثبات ورود النص بصحة مثل هذا الغرر (لا فى تخصصها) بان يقال: انه ليس بغرر اصلا، كما اراده المفتاح و الجواهر.

(و الانصاف) انه لم يقم دليل من الاخبار على صحة مثل هذا الخيار المجهول المدة، ل (ان ما ذكرنا من حكاية الاخبار و نقل الاجماع

ص: 323

لا ينهض لتخصيص: قاعدة الغرر، لان الظاهر بقرينة عدم تعرض الشيخ لذكر شي ء من هذه الاخبار فى كتابيه الموضوعين لايداع الاخبار، انه عول فى هذه الدعوى على اجتهاده فى دلالة الاخبار الواردة فى شرط الحيوان.

و لا ريب ان الاجماعات المحكية انما تجبر قصور السند المرسل المتضح دلالته او القاصر دلالته لا المرسل المجهول العين المحتمل لعدم الدلالة

______________________________

لا ينهض لتخصيص: قاعدة الغرر).

اما عدم نهوض الاخبار التى ارسلها الشيخ، ف (لان الظاهر بقرينة عدم تعرض الشيخ لذكر شي ء من هذه الاخبار) التى ارسلها فى كتابه: الخلاف، و (فى كتابيه) التهذيب و الاستبصار (الموضوعين لايداع الاخبار، انه) «انه» متعلق ب «الظاهر» (عول فى هذه الدعوى) اى دعوى وجود الاخبار (على اجتهاده) الشخصى (فى دلالة الاخبار الواردة فى شرط الحيوان) اى خياره.

(و) بهذا اسقط حجية الاجماعات أيضا.

اذ: (لا ريب ان الاجماعات المحكية انما تجبر قصور السند المرسل المتضح دلالته) بان يكون سند المرسل ضعيفا، و لكن دلالته واضحة، فالاجماع يجبر السند (او القاصر دلالته) فالاجماع يتم الدلالة، اذ لو فهم الفقهاء من خبر معنى يكون فهمه قرينة على ان معنى هذا الخبر هو كما فهموه (لا) ان الاجماع يجبر (المرسل المجهول العين) الّذي لا نعرف عين المرسل بألفاظه (المحتمل لعدم الدلالة

ص: 324

رأسا فالتعويل حينئذ على نفس الجابر و لا حاجة الى ضمّ المنجبر، اذ نعلم اجمالا ان المجمعين اعتمدوا على دلالات اجتهادية استنبطوها من الاخبار.

و لا ريب ان المستند غالبا فى اجماعات القاضى و ابن زهرة اجماع السيد فى الانتصار.

______________________________

رأسا) كما فى المقام، حيث يحتمل ان الشيخ فهم من خيار الحيوان مسألتنا هنا.

و من المعلوم ان اخبار الحيوان لا دلالة لها على مسألتنا اصلا و اذ: سقط المرسل (فالتعويل) و الاعتماد فى مسألتنا (حينئذ) اى حين ناقشنا فى المرسل سندا و دلالة (على نفس الجابر) اى يكون مستند المسألة الاجماع فقط (و لا حاجة الى ضمّ المنجبر) اى المرسل- بعد سقوط المرسل على ما عرفت-.

و انما لا حاجة (اذ نعلم اجمالا) اى علما عاديا فى الجملة- من القرينة التى ذكرناها- (ان المجمعين) فى مسألتنا (اعتمدوا على دلالات اجتهادية استنبطوها من الاخبار) و كانهم رأوا وحدة الملاك بين خيار الحيوان و بين الخيار فى ما اذا ذكرت المدة مطلقا، فتعدّوا من اخبار الحيوان الى هذه المسألة، و لا شك فى ضعف هذا المناط.

(و لا ريب ان المستند غالبا فى اجماعات القاضى و ابن زهرة اجماع السيد فى الانتصار) فلا يمكن الاعتماد عليه، اذ هو اجماع منقول ضعيف غاية الضعف.

ص: 325

نعم قد روى فى كتب العامة ان حنان بن منقذ كان يخدع فى البيع لشجّة اصابته فى رأسه فقال له النبي صلى الله عليه و آله: اذا بعت فقل: لا خلابة، و جعل له الخيار ثلاثا.

و فى رواية و لك الخيار ثلاثا، و الخلابة: الخديعة.

و فى دلالته فضلا عن سنده ما لا يخفى.

و جبرها بالاجماعات كما ترى.

______________________________

(نعم قد روى فى كتب العامة ان حنان بن منقذ كان يخدع) على صيغة المفعول (فى البيع لشجّة اصابته فى رأسه) فضعف بذلك عقله (فقال له النبي صلى الله عليه و آله: اذا بعت) شيئا (فقل: لا خلابة و جعل) صلى الله عليه و آله (له الخيار ثلاثا).

(و فى رواية) اخرى (و لك الخيار ثلاثا، و الخلابة: الخديعة) فكانه بقوله هذا «لا خلابة» يجعل لنفسه الخيار ثلاثة ايام.

و لا يقال: ان له خيار الغش، او الغبن، او العيب فلا حاجة الى هذا الخيار الثلاثة.

لانه يقال: من الممكن ان يكون ما اشتراه صحيحا و بالقيمة العادلة لكنه لا يحتاج إليه و انما سيق الى شرائه، او بيعه، لاجل الشجة، و لعدم انضباط حواسه، و ان لم يكن بمنزلة السفيه او المجنون، حتى تبطل معاملاته.

(و فى دلالته) لانه فى مورد خاص (فضلا عن سنده) العامى (ما لا يخفى)

(و) احتمال (جبرها) اى رواية حنان (بالاجماعات) المتقدمة (كما ترى)

ص: 326

اذ التعويل عليها مع ذهاب المتأخرين الى خلافها فى الخروج عن قاعدة الغرر مشكل بل غير صحيح.

فالقول بالبطلان لا يخلو من قوة.

ثم انه ربما يقال: ببطلان الشرط دون العقد و لعله مبنى على ان فساد الشرط لا يوجب فساد العقد

______________________________

غير صحيح.

(اذ التعويل عليها) اى على الاجماعات (مع ذهاب المتأخرين الى خلافها) لانهم افتوا بأن لا خيار، اما لبطلان العقد لان الشرط الفاسد مفسد، او لبطلان الشرط اذا لم نقل بافساد الشرط الفاسد للعقد (فى الخروج عن قاعدة الغرر) «فى» متعلق ب «التعويل» (مشكل) لان القاعدة قوية و المخرج ضعيف (بل غير صحيح) اطلاقا.

(فالقول بالبطلان) للشرط فقط او للعقد فيبطل الشرط (لا يخلو من قوة).

و ان كان ربما يقال: ان مراسيل الشيخ حجة.

اما من جهة الدلالة فلانه افتى ثم قال به روايات فمضمون فتواه روايات و احتمال انه استنبط ذلك من روايات خيار الحيوان خلاف الظاهر و لا تلازم بين وجود الروايات و بين ذكرها فى التهذيب و الاستبصار.

و اما من جهة السند فللانجبار و القول بالخيار لا يخلو من وجه.

(ثم انه ربما يقال: ببطلان الشرط دون العقد و لعله مبنى على ان فساد الشرط لا يوجب فساد العقد) لعدم دليل على التلازم بين

ص: 327

و فيه ان هذا على القول به فى ما اذا لم يوجب الشرط فسادا فى اصل البيع كما فى ما نحن فيه حيث ان جهالة الشرط يوجب كون البيع غرريا و الا فالمتجه فساد البيع و لو لم نقل بسراية الفساد من الشرط الى المشروط، و سيجي ء تمام الكلام فى مسئلة الشروط.

______________________________

الفسادين بل العقد مشمول لدليل: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ، و غيره من ادلة لزوم العقود و صحتها (و فيه ان هذا) اى فساد الشرط دون العقد (على القول به) انما هو (فى ما اذا لم يوجب) فساد (الشرط فسادا فى اصل البيع كما فى ما نحن فيه).

فان فساد الشرط يسرى الى البيع (حيث ان جهالة الشرط يوجب كون البيع غرريا) و اذا صار البيع غرريا بطل، سواء كان سبب الغرر الشرط او غيره (و الا) نقل بهذا القول، و هو ان فساد الشرط لا يوجب فساد المشروط (فالمتجه فساد البيع) اذا فسد شرطه (و لو لم نقل بسراية الفساد من الشرط الى المشروط).

لكن لا يبعد عدم البطلان فى المقام على القول بعدم السراية (و سيجي ء تمام الكلام فى مسئلة الشروط) ان شاء الله تعالى.

ص: 328

مسئلة مبدأ هذا الخيار من حين العقد،

لانه المتبادر من الاطلاق.

و لو كان زمان الخيار منفصلا كان مبدئه اوّل جزء من ذلك الزمان.

فلو شرط خيار الغد، كان مبدئه من طلوع فجر الغد

______________________________

(مسألة: مبدأ هذا الخيار) اى خيار الشرط (من حين العقد) فبانقضاء الايجاب، و القبول يبدأ زمان خيار الشرط (لانه) اى كونه من حين العقد (المتبادر من الاطلاق) اى اطلاق قول البائع و المشترى، باشتراط الخيار اسبوعا مثلا.

و لا يخفى ان اطلاق قولهما انما يؤخذ به اذا لم يقصد الا ما يستفاد من اللفظ، و الّا فالمتبع قصدهما.

(و لو كان) اى جعلا (زمان الخيار منفصلا) عن العقد (كان مبدئه اوّل جزء من ذلك الزمان) حسب الانصراف العرفى.

(فلو شرط خيار الغد، كان مبدئه من طلوع فجر الغد) لان طلوع الفجر اوّل الغد.

اما اذا كان اللفظ مجملا، فاللازم الرجوع الى قصدهما، كما اذا جعلا الخيار من اوّل نهار الغد، اذ: النهار مجمل، بين طلوع الفجر و طلوع الشمس.

و لو لم يقصدا الّا ظاهر اللفظ و فرض اجمال اللفظ، فمن المحتمل ان يكون زمان الخيار اقل الامرين، فيكون فى المثال من طلوع الشمس

ص: 329

فيجوز جعل مبدئه من انقضاء خيار الحيوان بناء على ان مبدئه من حين العقد.

و لو جعل مبدئه من حين التفرق، بطل لادائه الى جهالة مدة الخيار.

و عن الشيخ و الحلى: ان مبدئه من حين التفرق.

و قد تقدم عن الشيخ وجهه مع عدم تماميته.

______________________________

(فيجوز جعل مبدئه) اى مبدأ خيار الشرط، و الفاء تفريع على انه يجوز جعل مبدأ خيار الشرط منفصلا (من انقضاء خيار الحيوان).

لكن هذا (بناء على ان مبدئه) اى مبدأ خيار الحيوان (من حين العقد) فمن حين العقد الى ثلاثة ايام خيار الحيوان، و بعده خيار الشرط.

(و لو جعل مبدئه) اى مبدأ خيار الحيوان (من حين التفرق بطل) خيار الشرط (لادائه الى جهالة مدة الخيار) اذا كان حين التفرق مجهولا، جهالة توجب الغرر.

و وجه البطلان: انه لا يعلم من اين يبدأ خيار الحيوان، فلا يعلم ابتداء خيار الشرط.

(و عن الشيخ و الحلى: ان مبدئه) اى مبدأ خيار الشرط (من حين التفرق) لئلا يجتمع خيار الشرط مع خيار المجلس.

(و قد تقدم عن الشيخ وجهه مع عدم تماميته) فيمكن الجمع بينهما و المجلس، فينقضى بانقضاء المجلس.

ص: 330

نعم يمكن ان يقال هنا: ان المتبادر من جعل الخيار جعله فى زمان لو لا الخيار لزم العقد، كما اشار إليه فى السرائر.

لكن لو تم هذا لاقتضى كونه فى الحيوان من حين انقضاء الثلاثة.

مع ان هذا انما يتم مع العلم بثبوت خيار المجلس.

و الا فمع الجهل به لا يقصد

______________________________

اما خيار الشرط فانقضاؤه حسب ما قررا.

(نعم يمكن ان يقال هنا) اى فى باب خيار الشرط ان خيار الشرط بعد خيار المجلس، لا لاجل ما ذكره الشيخ، بل ل (ان المتبادر من جعل) المتعاقدين (الخيار جعله فى زمان لو لا الخيار لزم العقد، كما اشار إليه فى السرائر).

و ذلك لان علة جعلهما الخيار امكان الفسخ فلا حكمة لهما فى جعله فى حال خيار المجلس.

و عليه يكون خيار الشرط بعد انقضاء خيار المجلس.

(لكن لو تم هذا) الوجه (لاقتضى كونه) اى كون خيار الشرط (فى) بيع (الحيوان من حين انقضاء الثلاثة) لان العلة المذكورة موجودة فى خيار الحيوان أيضا حيث انهما لم يذكراه فى خيار الحيوان.

(مع ان هذا) و هو كون خيار الشرط بعد خيار المجلس (انما يتم مع العلم) من المتعاقدين (بثبوت خيار المجلس) لان علة ما ذكر، انما هى فى مورد العلم.

(و الا فمع الجهل به) اى اذا جهلا ان لهما خيار المجلس (لا يقصد)

ص: 331

الا الجعل من حين العقد بل الحكم بثبوته من حين التفرق حكم على المتعاقدين بخلاف قصدهما.

______________________________

المتعاقدان (الا الجعل) لخيار الشرط (من حين العقد) و قصدهما فى الجعل هو المتبع (بل الحكم بثبوته) اى ثبوت خيار الشرط (من حين التفرق) مطلقا سواء علما بخيار المجلس، أم لم يعلما به (حكم على المتعاقدين بخلاف قصدهما) مع العلم: ان العقود تتبع القصود.

فتحصل انه ان علما بخيار المجلس، و قصد وضع خيار الشرط فى زمان لا خيار لهما شرعا، كان مبدأ خيار الشرط من حين انقضاء المجلس و الا كان مبدئه من حين العقد.

ص: 332

مسئلة يصحّ جعل الخيار لأجنبي

قال فى التذكرة: لو باع العبد و شرط الخيار للعبد، صح البيع و الشرط عندنا معا و حكى عنه الاجماع فى الاجنبى، قال: لان العبد بمنزلة الاجنبى.

و لو جعل الخيار لمتعدد كان كل منهم ذا خيار.

فان

______________________________

(مسألة: يصحّ جعل الخيار) اى خيار الشرط (لاجنبى) عن العقد

(قال فى التذكرة: لو باع العبد و شرط الخيار للعبد، صح البيع) لاطلاق: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ، و: أَحَلَّ اللّٰهُ الْبَيْعَ، (و) صح (الشرط) لاطلاق المؤمنون عند شروطهم (عندنا معا، و حكى عنه) اى عن العلامة (الاجماع فى) صحة جعل الخيار ل (الاجنبى).

ثم (قال): انما نقول بصحة جعل الخيار للعبد الّذي باعه (لان العبد بمنزلة الاجنبى) الحرّ، لانه فرد من افراد الاجنبى، فكلما ثبت فى مطلق الاجنبى، يثبت فى العبد.

(و لو جعل الخيار) اى خيار الشرط (لمتعدد كان كل منهم ذا خيار) لان اطلاق دليل: المؤمنون عند شروطهم، يشمل كل أولئك المتعدد.

(فان) اتفق المتعدد فى الفسخ او الاجازة، فلا اشكال فى الاخذ برأيهم.

ص: 333

اختلفوا فى الفسخ و الاجازة قدم الفاسخ، لان مرجع الاجازة الى اسقاط خيار المجيز خاصة بخلاف ما لو وكل جماعة فى الخيار، فان النافذ هو تصرف السابق لفوات محل الوكالة بعد ذلك.

و عن الوسيلة: انه اذا كان الخيار لهما و اجتمعا على فسخ او امضاء نفذ

و ان لم يجتمعا

______________________________

و ان (اختلفوا فى الفسخ و الاجازة) ففسخ احدهم و اجاز الآخر (قدم الفاسخ، لان مرجع الاجازة الى اسقاط خيار المجيز خاصة).

كما انه اذا جعل خيار الشرط للمتعاقدين فاجاز احدهما، و فسخ الآخر، قدم الفاسخ على المجيز لنفس العلة المذكورة.

(بخلاف ما لو وكل) من له الخيار (جماعة فى الخيار، فان النافذ) من الفسخ و الاجازة (هو تصرف السابق) منهما (لفوات محل الوكالة بعد ذلك) اذ خيار واحد لكل منهم على سبيل البدل.

فاذا نفذه احدهم فسخا، او اجازة، لم يبق محلّ للشخص الآخر بل سقط الخيار بفعل الشخصى الاول، اما من جهة بطلان العقد، اذا كان الاول فاسخا، و اما من جهة لزوم العقد اذا كان الاول مجيزا.

(و عن الوسيلة: انه اذا كان الخيار لهما) اى جعلا لنفسهما خيارا واحدا فقط، لا ان يكون لكل واحد منهما خيار، فلا يكون لهما خياران (و اجتمعا على فسخ او امضاء نفذ) لان فسخهما معا اخذ بالخيار، و اجازتهما معا اخذ بالخيار أيضا.

(و ان لم يجتمعا) كلاهما على الفسخ او الامضاء، بل فسخ احدهما

ص: 334

بطل.

و ان كان لغيرهما، و رضى، نفذ البيع و ان لم يرض كان المبتاع بالخيار بين الفسخ و الامضاء، انتهى.

و فى الدروس يجوز اشتراطه لا جنبى منفردا و لا اعتراض عليه و معهما او مع احدهما

______________________________

و اجاز الآخر، او فسخ احدهما او اجاز، و سكت الآخر (بطل) ما فعله كلاهما، او احدهما، اى لم يقع فسخ و لا اجازة، لان العمل كان لكليهما معا، فلا يقع العمل من احدهما.

(و ان كان) خيار الشرط (لغيرهما) اى الاجنبى عن المعاملة (و رضى) بالبيع (نفذ البيع) لان معنى: رضاه، اسقاط الخيار.

(و ان لم يرض) بالبيع، لكنه لم يفسخ (كان المبتاع) للحيوان- اى المشترى- (بالخيار بين الفسخ و الامضاء، انتهى) لان خيار الشرط متعلق بالاجنبى اما خيار الحيوان فهو متعلق بالمشترى.

و هذا غاية ما يقال فى هذه العبارة، و هى غير مستقيمة كما لا يخفى.

(و) قال (فى الدروس يجوز اشتراطه لاجنبى) عن البائعين (منفردا) اى ان يكون خيار الشرط للاجنبى فقط (و لا اعتراض عليه) فى الفسخ او الاجازة، لان الخيار له، فله ان يفعل ما يشاء.

(و) يجوز جعل الخيار للاجنبى (معهما) فالخيار لثلاثة (او مع احدهما) الاجنبى واحد المتبايعين.

ص: 335

و لو خولف امكن اعتبار فعله، و الا لم يكن لذكره فائدة، انتهى.

اقول: و لو لم يمض فسخ الاجنبى مع اجازته و المفروض عدم مضى اجازته مع فسخه لم يكن لذكر الاجنبى فائدة.

______________________________

(و) حينئذ بان كان الخيار لهما معه، او لاحدهما معه ف (لو خولف) الاجنبى بان اراد الاجنبى الفسخ و اراد احدهما الاجازة او العكس (امكن اعتبار فعله) اى فعل الاجنبى، فيلغو فعل احد المتبايعين فسخا او اجازة (و الا) يعتبر فعل الاجنبى (لم يكن لذكره) و جعل الخيار له (فائدة)

مع وضوح ان جعل الخيار للاجنبى لا بد له من اثر (انتهى) كلام الدروس.

(اقول) يريد الدروس بقوله: (و) لو خولف ... الخ انه (لو لم يمض فسخ الاجنبى مع اجازته) اى اجازة المالك (و المفروض عدم مضى اجازته) اى اجازة الاجنبى (مع فسخه) اى مع فسخ المالك، لان المالك اذا فسخ انفسخ العقد سواء اجاز الاجنبى، أم لا.

اذ: الفسخ مقدم على الاجازة، فيما اذا كان لكل منهما خيار مستقل حسب الشرط (لم يكن لذكر) الشرط ل (الاجنبى فائدة) فلا فسخه، و لا اجازته تنفعان.

و حيث ان للشرط للاجنبى فائدة قطعا، و لم تكن الفائدة فى اجازة الاجنبى مع فسخ المالك لا بد و ان تكون الفائدة فى فسخ الاجنبى مع اجازة المالك.

ص: 336

ثم انه ذكر غير واحد ان الاجنبى يراعى المصلحة للجاعل.

و لعله لتبادره من الاطلاق.

و الا فمقتضى التحكيم نفوذ حكمه على الجاعل من دون ملاحظة مصلحة.

______________________________

(ثم انه ذكر غير واحد ان الاجنبى يراعى المصلحة للجاعل) اى لمن جعل الخيار له.

فان كانت مصلحة الجاعل الفسخ، فسخ الاجنبى العقد.

و ان كانت مصلحة الجاعل الاجازة اجاز.

و معنى مراعات المصلحة انه لو عمل الاجنبى على خلاف مصلحة الجاعل لم ينفذ عمله.

مثلا: كانت مصلحة الجاعل الاجازة ففسخ، فانه لا ينفذ فسخه لانه ليس مفوضا إليه الا المصلحة.

نعم اذا كانت المصلحة فى الفسخ، فلم يفسخ لم يترتب عليه الفسخ كما هو واضح.

(و) كيف كان فلزوم مراعاته للمصلحة (لعله لتبادره) اى تبادر العمل بالصلاح (من الاطلاق) اى من اطلاق جعل الشرط له فى قبال ان يقول له: لك الخيار مطلقا «مصلحة كان الاخذ بالخيار أم لا».

(و الا) يكن التبادر عرفا (فمقتضى التحكيم) اى جعل الشرط للاجنبى فانه يقتضي جعل الحكم بالفسخ و الامضاء فى يده (نفوذ حكمه) اى حكم الاجنبى (على الجاعل من دون ملاحظة مصلحة) الجاعل.

ص: 337

فتعليل وجوب مراعات الاصلح بكونه امينا لا يخلو عن نظر.

ثم انه ربما يتخيل ان اشتراط الخيار للاجنبى مخالف للمشروع نظرا الى ان الثابت فى الشرع صحة الفسخ بالتفاسخ او بدخول الخيار بالاصل كخيارى المجلس و الشرط او بالعارض كخيار الفسخ برد الثمن

______________________________

و منه يعلم ان وجه مراعاته للمصلحة «لتبادر» (فتعليل وجوب مراعات) الاجنبى (الاصلح بكونه امينا) «بكونه» متعلق «بالاصلح» (لا يخلو عن نظر).

اذ اى ربط بين كونه امينا و بين عدم نفوذ عمله اذا لم يفعل الاصلح

(ثم انه ربما يتخيل ان اشتراط الخيار للاجنبى مخالف للمشروع) فلا يصح هذا الجعل، لان الشرط اذا كان مخالفا للشرع، كان باطلا، كما تقدم (نظرا الى ان الثابت فى الشرع صحة الفسخ بالتفاسخ) اى بالتقايل بان يرضى كل واحد من المتعاقدين باسترداد ما اعطى و اعطاء ما أخذ (او بدخول الخيار بالاصل كخيارى المجلس و الشرط) فان خيار المجلس داخل فى العقد شرعا، و خيار الشرط داخل فى العقد جعلا منهما.

و على كلا التقديرين فالخيار داخل «بالاصل» فقوله: بالاصل، متعلق «بالفسخ» و عطف على «بالتفاسخ» (او بالعارض) اى ان الخيار ليس داخلا فى العقد ابتداء، بل يكون له الخيار اذا عمل عملا (كخيار الفسخ بردّ الثمن) كان يشترط انه اذا ردّ الثمن كان له خيار الفسخ، و

ص: 338

لنفس المتعاقدين.

و هو ضعيف، لمنع اعتبار كون الفسخ من احد المتعاقدين شرعا و لا عقلا بل المعتبر فيه تعلق حق الفاسخ بالعقد، او بالعين و ان كان اجنبيا.

فحينئذ، يجوز للمتبايعين اشتراط حق للاجنبى فى العقد.

______________________________

هذا ما يسمى ببيع الشرط (لنفس المتعاقدين) «لنفس» متعلق ب «صحة» اى ان الشارع جعل الفسخ لنفس المتعاقدين، فلا خيار للاجنبى لا اصلا و لا شرطا.

(و هو) اى التحميل (ضعيف، لمنع اعتبار كون الفسخ) لا بد و ان يكون (من احد المتعاقدين) اذ لا دليل على ذلك، لا (شرعا و لا عقلا).

اذ لا دليل من الشرع او العقل على ذلك بل اطلاق ادلة الشرط يدل على امكان جعل الشرط للاجنبى، كما ان العقل لا يرى مانعا عن ذلك، و العقلاء يفعلونه فى عقودهم (بل المعتبر فيه) اى فى الفسخ (تعلق حق الفاسخ بالعقد) بان يملك ابطاله و ان لم يكن له حق فى العين و ان انفسخ العقد (او بالعين) بان كان له حق فى العين، بحيث اذا بطل العقد كان له العين (و ان كان اجنبيا) كما لو جعل خيار الشرط للمالك.

(فحينئذ) اى حين كان من الممكن له حق فى الفسخ، و ان لم يكن له حق فى العين (يجوز للمتبايعين اشتراط حق) الفسخ و الامضاء (للاجنبى فى العقد) و ان لم يكن له حق فى العين.

ص: 339

و سيجي ء نظيره فى إرث الزوجة للخيار مع عدم ارثها من العين.

______________________________

(و سيجي ء نظيره) اى ما كان له حق فى العقد، دون ان يكون له حق فى العين (فى إرث الزوجة للخيار مع عدم ارثها من العين).

فاذا باع الزوج ارضا بخيار فمات و كانت له زوجة ورثت الزوجة الخيار مع انها لو فسخت المعاملة لم ترث الارض، لان الزوجة لا ترث من الارض و سيأتى تفصيل الكلام فيه.

و كذا لو باع الأب الحبوة بخيار، فان الاولاد لهم الحق فى الفسخ مع ان الوارث لها الولد الاكبر الى غيرهما من الامثلة.

ص: 340

مسئلة يجوز لهما اشتراط الاستيمار

بان يستأمر المشروط عليه الاجنبى فى امر العقد، فيأتمر بامره، او بان يأتمره اذا امره ابتداء.

و على الاول فان فسخ المشروط عليه من دون استيمار لم ينفذ.

______________________________

(مسألة: يجوز لهما) اى البائع و المشترى (اشتراط الاستيمار) سواء جعل الشرط لهما او لاحدهما (بان يستأمر المشروط عليه الاجنبى) فشرط البائع على المشترى ان يستأمر فلانا الاجنبى (فى امر العقد) فلاحق للمشترى ان يفسخ بدون طلب امر المشترى، بل اللازم على المشترى ان يطلب من الاجنبى هل يفسخ، أم لا؟

(فيأتمر) المشترى (بامره) اى بامر الاجنبى فيما قال له من الفسخ او الامضاء (او) عطف على «بان يستأمر» (بان يأتمره) اى ان المشترى يقبل امر الاجنبى (اذا امره) اى امر الاجنبى المشترى (ابتداء) بدون ان يطلب المشترى امر الاجنبى.

مثال الاول: يقول زيد البائع لمحمد المشترى لك الخيار على شرط ان تستشير عليا، فاذا قال لك: افسخ، فلك الفسخ.

و مثال الثانى: ان يقول زيد لمحمد لك الخيار، على شرط ان يقول لك عليّ «ابتداء بدون ان تستشيره» افسخ.

(و على الاول) اشتراط الاستيمار (فان فسخ المشروط عليه) الاستيمار (من دون استيمار) اى دون استشارة من الاجنبى (لم ينفذ) لفرض انه

ص: 341

و لو استأمره فان امره بالاجازة لم يكن له الفسخ قطعا، اذ الغرض من الشرط ليس مجرد الاستيمار، بل الالتزام بامره مع انه لو كان الغرض مجرد ذلك لم يوجب ذلك أيضا ملك الفسخ.

و ان امره بالفسخ لم يجب عليه الفسخ بل غاية الامر ملك الفسخ حينئذ

اذ لا معنى لوجوب الفسخ عليه.

امّا مع عدم رضاء الآخر بالفسخ، فواضح اذ المفروض ان الثالث لا سلطنة له على الفسخ

______________________________

كان له الخيار بعد الاستيمار (و لو استأمره) بان طلب استشارة الاجنبى (فان امره بالاجازة لم يكن له الفسخ قطعا، اذ) العرف يرى من هذا الشرط ان (الغرض من الشرط ليس مجرد الاستيمار) و مجرد الاستشارة (بل الالتزام بامره) اى بامر الاجنبى (مع انه لو كان الغرض مجرد ذلك) الاستيمار و الاستشارة (لم يوجب ذلك) الاستيمار بدون ترتيب الأثر على امره و لم يوجب ذلك الاستيمار «و امره بالاجازة» (أيضا ملك الفسخ) اذ لم يكن اثر لامره- حسب الفرض- فباى وجه يفسخ بعد الاستيمار؟

(و ان امره بالفسخ لم يجب عليه الفسخ) عطف على «فان امره بالاجازة» (بل غاية الامر) عند امره بالفسخ (ملك الفسخ حينئذ) فان شاء فسخ، و ان شاء لم يفسخ، و لا يجب عليه الفسخ.

(اذ لا معنى لوجوب الفسخ عليه) سواء رضى الآخر بالفسخ أم لا؟

(اما مع عدم رضاء الآخر بالفسخ فواضح) انه لا يجب عليه الفسخ (اذ المفروض ان الثالث) الاجنبى (لا سلطنة له على الفسخ) لانه لم يجعل

ص: 342

و المتعاقدان لا يريد انه.

و اما مع طلب الآخر للفسخ، فلان وجوب الفسخ حينئذ على المستأمر بالكسر- راجع الى حق لصاحبه عليه.

فان اقتضى اشتراط الاستيمار ذلك الحق على صاحبه عرفا فمعناه سلطنة صاحبه على الفسخ، فيرجع اشتراط الاستيمار الى

______________________________

له سلطة الفسخ، لا شرعا و لا بجعل المتعاقدين (و المتعاقدان) اللذان لهما الفسخ (لا يريد انه) و لا دليل على انه يلزم على احدهما الفسخ، لزوما شرعيا او لزوما جعليا.

(و اما مع طلب الآخر) طرف البيع (للفسخ، ف) شرط البائع على المشترى- مثلا- استيمار الاجنبى لا يجعل للبائع حق الفسخ لنفس البائع، لان المفروض ان الفسخ حق للمشترى فقط، لا انه حق لهما، و انما يجعل حقا للمشترى «فى ان يفسخ أو لا يفسخ» و المفروض ان المشترى لا يفسخ (لان وجوب الفسخ حينئذ) اى حين امره الاجنبى بالفسخ (على المستأمر- بالكسر-) كالمشترى فى مثالنا (راجع الى حق لصاحبه) كالبائع فى مثالنا (عليه) اى على المشترى- فى مثالنا-.

(فان اقتضى اشتراط الاستيمار) من البائع (ذلك الحق) فى وجوب الفسخ (على صاحبه) المشترى (عرفا) بان قال العرف: انه اذا اشترط البائع على المشترى الاستيمار، كان معناه ان للبائع ان بفسخ اذا امر الاجنبى و المشترى بالفسخ (فمعناه سلطنة صاحبه) اى البائع- فى مثالنا- (على الفسخ، فيرجع اشتراط) البائع على المشترى (الاستيمار الى

ص: 343

شرط لكل منهما على صاحبه.

و الحاصل: ان اشتراط الاستيمار من واحد منهما على صاحبه انما يقتضي ملكه للفسخ، اذا اذن له الثالث المستأمر.

و اشتراطه لكل منهما على صاحبه يقتضي ملك كل واحد منهما للفسخ عند الاذن.

و مما ذكرنا يتضح حكم الشق الثانى و هو الايتمار بامره الابتدائى

فانه ان كان شرطا لاحدهما ملك

______________________________

شرط لكل منهما على صاحبه) ان يكون له الفسخ اذا امر الاجنبى بالفسخ

و هذا خلاف الفرض لان المفروض ان للبائع على المشترى ان يفسخ «فالفسخ بيد المشترى وحده» لا ان كلا منهما له حق الفسخ.

(و الحاصل: ان اشتراط الاستيمار من واحد منهما على صاحبه انما يقتضي ملكه) اى ملك الصاحب (للفسخ، اذا اذن له) اى للصاحب (الثالث) الاجنبى (المستأمر)- بالفتح-.

(و اشتراطه) اى اشتراط الاستيمار (لكل منهما على صاحبه يقتضي ملك كل واحد منهما للفسخ عند الاذن) من الاجنبى.

(و مما ذكرنا) قبل «و الحاصل» و الّذي لخصناه فى «و الحاصل» (يتضح حكم الشق الثانى و هو الايتمار) لاحد المتعاقدين (بامره) اى بامر الاجنبى (الابتدائى) بدون استيماره، اذ قلنا فى اوّل المسألة «بان يستأمر أو بأن يأتمره ..».

(فانه ان كان شرطا لاحدهما) البائع او المشترى (ملك) ذلك

ص: 344

الفسخ لو امره به.

و ان كان لكل منهما ملكا كذلك.

ثم من اعتبار مراعات المستأمر للمصلحة و عدمه، وجهان، اوجههما العدم ان لم يستفد الاعتبار من اطلاق العقد بقرينة حالية او مقالية.

______________________________

«الاحد» (الفسخ لو امره) الاجنبى (به) اى بالفسخ.

(و ان كان) شرطا (لكل منهما) على صاحبه (ملكا) كلاهما (كذلك) اى الفسخ لو امره الاجنبى بالفسخ.

(ثم من اعتبار مراعات المستأمر)- بالفسخ- اى الاجنبى (للمصلحة) فى امره بالفسخ او بعدم الفسخ (و عدمه) اى عدم اعتبار المراعات (وجهان، اوجههما العدم) لاطلاق شرط الاستيمار (ان لم يستفد) بصيغة المجهول (الاعتبار) اى اعتبار مراعات المصلحة فى امر المشترى (من اطلاق العقد) بان كان الاطلاق منصرفا الى مراعات المصلحة فى امر الاجنبى (بقرينة حالية او مقالية).

اما اذا كان اطلاق العقد منصرفا، فاللازم ان يكون امر الاجنبى بالفسخ او الامضاء ناشيا عن المصلحة، و الله سبحانه العالم.

ص: 345

مسئلة من افراد خيار الشرط ما يضاف البيع إليه،
اشارة

و يقال له: بيع الخيار و هو جائز عندنا- كما فى التذكرة-، و عن غيرها الاجماع عليه، و هو ان يبيع شيئا و يشترط الخيار لنفسه مدة بان يردّ الثمن فيها و يرتجع المبيع.

و الاصل فيه بعد العمومات المتقدمة فى الشرط النصوص المستفيضة.

منها: موثقة اسحاق بن عمّار، قال: سمعت من يسأل أبا عبد الله عليه السلام يقول و سأله رجل و انا عنده، فقال رجل مسلم احتاج الى بيع

______________________________

(مسألة: من افراد خيار الشرط ما يضاف البيع إليه، و يقال له:

بيع الخيار) و الاضافة لاجل ان فى البيع يجعل الخيار (و هو جائز عندنا- كما فى التذكرة-، و عن غيرها الاجماع عليه، و هو) عبارة عن (ان يبيع شيئا و يشترط الخيار لنفسه مدة) محدودة، كسنة مثلا (بان يردّ الثمن فيها) اى فى تلك المدة (و يرتجع) اى يأخذ (المبيع).

(و الاصل) اى الدليل (فيه) اى فى جواز هذا القسم من الشرط (بعد العمومات المتقدمة فى الشرط) بصورة مطلقة شاملة لهذا الشرط أيضا (النصوص المستفيضة).

(منها: موثقة اسحاق بن عمار، قال: سمعت من يسأل أبا عبد الله عليه السلام يقول و سأله رجل و انا عنده، فقال) ذلك الرجل (رجل مسلم احتاج الى بيع

ص: 346

داره، فمشى الى اخيه، فقال له ابيعك دارى هذه و تكون لك احب الى من ان تكون لغيرك على ان تشترط لى انى اذا جئتك بثمنها الى سنة تردها على، قال لا بأس بهذا ان جاء بثمنها ردها عليه قلت أ رأيت لو كان للدار غلة، لمن تكون الغلة؟ فقال للمشترى، الا ترى انها لو احترقت كانت من ماله.

و رواية معاوية بن ميسرة، قال سمعت أبا الجارود، و يسأل أبا عبد الله عليه السلام عن رجل باع دارا له من رجل، و كان بينه و بين الّذي اشترى منه الدار خلطة فشرط

______________________________

داره، فمشى الى اخيه) المسلم (فقال له ابيعك دارى هذه و تكون) الدار (لك احب الى من ان تكون لغيرك) لكن البيع (على ان تشترط لى انى اذا جئتك بثمنها الى سنة تردها على) هل يصح هذا البيع و هذا الشرط؟ (قال) عليه السلام (لا بأس بهذا) البيع (ان جاء بثمنها) الى المدة المذكورة و (ردها عليه قلت أ رأيت)- اى اخبرنى- (لو كان للدار غلة) و ربح (لمن تكون الغلة؟ فقال) عليه السلام: (للمشترى، الا ترى انها لو احترقت كانت من ماله) فمن عليه الغرم فله الغنم.

و السر واضح، فان الدار صارت ملكا للمشترى، و انما للبائع الحق فى استرجاعها اذا رد الثمن.

(و رواية معاوية بن ميسرة، قال سمعت أبا الجارود، و يسأل أبا عبد الله عليه السلام عن رجل باع دارا له من رجل، و كان بينه) اى بين البائع (و بين الّذي اشترى منه الدار خلطة) و صداقة (فشرط)

ص: 347

انك ان اتيتنى بمالى ما بين ثلاث سنين فالدار دارك فاتاه بماله، قال له: شرطه، قال له ابو الجارود فان هذا الرجل قد اصاب فى هذا المال فى ثلاث سنين قال هو ماله، و قال عليه السلام أ رأيت لو ان الدار احترقت من مال من كانت تكون الدار؟ دار المشترى.

و عن سعيد بن يسار فى الصحيح، قال: قلت: لابى عبد الله عليه السلام انا نخالط اناسا من اهل السواد او غيرهم، فنبيعهم و نربح عليهم

______________________________

البائع لنفع المشترى (انك ان اتيتنى بمالى ما بين) مدة (ثلاث سنين) اى فى هذه المدة (فالدار دارك) ترجع أليك (فاتاه) اى اتى المشترى (بماله) الى البائع «الثمن» (قال) عليه السلام (له) اى للمشترى (شرطه) فعلى البائع ان يأخذ الثمن و يرد الدار (قال له ابو الجارود فان هذا الرجل) البائع (قد اصاب فى هذا المال فى ثلاث سنين) و انتفع به فى تجارة و غيرها (قال) عليه السلام مكررا (هو ماله) اى ان الدار ترجع الى البائع (و قال عليه السلام أ رأيت لو ان الدار احترقت) فى هذه المدة (من مال من كانت تكون الدار؟) ثم اجاب عليه السلام بقوله: (دار المشترى) و كان هذا التأكيد بان الدار للمشترى حتى لا يظن انها عارية فى يد المشترى، او ما اشبه العارية.

(و عن سعيد بن يسار فى الصحيح، قال: قلت: لابى عبد الله عليه السلام انا نخالط اناسا من اهل السواد) السواد العراق سميت بذلك لان اراضيها كانت خضراء بالزرع و الخضرة الشديدة تميل الى السواد- كما لا يخفى- (او غيرهم، فنبيعهم و نربح عليهم

ص: 348

فى العشرة اثنى عشر و ثلاثة عشر و نؤخر ذلك فيما بيننا و بينهم السنة و نحوها، و يكتب لنا رجل منهم على داره او ارضه بذلك المال الّذي فيه الفضل الّذي اخذ منا شراء بانه باع و قبض الثمن منه، فنعده ان جاء هو بالمال الى وقت بيننا، و بينهم ان نرد عليه الشراء فان جاء الوقت و لم يأتنا بالدراهم فهو لنا، فما ترى فى هذا الشراء؟ قال ارى انه لك.

______________________________

فى العشرة اثنى عشر و ثلاثة عشر) فرأس المال عشرة، و الربح اثنان، او ثلاثة (و نؤخر ذلك) اى اعطائهم الثمن لنا (فيما بيننا و بينهم السنة و نحوها) فيكون البيع دينا (و يكتب لنا رجل منهم على داره او ارضه) اى انه يبيع داره او ارضه لنا بمبلغ الثمن، بشرط انه ان جاء بالمال كان له استرداد ارضه و داره اى بيع الشرط.

فالدار و الارض تكون (ب) مقابل (ذلك المال) الّذي نطلبه منه، و (الّذي فيه الفضل) لانا اخذنا منه اثنين او ثلاثة ربحا للمال (الّذي اخذ منا) المتاع (شراء) فى مقابل ذلك المال (بانه) متعلق ب «يكتب» اى يكتب بانه (باع) داره و ارضه (و قبض الثمن منه) اى من المشترى لانه لما كان عنده «الاثنا عشر و الثلاثة عشر» فكانه قبض الثمن (فنعده ان جاء هو بالمال) الّذي اعطى فى مقابله داره او ارضه (الى وقت) محدد كسنة مثلا (بيننا، و بينهم ان نرد عليه) الدار و الارض التى وقع عليها (الشراء) بان اشتريناها منه (فان جاء الوقت) كرأس السنة مثلا (و لم يأتنا بالدراهم فهو) اى المبيع «الدار و الارض» (لنا، فما ترى فى هذا الشراء؟ قال) عليه السلام (ارى انه) الدار و الارض «المبيع» (لك

ص: 349

ان لم يفعله، و ان جاء بالمال الموقت فرد عليه.

و عن ابى الجارود عن ابى جعفر عليه السلام، قال: ان بعت رجلا على شرط، فان اتاك بمالك، و الا فالبيع لك.

اذا عرفت هذا

فتوضيح المسألة يتحقق بالكلام في أمور
الأول: ان اعتبار رد الثمن فى هذا الخيار يتصور على وجوه.

احدها: ان يؤخذ قيدا للخيار على وجه التعليق او

______________________________

ان لم يفعله) بان لم يأت بالثمن فى الوقت المحدّد (و ان جاء بالمال الموقت) إليّ فى المدة الموقتة (فرد) ارضه و داره (عليه) لان له خيار الفسخ.

(و عن ابى الجارود عن ابى جعفر عليه السلام، قال: ان بعت رجلا على شرط) ان له فسخ البيع و ردّ المال، صحّ البيع و الشرط (فان اتاك بمالك) اى المبيع فهو، و يكون البيع مفسوخا (و الا) يأت بالمبيع ليسترد ثمنه (فالبيع لك) لازم.

(اذا عرفت هذا فتوضيح المسألة يتحقق بالكلام فى امور).

الامر (الاول ان اعتبار ردّ الثمن فى هذا الخيار) بيع الخيار (يتصور على وجوه) خمسة.

و اضاف إليها السيد الطباطبائى فى حاشيته ثلاثة اخرى فصارت الوجوه ثمانية.

(احدها: ان يؤخذ) رد الثمن (قيدا للخيار على وجه التعليق او

ص: 350

التوقيت، فلا خيار قبله، و يكون مدة الخيار منفصلة دائما عن العقد، و لو بقليل و لا خيار قبل الردّ.

و المراد برد الثمن فعل ماله دخل فى القبض من طرفه و ان ابى المشترى.

الثانى: ان يؤخذ قيدا للفسخ، بمعنى ان له الخيار فى كل جزء من المدة المضروبة

______________________________

التوقيت، فلا خيار قبله).

فالاول: كان يقول «الخيار متوقف على رد الثمن».

و الثانى: كان يقول «الخيار فى زمان ردّ الثمن».

و الفرق ان فى الاول لم يسم الزمان فالخيار معلق على المظروف، و فى الثانى الخيار معلق على الظرف «فان الزمان ظرف ورد الثمن مظروف» (و يكون) اوّل (مدة الخيار منفصلة دائما عن العقد، و لو بقليل) لان «الرد» واقع بعد العقد و الخيار معلق عليه، او معلق على زمانه (و لا خيار قبل الردّ) لان الخيار يأتى بعد الرد.

(و المراد برد الثمن) الموجب للخيار (فعل ماله دخل فى القبض من طرفه) اى طرف آخذ الثمن و هو البائع (و ان ابى المشترى) عن اخذه، فليس المراد قبض المشترى، لانه ربما لا يقبض و القصد من الخيار تمكن البائع من استرجاع داره.

(الثانى: ان يؤخذ) ردّ الثمن (قيدا للفسخ، بمعنى ان له الخيار) من حين العقد (فى كل جزء من المدة المضروبة) مثلا اذا جعل مدة

ص: 351

و التسلط على الفسخ على وجه مقارنته لرد الثمن، او تأخره عنه.

الثالث: ان يكون رد الثمن فسخا فعليا بان يراد منه تمليك الثمن ليتملك منه المبيع.

و عليه حمل فى الرياض ظاهر الاخبار الدالة على عود المبيع بمجرد ردّ الثمن.

الرابع: ان يؤخذ رد الثمن قيدا لانفساخ العقد، فمرجع ثبوت الخيار له الى كونه مسلطا على سبب الانفساخ لا على مباشرة الفسخ

______________________________

الخيار سنة كان له الخيار فى كل السنة (و) لكن (التسلط على الفسخ) مشروط بالردّ (على وجه مقارنته لرد الثمن، او تأخره عنه) اى تأخره عن ردّ الثمن.

ففى هذا الوجه «الفسخ متوقف على رد الثمن».

و فى الوجه السابق «الخيار متوقف».

(الثالث: ان يكون رد الثمن فسخا فعليا بان يراد منه) اى من رد الثمن (تمليك الثمن ليتملك منه المبيع) بينما فى الوجه السابق «التسلط على الفسخ متوقف».

(و عليه) اى على هذا الوجه الثالث (حمل فى الرياض ظاهر الاخبار الدالة على عود المبيع بمجرد ردّ الثمن) فالرد فسخ.

(الرابع: ان يؤخذ رد الثمن قيدا لانفساخ العقد) فاذا ردّ الثمن انفسخ العقد تلقائيا بلا فسخ قولى و لا فسخ فعلى (فمرجع ثبوت الخيار له) اى للبائع (الى كونه مسلطا على سبب الانفساخ لا على مباشرة الفسخ)

ص: 352

و هذا هو الظاهر من رواية معاوية بن ميسرة.

و يحتمل الثالث كما هو ظاهر روايتى سعيد بن يسار و موثقة اسحاق بن عمّار و عنوان المسألة بهذا الوجه هو الظاهر من الغنية، حيث لم يذكر هذا القسم من البيع فى الخيار اصلا، و انما ذكره فى امثلة الشروط الجائزة فى متن العقد

______________________________

و حيث ان الانفساخ انفعال، و الانفعال لا يعقل بدون الفعل، فاللازم ان يقال: ان الشارع هو الفاسخ.

(و هذا هو الظاهر من رواية معاوية بن ميسرة) لقوله «فالدار دارك» فان ظاهره الانفساخ.

(و يحتمل الثالث) لقوله «ان اتيتنى بمالى ... فالدار دارك» فيكون الاتيان فسخا فعليا (كما هو) اى المعنى الرابع «الانفساخ» (ظاهر روايتى سعيد بن يسار و موثقة اسحاق بن عمار).

لقوله عليه السلام فى الاول «ان جاء بالمال الموقت فرد عليه» اذ ظاهره ان «الرد» لاجل الانفساخ بمجرد ان جاء بالمال.

و فى الثانى «ان جاء بثمنها ردها عليه» و تقريب الاستدلال ما ذكر (و عنوان المسألة) اى مسألة بيع الشرط (بهذا الوجه) الرابع (هو الظاهر من الغنية، حيث لم يذكر هذا القسم من البيع) اى بيع الشرط (فى) باب (الخيار اصلا، و انما ذكره فى امثلة الشروط الجائزة فى متن العقد).

و هذا يدل على ان الغنية لا يرى انه خيار و فسخ، بل انفساخ

ص: 353

قال: ان يبيع و يشترط على المشترى ان ردّ الثمن فى وقت كذا كان المبيع له انتهى.

الخامس: ان يكون رد الثمن شرطا لوجوب الاقالة على المشترى بان يلتزم المشترى على نفسه ان يقيله اذا جاء بالثمن، و استقاله و هو ظاهر الوسيلة حيث قال: اذا باع شيئا على ان يقيله فى وقت كذا بمثل الثمن الّذي باعه منه لزمته الاقالة، اذا جاءه بمثل الثمن فى المدة، انتهى فان ابى اجبره الحاكم، او اقال عنه، و الا

______________________________

اذا رد الثمن، اذ لو كان يرى انه خيار و فسخ، لذكره فى باب الخيار (قال) ابن زهرة (ان يبيع و يشترط على المشترى ان ردّ الثمن فى وقت كذا كان المبيع له) و معنى كان المبيع له الانفساخ (انتهى) كلام الغنية

(الخامس: ان يكون رد الثمن شرطا لوجوب الاقالة على المشترى بان) يشترط البائع على المشترى ان (يلتزم المشترى على نفسه ان يقيله اذا جاء بالثمن، و استقاله) اى طلب منه الاقالة و فسخ المعاملة (و هو ظاهر الوسيلة حيث قال: اذا باع شيئا على ان يقيله فى وقت كذا) فى زمان محدود (بمثل الثمن الّذي باعه منه لزمته) اى لزمت المشترى (الاقالة) و فسخ البيع (اذا جاءه) البائع (بمثل الثمن فى) نفس (المدة) المحدودة (انتهى).

و على هذا (فان ابى) المشترى من الاقالة (اجبره الحاكم) لانه حق للبائع، فللحاكم جبر الممتنع (او اقال) الحاكم (عنه) اى عن المشترى ان لم يكن اجباره (و الا) يتمكن البائع من اثبات مطلبه عند الحاكم او نحو

ص: 354

استقل بالفسخ و هو محتمل روايتى سعيد بن يسار و اسحاق بن عمار على ان يكون رد المبيع الى البائع فيهما كناية عن ملزومه و هى الاقالة، لا ان يكون وجوب الردّ كفاية عن تملك البائع للمبيع، بمجرد فسخه بعد ردّ الثمن على ما فهمه الاصحاب، و مرجعه الى احد الاولين.

و الاظهر فى كثير من العبارات مثل الشرائع و القواعد و التذكرة هو الثانى.

لكن الظاهر صحة الاشتراط بكل من الوجوه الخمسة

______________________________

ذلك (استقل) البائع (بالفسخ) لانه حقه، فله استنقاذه (و هو) اى هذا المعنى الخامس (محتمل روايتى سعيد بن يسار و اسحاق بن عمار).

و انما تحتمله الروايتان بناء (على ان يكون رد المبيع الى البائع فيهما كفاية عن ملزومه) فقد ذكرنا اللازم «الرد» و اردنا الملزوم (و هى الاقالة، لا) عطف على «ان يكون ردّ المبيع» (ان يكون وجوب الردّ كفاية عن تملك البائع للمبيع، بمجرد فسخه) اى فسخ البائع (بعد ردّ الثمن) الى المشترى (على ما فهمه الاصحاب) حيث فهموا ان لا حاجة الى الاقالة (و مرجعه) اى مرجع ما فهمه الاصحاب (الى احد) المعنيين (الاولين) من المعانى الخمسة.

(و الاظهر) مما يستفاد (فى كثير من العبارات مثل الشرائع و القواعد و التذكرة) و غيرها (هو) المعنى (الثانى) فان عباراتهم ظاهرة فى اعتبار ردّ الثمن قيدا للفسخ.

(لكن الظاهر صحة الاشتراط بكل من الوجوه الخمسة) لان ادلة

ص: 355

عدا الرابع، فان فيه اشكالا من جهة ان انفساخ البيع بنفسه بدون إنشاء فعلى او قولى يشبه انعقاده بنفسه فى مخالفة المشروع من توقف المسببات على اسبابها الشرعية و سيجي ء فى باب الشروط ما يتضح به صحة ذلك و سقمه.

______________________________

الشرط شاملة لها (عدا) الوجه (الرابع، فان فيه) اى فى شمول الادلة له (اشكالا من جهة ان انفساخ البيع بنفسه بدون إنشاء فعلى او قولى يشبه انعقاده) اى انعقاد البيع (بنفسه).

فاذا قال: اذا اعطيتك دينارا كان البيع منعقدا، او كتابك لى «بدون ان يكون اعطاء الدينار معاطاة» بل انعقاد البيع بنفسه اثر اعطاء الدينار، فان (فى) ذلك (مخالفة المشروع من توقف المسببات على اسبابها الشرعية).

فكما فى الامور التكوينية لا يكون المسبب الا بسببه الخاص «فلا يكون احتراق الا بسبب النار» كذلك فى الامور التشريعية لا يكون مسبب الا بسببه المجعول شرعا.

مثلا: جعل الشارع سبب حلية المرأة النكاح، فلا يصح ان يقال:

ان المجي ء الى الدار سبب حلية المرأة، و كذلك جعل سبب الملك البيع فلا يصح ان يجعل الطرفان سبب الملك ولادة زوجة احدهما.

و ادلة الشرط انما تسبب صحة شرط ما جعله الشارع و لا تكون ادلة الشرط مشرّعة (و سيجي ء فى باب الشروط ما يتضح به صحة ذلك و سقمه) و هل يمكن ان يكون الشرط مشرعا؟ بان يجعل ما ليس بسبب سببا.

ص: 356

الامر الثانى: الثمن المشروط رده، اما ان يكون فى الذمة، و اما ان يكون معيّنا.

و على كل تقدير اما ان يكون قد قبضه، و اما لم يقبضه فان لم يقبضه، فله الخيار و ان لم يتحقق رد الثمن لانه شرط على تقدير قبضه و ان لم يفسخ حتى انقضت المدة لزم البيع.

______________________________

(الامر الثانى) من الامور المتعلقة ببيع الشرط (الثمن المشروط رده، اما ان يكون فى الذمة) اى ذمة المشترى بان باعه بيعا فى مقابل ثمن فى ذمته، لا انه كان البيع فى قبال الثمن الخارجى (و اما ان يكون معيّنا) فى الخارج.

(و على كل تقدير) ذمة او عينا (اما ان يكون قد قبضه) البائع (و اما لم يقبضه) فالصور أربعة.

الاولى و الثانية (فان لم يقبضه) ذمة كان او عينا (فله) اى للبائع (الخيار و ان لم يتحقق رد الثمن) و انما كان له الخيار لان الشرط و هو كون الثمن عند المشترى محقق تلقائيا.

و من المعلوم ان «الرد» انما كان طريقا لاجل حصول الثمن فى كيس المشترى، و هو حاصل الآن.

فعدم تحقق عنوان «الرد» غير ضارّ (لانه شرط على تقدير قبضه) و الحال انه لم يقبضه (و ان لم يفسخ) فى صورة عدم قبض الثمن (حتى انقضت المدة) مثلا: جعل مدة الخيار سنة، فانقضت بدون ان يقبض (لزم البيع) لانقضاء مدة الخيار.

ص: 357

و يحتمل العدم بناء على ان اشتراط الرد بمنزلة اشتراط القبض قبله.

و ان قبض الثمن المعيّن، فاما ان يشترط رد عينه او يشترط رد ما يعمّ بدله مع عدم التمكن من العين بسبب لا منه او مطلقا او و لو مع التمكن منه

______________________________

(و يحتمل العدم) اى عدم لزوم البيع (بناء على ان اشتراط الرد بمنزلة اشتراط القبض قبله) فان البيع انما يلزم اذا «لم يرد و قد قبض» فاذا لم يتحقق ذلك لم يلزم البيع.

و ذلك لان قوله «اذا لم ارد فى مدة الخيار فالبيع لازم» يوجب ان يكون موضوع «لزوم البيع» هو «لم يرد و قد قبض» فاذا انقضى الموضوع انقضى الحكم.

الثالثة (و ان قبض الثمن المعيّن) فهو على قسمين (فاما ان يشترط رد عينه او يشترط رد ما يعمّ بدله).

و لهذا القسم الثانى ثلاث صور.

الاولى: (مع عدم التمكن من العين بسبب لا منه).

الثانية: (او مطلقا) بسبب منه او لا منه.

الثالثة: (او و لو مع التمكن منه) اى من رد العين فقد يقول:

بشرط ان ارد ما يعم البدل اذا لم اتمكن من رد العين، و عدم تمكنى كان لا بسبب منى كما اذا سرقت العين، او يقول: بشرط ان اردّ ما يعم البدل اذا لم اتمكن من رد العين، و لو كان عدم التمكن بسببى كما لو

ص: 358

على اشكال فى الاخير من حيث اقتضاء الفسخ شرعا بل لغة رد العين مع الامكان.

و فى جواز اشتراط رد القيمة فى المثلى و بالعكس وجهان

______________________________

اتلفته انا او يقول: بشرط ان ارد ما يعم البدل و لو مع التمكن من رد العين (على اشكال فى الاخير) و هى الصورة الثالثة.

وجه الاشكال (من حيث اقتضاء الفسخ شرعا، بل لغة رد العين مع الامكان) اى مع امكان رد العين، اذا الفسخ معناه ان يرجع كل مال الى صاحبه الاول فكيف يشترط عدم رجوع الثمن؟ و الحال انه موجود.

(و) هناك مسألة اخرى، و هى انه اذا كان الثمن مثليا فشرط رد القيمة او الاعم من المثل او القيمة، فهل يصح أم لا؟

و كذا اذا كان الثمن قيميا، فشرط رد المثل او الاعم من المثل او القيمة، فهل يصح أم لا؟ فان (فى جواز اشتراط رد القيمة فى المثلى و بالعكس) رد المثل فى القيمى (وجهان) مثلا: يشترط رد الثمن الّذي هو دينار بكتاب يعادله، او يشترط رد الثمن الّذي هو كتاب بقلم يعادله مع ان اللازم هو رد الدينار «الثمن» دينارا، ورد الكتاب «الثمن» دينارا.

و سبب ال «وجهان» اما وجه الصحة فلانه شرط و الشرط جائز ما لم يحلل حراما او يحرم حلالا.

و اما وجه عدم الصحة فلان هذا الشرط على خلاف جعل الشارع،

ص: 359

و اما ان يطلق.

فعلى الاول لا خيار الا برد العين، فلو تلف لا من البائع، فالظاهر عدم الخيار الا ان يكون اطلاق اشتراط رد العين فى الخيار لافادة سقوطه باتلاف البائع، فيبقى الخيار فى اتلاف غيره على حاله.

و فيه نظر.

______________________________

لان الشارع قال: القيمة تعادل القيمة، و المثل يعادل المثل، و اذ كان على خلاف جعل الشارع بطل الشرط (و اما ان يطلق) عطف على «فاما ان يشترط رد عينه».

(فعلى الاول) اى يشترط رد عينه (لا خيار الا برد العين) لانه الشرط (فلو تلف) فان كان التلف من البائع فلا اشكال فى سقوط الخيار، و لو تلف (لا من البائع، فالظاهر عدم الخيار) أيضا، لانه لم يفعل شرط الخيار «و هو رد العين» على كلتا الحالتين «حالة كون التلف من البائع و حالة كونه من غير البائع» (الا ان يكون اطلاق اشتراط رد العين فى الخيار لافادة سقوطه) اى سقوط الخيار (باتلاف البائع).

فانه و ان قال «الشرط رد العين» لكن اراد ان «عدم رد العين اذا كان المتلف البائع يكون مسقطا للخيار» فاذا لم يكن البائع متلفا لم يكن عليه رد العين، بل له الخيار و ان رد البدل (فيبقى الخيار فى) صورة (اتلاف غيره) اى غير البائع (على حاله).

(و) لكن (فيه نظر) اذ: ان الشرط «هو رد العين» فاذا لم يحصل الشرط لم يكن وجه للخيار.

ص: 360

و على الثانى فله رد البدل فى موضع صحة الاشتراط.

و اما الثالث فمقتضى ظاهر الشرط فيه رد العين.

و يظهر من اطلاق محكى الدروس و حاشية الشرائع: ان الاطلاق لا يحمل على العين.

و يحتمل حمله على الثمن الكلى و سيأتى.

______________________________

(و على الثانى) اى يشترط رد ما يعم بدله «بصوره المتعددة المتقدمة حيث قال مع عدم التمكن من العين ... الخ» (فله رد البدل) حتى يكون له الخيار (فى موضع صحة الاشتراط) اى صحة اشتراط رد البدل و هذا اشارة الى قوله «على اشكال فى الاخير .. الخ».

(و اما الثالث) الّذي اشار إليه بقوله «و اما ان يطلق» (فمقتضى ظاهر الشرط فيه) اى فى الثالث حيث قال «ان رددت فلك الفسخ» (رد العين) لان المنصرف من «الرد» رد العين.

(و يظهر من اطلاق محكى الدروس و حاشية الشرائع: ان الاطلاق) اى اطلاق «الرد» (لا يحمل على العين) بل اذا اطلق، فرد البدل قيمة فى القيمى، و مثل فى المثلى، كان له الخيار.

و لعل وجهه ان المقصود ردّ المال و ذلك يوجب عدم خصوصية ردّ العين.

(و يحتمل حمله) اى حمل كلام الدروس و الحاشية (على الثمن الكلى)

اذ لو كان الثمن كليا ثم جعله عينا خارجيا لم تكن خصوصية للعين بل المراد الاعم من البدل (و سيأتى) الكلام فيه.

ص: 361

و ان كان الثمن كليا فان كان فى ذمة البائع، كما هو مضمون رواية سعيد بن يسار المتقدمة، فرده باداء ما فى الذمة، سواء قلنا انه عين الثمن، او بدله، من حيث ان ما فى ذمة البائع سقط عنه بصيرورته ملكا له فكانه تلف، فالمراد برده المشترط ردّ بدله و ان لم يكن الثمن فى ذمة البائع و قبضه فان شرط رد ذلك الفرد المقبوض او ردّ مثله باحد الوجوه المتقدمة

______________________________

(و ان كان الثمن كليا) فى قبال ما اذا كان الثمن عينا خارجية (فان كان فى ذمة البائع، كما هو مضمون رواية سعيد بن يسار المتقدمة) كان يبيع زيد لعمرو حنطة بالف، ثم يبيع عمرو لزيد داره بالف، حتى اذا اعطاه عمرو الألف استرجع داره (فرده) اى ردّ الثمن (باداء ما فى الذمة) فان ادى البائع لداره ما فى ذمته «كالالف فى المثال» كان ردا لثمن الحنطة (سواء قلنا انه) اى ما فى ذمة البائع (عين الثمن، او بدله) و انما كان بدله (من حيث ان ما فى ذمة البائع) لداره (سقط عنه) اى عن البائع (بصيرورته ملكا له) فان البائع «المديون ثمن الحنطة» لما باع داره سقط ثمن الحنطة عن ذمته، اذ صار الثمن ملكا له فى قبال داره (فكانه تلف) اذ ليس الآن شي ء فى ذمته (فالمراد برده) اى رد ثمن الحنطة (المشترط) فى ضمن بيع الدار الى بائع الحنطة (رد بدله) اى رد بدل ثمن الحنطة «مقدار الألف» (و ان لم يكن الثمن فى ذمة البائع) عطف على «فان كان فى ذمة البائع» و ذلك كما اذا باع محمد لعلى داره فى قبال الف دينار كلى (و قبضه) خارجا (فان شرط ردّ ذلك الفرد المقبوض، او ردّ مثله باحد الوجوه المتقدمة) فى قوله «او يشترط رد ما

ص: 362

فالحكم على مقتضى الشرط، و ان اطلق فالمتبادر بحكم الغلبة فى هذا القسم من البيع المشتهر ببيع الخيار هو رد ما يعم البدل، اما مطلقا او مع فقد العين.

و يدل عليه صريحا بعض الاخبار المتقدمة، الا ان المتيقن منها

______________________________

يعم بدله مع عدم التمكن من العين .. الخ» (فالحكم على مقتضى الشرط).

مثلا: اذا شرط رد عينه لم ينفع فى ان يكون الخيار له رد غير عينه (و ان اطلق) بان قال «بان ترده» و لم يقل «عينا» و لا قال «عينا او بدلا» (فالمتبادر بحكم الغلبة) لدى العرف (فى هذا القسم من البيع المشتهر ببيع الخيار) و بيع الشرط (هو رد ما يعم البدل) اذ المقصود رد النقود، و لا خصوصية لعين النقد الّذي كان ثمنا (اما مطلقا) فى قبال (او مع فقد العين).

و وجه «مطلقا» ما عرفت من انه لا خصوصية فى نظر العرف بالنسبة الى «العين» و ذلك مثل امانة «النقد» و اعطاء نقد الوقف، و اعطاء نقد ايجاد دار الايتام، الى غيرها.

حيث ان المنصرف اعطاء ذلك المقدار سواء كان عينا او بدل العين و ان كانت عين النقد موجودة.

(و يدل عليه) اى على كفاية رد البدل (صريحا بعض الاخبار المتقدمة) اى رواية ابن ميسرة و ما قبلها (الا ان المتيقن منها) اى من هذه الروايات

ص: 363

صورة فقد العين.

الأمر الثالث: [لا يكفي مجرد الفسخ في الرد]

قيل ظاهر الاصحاب- بناء على ما تقدم: من ان رد الثمن فى هذا البيع عندهم مقدمة لفسخ البائع- انه لا يكفى مجرد الرد فى الفسخ، و صرّح به فى الدروس و غيره، و لعل منشأ الظهور ان هذا القسم فرد من خيار الشرط مع اعتبار شي ء زائد فيه و هو رد الثمن.

______________________________

(صورة فقد العين) و الا فان كانت العين موجودة يلزم رد نفس العين فتأمل.

(الامر الثالث) من الامور المربوطة بخيار الشرط (قيل ظاهر الاصحاب- بناء على ما تقدم: من ان رد الثمن فى هذا البيع) بيع الشرط (عندهم مقدمة لفسخ البائع-) لا ان نفس الرد فسخ فعلى (انه) متعلق ب «ظاهر الاصحاب» (لا يكفى مجرد الرد فى الفسخ، و) قد (صرّح به فى الدروس و غيره، و لعل منشأ الظهور) فى كلماتهم مع ان بعضهم فقط صرح بذلك (ان هذا القسم) من بيع الشرط (فرد من خيار الشرط) اذ كل شرط فى البيع يوجب الخيار اذا تخلف الشرط (مع اعتبار شي ء زائد فيه) اى فى هذا القسم (و هو رد الثمن).

اذ للبائعين ان يجعلا لانفسهما الخيار مدة محددة، كان يقول:

بعتك على ان يكون لى الخيار مدة شهر، و فى المقام نفس الخيار موجود مع زيادة قوله «ان رددت الثمن كان لك الخيار».

و كما ان فى سائر خيار الشرط «غير المقيد بقيد» اذا اراد الفسخ احتاج الى الفسخ، كذلك هنا اذا رد الثمن احتاج الى الفسخ، فلا

ص: 364

و علّلوا ذلك أيضا بان الرد من حيث هو لا يدل على الفسخ اصلا.

و هو حسن مع عدم الدلالة.

اما لو فرض الدلالة عرفا اما بان يفهم منه كونه تمليكا للثمن من المشترى ليتملك منه المبيع على وجه المعاطات.

و اما بان يدل الرد بنفسه على الرضا بكون المبيع ملكا له و الثمن ملكا للمشترى، فلا وجه لعدم الكفاية

______________________________

فسخ بدون انشائه «و ان ردّ الثمن».

(و علّلوا ذلك) اى الاحتياج الى الفسخ بعد رد الثمن (أيضا) بالإضافة الى ما ذكرناه من تعليله بقولنا «و لعل ..» (بان الرد من حيث هو) ردّ (لا يدل على الفسخ اصلا) اذ الرد شي ء، و الفسخ شي ء آخر.

(و هو) اى هذا التحليل (حسن مع عدم الدلالة) عرفا.

(اما لو فرض الدلالة عرفا اما بان يفهم منه) اى من الرد (كونه تمليكا للثمن من المشترى) للبائع (ليتملك منه المبيع على وجه المعاطات).

و المعاطات ليست بحاجة الى ازيد من الاخذ و الاعطاء، و هذه ليست معاملة مستقلة، بل هى تشبيه بالمعاطات «فهى فسخ معاطاتى» و لذا قال «على وجه المعاطات» و لم يقل «معاطاة».

(و اما بان يدل الرد بنفسه على الرضا بكون المبيع ملكا له) للبائع (و الثمن ملكا للمشترى) فلا حاجة الى الفسخ بعد الرد، بل الرد يعقبه الفسخ تلقائيا.

و على هذا (فلا وجه لعدم الكفاية) «حيث عللوا ذلك بان الرد

ص: 365

مع اعترافهم بتحقق الفسخ فيما هو اخفى من ذلك دلالة.

و ما قيل من ان الرد يدل على إرادة الفسخ، و الإرادة غير المراد.

ففيه ان المدعى دلالته على إرادة كون المبيع ملكا له و الثمن ملكا للمشترى.

و لا يعتبر فى الفسخ الفعلى ازيد من هذا، مع ان ظاهر الاخبار كفاية الرد فى وجوب رد المبيع، بل قد عرفت فى رواية معاوية بن ميسرة حصول تملك المبيع برد الثمن، ف

______________________________

لا يدل على الفسخ» كما تقدم (مع اعترافهم بتحقق الفسخ فيما هو اخفى من ذلك) الرد (دلالة) فالرد الّذي هو اظهر دلالة اولى بدلالته على الفسخ بدون حاجة الى فسخ آخر.

(و ما قيل) فى تقريب عدم دلالة على الفسخ (من ان الرد يدل على إرادة الفسخ، و الإرادة غير المراد) فانك اذا اردت ان تصلّى لم تكن ارادتك صلاة.

(ففيه ان المدعى) لنا (دلالته) اى الرد (على إرادة كون المبيع ملكا له) اى للبائع بمعنى تكوين التملك بالارادة (و الثمن ملكا للمشترى)

(و) من المعلوم: انه (لا يعتبر فى الفسخ الفعلى ازيد من هذا) الّذي ذكرناه.

هذا (مع ان ظاهر الاخبار) المتقدمة (كفاية الرد فى وجوب رد المبيع) بلا انتظار فسخ بعد الرد (بل قد عرفت فى رواية معاوية بن ميسرة حصول تملك المبيع برد الثمن، ف) هى و ان كانت محتملة لكون الرد

ص: 366

يحمل على تحقق الفسخ الفعلى به.

الأمر الرابع: يسقط هذا الخيار باسقاطه بعد العقد

على الوجه الثانى من الوجهين الاولين.

بل و على الوجه الاول بناء على ان تحقق السبب و هو العقد كاف فى صحة اسقاط الحق.

______________________________

دالا على الرضا المتعقب للرد، لكن الخبر «على ظاهره» (يحمل على تحقق الفسخ الفعلى به) اى بالرد، بدون ان يقال: ان الرضا يعقبه الرضا، و الرضا يوجب الفسخ.

فقول المصنف «بل ..» يريد تقوية ما تقدم من قوله «بان يفهم منه ..»

فى قبال الاحتمال الآخر الّذي ذكره بقوله «و اما بان يدل ..».

(الامر الرابع) من الامور المربوطة بخيار الشرط (يسقط هذا الخيار باسقاطه بعد العقد) فيكون البيع لازما (على الوجه الثانى من الوجهين الاولين) من الوجوه الخمسة التى ذكرناها فى الامر الاول.

اذ يتحقق الخيار بعد العقد فله اسقاطه.

(بل و على الوجه الاول) من الوجوه الخمسة فانه قبل رد الثمن و ان لم يكن خيار- حسب القرار فى الشرط- الا ان له اسقاطه (بناء على ان تحقق السبب و هو العقد) اذ العقد صار سببا لهذا الخيار، و ان كان زمان الخيار متأخرا عن العقد (كاف فى صحة اسقاط الحق) لانه صار للحق شأنية.

ص: 367

لكن مقتضى ما صرح به فى التذكرة من انه لا يجوز اسقاط خيار الشرط او الحيوان بعد العقد بناء على حدوثهما من زمان التفرق عدم الجواز أيضا الا ان يفرق هنا بان المشروط له مالك للخيار قبل الرد، و لو من حيث تملكه للرد الموجب له، فله اسقاطه بخلاف ما فى التذكرة.

و يسقط أيضا بانقضاء المدة، و عدم رد الثمن او بدله مع الشرط او مطلقا

______________________________

(لكن مقتضى ما صرح به فى التذكرة من انه لا يجوز اسقاط خيار الشرط او الحيوان بعد العقد).

قال: انه لا يجوز (بناء على حدوثهما من زمان التفرق).

اذ قبل التفرق يكون خيار المجلس، و لا يجتمع خياران فى زمان واحد- على ما تقدم الكلام فى ذلك- (عدم الجواز أيضا) «خبر:

مقتضى» (الا ان يفرق هنا) فى بيع الشرط (بان المشروط له مالك للخيار قبل الرد، و لو) كان ملكه للخيار (من حيث تملكه) اى انه مالك (للرد الموجب له) اى للخيار، فان مالك السبب مالك للمسبب (فله اسقاطه) اى اسقاط الخيار (بخلاف ما فى التذكرة) فان فى ذلك المقام لا خيار قبل التفرق اصلا.

و عليه فلا يكون كلام التذكرة فى خيار الشرط و الحيوان منافيا لكلامنا هنا.

(و يسقط) خيار الشرط (أيضا بانقضاء المدة، و عدم رد الثمن او بدله مع الشرط) «مع» متعلق ب «بدله» اى انما يرد البدل اذا اشترط رد البدل (او) يرد البدل (مطلقا) و لو بدون الشرط اذا كان

ص: 368

على التفصيل المتقدم.

و لو تبين المردود من غير الجنس، فلا ردّ و لو ظهر معيبا كفى فى الرد، و له الاستبدال.

و يسقط أيضا بالتصرف فى الثمن المعين مع اشتراط رد العين، او حمل الاطلاق عليه.

______________________________

انصراف الى الرد اصلا، او بدلا (على التفصيل المتقدم) فى الامر الثانى

(و لو تبين) بعد الرد ان (المردود من غير الجنس) كما لو كان الشرط رد الذهب، و بعد الردّ تبين انه مذهّب و ليس ذهبا (فلا ردّ) اذ الرد الخيالى لا يصحح الشرط، فأخذه بالخيار كان باطلا (و لو ظهر معيبا) فان كان الشرط رده صحيحا بطل الرد لانه لا يكون ردا، و ان كان الشرط الرد فى الجملة (كفى فى الرد، و) لكن (له) اى للمشترى (الاستبدال) و كذا اذا ردّ من جنس ادون.

(و يسقط) الخيار (أيضا بالتصرف فى الثمن المعين مع اشتراط رد العين) اذا كان التصرف مانعا عن رد العين، لانه لا يقدر حينئذ على الوفاء بالشرط فليس له الاخذ بالخيار، اما اذا لم يكن التصرف مانعا من رد العين، كما اذا باعه بيع خيار ثم استرجعه او باعه مطلقا ثم رجع إليه إرثا او نحوه فله الاخذ بخيار الشرط، لانه قادر على الوفاء بالشرط (او حمل الاطلاق) اطلاق «الرد» (عليه) اى على ردّ العين عطف على «مع اشتراط ..».

ص: 369

و كذا الفرد المدفوع من الثمن الكلى اذا حمل الاطلاق على اعتبار رد العين المدفوع كل ذلك لاطلاق ما دلّ على ان تصرف ذى الخيار فيما انتقل إليه رضا بالعقد، و لا خيار و قد عمل الاصحاب بذلك فى غير مورد النص، كخيارى المجلس و الشرط.

و المحكى عن المحقق الاردبيلى و صاحب الكفاية ان الظاهر عدم سقوط هذا

______________________________

(و كذا) يسقط الخيار بالتصرف فى الثمن اذا كان (الفرد المدفوع من الثمن الكلى) مشروطا رده بعينه.

كما اذا قال: اشتريت بالف بشرط انى اذا رددت نفس الفرد الّذي اعطيتنى استرجعت المثمن.

و كذا اذا اطلق «الرد» فى الكلى لكن (اذا حمل الاطلاق) اطلاق «الرد» (على اعتبار رد العين المدفوع) و ان كان ذلك المدفوع فردا من الكلى الّذي كان قد وقعت عليه المعاملة (كل ذلك) الّذي ذكرناه انه مع التصرف مانع عن الاخذ بالخيار «فى الفروع المذكورة» (لاطلاق ما دلّ على ان تصرف ذى الخيار فيما انتقل إليه رضا بالعقد، و لا خيار) له

و لكن هذا اذا لم يكن تعاهد على عدم كون التصرف مسقطا للخيار و الا اخذ بمقتضى ذلك التعاهد (و قد عمل الاصحاب بذلك) بان التصرف مسقط للخيار (فى غير مورد النص) الّذي يقول بان التصرف رضا (كخيارى المجلس و الشرط) فان فيهما و رد ان التصرف رضا.

(و) لكن (المحكى عن المحقق الاردبيلى و صاحب الكفاية) السبزوارى (ان الظاهر) من الادلة (عدم سقوط هذا

ص: 370

الخيار بالتصرف فى الثمن، لان المدار فى هذا الخيار عليه لانه شرّع لانتفاع البائع بالثمن.

فلو سقط الخيار سقط الفائدة و للموثق المتقدم المفروض فى مورده تصرف البائع فى الثمن، و بيع الدار لاجل ذلك.

و المحكى عن العلامة الطباطبائى فى مصابيحه الرد على ذلك- بعد الطعن عليه بمخالفته لما عليه الاصحاب- بما محصله ان التصرف المسقط ما وقع فى زمان الخيار، و لا

______________________________

الخيار) اى الخيار فى بيع الشرط (بالتصرف فى الثمن).

و انما لا يسقط (لان المدار فى هذا الخيار) اى الخيار فى بيع الشرط (عليه) اى على التصرف (لانه شرع) و قنّن (لانتفاع البائع بالثمن) فالبائع غالبا انما يبيع داره لاجل احتياجه الى المال.

(فلو سقط الخيار) بالتصرف فى الثمن (سقط الفائدة) و كانت المعاملة غير عقلائية (و للموثق) لاسحاق بن عمار (المتقدم) فى اوّل المسألة (المفروض فى مورده تصرف البائع فى الثمن) حيث قال فيه «احتاج الى بيع داره» (و بيع الدار لاجل ذلك) الاحتياج.

(و المحكى عن العلامة الطباطبائى فى مصابيحه الرد على ذلك) الّذي ذكره الاردبيلى و السبزوارى (- بعد الطعن عليه بمخالفته لما عليه الاصحاب- بما محصله) انه لا ينافى التصرف فى الجملة مع سقوط الخيار بالتصرف، فمن الممكن التصرف مع عدم سقوط الخيار، ل (ان التصرف المسقط) للخيار (ما وقع فى زمان الخيار) لا ما وقع قبل الخيار (و لا

ص: 371

خيار الا بعد الرد.

و لا ينافى شي ء مما ذكر لزومه بالتصرف بعد الرد، لان ذلك منه بعده، لا قبله، و ان كان قادرا على ايجاد سببه فيه.

اذ المدار على الفعل لا على القوة، على انه

______________________________

خيار الا بعد الرد) فتصرف البائع- قبل الخيار- لا يسقط الخيار.

(و لا ينافى شي ء مما ذكر) اى ذكره الاردبيلى و السبزوارى- من انه لو كان التصرف مسقطا لزم عدم فائدة فى هذا البيع- (لزومه) اى البيع (بالتصرف) فى الثمن (بعد الرد) لان الخيار يكون بعد الرد (لان ذلك) التصرف المسقط (منه) اى من البائع (بعده) اى بعد الرد (لا قبله) اى لا قبل الرد.

اما التصرف قبل الرد فلا يكون مسقطا، لانه لم يقع فى زمن الخيار (و ان كان) المتصرف «البائع» (قادرا على ايجاد سببه) اى سبب سقوط الخيار (فيه) اى فى وقت التصرف بان يرد الثمن ثم يتصرف فى الثمن و بذلك يكون قد اسقط خياره.

لكن من الواضح ان امكان اسقاط البائع خياره غير الاسقاط فعلا.

(اذ المدار) فى الاسقاط (على الفعل) اى فعلية التصرف فى زمان الخيار (لا على القوة) اى قوة ان يرد ثم يتصرف حتى يكون تصرفه مسقطا لخياره (على انه) ليس البائع- دائما- قادرا على ايجاد سبب سقوط الخيار، اذ انما يقدر على ايجاد السبب اذا كان الخيار من بعد البيع مثلا- حيث انه يقدر ان يرد الثمن «ليتحقق زمان الخيار» فيتصرف

ص: 372

لا يتم فيما اشترط فيه الرد فى وقت منفصل عن العقد، كيوم بعد سنة- مثلا- انتهى محصل كلامه.

و ناقش بعض من تأخر عنه فيما ذكره من كون حدوث الخيار بعد الرد لا قبله، بان ذلك يقتضي جهالة مبدأ الخيار.

و بان الظاهر من اطلاق العرف.

و تضعيف كثير من الاصحاب قول الشيخ بتوقف الملك على انقضاء الخيار

______________________________

فى الثمن، ليكون تصرفه مسقطا لخياره.

ف (لا يتم) امكان الاسقاط (فيما اشترط فيه الرد فى وقت منفصل عن العقد، كيوم بعد سنة- مثلا-) فان البائع لا يقدر على اسقاط الخيار فى غير ذلك اليوم (انتهى محصل كلامه) فى المصابيح.

(و ناقش بعض من تأخر عنه) و هو صاحب الجواهر (فيما ذكره من كون حدوث الخيار بعد الرد لا قبله، ب) انه غير تام، بل الخيار يحدث قبل الرد ل (ان) الامر لو كان (ذلك) كما ذكره السيد، لكان (يقتضي جهالة مبدأ الخيار) اذ لا يعلم فى اى وقت يرد البائع الثمن، و جهالة المبدأ توجب الغرر.

(و) يدل على ان الخيار قبل الرد لا بعده دليل آخر، و هو ما ذكره بقوله: (بان الظاهر من اطلاق العرف) «له خيار الشرط» ان زمان الخيار يحدث من وقت العقد.

(و) يؤيده (تضعيف كثير من الاصحاب قول الشيخ) القائل (بتوقف الملك على انقضاء الخيار) فان كثيرا من الاصحاب ضعّف هذا القول

ص: 373

ببعض الاخبار المتقدمة فى هذه المسألة الدالة على ان غلة المبيع للمشترى هو كون مجموع المدة زمان الخيار انتهى.

اقول فى اصل الاستظهار المتقدم و الرد المذكور عن المصابيح، و المناقشة على الرد نظر.

اما الاول: فلانه لا مخصص لدليل سقوط الخيار بالتصرف المنسحب فى غير

______________________________

(ب) سبب (بعض الاخبار المتقدمة فى هذه المسألة) مسألة بيع الشرط (الدالة على ان غلة المبيع للمشترى).

فانه لو كان ملك المشترى للمبيع يتوقف على انقضاء الخيار- كما يقوله الشيخ- لم يكن وجه لكون الغلة للمشترى، لانه فى زمن الخيار يكون المثمن للبائع، و الثمن للمشترى.

و قوله (هو كون مجموع المدة زمان الخيار انتهى) خبر لقوله «بان الظاهر» انتهى كلام الجواهر.

(اقول فى اصل الاستظهار المتقدم) من الاردبيلى و السبزوارى حيث قالا «ان الظاهر عدم سقوط هذا الخيار بالتصرف» (و الرد المذكور عن المصابيح) حيث قال «ان التصرف المسقط» (و المناقشة على الرد) حيث ناقش الجواهر كلام المصابيح بقوله «بان ذلك ..»

(نظر).

(اما الاول) اى وجه النظر فى كلام الاردبيلى و السبزوارى (فلانه لا مخصص لدليل سقوط الخيار بالتصرف المنسحب) هذا الدليل (فى غير

ص: 374

مورد النص عليه باتفاق الاصحاب.

و اما بناء هذا العقد على التصرف، فهو من جهة ان الغالب المتعارف: البيع بالثمن الكلى، و ظاهر الحال فيه كفاية رد مثل الثمن.

و لذا قوينا حمل الاطلاق فى هذه الصورة

______________________________

مورد النص عليه باتفاق الاصحاب) فانهم اتفقوا على «ان سقوط الخيار بالتصرف» قاعدة كلية جارية فى كل خيار، و ان كان مورد النص خيار الحيوان- مثلا- لما سبق من ان المفهوم من النص المسقط للخيار أن العلة للسقوط التصرف، فهى قاعدة كلية، لا انه فى خيار الحيوان فقط.

و على هذا فقول الاردبيلى و الكفاية «ان الظاهر عدم سقوط خيار الشرط بالتصرف» غير تام.

(و اما) استدلالهما لسقوط خيار الشرط بالتصرف بقولهما المتقدم «لانه شرع لانتفاع البائع بالثمن» فيكون (بناء هذا العقد على التصرف، فهو) استدلال غير صحيح (من جهة ان الغالب المتعارف:

البيع بالثمن، الكلى، و ظاهر الحال فيه) اى فى الثمن الكلى (كفاية رد مثل الثمن).

اذا فقاعدة ان التصرف يسقط الخيار تامة، فى ما اذا كان الثمن شخصيا، و عدم سقوط خيار الشرط بالتصرف تام، فى ما اذا كان الثمن كليا، و كان ظاهر الحال كفاية رد مثل الثمن.

(و لذا) الّذي ذكرنا من ان «ظاهر الحال فيه كفاية رد مثل الثمن» (قوينا حمل الاطلاق) اى اطلاق رد الثمن (فى هذه الصورة) صورة كون

ص: 375

على ما يعم البدل.

و حينئذ فلا يكون التصرف فى عين الفرد المدفوع دليلا على الرضا بلزوم العقد.

اذ لا منافات بين فسخ العقد، و صحة هذا التصرف و استمراره و هو مورد الموثق المتقدم، او منصرف اطلاقه،

______________________________

الثمن كليا (على ما يعم البدل) فانه و ان اطلق البائع قوله «لى الخيار ان رددت الثمن» الا ان مراده رد عين الثمن او بدله، بشهادة ظاهر الحال، حيث ان مقصود المتبايعين رد قدر الثمن من دون خصوصية لعين الثمن.

(و حينئذ) اى حين كان ظاهر الحال رد مثل الثمن- فى ما اذا كان الثمن كليا- (فلا يكون التصرف فى عين الفرد المدفوع) ثمنا- من باب تطبيق كلى الثمن على هذا الفرد- (دليلا على الرضا بلزوم العقد) حتى يكون التصرف موجبا لسقوط الخيار.

(اذ لا منافات بين فسخ العقد، و) بين (صحة هذا التصرف) من البائع فى الثمن (و استمراره) اى استمرار التصرف.

و الحاصل: ان التصرف المسقط ما كان دليلا للرضا، و التصرف فى المقام ليس دليلا على الرضا (و هو) اى كون الثمن كليا و ان مقصود المتبايعين رد الاعم من مثله (مورد الموثق المتقدم) لابن عمار (او منصرف اطلاقه) لان الغالب كون الثمن كليا و كون مقصود المتبايعين رد ما يعم بدله أيضا.

ص: 376

او من جهة تواطئ المتعاقدين على ثبوت الخيار مع التصرف أيضا.

او للعلم بعدم الالتزام بالعقد بمجرد التصرف فى الثمن، و قد مر ان السقوط بالتصرف ليس تعبدا شرعيا مطلقا حتى المقرون منه بعدم الرضا بلزوم العقد.

______________________________

و عليه فاستدلال الاردبيلى و السبزوارى بالموثق لكلامهما غير تام.

اقول: لكن اطلاق الموثق- بدون وجه لدعوى انصرافه- يمنع كلام المصنف (او من جهة تواطئ المتعاقدين على ثبوت الخيار مع التصرف أيضا) عطف على قوله «فهو من جهة» فالتصرف فى الثمن لا يسقط الخيار من جهة ان المتعاقدين بيّنا على ان الخيار باق، و لو تصرف البائع فى الثمن فقاعدة: ان التصرف مسقط، لا تشمل المقام، و ان كانت هى صحيحة فى الجملة.

(او) عطف على «فهو من جهة» (للعلم) اى انا نعلم (بعدم الالتزام) اى عدم التزام البائع المتصرف فى الثمن (بالعقد بمجرد التصرف فى الثمن، و) اذا كان التصرف بدون الالتزام لم تشمله قاعدة «ان التصرف مسقط».

لما (قد مر) من (ان السقوط بالتصرف ليس تعبدا شرعيا مطلقا حتى المقرون منه) اى من التصرف (بعدم الرضا بلزوم العقد) بل انما يكون التصرف مسقطا اذا كان مقرونا بالرضا بلزوم العقد، فحيث لا رضا لا يكون التصرف مسقطا.

ص: 377

و اما الثانى فلان المستفاد من النص و الفتوى- كما عرفت- كون التصرف مسقطا فعليا، كالقولى يسقط الخيار فى كل مقام يصح اسقاطه بالقول.

و الظاهر عدم الاشكال فى جواز اسقاط الخيار قولا قبل الرد، هذا مع

______________________________

(و اما الثانى) اى النظر فى كلام صاحب المصابيح الّذي رد به كلام الاردبيلى و السبزوارى فانهما قالا «ان خيار الشرط لا يسقط بالتصرف» و المصابيح ردهما «بان خيار الشرط يسقط بالتصرف، و انما قبل الرد لا خيار حتى يسقط بالتصرف».

ففيه ان الخيار موجود قبل الرد، بدليل انه يصح اسقاطه بالقول، فاذا كان الخيار موجودا قبل الردّ كان التصرف مسقطا له.

و الى هذا اشار المصنف بقوله: (فلان المستفاد من النص و الفتوى كما عرفت-) فيما تقدم (كون التصرف مسقطا فعليا، كالقولى).

فكما انه اذا قال «اسقطت خيارى» يسقط كذلك اذا تصرف فى الثمن، ف (يسقط) الفعل (الخيار فى كل مقام يصح اسقاطه بالقول) لانهما كاشفان عن الرضا الّذي هو مسقط للخيار، اذا اظهر بمظهر.

(و الظاهر عدم الاشكال فى جواز اسقاط الخيار قولا قبل الرد).

و ترتيب القياس هكذا «الخيار يسقط بالقول قبل الرد و كلما سقط الخيار بالقول سقط بالفعل» فالخيار يسقط بالتصرف قبل الرد، فقول السيد «لا خيار قبل الردّ حتى يسقط بالتصرف» فى غير محله (هذا مع) انه يرد اشكال ثان على السيد، و هو ان قوله «قبل الرد لا خيار» غير تام

ص: 378

ان حدوث الخيار بعد الرد مبنى على الوجه الاول المتقدم من الوجوه الخمسة فى مدخلية الردّ فى الخيار، و لا دليل على تعيّنه فى بيع الخيار المتعارف بين الناس،.

بل الظاهر من عبارة غير واحد، هو الثانى او نقول ان المتبع مدلول

______________________________

لانا ذكرنا سابقا ان من وجوه خيار الشرط ان يكون الخيار من حين العقد.

ف (ان حدوث الخيار بعد الرد) فقط (مبنى على الوجه الاول المتقدم) فى الامر الاول (من الوجوه الخمسة فى مدخلية الردّ فى) وجود (الخيار) «فى» متعلق «بالوجه الاول» (و لا دليل على تعيّنه) اى الوجه الاول (فى بيع الخيار المتعارف بين الناس) فليس كل بيع خيارى يجريه الناس يكون فيه الخيار مقيدا بالرد.

(بل الظاهر من عبارة غير واحد، هو) الوجه (الثانى) بان يكون الخيار من اوّل العقد- كما تقدم فى الوجه الثانى من الوجوه الخمسة- فتحصل اشكالان على السيد.

الاول: انه و ان كان الخيار بعد الرد لكن يمكن اسقاطه قبل الرد.

الثانى: انه لا نسلم كون الخيار بعد الرد مطلقا بل الغالب كون الخيار مجعولا من قبل الرد (او نقول) فى تقرير الاشكال الثانى ان السيد قال «الخيار بعد الرد مطلقا» و الحال انه قد يكون قبل الرد و قد يكون بعد الرد

ف (ان المتبع) فى كون الخيار قبل الرد، او بعد الرد (مدلول

ص: 379

الجملة الشرطية الواقعة فى متن العقد.

فقد يؤخذ الرد فيها قيدا للخيار.

و قد يؤخذ قيدا للفسخ.

نعم لو جعل الخيار و الرد فى جزء معين من المدة، كيوم بعد السنة كان التصرف قبله تصرفا مع لزوم العقد، و جاء فيه الاشكال فى صحة الاسقاط هنا، و لو قولا.

______________________________

الجملة الشرطية الواقعة فى متن العقد) فى كلام المتعاقدين.

(فقد يؤخذ الرد فيها) فى الجملة الشرطية (قيدا للخيار) فلا خيار قبل الرد.

(و قد يؤخذ) الرد (قيدا للفسخ) فالخيار موجود قبل الرد لكن الفسخ يتوقف على الرد.

(نعم) يصح قول بحر العلوم من انه لا خيار قبل الرد فيما (لو جعل الخيار و الرد) كلاهما (فى جزء معين من المدة) التى قررت بعد العقد (كيوم بعد السنة) من العقد.

كما اذا باعه اوّل يوم من رمضان و قال له: لى الخيار فى اوّل يوم من رمضان السنة الآتية (كان التصرف قبله) اى قبل ذلك اليوم (تصرفا) فى الثمن (مع لزوم العقد) اذ العقد لازم قبل اوّل يوم من شهر رمضان (و جاء فيه) اى فى قبل ذلك اليوم (الاشكال فى صحة الاسقاط) للخيار (هنا، و لو) كان اسقاطا (قولا).

فاذا لم يصح الاسقاط القولى، لم يصح الاسقاط الفعلى اى التصرف

ص: 380

من عدم تحقق الخيار.

و من تحقق سببه.

و اما المناقشة فى تحديد مبدأ الخيار بالرد بلزوم جهالة مدة الخيار.

ففيه انها لا تقدح مع تحديد زمان التسلط على الردّ و الفسخ بعده إنشاء.

______________________________

أيضا.

وجه الاشكال تعارض جهتين.

(من عدم تحقق الخيار) لفرض ان الخيار لا يكون الا فى اوّل يوم من رمضان فلا يحق له اسقاطه، لانه اسقاط ما لم يثبت.

(و من تحقق سببه) الّذي هو العقد فيحق له اسقاطه.

(و اما المناقشة) التى ذكرها الجواهر بقوله «ان ذلك يقتضي جهالة مبدأ الخيار» حيث توهم انه (فى تحديد مبدأ الخيار بالرد) اشكال (بلزوم جهالة مدة الخيار) لان اوّل الخيار محدّد بالرد، فاذا جهل وقت الرد جهل مدة الخيار.

(ففيه انها) اى الجهالة (لا تقدح مع تحديد زمان التسلط على الردّ و الفسخ) اى ان يفسخ (بعده) اى بعد الردّ (إنشاء) اى ينشئ الفسخ بعد الرد.

و ذلك لما نبه عليه المحقق الخراسانى، من انه لا وجه لقدح جهالة مدة الخيار الا الغرر، و لا غرر اصلا فيما اذا كان منشأ الخيار فى المدة

ص: 381

نعم ذكر فى التذكرة انه لا يجوز اشتراط الخيار من حين التفرق، اذا جعلنا مبدئه عند الاطلاق من حين العقد.

لكن الفرق يظهر بالتأمل و اما الاستشهاد عليه بحكم العرف.

______________________________

المعينة بيده بحيث يمكن انشائه بعد الرد فى اى جزء شاء من تلك المدة

(نعم ذكر فى التذكرة) ما ظاهره: قدح جهالة مدة الخيار.

فقد قال ب (انه لا يجوز اشتراط الخيار من حين التفرق، اذا جعلنا مبدئه) اى مبدأ الخيار (عند الاطلاق) اى اذا اطلق الخيار و لم يعين مبدئه (من حين العقد) و ليس منع التذكرة ذلك الا لانه غرر و عليه فلا يصح قولنا «لا تقدح».

(لكن الفرق) بين ما ذكرناه و بين ما ذكره التذكرة (يظهر بالتأمل).

فلا يكون كلام التذكرة ردا لقولنا «لا يقدح».

قال العلامة الطباطبائى فى وجه الفرق ان امر التفرق المحدث للخيار «كما ذكره التذكرة» ليس بيده، فجهالة حدوث زمان الخيار فيه قادحة دون ما ذكرناه، لان امر الردّ بيده، فامر الخيار أيضا بيده، و هذا لا يوجب الجهالة و الغرر.

اقول لا يخفى ما فى الفرق من الاشكال (و اما الاستشهاد) اى استشهاد الجواهر (عليه) اى على ان مجموع المدة هو زمن الخيار (بحكم العرف) بمعنى ان العرف يفهم من العبارة المتعارفة بين الناس فى مقام إنشاء شرط الفسخ برد الثمن- تحقق الخيار فى مجموع المدة حيث تقدم عن الجواهر قوله «بان الظاهر من اطلاق العرف هو كون

ص: 382

ففيه ان زمان الخيار- عرفا- لا يراد به، الا ما كان الخيار متحققا فيه شرعا، او بجعل المتعاقدين و المفروض ان الخيار هنا جعلى.

فالشك فى تحقق الخيار قبل الرد بجعل المتعاقدين.

______________________________

مجموع المدة زمان الخيار» فليس مبدأ الخيار من حين الرد- كما ذكره المصابيح-.

و الحاصل: ان المصابيح قال «مبدأ الخيار من حين الرد» و رده الجواهر «بان العرف يرى ان الخيار فى مجموع المدة».

(ففيه) انا لا نسلم ان العرف يرى ان زمن الخيار مجموع المدة، بل العرف يرى ان المرجع فى مدة الخيار هو جعل المتعاقدين، فاللازم الرجوع إليهما فى حالة الشك، ل (ان زمان الخيار- عرفا-) اى ما يطلق عليه فى العرف انه زمان الخيار (لا يراد به، الا ما كان الخيار متحققا فيه) اى فى ذلك الزمان تحققا (شرعا) بجعل الشارع- كخيار الحيوان- (او) تحققا (بجعل المتعاقدين) فاذا كان الشارع قرر الخيار لزم مراجعة الشارع فى مدة الخيار، و اذا كان المتعاقدان جعلا الخيار فاللازم مراجعتهما لمعرفة المدة التى جعلاها (و المفروض ان الخيار هنا) فى خيار الشرط فى البيع (جعلى) بجعل المتعاقدين لا بجعل الشارع.

(فالشك) منا (فى) انه هل (تحقق الخيار قبل الرد) أم لا؟ انما هو شك (بجعل المتعاقدين) و انهما كيف جعلا الخيار؟ فهما المرجع لا كما ذكره الجواهر «من ان الظاهر من اطلاق العرف هو كون مجموع المدة

ص: 383

و اما ما ذكره بعض الاصحاب فى رد الشيخ من بعض اخبار المسألة فلعلّهم فهموا من مذهبه توقف الملك على انقضاء زمان الخيار مطلقا، حتى المنفصل كما لا يبعد عن اطلاق كلامه، و اطلاق ما استدل

______________________________

زمن الخيار».

(و اما ما ذكره بعض الاصحاب فى رد الشيخ من بعض اخبار المسألة) حيث ان الجواهر استشهد بذلك فى رد المصابيح حيث قال الجواهر «و تضعيف كثير من الاصحاب ... الخ» فان الجواهر استدل بذكر بعض الاصحاب: ان الخيار فى مجموع المدة لرد المصابيح القائل بان الخيار فى بعض المدة (فلعلّهم فهموا من مذهبه) اى من مذهب الشيخ (توقف الملك على انقضاء زمان الخيار مطلقا، حتى) الخيار (المنفصل) فردوه بانه لا يشترط فى الملك انقضاء الخيار المنفصل بدليل اثبات الرواية له ملك الغلة، مع ان الخيار لم ينقض فى الخيار المنفصل، فليس كلام بعض الاصحاب فى ردّ الشيخ دليلا على كون مجموع المدة زمان الخيار ليأخذ هذا الكلام صاحب الجواهر، و يرد به على السيد القائل:

بان مبدأ الخيار من حين الرد فليس تمام المدة زمان الخيار فتحصل قول الشيخ، و رد بعض الاصحاب له، و فهم الجواهر لردّ بعض الاصحاب تفسيرا، و بهذا الفهم رد على السيد، و تفسير المصنف لرد بعض الاصحاب على ضوء فهم جديد لقول الشيخ و بهذا التفسير ردّ فهم الجواهر، و بذلك صحح المصنف كلام السيد (كما لا يبعد) الاطلاق حتى للمنفصل (عن اطلاق كلامه) اى كلام الشيخ (و) عن (اطلاق ما استدل

ص: 384

له به من الاخبار.

الأمر الخامس: لو تلف المبيع كان من المشترى،

سواء كان قبل الرد او بعده و نمائه أيضا له مطلقا.

و الظاهر عدم سقوط خيار البائع، فيسترد المثل او القيمة برد الثمن، او بدله.

و يحتمل عدم الخيار بناء على ان مورد هذا الخيار هو الزام ان له رد الثمن

______________________________

له) اى لكلامه (به) اى بذلك الاطلاق و الضمير عائد الى «ما» (من الاخبار) «من» بيان «ما».

(الامر الخامس) من الامور المربوطة بخيار الشرط (لو تلف المبيع) فى ايام الخيار (كان) التلف (من المشترى) لقاعدة ان التلف فى زمن الخيار لمن لا خيار له، فان المشترى لا خيار له و انما الخيار للبائع (سواء كان) التلف (قبل الرد او بعده) لما تقدم من وجود الخيار من حين العقد (و نمائه) اى نماء المبيع (أيضا له) اى للمشترى لقاعدة «ان من له الغنم فعليه الغرم» (مطلقا) سواء كان النماء قبل الرد او بعده.

(و الظاهر) فيما اذا تلف المبيع (عدم سقوط خيار البائع، ف) اذا فسخ (يسترد) البائع (المثل) اذا كان المبيع مثليا (او القيمة) اذا كان قيميّا (ب) مقابل (رد الثمن) عينا (او بدله) اذا صح رد بدله.

(و يحتمل عدم الخيار) للبائع اذا تلف المبيع عنده (بناء على ان مورد هذا الخيار) اى بيع الخيار (هو الزام ان له) اى للبائع (رد الثمن

ص: 385

و ارتجاع البيع.

و ظاهره اعتبار بقاء المبيع فى ذلك، فلا خيار مع تلفه.

ثم انه لا تنافى بين شرطية البقاء، و عدم جواز تفويت الشرط، فلا يجوز للمشترى اتلاف المبيع كما سيجي ء فى احكام الخيار.

______________________________

و ارتجاع البيع) بعينه.

(و ظاهره) اى ظاهر هذا الشرط (اعتبار بقاء المبيع فى ذلك) اى فى الالزام (فلا خيار) للبائع (مع تلفه) لانه قد فقد الموضوع، و بدون الموضوع لا حكم.

(ثم انه) ربما يستشكل انه كيف يمكن الجمع بين «ان الشرط فى الخيار بقاء المبيع» و بين «انه لا يجوز تفويت مورد الشرط اى لا يجوز تلف المبيع».

وجه المنافات «ان المعلق على شي ء لا يقتضي وجود المعلق عليه» مثلا: اذا علق الحج على الاستطاعة، او علق الصوم على الحضر، او علق الصلاة على طهارة المرأة من الحيض، لم يقتض ايجاد او ابقاء الاستطاعة و لا ايجاد او ابقاء الحضر، و لا ايجاد او ابقاء الطهارة.

فكيف تقولون- فى مقامنا- ان الخيار معلق على بقاء المبيع، مع قولكم بوجوب ابقاء المبيع.

و الجواب: انه (لا تنافى بين شرطية البقاء) فى صحة الخيار (و) بين (عدم جواز تفويت الشرط).

و عليه (فلا يجوز للمشترى اتلاف المبيع كما سيجي ء فى احكام الخيار).

________________________________________

شيرازى، سيد محمد حسينى، إيصال الطالب إلى المكاسب، 16 جلد، منشورات اعلمى، تهران - ايران، اول، ه ق

إيصال الطالب إلى المكاسب؛ ج 11، ص: 387

ص: 386

لان غرض البائع من الخيار استرداد عين ماله، و لا يتم الا بالتزام ابقائه للبائع.

و لو تلف الثمن فان كان بعد الرد و قبل الفسخ، فمقتضى ما سيجي ء من ان التلف فى زمان الخيار ممن لا خيار له كونه من المشترى و ان كان

______________________________

و انما قلنا: انه لا تنافى (لان غرض البائع من الخيار استرداد عين ماله) غالبا (و لا يتم) هذا الفرض الّذي هو شرط ضمنى فى بيع الخيار (الا بالتزام) المشترى (ابقائه) اى ابقاء نفس المبيع (للبائع).

و انما قلنا «غالبا» لانه قد يكون غرض البائع الحصول على الاعم منه و من مثله.

كما اذا باع بيعا خياريا كتابا و كان قصده الدرس فى ذلك الكتاب فلا يهمه ان استرجع عين كتابه او بدله.

و فى المقام حيث لا شرط ضمنى بارجاع الكتاب بعينه، يحق للمشترى اتلافه و ارجاع بدله عند الفسخ.

و منه يعلم انه يمكن جعل الشرط ارجاع القيمى بالمثل «مثلا عرفا» كما اذا باعه شاة و كان مقصوده لحمها، فلا يهم ان يرجع عينها او بدلها

(و لو تلف الثمن) و لم يتلف المثمن (فان كان) التلف (بعد الرد و قبل الفسخ)- فيما اذا لم يكن نفس الرد فسخا- (فمقتضى ما سيجي ء من ان التلف فى زمان الخيار ممن لا خيار له كونه) اى التلف (من المشترى) لان المشترى لا خيار له فى بيع الشرط و انما الخيار للبائع فقط (و ان كان) الثمن

ص: 387

ملكا للبائع، الا ان يمنع شمول تلك القاعدة للثمن، و يدعى اختصاصها بالمبيع، كما ذكره بعض المعاصرين و استظهره من رواية معاوية بن ميسرة المتقدمة و لم اعرف وجه الاستظهار اذ ليس فيها الا ان نماء الثمن للبائع، و تلف المبيع من المشترى، و هما اجماعيان

______________________________

(ملكا للبائع) اذ القاعدة عامة و لا يلاحظ فيها ان التالف ملك من كان (الا ان يمنع شمول تلك القاعدة) قاعدة: التلف فى زمن الخيار ممن لا خيار له (للثمن) فيكون تلف الثمن من كيس البائع (و يدعى اختصاصها) اى تلك القاعدة (بالمبيع) فقط (كما ذكره بعض المعاصرين) و هو صاحب الجواهر (و استظهره) اى استظهر ادعائه بان القاعدة خاصة بالمبيع و لا تشمل الثمن (من رواية معاوية بن ميسرة المتقدمة و) لكنى (لم اعرف وجه الاستظهار).

اقول: الرواية هى قال سمعت أبا الجارود، و يسأل أبا عبد الله عليه السلام عن رجل باع دارا له من رجل، و كان بينه و بين الرجل الّذي اشترى منه الدار خلطة، فشرط انك ان أتيتنى بمالى ما بين ثلاث سنين فالدار دارك، فاتاه بما له قال له شرطه، قال له ابو الجارود فان هذا الرجل قد اصاب فى هذا المال فى ثلاث سنين قال عليه السلام هو ماله، و قال عليه السلام أ رأيت لو ان الدار احترقت من مال من كانت يكون الدار دار المشترى (اذ ليس فيها) اى فى الرواية (الا ان نماء الثمن للبائع، و تلف المبيع من المشترى، و هما اجماعيان).

و على طبق القاعدة «فنماء الثمن للبائع» تدل عليه «قاعدة ان

ص: 388

حتى فى مورد كون التلف ممن لا خيار له فلا حاجة لهما الى تلك الرواية

و لا تكون الرواية مخالفة للقاعدة، و انما المخالف لها هى قاعدة ان الخراج بالضمان اذا انضمت الى الاجماع على كون النماء للمالك.

نعم الاشكال فى عموم تلك القاعدة

______________________________

النماء تابع للملك» فان الثمن حيث كان للبائع كان نمائه للبائع.

«و تلف المبيع من المشترى» تدل عليه «قاعدة التلف من المالك» حيث ان المبيع للمشترى (حتى فى مورد كون التلف ممن لا خيار له) و اذ كان الحكمان المذكوران على طبق الاجماع و القاعدة (فلا حاجة لهما) اى للحكمين المذكورين (الى تلك الرواية) رواية معاوية بن ميسرة

(و) قد عرفت انه (لا تكون الرواية مخالفة للقاعدة) بل القاعدة على طبق الرواية (و انما المخالف لها) اى للرواية (هى قاعدة ان الخراج بالضمان اذا انضمت) القاعدة (الى الاجماع على كون النماء للمالك).

اذ «نماء الثمن للبائع لان الثمن ملكه» و «تلف الثمن على المشترى لان التلف فى زمن الخيار ممن لا خيار له» و حيث ان المشترى لا خيار له فالتلف يكون عليه.

و هذان الحكمان «نماء الثمن للبائع و تلفه على المشترى» يتنافيان مع قاعدة «الخراج بالضمان» لان هذه القاعدة تقول «كل من ربح النماء يخسر اذا تلف» و الحكمان يقولان «يربح انسان و يخسر انسان آخر».

(نعم الاشكال فى عموم تلك القاعدة) قاعدة «التلف فى زمن الخيار

ص: 389

للثمن كعمومها لجميع افراد الخيار.

لكن الظاهر من اطلاق غير واحد عموم القاعدة للثمن، و اختصاصها بالخيارات الثلاثة اعنى خيار المجلس و الشرط و الحيوان.

و سيجي ء الكلام فى احكام الخيار.

و ان كان التلف قبل الرد فمن البائع بناء على عدم ثبوت الخيار قبل الرد

______________________________

ممن لا خيار له» (للثمن) اذ المتيقن من القاعدة «المثمن» (ك) ما ان الاشكال أيضا موجود فى (عمومها) اى عموم قاعدة «التلف فى زمن الخيار ممن لا خيار له» (لجميع افراد الخيار) فهل ان التلف «فى كل خيار» ممن لا خيار له، أم ان القاعدة خاصة ببعض الخيارات.

(لكن الظاهر من اطلاق غير واحد) من الفقهاء (عموم القاعدة) قاعدة «التلف فى زمن الخيار ممن لا خيار له» (للثمن) فتلف الثمن كتلف المثمن ممن لا خيار له (و اختصاصها) اى القاعدة (بالخيارات الثلاثة) فقط (اعنى خيار المجلس و الشرط و الحيوان) دون سائر الخيارات.

(و سيجي ء) تفصيل (الكلام) فى ذلك (فى احكام الخيار) ان شاء الله تعالى.

ثم لا يخفى: ان بعض المعلقين ذكر وجه استظهار الجواهر، لكن حيث ان بيانه خارج عن مقصد الشرح، فالراغب يرجع الى محله.

(و ان كان التلف) للثمن (قبل الرد) للمثمن- و هذا عطف على قوله: فان كان بعد الرد و قبل الفسخ- (ف) يكون التلف (من البائع) و ذلك (بناء على عدم ثبوت الخيار) للبائع (قبل الرد) فلا تجرى قاعدة:

ص: 390

و فيه: مع ما عرفت من منع المبنى منع البناء فان دليل ضمان من لا خيار له مال صاحبه و هو تزلزل البيع، سواء كان بخيار متصل او بمنفصل كما يقتضيه اخبار تلك المسألة كما سيجي ء.

______________________________

التلف فى زمن الخيار ممن لا خيار له حتى يكون التلف من المشترى.

(و فيه: مع ما عرفت من منع المبنى) اذ قد تقدم فى ردّ العلامة الطباطبائى عدم كلية عدم الخيار قبل الرد، بل قد يكون خيار قبل الرد و قد لا يكون، فلا يصح اطلاق القول «بان التلف قبل الرد من البائع» (منع البناء) فانا اذا سلمنا صحة المبنى لكن نقول «ان البناء على هذا المبنى غير صحيح».

و بعبارة اخرى لا نسلم الصغرى، و ان سلمنا الكبرى، فانا نمنع كون التلف من غير ذى الخيار يتوقف على ثبوت الخيار الفعلى، بل اذا كان الخيار شأنيا يكون التلف من غير ذى الخيار الشأنى أيضا.

و استدل المصنف لهذا المنع بقوله: (فان دليل ضمان من لا خيار له) اى قاعدة «التلف فى زمن الخيار ممن لا خيار له» (مال صاحبه) مفعول «ضمان» (و هو تزلزل البيع) خبر «فان» (سواء كان) التزلزل (بخيار متصل) بان كان الخيار فعليا (او ب) خيار (منفصل) بان كان الخيار شأنيا (كما يقتضيه) اى يقتضي هذا الاطلاق الشامل للخيارين المتصل و المنفصل (اخبار تلك المسألة) اى مسألة: ان التلف فى زمن الخيار ممن لا خيار له (كما سيجي ء) ان شاء الله تعالى.

ص: 391

ثم ان قلنا بان تلف الثمن من المشترى انفسخ البيع.

و ان قلنا بانه من البائع فالظاهر بقاء الخيار فيرد البدل، و يرتجع المبيع.

______________________________

(ثم ان قلنا بان تلف الثمن من المشترى) لان التلف فى زمن الخيار ممن لا خيار له (انفسخ البيع) لان الثمن رجع الى المشترى، فبطلت المعاملة و رجع المثمن الى البائع.

(و ان قلنا بانه من البائع) لان القاعدة المتقدمة لا تشمل الثمن كما تقدم (فالظاهر بقاء الخيار) للبائع لما تقدم من ان المراد ب «الرد» المشروط رد العين او القيمة (ف) اذا تعذرت العين (يرد) البائع (البدل) للقيمة (و يرتجع المبيع) بعد فسخه للعقد.

ص: 392

الأمر السادس لا اشكال فى القدرة على الفسخ برد الثمن على نفس المشترى،

او برده على وكيله المطلق، او الحاكم، او العدول، مع التصريح بذلك فى العقد و ان كان المشروط هو رده الى المشترى مع عدم التصريح ببدله فامتنع رده إليه عقلا لغيبة و نحوها او شرعا لجنون و نحوه

ففى حصول الشرط بردّه الى الحاكم كما اختاره المحقق القمى فى بعض

______________________________

(الامر السادس) من الامور المرتبطة ببيع الشرط (لا اشكال فى القدرة) للبائع (على الفسخ برد الثمن على نفس المشترى) اذا بقى على شرائط التكليف (او برده على وكيله المطلق) الوكيل فى كل شي ء لا الوكيل فى امر خاص غير اخذ الثمن و الا فلا اشكال فى صحة الرد على وكيله فى اخذ الثمن كما انه لا يكفى ردّه على وكيله فى ما اذا شرط رده على نفسه فقط (او الحاكم) فى ما اذا تعذر الرد على وكيله (او العدول) المؤمنين اذا تعذر الحاكم و وكيل الحاكم (مع التصريح بذلك) بان يرده على وكيله و نحوه (فى العقد) لانه مع التصريح قد و فى بالشرط، فله استرجاع المبيع (و ان كان المشروط) فى العقد (هو رده الى المشترى مع عدم التصريح ببدله) اى بدل المشترى (فامتنع رده إليه عقلا، لغيبة و نحوها) كما اذا كان مسجونا لا يمكن الوصول إليه (او شرعا لجنون و نحوه) كالاغماء.

(ففى حصول الشرط بردّه الى الحاكم) الشرعى و وكيله (كما اختاره المحقق القمى فى بعض

ص: 393

اجوبة مسائله و عدمه كما اختاره سيد مشايخنا فى مناهله قولان.

و ربما يظهر من صاحب الحدائق الاتفاق على عدم لزوم رد الثمن الى المشترى مع غيبته حيث انه بعد نقل قول المشهور بعدم اعتبار حضور الخصم فى فسخ ذى الخيار، و انه لا اعتبار بالاشهاد خلافا لبعض علمائنا.

قال: ان ظاهر الرواية اعتبار حضور المشترى ليفسخ البائع بعد دفع الثمن إليه.

______________________________

اجوبة مسائله) لانه ولى الممتنع و القاصر و نحوهما، فالحاكم- فى هذا الحال- كالمشترى- (و عدمه) فلا يصح رده الى الحاكم فى فسخ المعاملة (كما اختاره سيد مشايخنا فى مناهله) لان الشرط متعذر، و اذا تعذر الشرط تعذر الفسخ (قولان).

(و) لكن (ربما يظهر من صاحب الحدائق الاتفاق) من العلماء (على عدم لزوم رد الثمن الى المشترى مع غيبته) بل يكفى ردّه الى الحاكم فى صحة الفسخ فيكون قول المناهل خلاف الاجماع (حيث انه) اى الحدائق (بعد نقل قول المشهور بعدم اعتبار حضور الخصم) اى طرف ذى الخيار (فى فسخ ذى الخيار) فى مطلق الخيارات، بل لذى الخياران يفسخ فى غيبة الخصم (و انه لا اعتبار بالاشهاد) اى اخذ الشاهد عند الفسخ (خلافا لبعض علمائنا) حيث اعتبروا الاشهاد عند الفسخ.

(قال: ان ظاهر الرواية) المراد بالرواية الجنس لا رواية خاصة (اعتبار حضور المشترى ليفسخ البائع) و يكون الفسخ (بعد دفع الثمن إليه) اى الى

ص: 394

فما ذكروه من جواز الفسخ مع عدم حضور المشترى، و جعل الثمن امانة الى ان يجي ء المشترى و ان كان ظاهرهم الاتفاق عليه الا انه بعيد عن مساق الاخبار المذكورة، انتهى.

اقول: لم اجد فيما رأيت من تعرض لحكم رد الثمن مع غيبة المشترى فى هذا الخيار و لم يظهر منهم جواز الفسخ بجعل الثمن امانة عند البائع حتى يحضر المشترى.

و ذكرهم لعدم اعتبار حضور الخصم فى فسخ ذى الخيار

______________________________

المشترى.

(فما ذكروه) الفقهاء (من جواز الفسخ) اى جواز فسخ البائع فى بيع الشرط (مع عدم حضور المشترى، و) اذا فسخ (جعل الثمن امانة الى ان يجي ء المشترى) ليرده عليه (و ان كان ظاهرهم الاتفاق عليه) اى على جواز الفسخ، و جعل الثمن امانة (الا انه بعيد عن مساق الاخبار المذكورة) اى ما قال بانه ظاهر الرواية (انتهى) كلام الحدائق.

(اقول: لم اجد فيما رأيت من تعرض لحكم رد الثمن مع غيبة المشترى فى) مسألة (هذا الخيار) خيار الشرط، فكيف نسب الحدائق إليهم انهم ذكروه (و لم يظهر منهم جواز الفسخ بجعل الثمن امانة عند البائع حتى يحضر المشترى) اذا فسخ فى حال غياب المشترى.

فقول الحدائق «و جعل الثمن امانة ..» من اين ذكره.

(و) ان اعتمد الحدائق فى النسبة إليهم الى (ذكرهم لعدم اعتبار حضور الخصم فى فسخ ذى الخيار) ففيه انه لا يصلح مستندا له لانه

ص: 395

انما هو لبيان حال الفسخ من حيث هو فى مقابل العامة، و بعض الخاصة حيث اشترطوا فى الفسخ بالخيار حضور الخصم.

و لا تنافى بينه و بين اعتبار حضوره لتحقق شرط آخر للفسخ، و هو ردّ الثمن الى المشترى، مع ان ما ذكره من اخبار المسألة لا يدل على اعتبار حضور الخصم فى الفسخ و ان كان موردها صورة حضوره لاجل تحقق الرد.

______________________________

(انما هو لبيان حال الفسخ من حيث هو) فسخ.

و من المعلوم انه لا يشترط فى الفسخ حضور الخصم (فى مقابل العامة و بعض الخاصة حيث اشترطوا فى الفسخ بالخيار حضور الخصم).

(و) من المعلوم انه (لا تنافى بينه) اى بين كلامهم فى رد العامة، و بعض الخاصة (و بين اعتبار حضوره) اى الخصم (لتحقق شرط آخر للفسخ، و) الشرط الآخر (هو ردّ الثمن الى المشترى) لان ردّ الثمن الى المشترى شرط فى الفسخ حسب قرار المتعاقدين (مع ان ما ذكره) اى الحدائق (من اخبار المسألة) التى ادعى ظهورها فى حضور المشترى عند فسخ البائع (لا يدل على اعتبار حضور الخصم فى الفسخ) لانها لم تشترط ذلك (و ان كان موردها صورة حضوره) اى حضور الخصم (لاجل تحقق الرد).

فان عملية الرد لا تكون الا بحضور من يأخذ، الا ان المورد «غير الاشتراط» فلا يمكن ان يجعل المورد شرطا.

ثم بين المصنف وجه ان كون «المورد حضور المشترى» لا يلازم

ص: 396

الا ان الفسخ قد يتأخر عن الرد بزمان بناء على مغايرة الفسخ للرد، و عدم الاكتفاء به عنه.

نعم لو قلنا بحصول الفسخ بالرد اختص موردها بحضور الخصم.

لكن الاصحاب لم ينكروا اعتبار الحضور فى هذا الخيار، خصوصا لو فرض قولهم بحصول الفسخ بمجرد ردّ الثمن، فافهم.

و كيف كان فالاقوى فيما لم يصرح باشتراط الردّ الى خصوص المشترى

______________________________

حضوره «فى الفسخ» بقوله (الا ان الفسخ قد يتأخر عن الرد بزمان) فيرد البائع الثمن اليوم و يفسخ البيع غدا (بناء على مغايرة الفسخ للرد) بان لا يكون نفس الرد فسخا (و) بناء على (عدم الاكتفاء به) بالرد (عنه) اى عن الفسخ.

(نعم لو قلنا بحصول الفسخ بالرد اختص موردها) اى مورد تلك الاخبار (بحضور الخصم) هذا كله رد على صاحب الحدائق.

(لكن) يمكن تصحيح كلامه الاخير القائل باعتبار حضور المشترى فى الفسخ بان (الاصحاب لم ينكروا اعتبار الحضور) اى حضور المشترى (فى هذا الخيار) اى خيار الشرط (خصوصا لو فرض قولهم بحصول الفسخ بمجرد ردّ الثمن) و ان الفسخ و الرد شي ء واحد (فافهم) فان ذكر الاصحاب لا يفيد الاشتراط، و لعلهم ذكروا ذلك فى مورد كان الرد فسخا فلا اطلاق لكلامهم.

(و كيف كان) كلام الاصحاب (فالاقوى فيما لم يصرح) فى العقد (باشتراط الردّ الى خصوص المشترى) بنفسه

ص: 397

هو قيام الولى مقامه، لان الظاهر من الرد الى المشترى حصوله عنده، و تملكه له، حتى لا يبقى الثمن فى ذمة البائع بعد الفسخ.

و لذا لو دفع الى وارث المشترى كفى، و كذا لو رد وارث البائع مع ان المصرح به فى العقد رد البائع و ليس ذلك لاجل إرثه للخيار

______________________________

(هو قيام الولى) وكيلا كان او حاكما او وليا- كما اذا جن- او من اشبههم (مقامه) اى مقام المشترى فى كفايته فى الفسخ (لان الظاهر من) شرطهما حال العقد (الرد الى المشترى) هو (حصوله) اى الثمن (عنده) اى عند المشترى (و تملكه له) بدخول الثمن فى ملك المشترى (حتى لا يبقى الثمن فى ذمة البائع بعد الفسخ) و هذا يحصل اذا سلّم الثمن الى ولى المشترى.

(و لذا) الّذي ذكرنا من ان المعيار حصول الثمن للمشترى «و ذلك يحصل بتسليمه الى ولى المشترى» (لو دفع) البائع بعد الفسخ الثمن (الى وارث المشترى) فيما لو مات المشترى (كفى).

و انما نقول بانه «كفى» لان العرف يرى انه وفاء بالشرط «مما يكشف عن ان الشرط عرفا لم يكن اكثر من ذلك» (و كذا لو رد وارث البائع) بان مات البائع و ردّ وارثه الثمن الى المشترى (مع ان المصرح به فى العقد رد البائع) الثمن (و ليس ذلك) كفاية ردّ وارث البائع الى المشترى (لاجل إرثه) اى إرث الوارث (للخيار) حتى يقال: ان وارث البائع حيث ورث الخيار كان له ان يرد الثمن، فلا يدل ردّ وارث البائع على كفاية «الدفع الى وارث المشترى».

ص: 398

لان ذلك متفرع على عدم مدخلية خصوص البائع فى الردّ، و كذا الكلام فى وليه.

و دعوى ان الحاكم انما يتصرف فى مال الغائب على وجه الحفظ و المصلحة، و الثمن قبل ردّه باق على ملك البائع

______________________________

و انما قلنا «ليس ذلك» (لان ذلك) اى إرث البائع للخيار (متفرع على عدم مدخلية خصوص البائع فى الرد) اذ لو كان للبائع خصوصية لم يكن يورث خياره، كما اذا صرح بان للبائع فقط «دون وارثه» الخيار و اذ لم يكن «ردّ وارث البائع» الا لاجل عدم الخصوصية فى البائع كان اخذ ولى المشترى كافيا لوحدة المناط فى وارث البائع و ولى المشترى، و المناط هو الدفع من قبل البائع و الاخذ من طرف المشترى، سواء كان الراد و الآخذ نفس البائع و المشترى او انسانا آخر مربوطا بهما من وارث و ولى (و كذا الكلام فى وليه) اى ولى البائع.

(و) ان قلت: لا حق للحاكم ان يأخذ الثمن من البائع لان اخذه من البائع خلاف مصلحة المشترى اذ معنى اخذ الحاكم ان البائع يحق له الفسخ، و الفسخ ضرر على المشترى، فان الدار المنتقلة الى المشترى مثلا- اعلى من ثمنها الّذي دفعه المشترى الى البائع، و قبض الحاكم للثمن يوجب تضرر المشترى بذهاب الدار عن يده.

قلت: (دعوى ان الحاكم انما يتصرف فى مال الغائب على وجه الحفظ و المصلحة) فانه ليس للحاكم الا العمل بما هو صلاح الغائب (و الثمن قبل ردّه) الى الحاكم الولى للمشترى (باق على ملك البائع) و فى قباله

ص: 399

و قبضه عنه الموجب لسلطنة البائع على الفسخ قد لا يكون مصلحة للغائب او شبهه، فلا يكون وليا فى القبض فلا يحصل ملك المشترى المدفوع بعد الفسخ، مدفوعة ب

______________________________

المثمن باق على ملك المشترى (و قبضه) اى قبض الحاكم الثمن (عنه) اى عن قبل المشترى (الموجب) ذلك القبض (لسلطنة البائع على الفسخ قد لا يكون مصلحة للغائب) الّذي هو المشترى (او شبهه) اى شبه الغائب

كما اذا جن المشترى فكان الحاكم وليا له، و اذ لم يكن اخذ الحاكم الثمن لمصلحة المشترى (فلا يكون) الحاكم (وليا فى القبض) لانه ولى فى العمل لمصلحة المولّى عليه، لا انه ولى مطلقا و اذ لم يكن الحاكم وليا (فلا يحصل ملك المشترى المدفوع) اى للثمن الّذي قبضه الحاكم (بعد الفسخ) «بعد» متعلق ب «ملك» لان ملك المشترى يحصل للثمن بعد فسخ البائع، و فى المقام حيث لم يقبض المشترى الثمن- و الحاكم القابض ليس وليا له حسب الفرض- لا ينفع فسخ البائع فى ملكية المشترى للثمن اذ الفسخ انما يكون مملّكا للمشترى اذا كان المشترى قد قبض الثمن (مدفوعة) خبر «دعوى» (ب) انه لا يشترط فى ولاية الحاكم على المشترى «مصلحة المشترى» هنا، بل كما ان البائع كان يرد على نفس المشترى و ان لم يكن الرد مصلحة للمشترى، كذلك يرد البائع على من يقبض عن المشترى و ان لم يكن الرد مصلحة للمشترى.

فحال الحاكم حال المشترى فى انه مجبور فى اخذ الثمن سواء كان الأخذ مصلحة للمشترى، أم لا، فان الشارع فى المقام راعى مصلحة البائع

ص: 400

ان هذا ليس تصرفا اختياريا من قبل الولى حتى يناط بالمصلحة، بل البائع حيث وجد من هو منصوب شرعا لحفظ مال الغائب صح له الفسخ، اذ لا يعتبر فيه قبول المشترى، او وليه للثمن، حتى يقال ان ولايته فى القبول متوقفة على المصلحة، بل المعتبر تمكين المشترى او وليه منه اذا حصل الفسخ.

و مما ذكرنا يظهر جواز الفسخ برد الثمن الى عدول المؤمنين ليحفظوها

______________________________

حيث ان بيده الخيار.

ف (ان هذا) الأخذ من الحاكم للثمن (ليس تصرفا اختياريا من قبل الولى) الّذي هو الحاكم (حتى يناط) هذا التصرف (بالمصلحة) للمشترى (بل البائع حيث وجد من هو منصوب شرعا لحفظ مال الغائب) الغائب الّذي هو المشترى (صح له) اى للبائع (الفسخ) و تسليم الثمن الى ولى المشترى (اذ لا يعتبر فيه) اى فى الفسخ (قبول المشترى، او وليه للثمن) بل المقدم للفسخ إرادة البائع، فان بيده الاختيار (حتى يقال ان ولايته) اى الحاكم (فى القبول) للثمن (متوقفة على المصلحة) مصلحة المشترى (بل المعتبر) فى الفسخ (تمكين المشترى او وليه منه) اى من الثمن (اذا حصل الفسخ) و فى المقام يمكن اعطاء الثمن لولى المشترى الّذي هو الحاكم.

(و مما ذكرنا) من جواز الفسخ اذا تمكن من اعطاء الثمن الى الحاكم (يظهر جواز الفسخ برد الثمن الى عدول المؤمنين) اذا لم يكن الحاكم الشرعى و لا وكيله (ليحفظوها) اى يحفظوا القيمة

ص: 401

حسبة عن الغائب، و شبهه.

و لو اشترى الأب للطفل بخيار البائع، فهل يصح له الفسخ؟ مع رد الثمن الى الولى الآخر، اعنى الجدّ مطلقا، او مع عدم التمكن من الرد الى الأب، او لا، وجوه.

______________________________

(حسبة) اى احتسابا و قربة الى الله (عن الغائب، و شبهه) كالمجنون بل يمكن ان يقال ان له الفسخ و وضعه امانة عند نفسه، اذا لم يجد عدول المؤمنين اذ لا خصوصية لعدول المؤمنين فان البائع كاحدهم و دليل: لا ضرر، يمنع من القول بعدم الفسخ حتى تنتهى المدة و يلزم البيع

(و لو اشترى الأب للطفل بخيار البائع، فهل يصح له) اى للبائع (الفسخ؟ مع رد الثمن الى الولى الآخر، اعنى الجدّ مطلقا) سواء تمكن من الردّ على الأب، أم لا (او) يصح الرد الى الجد (مع عدم التمكن من الرد الى الأب، أو لا) فلا بد من الارجاع الى الأب مطلقا فلو لم يتمكن من الارجاع الى الأب لم يصح له الفسخ (وجوه).

اما رد الثمن الى الولى الآخر مطلقا فلانهما وليان فيكونان بمنزلة واحدة فحالهما حال وكيلى انسان.

و اما عدم الرد الا الى الأب مع الامكان، فلانه مقتضى ظاهر الاشتراط عند العقد، فاذا لم يمكن الأب قام الولى و هو الجد مقامه.

و اما عدم الرد الى الجد مطلقا فللجمود على ظاهر الشرط عند العقد.

و الاقوى هو الاول و ان كان الاحوط الثانى، اما الثالث فهو بعيد

ص: 402

و يجرى مثلها فيما لو اشترى الحاكم للصغير فردّ البائع الى حاكم آخر، و ليس فى قبول الحاكم الآخر مزاحمة للاول حتى لا يجوز قبوله للثمن، و لا يجرى ولايته بالنسبة الى هذه المعاملة بناء على عدم جواز مزاحمة حاكم لحاكم آخر فى مثل هذه الامور

______________________________

جدا.

(و يجرى مثلها) اى مثل الوجوه الثلاثة (فيما لو اشترى الحاكم للصغير) و المجنون و نحوهما (فردّ البائع الى حاكم آخر، و) الظاهر جوازه لان الحكام كلهم وكلاء امام واحد، لكن فيما (ليس فى قبول الحاكم الآخر مزاحمة ل) الحاكم (الاول حتى لا يجوز قبوله) اى قبول الحاكم الآخر (للثمن) عن قبل المشترى (و) حتى (لا يجرى ولايته) اى ولاية الحاكم الثانى (بالنسبة الى هذه المعاملة) التى اجريت مع حاكم آخر (بناء على عدم جواز مزاحمة حاكم لحاكم آخر فى مثل هذه الامور) التى تسبّب الشجار و النزاع فى مقابل الامور التى لا تسبب ذلك، كما اذا كانت دارا مردّدة بين الملك و الوقف.

فحكم احدهما انها وقف و التولية لزيد، و حكم الآخر بانها ملك لزيد حيث لا موقع للشجار، اذ لا نزاع بين اثنين.

و وجه عدم جواز المزاحمة فيما اورث الشجار ان الحاكم وضع لاجل رفع النزاع و الشجار فلا يمكن ان يشرع حكم يوجب مزيدا من النزاع.

و اما من قال بعدم البأس فى المزاحمة مطلقا، قال بانهما وكيلان و لا يحق لهما الشجار، فلدى الاختلاف يكون المرجع من يفصل امثال

ص: 403

لما عرفت من ان أخذ الثمن من البائع ليس تصرفا اختياريا، بل البائع اذا وجد من يجوز ان يتملك الثمن عن المشترى عند فسخه جاز له الفسخ.

و ليس فى مجرد تملك الحاكم الثانى الثمن عن المشترى مزاحمة للحاكم الاول.

غاية الامر وجوب دفعه إليه مع احتمال عدم الوجوب، لان هذا

______________________________

هذه القضايا، و تفصيل الكلام فى ذلك فى كتاب القضاء.

فقوله: (لما عرفت) تعليل لجواز الفسخ باعطاء الثمن للحاكم (من ان أخذ الثمن من البائع ليس تصرفا اختياريا) حتى تلاحظ المصلحة (بل البائع اذا وجد من يجوز ان يتملك الثمن عن المشترى) اى يقبل الثمن ليكون ملكا للمشترى (عند فسخه) اى فسخ البائع للبيع، و «عند» متعلق ب «يتملك» (جاز له) اى للبائع (الفسخ).

(و) حيث يشكل الامر فى المقام بان اخذ الحاكم الثانى يوجب المزاحمة الممنوعة، قال (ليس فى مجرد تملك الحاكم الثانى الثمن عن المشترى مزاحمة للحاكم الاول) حتى لا يصح تسليم الثمن الى الحاكم الثانى.

(غاية الامر) اذا قلنا بعدم جواز المزاحمة (وجوب دفعه) اى الثمن (إليه) اى الى الحاكم الاول، فالفسخ جائز على كل حال (مع احتمال عدم الوجوب) اى عدم وجوب الدفع الى الحاكم الاول و ان كانت مزاحمة (لان هذا) الثمن الّذي يأخذه الحاكم الثانى بعد فسخ البائع بيع الشرط

ص: 404

ملك جديد للصغير لم يتصرف فيه الحاكم الاول، فلا مزاحمة.

لكن الاظهر انها مزاحمة عرفا.

الأمر السابع: اذا اطلق اشتراط الفسخ برد الثمن لم يكن له ذلك الا برد الجميع،

فلو رد بعضه لم يكن له الفسخ و ليس للمشترى التصرف فى المدفوع إليه، لبقائه على ملك البائع.

و الظاهر انه ضامن له لو تلف اذا دفعه إليه على وجه الثمنية، الا

______________________________

(ملك جديد للصغير لم يتصرف فيه الحاكم الاول) حتى يكون اعطاء الثمن الى الحاكم مزاحمة (فلا مزاحمة) بين الحاكمين.

(لكن الاظهر انها) اى تسليم الثمن الى الحاكم الثانى و تأنيث الضمير باعتبار «مزاحمة» (مزاحمة عرفا).

فاذا قلنا بعدم جواز المزاحمة لم يجز التسليم الى الحاكم الثانى.

(الامر السابع) من الامور المرتبطة بخيار الشرط (اذا اطلق اشتراط الفسخ برد الثمن لم يكن له ذلك) الفسخ (الا برد الجميع) اى جميع الثمن و ذلك لانه شرط الفسخ (فلو رد) البائع (بعضه) اى بعض الثمن (لم يكن له الفسخ) الا اذا اكمله بالبعض الآخر (و) اذا دفع البائع بعض الثمن (ليس للمشترى التصرف فى المدفوع إليه لبقائه على ملك البائع) و رضى البائع ان يتصرف فيه لا ينفع بعد ان كان رضا معامليا لا رضا مطلقا

(و الظاهر) من القواعد (انه) اى المشترى (ضامن له) اى للمقدار المدفوع إليه من الثمن (لو تلف) لقاعدة: على اليد (اذا دفعه إليه على وجه الثمنية) لانه ليس بثمن، و لا امانة، و لا وجه آخر لعدم الضمان (الا

ص: 405

ان يصرح بكونها امانة عنده الى ان يجتمع قدر الثمن فيفسخ البائع.

و لو شرط البائع الفسخ فى كل جزء برد ما يخصّه من الثمن جاز الفسخ فى ما قابل المدفوع، و للمشترى خيار التبعيض اذا لم يفسخ البائع بقية المبيع و خرجت المدة،

______________________________

ان يصرح) البائع المعطى (بكونها) اى العين المدفوعة بعنوان بعض الثمن (امانة عنده) اى عند المشترى، فقال هى امانة عندك (الى ان يجتمع قدر الثمن) كاملا (فيفسخ البائع) فانه اذا تلف عند المشترى حينئذ بدون تعدّ و تفريط لم يكن ضامنا، اذ الامين ليس بضامن، و لو تلف و اختلفا فى انه بتعد، أم لا، فليس عليه الا اليمين، كما هى القاعدة الكلية

(و لو شرط البائع) عند العقد (الفسخ فى كل جزء) جزء من اجزاء المبيع (ب) مقابل (ردّ) البائع (ما يخصّه) اى يخصّ ذلك الجزء (من الثمن) كما اذا باعه دارين بالفين، و شرط ان كل الف اذا دفع، كان له فسخ احدى الدارين (جاز الفسخ فى ما قابل المدفوع) حسب الشرط.

و الظاهر ان الفسخ بقدر ما بيد البائع، فاذا دفع الفا فى مقابل الدار الغربية، كان الراجع إليه الدار الغربية، و ان لم يرض المشترى بل اراد ارجاع الدار الشرقية (و للمشترى خيار التبعيض اذا لم يفسخ البائع بقية المبيع)، بان لم يعط بقية الثمن (و خرجت المدة) المضروبة اجلا للخيار، و ذلك لوضوح ان الشرط كان اعطاء جميع الثمن فى مقابل رد جميع المبيع، فاذا لم يعط جميع الثمن لم يكن له الفسخ، فاذا فسخ البعض و ظن المشترى انه مقدمة فسخ الكل كان ذلك مراعى بفسخ الكل

ص: 406

و هل له ذلك قبل خروجها؟ الوجه ذلك و يجوز اشتراط الفسخ فى الكل برد جزء معين من الثمن فى المدة، بل بجزء غير معين فيبقى

______________________________

فاذا لم يفسخ الكل، كان للمشترى الامتناع عن رد المبيع، و استرجاع ما رد منه اذا كان رد البعض (و هل له) اى للمشترى (ذلك) اى خيار التبعيض (قبل خروجها؟) اى قبل خروج المدة بان كانت المدة سنة مثلا و اعطى البائع فى نصف سنة نصف المبلغ، و استرجع دارا من الدارين مثلا- فللمشترى ان يأخذ بخيار التبعيض بان يسترد الدار و يرجع نصف الثمن و يحتفظ بالدارين معا الى ان يعطى البائع كل الثمن قبل السنة (الوجه ذلك) اى للمشترى حق ذلك لحصول سبب خيار التبعيض فعلا.

لكن فيه انه اذا كان الشرط اعطاء كل جزء عند اعطاء البائع كل جزء من الثمن لم يكن لخيار المشترى وجه، بعد ان رضى بالتبعيض حال العقد (و يجوز اشتراط الفسخ فى الكل) اى كل المبيع (برد جزء معين من الثمن فى المدة).

كما اذا قال البائع: افسخ العقد اذا اعطيت نصف الثمن (بل بجزء غير معين).

كما اذا قال البائع: افسخ العقد اذا اعطيت بعض الثمن و لم يعين مقدار ذلك البعض.

و انما يجوز ذلك لقاعدة: المؤمنون عند شروطهم.

و كيف كان (ف) اذا فسخ البائع بعد اعطاء جزء معين او جزء غير معين (يبقى

ص: 407

الباقى فى ذمة البائع بعد الفسخ.

الأمر الثامن كما يجوز للبائع اشتراط الفسخ برد الثمن، كذا يجوز للمشترى اشتراط الفسخ برد المثمن.

و لا اشكال فى انصراف الاطلاق الى العين.

و لا فى جواز التصريح برد بدله مع تلفه.

______________________________

الباقى فى ذمة البائع بعد الفسخ) فاذا دفع فهو، و الا كان للمشترى اخذه منه يجبر الحاكم، فاذا لم يمكنه ذلك، كان له الفسخ و استرجاع المثمن من البائع، و رد ما اعطاه من الثمن.

(الامر الثامن) من الامور المربوطة بخيار الشرط (كما يجوز للبائع اشتراط الفسخ برد الثمن، كذا يجوز للمشترى اشتراط الفسخ برد المثمن) فيقول المشترى للبائع اذا رددت الدار عليك فى مدة سنة كان لى فسخ العقد و استرجاع ثمنها.

و انما يجوز ذلك لاطلاق قاعدة: المؤمنون عند شروطهم.

(و لا اشكال فى انصراف الاطلاق) اى اطلاق المشترى قوله «ان رددت المثمن» (الى العين) فاللازم عليه ردّ عين المثمن اى نفس الدار- مثلا- لا ان يرد بدله مثلا اذا كان مثليا كما اذا كان المثمن حنطة، و قيمة اذا كان قيميا كما اذا كان المثمن الدار.

(و) كذلك (لا) اشكال (فى جواز التصريح برد بدله) اى بدل المثمن (مع تلفه) بان يقول المشترى «اردّ عين الدار، او الحنطة لدى وجودهما، و اراد بدلهما قيمة او مثلا لدى تلفهما.

ص: 408

لان مرجعه الى اشتراط الخيار برد المبيع، مع وجوده، و بدله مع تلفه، و عدم بقاء مال البائع عند المشترى بعد الفسخ، و فى جواز اشتراط رد بدله و لو مع التمكن من العين اشكال من انه خلاف مقتضى الفسخ لان مقتضاه رجوع كل من العوضين الى صاحبه فاشتراط البدل اشتراط للفسخ على وجه غير مشروع.

______________________________

و انما قلنا «و لا فى جواز ..» (لان مرجعه) اى مرجع هذا الشرط (الى اشتراط الخيار برد) عين (المبيع، مع وجوده، و) برد (بدله) مثلا او قيمة (مع تلفه، و) مع (عدم بقاء مال البائع عند المشترى بعد الفسخ).

قوله «و عدم» عطف توضيحى لقوله «مع تلفه» و قول المصنف «لان مرجعه» اى انه لا فرق بين ان يقول المشترى «اذا رددت المثمن استرجع العين و اذا كان المثمن تالفا رددت بدله» و بين ان يقول «اذا رددت المثمن- عينا لدى وجوده» و بدلا «لدى تلفه»- كان لى استرجاع الثمن (و فى جواز اشتراط رد بدله و لو مع التمكن من العين اشكال) من اطلاق: المؤمنون عند شروطهم، فيصح (من انه خلاف مقتضى الفسخ) فان الشارع قرر الفسخ المعتبر عند العقلاء فاذا شرط على خلاف المقرر عند العقلاء، كان من قبيل شرط خلاف مقتضى العقد (لان مقتضاه) اى مقتضى الفسخ (رجوع كل من العوضين الى صاحبه).

و عليه: (فاشتراط البدل اشتراط للفسخ على وجه غير مشروع) فلا

ص: 409

بل ليس فسخا فى الحقيقة.

نعم لو اشترط ردّ التالف بالمثل فى القيمى، و بالقيمة فى المثلى، امكن الجواز لانه بمنزلة اشتراط ايفاء ما فى الذمة بغير جنسه، لا اشتراط ضمان التالف المثلى بالقيمة، و القيمى بالمثل، و لا اشتراط رجوع غير ما

______________________________

يشمله دليل الشرط (بل) مثل هذا الفسخ الموجب لرجوع البدل «مع وجود العين» (ليس فسخا فى الحقيقة) لا انه فسخ غير مشروع.

لكن ربما يقال: ان هذا الاشكال غير صحيح لان الفسخ يوجب رجوع العين اذا لم يكن هناك مانع شرعى، او مانع عقلى، و إلا رجع الى البدل، و الشرط بمنزلة المانع الشرعى لان الشرع فى باب الشرط امضى الشروط العقلائية و هذا شرط عقلائى.

فكما انه اذا تلف العين يرجع الى البدل، كذلك اذا شرط عدم اعطائه العين.

(نعم لو اشترط ردّ التالف بالمثل فى القيمى) كرد الشاة بشاة شبيهة بها، بينما الشاة قيمية (و بالقيمة فى المثلى) كردّ الحنطة قيمة لا حنطة (امكن الجواز) و ان كان هذا أيضا خلاف مقتضى الفسخ.

و انما نقول بامكان الجواز (لانه بمنزلة اشتراط ايفاء ما فى الذمة بغير جنسه) لانه اذا كان المبيع تالفا تعلقت قيمته او مثله بالذمة فيشترط ان يوفى ما فى الذمة بشي ء آخر (لا) انه (اشتراط ضمان التالف المثلى بالقيمة، و) التالف (القيمى بالمثل) حتى يقال: انه خلاف مقتضى الفسخ و يكون فيه المحذور السابق (و لا) انه عبارة عن (اشتراط رجوع غير ما

ص: 410

اقتضاه العقد الى البائع، فتأمل، و يجوز اشتراط الفسخ لكل منهما برد ما انتقل إليه، او بدله و اللّه العالم.

______________________________

اقتضاه العقد الى البائع) حتى يقال: انه خلاف مقتضى العقد، و الشرط المخالف لمقتضى العقد باطل (فتأمل).

لعل وجهه ما ذكرناه من صحة اشتراط رد البدل و لو مع التمكن من العين (و يجوز اشتراط الفسخ لكل منهما) اى البائع و المشترى (بردّ ما انتقل إليه، او بدله و الله العالم).

ص: 411

قريبا جدا بعونه تعالى سيصدر القسم الثانى من الخيارات و الجزء الثانى عشر من الكتاب (ايصال الطالب الى المكاسب) عن قريب ان شاء الله تعالى.

و يبحث فى عدم اختصاص خيار الشرط بالبيع.

(الناشر)

ص: 412

محتويات الكتاب

الموضوع الصفحة

مقدمة الكتاب 2

تعريف الخيار و موارده 3

فى ان الاصل فى البيع اللزوم او الجواز 10

القول فى اقسام الخيار 58

1- خيار المجلس 59

فى ثبوت خيار المجلس للمالكين 61

فى انه هل يثبت خيار المجلس للعاقد الواحد أم لا 89

فى استثناء بعض اشخاص المبيع عن خيار المجلس 95

فى عدم ثبوت خيار المجلس فى العقود سوى البيع 123

فى مبدأ خيار المجلس 129

القول فى مسقطات الخيار 135

فى سقوط خيار المجلس باشتراط سقوطه فى ضمن العقد 136

من مسقطات خيار المجلس اسقاطه بعد العقد 170

من مسقطات خيار المجلس افتراق المتبايعين 181

فى عدم الاعتبار بالافتراق عن اكراه 187

فى ما لو اكره احد المتبايعين على التفرق 196

ص: 413

الموضوع الصفحة

فى ما اذا زال الاكراه 221

من مسقطات خيار المجلس التصرف 224

2- خيار الحيوان 227

فى اختصاص خيار الحيوان بالمشترى 232

فى انه لا فرق فى مدة الخيار بين الامة و غيرها 249

فى مبدأ خيار الحيوان 251

فى دخول الليلتين فى الايام الثلاثة 260

فى مسقطات خيار الحيوان 265

3- خيار الشرط 306

فى عدم الفرق بين اتصال زمان الخيار و انفصاله 310

فى عدم الفرق بين ذكر المدة و عدمه فى بطلان العقد 319

فى مبدأ خيار الشرط 329

فى صحة جعل خيار الشرط للاجنبى 333

فى جواز اشتراط الاستيمار 341

فى اضافة البيع الى الخيار 346

فى ان الثمن اما ان يكون فى الذمة او معينا 357

فى ان ردّ الثمن مقدمة للفسخ 364

فى اسقاط خيار الشرط باسقاطه بعد العقد 367

ص: 414

الموضوع الصفحة

فى ما لو تلف المبيع كان تلفه من المشترى 385

فى تسلط البائع على الفسخ 393

فيما اذا اطلق اشتراط الفسخ برد الثّمن 405

فى تسلط البائع و المشترى على الفسخ 408

محتويات الكتاب 414

ص: 415

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.